الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المعلومات- و-قفص الدجاج- و -ازمة الدولة العراقية-

ضياء السراي

2015 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تمتعت الدولة العراقية بموازنات عملاقة منذ عام 2006 وحتى اليوم وانفقت خلال هذه السنوات قرابة 802 مليار دولار وهو كم نقدي لايمكن الاستهانة به اذا ما نظرنا الى البنى التحتية ومستويات المعيشة والدخل الفردي وغيرها من علامات تؤشر التراجع الكبير والتخلف في العصر الحديث. واليوم تقف الدولة العراقية امام منعطف خطير في تاريخها اذا انها مهددة بالافلاس مع التراجع الكبير والمستمر في اسعار النفط وتعملق الفساد الى حجم لم يعد معه من الممكن مواجهته باي وسيلة كانت يضاف اليه الفوران الشعبي الذي قد يحطم كل شيء اذا لم تعالج جراحاته اما الجانب الاخر فهو التحدي الامني المتمثل بداعش والجهات الاقليمية التي تدعم الخراب الامني واستشراء الارهاب في البلد.
ولعل الحديث يطول لو اردنا ذكر وتصنيف اشكاليات الحكم والادارة في الدولة العراقية وهي ظاهرة للعيان وبمقدور الكل الاستنتاج والتعرف عليها لكن الامر الذي يخفى على صناع القرار من المبتدئين الذين انعم الله بهم على هذا البلد هو ان "المعلومات" التي تبنى عليها القرارات الحكومية والتشريعية ناقصة وغير متكاملة وعلى الاغلب وهمية ومزيفة اضطر جامعوها الى سد الفراغ المعلوماتي بافتعال بعضها وتزييف البعض الاخر والتلاعب بالحقيقي منها ان وجد. فالقرار الاقتصادي لايمكن ان يبنى على فرضيات من المعلومات بل على حقائق المعلومات وهذه المعلومات بحاجة وعلى اقل تقدير الى احصاء سكاني وهو غير موجود، هنالك حاجة الى بيانات عن السوق والاستهلاك واتجاهات القوى الشرائية ومعايير الادخار والاستثمار والتنافس وسوق العمل الخ، وهذه ايضا غير موجودة وان وجد بعضها فهو قديم وغير محدث ولايستند الى الدقة والموضوعية. وان تحدثنا عن التحدي الامني فان نظام الاستحكام المعلوماتي غير موجود اصلا ولاتوجد قاعدة بيانات عن الجريمة واتجاهاتها ولا عن الخرائط الاجرامية واسباب النشوء الاجرامي ومحفزات الجريمة ولا عن الامدادات الارهابية ومصادر التمويل ومع ذلك فان المؤسسة الامنية تقوم على ارضية رخوة من الخبرة المعلوماتية واستندت ولاتزال على مناصب وقيادات بالتزكية والمحاصصة اما البيانات والمعلومات فهي وان وجدت عشوائية وغير مدروسة وليست حقيقية. وبالتاكيد فان الادارة لايمكن ان تستقيم وتعطي مخرجات ايجابية ان لم تبنى على اسس معلوماتية صحيحة والمرتجع من موازنات المحافظات والوزارات لسنوات عشر تبين انها كانت تعد موازناتها تلك تخمينا وليس واقعيا وكانت تعطي نسبة زيادة 30% للاحتياط وهي نسب تقدير ليست علمية وبالتالي فان اعداد الموازنة العامة للدولة كانت ولاتزال تبنى على التقديرات والاحتمالات وليس الحقائق والمعلومات الاكيدة والحسابات المنطقية. واليوم نرى العبادي رئيس الحكومة يتخبط في مستنقع من الفوضى الادارية ويرقع التشققات والفطور التي تعتور حكومته بحلول منمقة لغويا لكنها ليست حقيقة فهل بمقدوره معالجة ازمة العلاقة العكسية بين تردي الخدمات واندثار مقومات البنى التحتية وبين تراجع اسعار النفط وانهيار الصناعات المحلية ومن بينها ثاني مورد للبلد وهو الزارعة؟ وهل بمقدوره معالجة العلاقة العكسية بين النمو السكاني وارتفاع نسب البطالة وما يقابلهما من تنامي في نسب الفساد وتعملقه؟ وهل بمقدوره خلال المتبقي من سنواته رسم خارطة تنمية مستدامة ازاء الخلافات السياسية المزمنة الموجودة بين المكونات الحزبية والقوميات والنزاع الديني والقومي.
لعل الاجابة على كل تلك الاسئلة وغيرها تكون بالسلب لانه يعد الايام لانتهاء ولايته وكيف سيكون بمقدوره الاستمرار بحقن المورفين السياسي للجمهور وديمومة رمي الكرة بملاعب خصومه وشركاءه حتى ذلك الحين، ولا يعي ان المعلومات هي الاساس فلا يمكن بناء نموذج مصغر لقفص دجاج دون معلومات دقيقة فكيف ببناء دولة او صيانتها وديمومتها على اقل تقدير. ان الدولة العراقية بحاجة الى اعادة تقييم شامل وتاسيس نظام معلومات حقيقي لعشر سنوات مع قدرات تحليل البيانات والمعلومات تلك واستخراج الدوال والمعادلات الواقعية وانتاج المصفوفات المعلوماتية واتاحتها لكل الاحتياجات حتى يكون بمقدورنا النهوض ومجارات الدول الاخرى من خلال وضع خطط ادارة حقيقية وليست كما هي الان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي