الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليب الوعي

هشام حمدي

2015 / 8 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الوعي أعم وأشمل من العلم ومنهجيا الوعي تغييري بينما العلم تفسيري، أي أن الوعي هو الدينامية المركزية والأساسية لصيرورة الفرد والمجتمع، الوعي معاناة لأنه انتباه ثم يقظة فنضال. كنا دائما والبعض منا لازال يتلقى الوعي المبرمج حتى أصبح مصطلح كي الوعي شعار لمواطنينا ومعناه الخوف المصنوع فينا، اليوم ألا يمكن للمجتمع المغربي إنتاج الوعي والمعرفة والعلم أم نبقى مدعين للحضارة مقلدين للغرب لابسين ثوب الحضارة والروح فينا جاهلية كما قال نزار قباني.
يعرف البعض صناعة الوعي الإنساني على أنها فلسفة الصيرورة التاريخية وهي حرب ناعمة للتأثير على القناعات وتشكيل وعي يناسب سياسات ويتناسب مع أهداف أصحاب هذه الحرب، ولهذه الحرب مصادر ومقومات، فمصدر الوعي فكرة أما العمل فيكون على الترويج والتقديم لها على بساطتها أحيانا أو على خطورتها أحيانا أخرى.
ولتعليب هذه الأفكار ولتقديمها بالطريقة التي تقنع أنشئت ما يسمى بالمطابخ العالمية التي تعمل ليل نهار على تقديم هذه الأفكار بطريقة ذكية ومختلفة لكي تلقى رواجا واستحسانا عند الآخر، ومن هذه الوسائل يأتي على رأسها الإعلام على أنواعه من مرئي ومسموع ومكتوب ومقروء إلى وسائل الانترنيت بوسائطها التواصلية الاجتماعية التي أصبحت تشغل الحيز الأكبر والأوفر والوسيلة الأبرز لصناعة الوعي، الدعاية والإعلان من خلال أفكار تقدم لجمهور المواطنين بحلتها الأكمل وشكلها الأجمل وذلك عبر الانبهار بالصورة وفكرة الصورة بعيدا عن عمق المضمون وخطورته أو حتى أهميته، مراكز الأبحاث ومعاهد الدراسات والمؤسسات التعليمية والمناهج التي تبث هذه الأفكار للأجيال وهنا لا نفرق بين المدرسية والجامعية، حتى وصل ببعض علماء الاجتماع إلى القول بأن النوادي الرياضية هي جزء من هذه المؤسسات التي يعمل من خلالها على تعليب صناعة الوعي الفردي، وعليه فإن العديد من المنظمات والجمعيات والحركات الشبابية وعت خطورة هذا الأمر فقامت بتنظيم مؤتمرات لتشكيل وعي عند الشباب والبحث عن وسائل ممانعة وآليات دفاعية بديلة تعطل مفاعيل هذه الحرب الناعمة إذا أمكن أو بأضعف الأحوال تحاول مواجهتها.
ولأن واقعنا يعاني أزمة حادة في الوعي والعقل، أصبحنا بحاجة إلى البحث عن المعرفة من أي مصدر أتت ونحن نتقبل المعارف من أي مصدر أتت شرط تملك ثقافة الممانعة حتى نعرف نختار الوعي الذي يناسب مجتمعنا وثقافتنا وبيئتنا، المسؤولية إذن ليست باستيراد أو بتصدير معلومات وتكنولوجيا وسلع وغيرها لكن المسؤولية هي مسؤولية كيف نستهلك هذه المعارف وتلك المعلومات بكل تقنياتها، يجب عدم الخوف من التحديث الغربي الذي يتقدم بوتيرة سريعة التنامي، مسؤوليتنا أن نوعي أجيالنا ومجتمعنا على المخاطر وعلى كيفية الاستفادة من كل ما يقدم لهم أي التنقيب عن الإيجابي في كل شيء أما السلبي فعلينا التنبيه منه وضده، وكي نبني وعيا مضادا لابد من بناء وعي إيجابي بدايته الانتقال من مجتمع مفعول به وتحكمه وتتحكم به ردة الفعل إلى مجتمع فاعل يسوده ويتسيده الفعل.
أخيرا، وبين من يختصر إنتاج الوعي باستعادة مصادر القوة الفكرية والمعرفية وحتى العسكرية، وآخر يريد إعادة نزوة الخلافة لهذه الأمة أي استرداد الوعي بوحدة الأمة العربية، وثالث يريد السير على منوال الطريقة الأوروبية بالأخذ بعوامل التكنولوجيا والتصنيع والديمقراطية والإدارة والتسيير، علينا أن نعي أن هؤلاء وأولئك هم من يتحملون المسؤولية وذلك من خلال الإسهام والمساهمة في تشتيت وضياع تحديد الأولويات، وهو ما عبر عنه هيربرت شيلر في كتابه الرائع " المتلاعبون بالعقول " بأنه نوع من تعليب الوعي.
الإنسانية هي الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد