الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفق العلاقات العراقية الكويتية... من ما قبل اعلان الاستقلال والى المستقبل المفترض

قاسم علوان

2005 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ربما لم تتعقد سياسيا علاقة جوار بين دولتين مثلما تعقدت ولفترة طويلة علاقة الجارين الشقيقين العراق والكويت، من قبل أن تعلن الكويت استقلالها في شباط 1963 والى هذه الساعة، ذلك التعقد الذي يمتد إلى ما قبل أن يعلن رئيس الوزراء الأسبق الذي أرتبط أسمه بتلك القضية عبد الكريم قاسم نيته لضم دولة الكويت واستعداداته العسكرية لذلك، فقد كان قد سبقه نوري السعيد رئيس الوزراء حينذاك بإعلان نواياه أيضا بذلك الخصوص، يوم اشمأز قليلا من السياسة البريطانية حليفته التقليدية في المنطقة آنذاك، فأدار وجهته صوب الولايات المتحدة قبل نهايته عام 1958 بقليل، يوم دعا إلى ضم الكويت إلى الاتحاد الهاشمي المقترح في حينها، لكن تلك الدعوة لم تلق أي صدى شعبي أو رسمي لا في العراق ولا في خارجه، بل دفنت في مهدها. فقط الظروف السياسية العامة التي تحرك في ظلها عبد الكريم قاسم في منتصف حزيران عام 1961 والتي أعلن فيها نيته لضم الكويت. ورغم خطل تلك القضية وخطورتها..!! والتي قادته إلى حتفه، فقد كان لها ما يبررها على الأقل من وجهة نظره، أو العوامل السياسية السائدة والمحركة حينذاك. فلو نظرنا إلى دوافع قاسم ومبرراته والظروف السياسية والتاريخية المحيطة به في تلك الدعوة، وفق نظرة تاريخية تحليلية دقيقة، لا لغرض تبرير إعلانه ذاك، ولكن لوضع الحقائق وما رافقها من حوادث في مكانها الصحيح، حتى نستطيع أن نبني تصورا دقيقا أيضا للمستقبل حول شكل العلاقة بين دولتين عربيتين مستقلتين، على أساسي مبادىء حسن الجوار وغيرها من المبادىء السياسية والدولية التي تحدد العلاقات بين دول الجوار في العالم المعاصر.
في مقدمة تلك الظروف هي كيف كان الزعيم قاسم محكوما بالعداء المسبق للمملكة المتحدة، راعية الانتداب السابق على العراق، والتي ربطته بدائرة الجنيه الإسترليني، إضافة إلى المعاهدات (الاستعمارية) الأخرى التي كبلت الدولة العراقية وأثارت غضب جماهيرها في انتفاضات عديدة، ومن ثم رعايتها لحلف بغداد وعضويتها فيه، الذي يربط العراق بالدول التي تشكل الطوق الجنوبي للاتحاد السوفيتي السابق.
الاتحاد السوفيتي الذي نظر له عبد الكريم قاسم بإعجاب في ذلك الوقت، وربما بسبب عداء القوميين العرب المعلن للشيوعية عموما، والذين قتلوا أبن خالته، عرّابه الذي جاء به إلى الكلية العسكرية، المقدم الطيار محمد علي جواد الذي شارك في حركة بكر صدقي الفاشلة في عام 1945 والذي يكن له قاسم ودا وعاطفة كبيرين..!! وكيف توظف ذلك الموقف الشخصي، من ذلك التيار السياسي إلى (تعاطف) مع الشيوعية وشعاراتها السياسية والاجتماعية البراقة في ذلك الوقت، وحتى بدون أن ينتمي للحزب الشيوعي العراقي. وبالتالي كيف سيتبلور موقفه من الجارة الصغيرة الكويت، التي ترتبط بمعاهدة دفاع مشترك مع بريطانيا العظمى ومواثيق سياسية أخرى، العدو رقم واحد لثورة 14 تموز 1958. وبعد أن وقف رائد الوحدة العربية، وزعيمها القومي في ذلك الوقت جمال عبد الناصر مع الكويت متضامنا معها سياسيا وعسكريا، والذي قاد تآمرا دوليا واسعا يكاد يكون مكشوفا ضد الثورة العراقية من أجل إسقاطها منذ أيامها الأولى، وتسنى له ذلك فيما بعد.
كما يمكن أن نضيف بأن المد الشعبي والجماهيري والتعاطف الذي تتمتع به شخصية ذلك الزعيم محليا، بسبب ما حققه للطبقات الفقيرة والفئات المسحوقة من المجتمع العراقي آنذاك، من مكاسب يومية وحياتية، تعلقت بأسباب معيشتها وتوفير السكن اللائق لقطاعات واسعة منها، فوقفت خلفه في جميع قضاياه التي أعلنها وحتى بدون أن تعرف شيئا عن تفاصيل تلك القضايا السياسية الخطيرة. كل تلك الأسباب هي التي دفعت عبد الكريم قاسم إلى ذلك الموقف المتهور، الذي كان بمثابة الوبال عليه وعلى العراقيين جميعا، فقد كان سببا رئيسيا لقتله، وسقوط نظامه الجمهوري الأول في مجزرة (قومية) فاشستية حقيقية.
وكان ما حدث صبيحة يوم (14 رمضان) وهو ما دفع حكومة الكويت في وقتها إلى المساندة الفورية والسريعة، وبدون ترو لحكومة انقلاب 8 شباط الدموية عام 1963 بكل قواها المالية والسياسية، وربما تقف وراء ذلك الدعم جهود دولية متعددة الإطراف، معادية لشعب العراق في ظروف الحرب الباردة غير المعلنة تلك، بما فيها الدولة السوفيتية (الصديقة) كما توضح ذلك وتكشف فيما بعد، ذلك الانقلاب الذي أغرق العراق في بحر من الدماء في حينها، ليتصاحب معه إعلان استقلال دولة الكويت..!!
ولتنتهي تلك المغامرة الدموية التي توازت مع إعلان استقلال دولة الكويت، بعد عشرة أشهر من عمرها، إذ ضاق صدر (قائدها..!!) عبد السلام عارف (شريك عبد الكريم قاسم سابقا..!!) من شراكته الجديدة مع (البعث) وحمامات الدم التي أقامها أولئك من رجال (الحرس القومي) من دعاة الوحدة الفورية مع مصر..!! للشعب العراقي بكل قواه الوطنية والسياسية، فأنقلب على رفاقه أولئك في( النضال القومي) فقتل بعضهم وزج بأغلبهم في السجون والمعتقلات.
بعد ذلك التاريخ غرق الشارع العراقي السياسي وقواه الوطنية بعد أن كان فاعلا، في مرحلة من السبات والصمت والركود إلى غاية انقلاب تموز 1968 ، بحيث لم يلتفت أحد من العراقيين إلى أي من دول الجوار، إلا بالقدر الذي يعنيه تهريب البضائع الاستهلاكية منها، والتي يفتقر إليها الناس عموما في عراق فقير. هذا وقد كانت ثمار النفط في دول الخليج قد بدأت تأتي قطافها، وخاصة في دولة صغيرة مثل الكويت، فصارت الجار الغني الصغير لشعب كبير شقيق لها، على درجة من الفقر المدقع، إلى أن أرتقت إلى السلطة عليه دكتاتورية بعثية جديدة، ذات صلة قديمة جيدة أيضا كما يبدو بالعائلة الحاكمة في الكويت، وذلك منذ أيام إعلان الاستقلال في التسمية الكويتية (فبراير) 1963!!
وبالرغم من الخلفية الإيجابية المفترضة تلك في العلاقات الجديدة بين الحكومتين الجارتين، لكن وللأمانة كان هناك شيء من الحذر تبديه حكومة الكويت دائما في علاقتها تلك بحكومة البعث، بسبب الطروحات والشعارات الجذرية والقومية والوحدوية الكبيرة التي تطرحها السلطة الجديدة في العراق، والتي لا تناسب بل تخيف دولة صغيرة مثل الكويت، وهي دولة غنية بثروة كبيرة، لكنها ثروة قابلة للاشتعال في حال اقتربت منها نيران الشعارات تلك، والهتافات المعبئة بالتحرر والاشتراكية والوحدة...!!
وبالرغم ما ساد تلك الفترة من علاقات (حسن الجوار) بين الدولتين، وكما هو ظاهر على السطح، ولكن الجارة الجنوبية الصغيرة لم تكن تطمأن إلى ما هو معلن من سياسات داخلية وخارجية، وتحالفات دولية ومحلية مريبة بالنسبة لها. هذا إضافة إلى أن مبدأ حسن الجوار المتفق عليه مسبقا بين دول المنطقة ككل، لم يعد سائد دائما في ضوء تلك الشعارات الكبيرة المخيفة والمفخخة، إلا في العلن السياسي، فقد كان هناك شيئا ما من فقدان الثقة المتبادل غير المعلن يفسد تلك العلاقات، ولكنه يظهر في بعض الأحيان إلى السطح بشكل يقلق استقرار حتى العلاقات الدولية...!! كما هو الحال في قضية (مخفر الصامتة) الحدودي بين البلدين عام 1972 الذي أثارته السلطة العراقية بشكل مفاجىء..!! كما أن إعلان معاهدة (الصداقة العراقية_السوفيتية) ومن ثم التحالف الهش المعلن مع الحزب الشيوعي العراقي ومنحه حقيبتين وزاريتين، في ظروف محاربة الشيوعية الدولية المعلنة والتي كان يساندها عرب الخليج علنا دعما لحلفائهم الأمريكيين والأوربيين. كل ذلك شكل هاجسا أمنيا مثيرا للقلق لكل أمارات ودول الخليج، وليس للكويت وحدها...!
ثم لتأتي الثورة الإيرانية عام 1978 لتشعل ليس فقط الخليج بل لتقلب عالي أمور العالم جميعا سافلها، الثورة التي فتحت بابا على القوى العالمية المحافظة، بسعة الباب الذي فتحته ثورة أكتوبر في روسيا القيصرية عام 1917 على العالم أجمع حينذاك.. باب مخيف من الزوابع والعواصف السياسية المحتملة على جميع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، بما فيهم أكبرهم وأخطرهم، شرطي المنطقة والخليج، نظام الشاه الذي ابتلعته تلك الثورة بأيام...!!
ترى ما ردت فعل دولة صغيرة مثل الكويت على عاصفة هوجاء كبرى مثل تلك..؟ هذا وحلفاؤها الكبار الأقوياء التي ترتبط معهم بمعاهدات دفاع مشترك بعيدين عنها جغرافيا بمسافات شاسعة...؟ إذن لماذا لا تلجأ إلى الجار( الشقيق) الكبير القوي نوعا ما، والذي بدأ يتقرب من دول الخليج عموما، ومن حلفاءهم الكبار بأن بدأ بذبح الشيوعيين العراقيين حلفاء الأمس القريب...!! الذين وكما يبدو كانوا يشكلون (خطرا كبيرا) من وجهة نظر تلك القوى المحافظة في المنطقة، وعلى أولئك الحلفاء الكبار البعيدين أيضا، الذين استشعروا بالخطر من وجود حزب شيوعي عربي قريبا من السلطة والنفط...!! أو ليثبت لهم صدام فيما بعد مدى إخلاصه وولائه...!! ولم يكن باليد حيلة، فقد بدأت مرحلة من التحالف القلق غير المستقر وغير المطمأن بين العراق أو بالحقيقة بين صدام والكويت، الطرف الكبير القوي الذي تعهد علنا بمحاربة رياح الثورة الجديدة القادمة من إيران والوقوف بوجهها، إذ أن تلك الثورة كانت مختلفة جدا بمسافات كبيرة عن (الروح الثورية) التي أعلنتها (ثورة 17_30 تموز) والتي سار تحت ظلها نظام صدام فترة طويلة...! كما أن الدلائل التي تشير إلى أن البعد الطائفي في ذلك الموقف عند كلا الطرفين لم يعد خافيا على أحد في الوقت الحاضر.
هذا التطور الخطير في الخليج هو ما دفع دولة الكويت أو بالحقيقة أضطرها، هي وغيرها من دول المنطقة إلى الوقوف بجانب صدام وبشكل شبه علني في حربه ضد جمهورية إيران الإسلامية، والوقوف معه إلى آخر الشوط و(الاتفاق) على تحمل تكاليف تلك الحرب الطويلة الأمد ونفقاتها الباهظة...!! هذا رغم غموض تلك الاتفاقات..!! وسريتها المطلقة التي أحاطت بها في ذلك الوقت وغياب تفاصيلها، حتى على أطرافها أنفسهم كما توضح ذلك فيما بعد.
وبعد تلك الوقفة (الحميمة) من الكويت تجاه حرب العراق، فقد تجاسرت الشقيقة الصغرى وطلبت من صدام حسين على لسان وفد صغير من معلميها كان يزور بغداد، تخطيط حدودهما الدولية المشتركة وتوثيقها دوليا، كما هو معمول به بين مختلف دول العالم المتجاورة، وكان ذلك في عام 1982 بعد أن ذكروه بحادث مخفر الصامتة قبل سنوات، فكان رد قائد الأمة العربية والجمع المؤمن في ذلك الوقت بـ ( أن العراق كله أمامكم.. خطوا حدودكم من أي مكان ترتؤنه، ترى ما قيمة خطوط حدودية بين بلدين شقيقين تربطهما أهدافا مشتركة! وأخوة عميقة....!!)
وأستمر منطق الريبة والحذر وعدم الثقة بين البلدين، رغم ما هو معلن من سلامة العلاقات الدبلوماسية والأخوية...!! لتأتي تفجيرات المقاهي الشعبية في رمضان 1986 لتطال أمير الكويت شخصيا...! فهي كما يبدو واضحا مؤامرة لاغتياله، لكنه نجا منها بجروح بسيطة، وليعلن صدام فجأة وفي نفس اليوم وبدون تحقيق في ما حدث بإلقاء مسؤولية تلك التفجيرات على عدوه الأول جمهورية إيران، وليعلن أيضا بدأ انتقامه من ذلك العدو لأجل أمير الكويت...! وليكون ذلك اليوم (يوم الكويت) لتقصف فيه الطائرات العراقية بلا هوادة المدن الإيرانية والمواقع الأخرى فيها في قصف متبادل للمدن في كلا الدولتين أوقع خسائر بشرية رهيبة في كلا الجانبين...!! وكأن صدام يحتاج إلى سبب لاستمرار حربه على جيرانه المعلنة مسبقا. في الوقت نفسه ألتزمت الحكومة الكويتية الصمت بخصوص تلك التفجيرات إلى هذه اللحظة، بريبة ظاهرة موحية بأنها تعرف الجهة التي وقفت وراء ذلك وتسكت عنها لأسباب.. سياسية أو أخوية...!!
وتقف الحرب عام 1988 وصدام لم يصدق نفسه بأنه باق على العرش إلى هذه اللحظة. ليتكشف أزمته الاقتصادية الخانقة، وغموض تلك الاتفاقات الخاصة بالقروض أو التسديد وهل هو بالشكل المباشر أو بالنيابة التي أشرنا أليها آنفا، والتي تم الاتفاق عليها في بداية حرب الخليج الأولى. وقبل البت في تلك الاتفاقات يعلق صدام على صدر جابر أمير الكويت وسام الرافدين من الدرجة الأولى، بعد أن دعا الزعماء والقادة العرب إلى مؤتمر قمة في بغداد، ليلمح لهم بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بنظامه في تعبيره المشهور (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) ومن ثم تتكشف بعض خبايا تلك الاتفاقات في الأشهر التالية، بعد المطالبة العلنية من قبل السعودية والكويت بتلك المستحقات المالية الثقيلة من حكومة صدام، بعد أن خرج من قادسيته (منصورا...!!) غارقا في أزماته تلك الاقتصادية الخانقة، والعجز المالي الرهيب الذي يغلف ويبطن اقتصاد العراق بركود ليس له مثيل إلى قمة رأسه، وتسريح ملايين الجنود وبقائهم عاطلين بدون وظائف...!!
أن الأموال التي حسبتها دولة الكويت على صدام حسين ديونا، وهي الاثنين بالمئة التي تم الاتفاق عليها في بداية الحرب من كل صفقة بترول تعقدها الكويت، لتذهب إلى تمويل صفقات الأسلحة والمعدات العسكرية العراقية، وكان الرئيس العراقي قد حسب تلك الأموال التي حركت ماكينة حربه وأدامتها ثمان سنوات صدقة لوجه الله تعالى...!! أي انه لم يتصورها دينا واجب التسديد مطلقا، عندما بلغت تقريبا عشرة مليارات من الدولارات الأمريكية. وهذا ما تسرب من المفاوضات الساخنة في جدة التي سبقت اجتياح صدام الشهير للكويت بأيام، وقد كانت (القشة) التي قصمت ظهر الخليج بأكمله، والتي قادته إلى حروبه وهزاته التالية.
هذه هي الصورة الحقيقية وبلقطات عامة وأحيانا متوسطة تقريبا لتاريخ العلاقات السياسية العراقية الكويتية، ربما هناك نقص في بعض التفاصيل التاريخية الصغيرة أو أللقطات الكبيرة أي الثغرات التي تتعلق بعلاقات سياسية خفية جدا لم تتكشف بعد.
كما نعتقد أن من وجهة النظر السياسية الواعية والتي تملك أن تنظر إلى الأمور بجدية وموضوعية من قبل الطرف الكويتي تحديدا، إذ يجب أن لا تحرج تلك المعطيات التاريخية والوقائع السياسية أحدا، لأنها أصبحت جزءا من التاريخ المدون، ولم تعد خافية على أحد، كما أن الكل يعرف بأن الشعب العراقي لم يكن في يوما ما طرفا لا في حرب الخليج الأولى ولا الثانية ولا حتى الثالثة. وحكومة الكويت من جهتها تدرك ذلك وتعرفه جيدا، بأن ذلك الشعب سار مرغما خلف قيادته تلك، التي حكمته بطرق يعرفها أصدقاء صدام أكثر من أعدائه. لذا يجب التخلي عن أية نزعة عقابية تجاه الشعب العراقي على أنه طرف في ذلك أو تلك الأزمات كما تعلن بعض الاتجاهات القريبة أحيانا من دوائر صنع القرار في دولة الكويت.
ثم نتساءل.. ترى ماذا تريد الكويت لشكل العلاقة المستقبلية المحتملة التي تربطها بدولة الجوار الشقيقة الكبيرة الشمالية التي تفرضها عليها حقيقة الجغرافيا... والتي هي أقوى من كل الحقائق السياسية مجتمعة بما فيها الانتماء القومي أو العرقي...؟ الشقيق الكبير الذي يريد أن ينهض من جديد بعد معانات معقدة، وجراحات بعيدة الغور في جسد المجتمع العراقي...؟ هل تريد الكويت عراقا ممزقا تنخر فيه مشاكله الداخلية والطائفية...؟ مشاكل سوف تحرق الأخضر واليابس في المنطقة كلها لو تسنى لها أن تشتعل...؟ ونكرر ولكي لا ننسى وكما أشرنا آنفا فان لسياسات حكومة الكويت منذ إعلان استقلالها والى هذه اللحظة دور فيما آلت أليه أوضاع العراق، والحروب القديمة والجديدة، وسوء التخطيط من قبل حكامه السابقين حتى هذه الساعة...!! وكما رأينا في استعراضنا لتاريخ العلاقات السياسية بين البلدين.
نكرر بأن على دولة الكويت حكومة وشعبا أن تأخذ كل تلك التفاصيل التاريخية في هذه العلاقة على محمل الجد، بدون عنت وكبرياء، إذا أرادت فعلا علاقات طبيعية تتسم بحسن جوار حقيقي آمن، بدون ريب أو شكوك، عليها أن تأخذ ظروف العراق وهموم شعبه ومعاناته السياسية كل تلك السنين في حساباتها، ونؤكد على الدور الذي لعبته دولة وحكومة الكويت في تلك الظروف، والثمن الباهض الذي دفعه العراقيون جميعا من أجل ذلك، لتتحسس مسؤوليتها كاملة بمراجعة دقيقة لتلك الحسابات ونتائجها، والتفكير جديا بتعويض شعب العراق عن تضحياته وآلامه التي ذهبت من أجل بقاء صدام في السلطة كل تلك الفترة الطويلة على حساب شعبه وحساب جيرانه...!!
وبالتأكيد أن مطالب الشعب العراقي سوف تكون متواضعة جدا ولا تتعدى إسقاط ديون صدام وأرثه الثقيل الذي تركه في عنق أبناء الشعب بما فيها التعويضات، ومد يد المساعدة ولو بقدر اقل من ما مدت به يد العون دول أخرى بعيدة عنا كثيرا في أثنيتها ودياناتها وحتى موقعها الجغرافي. كما يجب أن تدرك الجارة الصغيرة أنه ليس من مصلحتها أبداء أن يقع في شمالها شعب كبير( هذا بعيدا عن الانتماء العرقي كما هو مقرر في وثائق الجامعة العربية..!!) يعيش بمستوى معاشي أدنى بكثير من مستوى شعبها، بما ينعدم فيه أي شكل للمقارنة...!! وهذا ليس تهديدا بل هو من حقائق الجغرافية الدامغة، حتى أنها تذكر بنظرية الأواني المستطرقة في علم الفيزياء، عندما نستعين بها للتذكير بحقائق السياسة وضغوطها عندما تماثل ضغوط السوائل على الأواني في تلك النظرية...!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را