الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تركت وطنك؟

علي عبد السادة

2005 / 10 / 21
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


"هربت من القتال الذي دمر مدينتي"، "لا أشعر بالمواطنة"، "النظام قتل عائلتي"، "قحط العيش اجبرني على ترك الوطن"، "لا أوافق على سياسة النظام القمعية"، "لم استطع الحصول على فرصة عمل لذا.." الخ. هذه أجوبة لاجئين ومهجرين في شتى أنحاء العالم، عن سؤال يقول: لماذا تركت وطنك؟ الصورة التي لاتبدو ظاهرة للعيان، تتحدث عن مأساة ملايين اللاجئين يسكنون في مخيمات تفتقر إلى ابسط وسائل العيش، جميعهم تركوا بلدانهم لأسباب مختلفة. ومازال اغلبهم، حتى اليوم، يعانون الأمرين؛ فهم لا يمتلكون خيار العودة ولا يستطيعون الاستمرار في حياة شاقة، ربما تتجلى في صورة الطوابير الطويلة أمام طائرات الاعانة التي تنقل لهم الغذاء. أقل الاحتمالات الواردة، في حال البحث عن الأسباب، تتحمل أنظمة وحكومات العالم الثالث جزءاً كبيراً من مسؤولية ما يحدث يومياً، فمازالت نخبها تعتمد فكرة الاستئثار بالسلطة واحتكار كل مساحة العمل السياسي ولا تسمح لغير تنظيماتها بالمشاركة في صنع القرار السياسي وهذا ما ينعكس سلبا على طبيعة الأداة التنفيذية لها والتي لطالما تلتزم نظاماً بوليسياً في التعامل مع مواطنيها بذريعة إدارة شؤونهم وهذا ما ولد مزاجاً عاماً يتسم بالتعاطي السلبي مع هذه الأنظمة وعموماً كان هذا الاختناق في الحريات والممارسات السياسية ينتظر أي مخرج ينقل المواطنين الذين فقدوا مواطنتهم فكانت الهجرة والبحث عن اللجوء في مكان أخر والذي غالباً ما يكون مركزاً للرأسمال. النظام الشاذ، ولد مظاهر شاذة أخرى، كانت أيضا أسبابا أضافية للهجرة، فالبطالة دفعت الآلاف إلى ترك بلادهم للبحث عن عمل في دولة ما وغالباً ما يختارون طرقاً غير شرعية في الهجرة. والى جانب البطالة، الحرب الداخلية والمجازر المستمرة كما حدث في دارفور وعدد أخر من دول القارة السوداء. وأحيانا يلعب العامل الاجتماعي دوراً كبيراً في تزايد أعداد المهجرين، إذ تستشري في بعض بلدان الشرق الأوسط مظاهر الثأر والحكم العشائري ليصل الأمر إلى بيع الأفراد طبقاً لتجارة قديمة تعتمد البشر كسلعة لجلب المال. وتحتل المسألة الفلسطينية، أيضا، سببا مهما في ازدياد أعداد اللاجئين حيث بلغ عدد الفلسطينيين منهم حتى عام 2000 ثمانية ملايين وستمائة ألف، إذ تسبب الاحتلال الإسرائيلي في تشريد أعداد كبيرة منهم. وبسبب الحروب والقمع والاضطهاد والاحتلال، يشعر العديد من شبان الشرق الاوسط بأعجاب كبير بالمجتمعات الاوربية ونموذج الفرد فيها، لذا فهم يبحثون عن اي فرصة تنقلهم الى مكان آخر غير اوطانهم. الكارثة الاخرى، يجدهااللاجئون بعد هجرتهم، في اكثر الدول الغربية اذ يواجهون رفضاً كبيراً على اساس عنصري وعرقي، الى جانب استغلال قوى انتاجهم في اعمال مرهقة قد لا تتناسب مع قدراتهم او تحصيلهم العلمي الا في حالات قليلة. الان.... سيبدو الحديث عن حل لمأساة ملايين اللاجئين في العالم، صعباً للغاية. فهو بحاجة الى قراءة شاملة لاوضاع الحكومات ومواطنيها ووضع تصورات لمعالجة حقيقة تتضمن اصلاحاً كبيراً يفسح المجال امام حرية التنظيمات السياسية وتفعيل الدور الشعبي في صنع القرار الوطني واخلاء المعتقلات من سجون الرأي، والتأسيس لحياة برلمانية تعمل فيها منظمات المجتمع المدني بنشاط كبير. والاهم من هذا حماية حقوق العمال في دول العالم الثالث وتوفير فرص حقيقية للعاطلين منهم، وترك المجال لتنظيماتهم بالعمل النقابي والتخلي عن سياسة خلق نقابات عمالية وهمية تتبنى سياسة النظام القائم وتجيد مشاكل العمال لمصلحته. ولا ننسى، النهوض بالوضع الاقتصادي للجموع الكادحة والفقيرة من خلال تبني سياسة اقتصادية وطنية يزدهر فيها الرأسمال الوطني لتؤسس مرحلة اخرى متقدمة يلعب العمال فيها دوراً كبيراً. اما الوضع الراهن، فيتطلب من حكومات الدول التي يقطن على ارضها الكثير من اللاجئين او انها تستقطب المهجرين من شتى انحاء العالم،سياسة اكثر مرونة مع اللاجئين لاسباب انسانية، فلابد لها من توفير وضع اجتماعي واقتصادي يكفل نسبيا نموذجا طبيعيا للحياة بعيدا عن أرض الوطن. والامر الاخير ربما سيكون صعباً للغاية طبقاً للتناقضات الاجتماعية التي يعيشها مواطنو الدولة أنفسهم التي يلجأ اليها المهجرون. ولكن سيكون الوصول الى نسبة متقدمة من انجاز الحلول المفترضة، امرا سهلا في حال تفعيل دور الوكالات الدولية التي تعنى بشؤون الاغاثة والمهجرين، واصدار قوانين تتبناها منظمة الامم المتحدة تضمن للاجئين حباة كريمة. الحقيقة التي لابد من النظر اليها بعين انسانية مجردة، هو ان ملايين اللاجئين من نساء واطفال ورجال ينتظرون بفارغ الصبر يوم عودتهم الى ديارهم التي يتمنون ان يجدوها على غير حال الامس الاسود.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت