الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدود الأبيض والدود الأسود

صباح راهي العبود

2015 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


حالما تبدأ خطوط الدود الأبيض (الأرضة) بالظهور على جدران منزل من المنازل, تنتاب ساكنيه حالة قلق وإرتباك لما يعنيه قدوم هذا المتطفل من تلف للأثاث والدواليب الخشبية وللكتب والستائر والسجاد والأفرشة ,الى جانب تلف الجدران ,ويطال هذا التخريب حتى الأشجار, لذا يسارع هؤلاء الساكنون الى محاولة درء خطر هذا الدود اللعين وتجنب أضراره المحتملة, وعادة مايكون العلاج المقترح للمشكلة هو رش المبيدات على الجدران والأرضيات التي تظهر فيها أثار هذا الدود مثل الكلوردرين والنفط ومشتقاته وغيرها على الرغم لما لهذه المبيدات من مخاطر وأضرار صحية لساكني المنزل. وقد لوحظ أن هذا الإجراء ليس ذي نفع ولا يحل المشكلة إذ أن هذا المبيد سيوقف تقدم الدود في نهاية خط تقدمه ليحول نشاطه في إتجاه آخرفي المكان نفسه وفي الأماكن المجاورة. وإن ما يقتل من الدود بهذه المبيدات سيعوض من قبل الملكة التي تتخذ لها مكمناً آمناً في مكان قد يكون بعيداً , إذ تبيض 6 بيضات في الدقيقة الواحدة ليفقس هذا البيض عن جنود حماة وعاملات جميعهم مصابون بالعمى والعقم . ينحصر دور العاملات في حفر الأنفاق تحت الأرض والجدران في خطوط تتجه في كل الإتجاهات بحثاً عن المركبات السيليلوزية. ولقد وجد أن الطريقة العملية للقضاء على الأرضة هوالقضاء على الملكة التي تحصن نفسها بغلاف كلسي صلب يحميها من الأخطار, وبذلك يمكن وقف إنتاج الدود الأبيض الخبيث الذي ينشر الخراب والدمار في كل الأنحاء وعلى مسافات تمتد الى عشرات الأمتار.
في الآونة الأخيرة ظهر( في العراق وسوريا) وغيرهما نوع من البشرإتخذ من التخريب وبث الرعب بين الناس وذبحهم إسلوباً لنشر أفكارهم ومبادئهم ,فهؤلاء وعلى نهج الدود الأبيض ينتشرون كوحوش كاسرة في كل مكان وفي مختلف الإتجاهات ليعيث في الأرض فساداً وتخريباً ,وهذا الإنتشار لاينتهي ولاينقطع لمجرد قتل عشرات أو مئات وحتى الألوف من أفراده مادام التمويل المادي والبشري واللوجستي مستمراً بإسناد من دول لا تستحي ولا تحمل من المروءة والمثل الإنسانية أي قدر. بعض هذه الدول تستقبل الإرهابيين الوافدين من الأصقاع المختلفة في مطاراتها لتسهل وتيسر دخولهم الى سوريا و العراق عبرالحدود المشتركة .و تطوعت دول أخرى بتجهيزهم بالأموال الطائلة ,في حين إتخذت دول دور الممول لكل ما يحتاجه الإرهابيون من المتطلبات اللوجستية من سلاح وعتاد ومواد متفجرة وصواريخ وآليات وسيارات نقل وكل ما يعزز من قدرات الإرهابيين على إستمرار وحشيتهم بما فيها التعاون الإستخباري غير المعلن من دول أخرى. فإذا أريد للإرهاب أن ينتهي فلابد من العمل على إنهاء هذا التمويل وعدم السماح به على الإطلاق. لكن المخطط التآمري وتنفيذه يتطلب بقاء الحال معوماً ,إذ لابد من بقاء هذا الإرهاب الداعشي بوضع وقدرات محددة تمنعها من الإنتشارأبعد بحيث لايسمح لها بتجاوز حد معين من الإنتصارات ,وهم أيضاً لا يسعون لإنهاء داعش وموتها حتى يتم إنجاز المخطط الموضوع لتغيير خارطة المنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية والأطماع والطموحات الصهيونية. ولابد لنا هنا من التأكيد على أن إمكانية إنهاء داعش ليست عصية على أمريكا إن هي أرادت ذلك حتى وإن إفترضنا جدلاً عدم تمكنها من إيقاف تمويل الدول الممولة لداعش ,فأمريكا تمتلك قدرات عسكرية مرعبة و أقماراً صناعية تدور حول الأرض على الدوام يمكنها رصد كل تحركات داعش ومقرات قياداته ومعالجتها وإنهائها بساعات وليس بأيام. لقد إتضح للجميع بأن الموضوع لا يعدو سوى مسرحية أعدتها أمريكا و وزعت أدوارها بدقة ليتسنى لها السيطرة على العالم من خلال التحكم بمحورالإقتصاد في العالم وهو الغاز الطبيعي.
بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي إنزاح عن قلب أمريكا هم كان يثقل كاهلها ويؤرقها, وبدى الأمر للوهلة الأولى أن العالم سيعيش الذل نتيجة للقطبية الأحادية التي ستتحكم بمصائرالدول والتسلط على رقاب شعوبها , لكن الأمر لم يغد كذلك إذ وجدت أمريكا نفسها أمام قوة كبيرة أخذت تنمو وتتصاعد بإطراد وبشكل ملحوظ تتمثل بالصين والهند والبرازيل وغيرها . فما كان من أمريكا سوى الإسراع في إستغلال الوقت والسعي لإحكام السيطرة على دول العالم قبل أن يفلت زمام الأمرأمام تلك القوة المتعاظمة , فكان مخطط السيطرةعلى مصادر الطاقة التي تعد محور الإقتصاد العالمي متمثلة بالغاز الطبيعي الأقل تلويثاً للبيئة وأقل كلفة ,خاصة بعد تراجع إحتياطي النفط في العالم والذي أصبح آيلاً للنضوح.
في الآونة الأخيرة تم إكتشاف حقولاً للغازالطبيعي في سوريا ولبنان بكميات كبيرة وإحتياطي هائل ( إضافة الى مصر والسعودية وقطر) والذي يمكن نقله وإيصاله الى مناطق إستهلاكه بسهولة ويسر الى روسيا وأوربا . ولما كان خط نقل الغاز السعودي وكذلك القطري ليس له طريق سوى سوريا وسواحل لبنان فهذا يعني لابد من إسقاط نظام بشار الأسد الذي سيقف حائلاً لمنع تدفق الغاز من تلكم الدولتين عبر الأراضي السورية ليتسنى لها تصدير غازها الى روسيا التي تخطط للسيطرة على( 30% ) من إجمالي سوق الغاز الأوربي مستقبلاً. كما يمكن لسوريا تصدير الغاز الى أوربا بأقل جهد وكلفة.وهذا يفسر السبب الذي حدا بكل من السعودية وقطر للسعي والعمل لإسقاط نظام الأسد مهما كانت التكاليف. أما سبب العداء التركي لسوريا وإصطفافها الى جانب السعودية وقطر فهو فقدانها لحصتها من مرور الغاز الإيراني عبر أراضيها بعد تحويله بإتجاه سوريا عبر الأراضي العراقية. ولا بد للقاريء من أن يعلم بأن مجموع إحتياطي الغاز لإيران وقطر والسعودية وسوريا والإمارات المتحدة مجتمعين يقترب من ثلث احتياطي الغاز في العالم.
لقد كانت النية التخطيط لمشروع مدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء أنبوب جديد لنقل الغاز من قطر بإتجاه حمص السورية يمر عبر الأراضي السعودية والأردنية إذ تكون حمص العقدة والمركز الذي منه تتوزع ثلاثة خطوط ناقلة أحدها بإتجاه طرابلس شمال لبنان والآخر بإتجاه اللاذقية ,أما الثالث فيتجه ناقلاً الغاز الى تركيا ومنها الى أوربا لينافس إحتكار روسيا للغاز هناك , وهذا سيوفر لتركيا دخلاً ممتازاً نتيجة لمرور الغاز عبر أراضيها إضافة الى تقليل كلفته لدى المستهلكين الأتراك, كما إنه سيحل مشكلة تركيا في إعتمادها على الغاز الإيراني الذي ستتحول أنابيب نقله الى سوريا عبر العراق كما أسلفنا. ولإعطاء تنفيذ هذا المشروع أية فرصة نجاح لابد من التخلص من بشار الأسد ونظامه وإقامة نظام سياسي جديد منتقى يسمح بإعتماد مدينة حمص كمركز وعقدة لتصدير الغاز على وفق خطة المشروع المقترح.
لقد كان لقرار روسيا الأخير للتدخل في الشأن السوري والسعي للإبقاء على نظام بشار الأسد والسعي لإنهاء داعش مبعث فزع وإرباك لما تخططه أمريكا في المنطقة ومن يقف معها في تغذية وتمويل داعش, وهذا القرار الروسي سيقلب الأمور رأساً على عقب مما يجعل الأمريكان يعيدون النظر في مخططاتهم ,وربما تحصل تغيرات جديدة غير متوقعة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران