الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصير

ايمان محمد

2015 / 9 / 19
المجتمع المدني


البصير
طفل في الخامسة من عمري ,مشاكس وشقي ,لا طالما سمعت والدتي تشكو لوالدي كثرة مشاغباتي..
_ابنك سالم حطم زجاج الجيران يا عبد الله ..ابنك ضرب ابنة الجيران ,ابنك فعل كذا وكذا هذا اليوم او قبل ساعة ..ابنك ابنك ...
سجلوني في المدرسة في السادسة من عمري عسا ولعل عصا المعلم الذي اتعبته شقاوتي تؤدبني ..
ولكنني كنت ادس قطع الطباشير الملون في جيب سترته دون علمه ,امزق دفاتر زميلة لي واجر
ظفيرة تلك واعبث بطعام الاخرى وابصق على مفاتيح المعلم حين يضعها على رحلة الصف امامي ..
حتى المعلم جن جنونه مني ولقبني بالشيطان
كان يوبخني تارة ويتحدث الي بلطف احيانا ولكنه كان متعبا بسبب شقاوتي
ارسل في طلب ولي امري فحضر والداي ,امي كالفارة من الموت وبصوت عالي
_ماذا فعل سالم يا استاذ ؟
في يومها ضربني والدي بانبوب الماء الذي يستعمله لسقي حديقتنا التي لم تسلم هي الاخرى من عبثي بازهارها
...ضربني ووالدتي تبكي وتتوسله ان يتوقف عن ضربي
_عبد الله انه ابنك ,امانة الله بين ايدينا, لا تفقد عقلك انه طفل غدا سيكبرو يعقل بإذن الله
_هذا ينراد له معجزة ياله يعقل
و مرت السنوات كبرت وكبرت معي شقاوتي
((((((((((((()))))))))))))
اقبلت على ملذات الدنيا في شبابي وانظممت لمجموعة من اصدقاء السوء ..كنا نسهر معا
ندخن السكائر التي ندس فيها الحشيشة احيانا ,نلاحق الفتيات في الشوارع العامة ,نلهو في دور السينما
حتى قرر والداي تزويجي لعل الزواج يصلح أمري
الزواج قيدني كثيرا ,تركت صحبي في اول ستة اشهر ولكنهم استطاعوا جذبي لطريقهم مرة اخرى وانا من مكنهم من ذلك ,و ذات يوم وانا جالس في مقهى واذا بشيخ اعمى يتكأ على عصاه يدخل علينا المقهى ونحن في سمر ووناسة فيبدأ بإلقاء كلمات من القرآن ويدعو لنا بالهداية من هذه الظلمات التي نعيش فيها
فما كان مني إلا أن سخرت منه ومددت ساقي له فسقط أرضا وضحكت وضحك اصدقائي منه
فقام الرجل ورفع يده الى السماء وبدأ يدعو ,انتابتني رعشة وهو يتلو دعاءه الذي لم أفهمه من
شدة الرهبة التي اصبت بها ,حقيق لقد ندمت على ما فعلت ,اقبلت عليه كي اعتذر ولكنه صدني فخرجت كالهائم او التائه ..الى اين يا سالم ؟ لا أدري
عدت لزوجتي متأخرا ذلك اليوم لأجدها متعبة في الفراش تتأوه من ألألم
_ما بك يا شذى ؟
_اشعر بألم في ظهري وبطني يا سالم قد تكون هذه علامة الولادة
_و ألأمر الآن
_خذني الى المستشفى
_لماذا لا آخذك الى المريخ ههههه
_سالم انا متعبة ولا اتحمل مزاحك اليوم
فخجلت من نفسي لأنني سببت لها الكثير من المتاعب مذ زواجنا لليوم و هي صابرة داعية لي بالهداية
أخذتها للمشفى وبعد عدة ساعات كلمتني الطبيبة عن حالة الطفل الذي ولد مبكرا قبل اوانه بشهر
ولِد لي صبي بمرض في قلبه ...تذكرت دعوات الشيخ الاعمى عندما كلمتني الطبيبة عن حالة ابني الذي لم اكلف نفسي لأختار له اسما ,امه اطلقت عليه اسم احمد
_سأسميه احمد يا سالم لأننا يجب ان نحمد الله على كل حال
_نعم نعم يا شذى نسميه أحمد لأنه بقلب ضعيف
_استغفر ربك يا سالم فهذه نعمة من الله
اهملت إبني أحمد و كأنه ليس إبني , ورزقت بولدين بعده ,احببت الولدين ولكن احمد كان في عهدة والدته مذ اللحظة الاولى
بعد مرور عام على ولادة احمد اتضح أنه اعمى لا يرى وانه لن يمشي على قدميه مدى حياته
فقلبه ضعيف لكنني لم أكترث له فبقي تحت رعاية والدته واشرافها
ومرت عشر سنوات على ولادة احمد والحال هو الحال اهتم بأخويه ولا اهتم به
و ذات يوم من الأيام وكان يوم عطلة اقصد الجمعة سمعت بكاء ولدي احمد
في البداية لم أكترث له ولكن شيئا دفعني للاقتراب منه محاولا ان استفهم عن سبب تلك الدموع
_ولدي احمد لم تبك ؟
احمد يصد عني وجهه فأزداد إصرارا
_وعدني ليث ان يأخذني اليوم لصلاة الجمعة ولكنه اخلف وعده وذهب ليلعب الكرة مع اخي طارق
_هذا فقط ما يحزنك ,حسنا سآخذك انا بسيارتي
كانت هذه اول مرة ادخل فيها مسجدا ,شاهدت الناس كيف ترتصف للصلاة وكيف القى الامام خطبته
شعرت برجفة في قلبي وعند نهاية كل شيء هممت لولدي كي احمله ونعود ولكنه طلب مني أن أحضر
له مصحفا كي نتلو القران قبل العودة للبيت وقلت في نفسي كيف يتلو القران وهو اعمى ولكنني نفذت طلبه كي لا اجرح مشاعره
_هذا القران بين يديك يا احمد
_افتح لي المصحف على سورة الكهف
ارتبكت جدا وانا احمل المصحف باحثا عن السورة استعين بالفهرس كي اجدها فانا هاجر للقران منذ سنوات
_ها هي سورة الكهف يا احمد
و بدأ ابني يتلو السورة ما شاء الله انه يحفظها ,وبدا جسدي يرتعش و وجدتني انطق بالشهادتين كما لو انني ادخل للاسلام..يا حسرة على ما فرطت نفسي في جنب الله
كانت تلك نقطة تحول بالنسبة لي من ذلك الانسان الضال الى الرجل التائب ثم المحسن ثم الصالح
حتى جاء يوم قررت فيه ان انظم لمجموعة الدعاة الى طريق الحق ,انها منظمة ذاتية التمويل تعمل على نفقات المحسنين
اخذت اجازة شهر من عملي كمهندس وسافرت مع رفقة صالحة كي اعرض لهم تجربتي في الحياة و كيف استدللت طريقي الى الحق
كنت اتصل كلما سنحت لي الفرصة بأهلي و أسألهم عن احمد
ولكن في الاتصال الاخير كانت نبرة زوجتي حزينة وهي تقول
_سالم نائم لا استطيع ايقاظه
حين عدت لبيتي وجدت ابني سالما قد توفي منذ اسبوع
ادركت عندها ان دعوة الشيخ الاعمى فد استجاب لها الله عز وجل و ان الطفل الاعمى الذي رزقت به لم يكن الا البصير الذي اخذ بيدي بإذن الله واخرجني من الظلمات الى النور

(لا تعلم اين يخبا الله لك الخير )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا: اعتقال طلاب خلال احتجاجات داعمة لغزة بجامعة جنوب كال


.. لحظة اعتقال مصور شارك بفعالية للتضامن مع غزة في أمريكا




.. آندرو تيت للعربية English: أنا بريء من تهمة الاتجار بالبشر و


.. موجز أخبار الرابعة - مقررة الأمم المتحدة تدعو إلى وقف الإباد




.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف