الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم ... العلمانية دين

رامي رفعت

2015 / 9 / 21
المجتمع المدني


كثيرا ما كنت اسمع تلك الجملة دون ان احاول ان افهمها ، فقد كنت اكتفي بفهم سطحي لها ان من يقولها لا يعرف العلمانية ويظن انها تدعو للالحاد لذا فهي تعتبر دين مثلها مثل الديانات الابراهيمية وان كانت تدعو لعدم الايمان بالله .

لكن لكثرة تكرارها من اشخاص ذو مستوى تعليمي ومعرفي مرتفع شعرت ان الامر ليس بهذه السطحية ، فقررت ان اضع نفسي مكان الطرف الاخر محاولا فهم سر رؤيتهم للعلمانية على انها دين .

حين يقول احدهم ان العلمانية دين يقابل بالاستهزاء والتندر ، فنجد من يقول ان العلمانيين يصومون ايام معينة في السنة اوان لهم كتاب مقدس على سبيل الدعابة ليوضحوا للقائل بان العلمانية دين هو اما ساذج او مغرض .

لكن يبدوان الامر ليس بهذه السذاجة ، فمن يقول هذا لديه من المنطق ما يؤيده وفقا لرؤيته لدينه . وهوما يجعلنا نحاول ان نلتفت لتعريف الدين وليس لتعريف العلمانية ، فالعلماني يرى ان الدين عبارة عن طقوس وعلاقة بين الانسان والهه ، لذا حين يصف احدهم العلمانية بانها دين يتعجب من هذا لان العلمانية ليس لها طقوس ولا تتدخل في علاقة الناس بمقدساتهم .

لكن تعريف الدين عند معتنقيه قد يختلف عن هذا التعريف ، فالمسلم – وهذا ينطبق على غالبية السنة والشيعة - يرى ان دينه يحوي شريعة الهية واجبة التنفيذ . تلك الشريعة لها شق طقسي مثل الصوم والصلاة والزكاة ، ولها شق اجتماعي مثل قوانين الزواج والطلاق والميراث ، ولها ايضا شق سياسي يتعلق بشكل الدولة وطريقة ادارتها والقوانين الحاكمة لها ولرعاياها .

اذن الدين من ضمن مهامه اقامة الدولة وادارتها حسب التعريف السابق ، بغض النظرعن اتفاقنا او اختلافنا فتلك الرؤية لها ما يؤيدها في الكتب الدينية التي تعبتر شبه ملزمة للغالبية العظمى من المسلمين . لذا اذا اتبعنا تلك الرؤية سنجد ان الحياة السياسية لها شريعة الهية ، واذا اراد شخص استبدال تلك الشريعة بأخرى فهو كمن استبدل دينه بدين اخر . ليس لان ما اتبعه دين في حد ذاته لكن لانه يقوم بدور منوط به الدين وليس القوانين الوضعية ، وهو ما تقوم به العلمانية في نظره لانه تستبدل قوانين الهية حسب معتقده تعتبر من صميم مهام الدين بقوانين وضعية .

بعبارة ابسط هو يرى انها طالما اصبحت تحل محل الدين في امر يعتبر جزء لا يتجزأ من تعريفه للدين اذن فهي دين .

والامر غالبا لا يتوقف عند هذا الحد ، فالبعض حين يناقش علماني مسيحي على سبيل المثال يظن انه ترك دينه هو الاخر واستبدله بالعلمانية . وهذا ناتج عن تعميمه لتعرف الدين كما يراه على باقي الاديان ، لذا افترض ان كل الاديان وظيفتها وضع قواعد لادارة الامور السياسية . وهوالامر الغير صحيح لان المسيحية لاتحوي شريعة مماثلة ، لذا فان الدور الذي تقوم به العلمانية لا يعتبر تعديا على دور المسيحية السياسي اوالتتشريعي لانه ببساطة غير موجود . ربما يكون الاستثناء الوحيد هو الزواج المدني وهو ما كنا قد بينا في مقال سابق امكانية التوفيق بين ما هو شرعي بين ما هوقانوني

قد نختلف كثيرا مع تلك الرؤية ، وقد نختلف اكثر مع ما بني عليها من احكام او اراء . لكن الاختلاف حين يكون مبني على الفهم الجيد للطرف الاخر افضل من الاختلاف المبني على التهكم ، فهو يزيد من فهمك للاخر ونظرتهم اليك ويزيد من احساس الاخر بان فكرته وصلت واضحة اليك .
قد يرى البعض ان هذا امر لا يفيد طالما ان الاختلاف ظل موجودا ايا كان سببه ، لكنه بالنسبة لي على الاقل مهم لان الفهم هو اول وافضل طريق للنقاش او الشرح او على الاقل معرفة الامور الجدلية التي لا طائل من نقاشها لانها محسومة مسبقا لدى احد الاطراف .

نعم ... العلمانية دين ، لكن لدى البعض فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا


.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين




.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب




.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا