الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفاق اليسار النيوليبرالي (1-2)

فلاح علي

2015 / 10 / 4
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


في بداية المقالة لا بد من طرح السؤال التالي : هل يبقى شيئ من القيم اليسارية الحقيقية اذا تحول حاملها الى ليبرالياً لا سيما اذا توغل اكثر في تبني الفكر النيوليبرالي وبدأ بالتنظير له ؟ وهل يحق لهذا اليساري الذي تبنى الفكر النيوليبرالي ان يحسب نفسه على اليسار ؟
صحيح ان هنالك قيم انسانية مشتركة تشترك فيها شعوب العالم , لكن قيم اليسار لها ابعاد فكرية واقتصادية واجتماعية وقانونية وذات طبيعة ديمقراطية اجتماعية انسانية لا تقبل الازدواجية ,ارى من وجهة نظري وبصريح العبارة ان الازدواجية في حمل القيم ما هو الا انتهازية ونفاق .
من هذا نجد ان الخطاب السياسي لليسار النيوليبرالي هو خطاب مزدوج لا يخلوا من النفاق حاله حال الخطاب السياسي للاسلام السياسي . وتجسد ذلك بشكل عملي بعد فشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي فكان هنالك استسلام من قبل بعض اليساريين وكأنهم بدأوا يكتشفون بان الراسمالية هي نهاية التاريخ وهي القدر المحتوم للبشرية , وانتهت الماركسية واصبحت رجعية من وجهة نظرهم وانتهى دور الاحزاب الشيوعية والاحزاب اليسارية الحقيقية. وان الليبرالية الجديدة وفكرها هي سمة العصر حسب تصورهم , ولا بد من الخصخصة ووجود قطاع خاص وانتهى دور القطاع العام وعلى الدول النامية تحرير التجارة وفتح حدودها ورفع التعريفة الكًمركًية ..... اله والسيادة اصبحت للفكر النيوليبرالي والتنظيم السياسي اصبح غير مقبول ولم تعد امريكا رجعية بل هي ام التقدمية بنظرهم . لكنه بنفس الوقت نجد ان البعض من المستسلمين يدعوا الى يسار جديد لكن من وجهة نظرهم ان يتخلى هذا اليسار عن الاحزاب الشيوعية والفكر الماركسي . وهنا يصعب الفرز في هذا الطرح بين من هو يدعي اليسار ويريد يسار جديد وبين من هو معادي للماركسية وللأحزاب الشيوعية واليسارية الحقيقية . وبنفس الوقت لا تعرف توجهات هذا اليسار الجديد وخططه وبرامجه واهدافة وفكره وسياسته , ولا يعرف منه على صعيد الممارسة غير العداء للماركسية والاحزاب الشيوعية ولليسار الحقيقي . ولكنهم نجدهم من جانب آخر يدعون انهم حاملي قيم اليسار , الا انهم في الممارسة يروجون للنيوليبرالية ولفكرها ولشركاتها الاحتكارية المتعددة الجنسية العابرة للقارات , في الوقت نفسه ان كل شعوب العالم قد تضررت من جشع هذه الشركات ومن النيوليبرالية ولهذه الشعوب تأريخ طويل مؤلم محمل بالمظالم , من الاستغلال ونهب الثروات ومن الفقر والفاقة والجوع والبطالة التي انتجتها للشعوب وزادت الهوه بين البلدان الراسمالية والبلدان النامية , وبين الاغنياء والفقراء بين ابناء الشعب الواحد في البلدان النامية .
هنا يطرح سؤال اذا كان الخطاب السياسي لليسار النيوليبرالي في الممارسة العملية هو يسهم في نشر الفكر النيوليبرالي وتعزيز مواقع الراسمالية وشركاتها الاحتكارية في البلدان النامية والترويج للعولمة المتوحشة وللولايات المتحدة الامريكية بانها القوة العظمى في العالم وبدونها سوف نموت جوعاً ولن نتطور كبلدان نامية ؟ اذن اين هي مهمات ما يسموه زوراً باليسار الجديد واين هي قيمه وتوجهاته وما هو فكره ليكون بديل عن اليسار الماركسي وينعتوه بتهم غير لا ئقة , هنا من وجهة نظري يكمن النفاق في الخطاب السياسي الذي يمارسه بما يسمى باليسار الجديد .
هنالك حقيقة لا بد من الاعتراف بها :
بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991 وانهيار التجربة الاشتراكية فيه , اصبح هذا الحدث في حينه بمثابة زلزال مدوي هز العالم . فأهتزت معه القناعات الفكرية وأول ما تأثر بهذا الحدث هي الاحزاب الشيوعية واليسار الحقيقي الذي يتبنى الماركسية . فحصل الانهيار والتراجع في هذا الوسط اليساري وبرزت ظاهرتان من وجهة نظري .
الظاهرة الاولى : من هول الصدمه برزت ظاهرة توقف النتاج الفكري للاحزاب الشيوعية والماركسية وبهذا ضعفت مواجهة هذا المنعطف فحصلت ازمة ازمه وانحصار وعزلة . ولكن الملاحظ ان هذه الظاهرة كانت مؤقته حيث صمدت الكثير من الاحزاب الشيوعية والعمالية الاشتراكية واستطاعت تجاوز هذه الصدمة , وبدأت بعمليات التجديد الداخلي في الفكر والسياسة والتنظيم .
الظاهرة الثانية : هو ظاهرة التحول الفكري والسياسي حيث بعض الاحزاب غيرت اسمائها وفي اطار هذه الظاهرة بعض اعضاء الاحزاب في المشرق العربي تحول الى الاسلمة , والبعض الآخر تحول الى الليبرالية الفضفاضة , التي ترفض التنظيم والفكر وتنكرت للماركسيه . والبعض تبنى الفكر النيوليبرالي وهذا النوع من التحول شمل اعداد من اليسار ليس في الشرق الاوسط وانما في بلدان عدة في العالم ومنها فرنسا على سبيل المثال رغم ان اليسار النيوليبرالي ظهر في اوربا قبل سقوط التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي .
الانهيار في منطقة الشرق الاوسط رافقة وجود انظمة معادية لليساروالديمقراطية :
شهدت منظقة الشرق الاوسط في نهاية الستينات والسبعينات من القرن الماضي وبداية الثمانينات ظهور انظمة دكتاتورية كالعراق وليبيا وتركيا وسورية ومصر والجزائر والمغرب , كما رافق ذلك صعود مد الاصولية الاسلامية المتمثلة بالسلفية الجديدة وظهور القاعدة والافغان العرب . بدعم وتمويل من النظاميين القطري والسعودي حيث دعموا حركات الاخوان المسلمين وكل الحركات الاصولية المتظرفة. ثم ظهور الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 . هذه التطورات كانت قبل سقوط الاتحاد السوفياتي , رافق ذلك هجمة نيوليبرالية رجعية شرسه في هذه الفترة اي في نهاية السبعينات وعقد الثمانينات من القرن الماضي قبل سقوط الاتحاد السوفياتي التي تعمقت وتوسعت وازدادت شراسه في التسعينات بعد سقوط الاتحاد السوفياتي , والاكثر خطورة في هذه الهجمة النيوليبرالية هو تحالفها مع السلفية الجديدة ومع بعض الانظمة الدكتاتورية كالنظام الدكتاتوري في العراق ودول الخليج الراعية للسلفية الجديدة . وشنت حينها اشرس حملة بوليسية ذات طبيعة فاشية ضد الحزب الشيوعي العراقي والشخصيات اليساريةوالقوى الديمقراطية, وتعمقت الهجمة الشرسه في بلدان عدة في العالم عندما اصبحت الولايات المتحدة الامريكية القطب الاوحد . هنا بدأ التحول من قبل ما يسمى باليساريين وتبنوا الفكر النيوليبرالي . مع ملاحظة ان الليبرالية المحلية الكلاسيكية هي اكثرواقعية من النيوليبرالية . وبدأ الفرزاكثر وضوحاً في صفوف الانتهازيين من اليساريين وبدون خجل في تبنيهم للفكر النيوليبرالي وذلك بعد عام 2003 عند احتلال امريكا للعراق واسقاط النظام الدكتاتوري بالقوة العسكرية . وبدأت تمارس الحرب النفسية من خلال الاعلام مع تقديم الامتيازات والاغراءات لأستقطاب الانتهازيين من المعوقيين فكرياً من اليسار الى فكرها النيوليبرالي .
انهيار التجربة الاشتراكية ليس له صلة او علاقة بانهيار او اي اخفاق للماركسية :
كثير من الاحزاب الشيوعية واليسار الحقيقي سواء في العالم ام في منطقة الشرق الاوسط ومنها الحزب الشيوعي العراقي لم ترى في انهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي انه يمثل انهياراً او فشلاً او اخفاقاً للماركسية .بقدر ماهو فشل تجربة والاشتراكية تبنى حسب ظروف كل بلد فالتجربة الصينية على سبيل المثال تختلف عن تجربة الاتحاد السوفياتي . وبدون الدخول في تفاصيل سقوط التجربة وانهيار الانحاد السوفياتي وتفككه . التجارب العملية اكدت ان الماركسية كنظرية هي قابلة للتجديد داخلياً لأنها نظرية تؤمن بالنقد , و لها منهج علمي في تحليل وتفسير التاريخ والمجتمعات وتشكيلاتها بما فيها التشكيلة الراسمالية . وهي منفتحه ولها علاقة او ترابط بالعلوم كافة , صحيح ان الراسمالية تغيرت عما هي عليه في زمن ماركس وتحولت الى مرحلة الامبريالية , وما تمتلكة من شراسة ووحشية بلا حدود , الا ان الماركسية بقدرتها على التجديد فهي تصلح وتواكب تطورات عصرنا الحالي . وهي نظرية ثورية لا تقتصر فقط على تفسير الظواهر والعالم وانما تعمل على تغييره بطريقة سلمية . فهي تؤمن بالدايلكتيك فهي مع التقدم ولن تكون رجعية .
هنا يطرح سؤال :
هل ان الفكر الذي يحرر الانسان من الاستغلال ويضمن حق تقرير المصير للشعوب ويناضل من اجل الديمقراطية والعدالة والمساوات ويحافظ على ثروات البلدان ويبني الاوطان ويقيم العدالة الاجتماعية هو فكر رجعي .ام الفكر النيوليبرالي الذي يدعو الى تحرير التجارة وفتح الحدود وازالة القيود الكًمركًية امام السلع والبضائع الراسمالية وفتح ابواب الوطن امام قاطراته المتمثله بالشركات الاحتكارية المتعددة الجنسية وتقديم تسهيلات لأستثمار ثروات البلد وخصختها لتكسب هذه الشركات الربح الاكبر وتشيع الفساد و لا تسمح للاقتصاد الوطني ان ينمو وان ينافسها فهي تعيق النمو والتطور الوطني . هذه هي الوحشية في الجشع هل نسمي فكر هذا الجشع بالتقدمي؟
(يتبع )
4-10-2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024