الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة بعنوان واقع البطالة وتداعياتها في قطاع غزة وسبل علاجها

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2015 / 10 / 11
الادارة و الاقتصاد


دراسة بعنوان واقع البطالة وتداعياتها في قطاع غزة وسبل علاجها
إعداد الباحثين / سمير أبو مدللة, حسن عطا الرضيع
وهي عبارة عن دراسة منشورة ومحكمة ضمن مؤتمر قطاع غزة : الواقع وآفاق المستقبل والتي عُقد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية , جامعة الأزهر , غزة, الأراضي الفلسطينية في الفترة من 6-8 أكتوبر 2015.
ملخص الدراسة :
تناولت تلك الدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للبطالة في قطاع غزة , وحاولت التطرق لمفهوم البطالة وأنواعها وأسبابها وللنظريات الاقتصادية المفسرة لها, واستمدت الدراسة أهميتها من خلال راهنيتها ومواكبتها للواقع الاقتصادي والاجتماعي الفلسطيني, حيث مثلت البطالة المشكلة الأكثر تأثيراً وجدلاً عند متخذي القرار الاقتصادي الفلسطيني, وهدفت الدراسة إلى التعرف على واقع الاقتصاد في قطاع غزة وتطور معدلات البطالة منذ إنشاء السلطة الفلسطينية, وكذلك التعرف على بعض التجارب العالمية الناجعة في مكافحة البطالة كالتجربة الماليزية والبرازيلية وتجربة بنجلادش وغيرها, واتبع الباحثين المنهج الوصفي التحليلي والقياسي معتمداً على مصادر البيانات الرسمية , , وتوصلت الدراسة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من مشكلة متأصلة في بنيته وهي البطالة, وأن قانون أوكيون ومنحنى فيلبس لا يلاءم الاقتصاد الفلسطيني, وأن السلطة الفلسطينية ما زالت تعتمداُ وإلى حد كبير على المساعدات الخارجية وعلى الضرائب وخصوصا ضريبة القيمة المضافة وهذا رسخ تبعية وريع الاقتصاد الفلسطيني وهشاشته, وأن النمو في الناتج لم يُترجم إلى أرض الواقع ولم يحدث تحسن ملموس في مستويات المعيشة بسبب عدم قدرة النمو على الضغط على معدلات البطالة للانخفاض., وأوصت الدراسة بضرورة تأسيس اقتصاد منتج يقوم على تعظيم الموارد الذاتية المتوفرة والممكنة, تمهيداُ لاقتصاد سوي يؤسس لمعالجة الخلل القائم في الميزان التجاري, ويعزز إمكانات الاقتصاد المجتمعي المؤسس على تحفيز إنتاج الخيرات المادية من سلع وخدمات من شأنها توفير المقومات المادية لتنمية اقتصادية مستدامة تضع في المقام الأول مكافحة ظاهرتي البطالة والفقر ضمن سياسات اقتصادية مالية وتجارية ونقدية متوازنة تنحو نحو العدالة الاجتماعية, وتقصية الموارد المحلية والذاتية والتي من شانها تعزيز الاستغلال الاقتصادي, والسير نحو تنمية اقتصادية مؤسسة على سريان مفعول العدالة الاجتماعية المُغيبة عبر إصلاح الاختلالات الهيكلية والبنيوية في الاقتصاد الفلسطيني والقائمة على سياسات النيو ليبرالية نجم عنها تعميق التبعية للاقتصاد الإسرائيلي وتزايد الاعتماد على الخارج وخصوصا في الواردات وتعظيم الاعتماد على المساعدات الخارجية , كذلك ضرورة أن تنتهج السلطة الفلسطينية لسياسات تضع حداً للعمل غير المنتج والثراء الفاحش وغير المشروع, وتقضي على قيم الموت ليحل محلها قيم التنوير والنهضة تمهيداً للحداثة واللحاق بركب التقدم.

Abstract:
Dealt with that study economic and social effects of unemployment in the Palestinian territories , and tried to address the concept of unemployment , types , causes and economic theories that explain them , and drawn the study significance through Rahniha keep pace with the economic and social realities of the Palestinian , where she represented the unemployment problem, the most influential and controversial when decision makers Palestinian economy , and the study aimed to recognize the reality of the Palestinian economy and the evolution of the unemployment rate since the establishment of the Palestinian Authority , as well as to identify some of the international experiences effective in the fight against unemployment Kaltejrebh Malaysian and Brazilian experience of Bangladesh and other.
And follow the researcher de-script-ive analytical method and the standard depending on the sources of official data , interpreted form the most important variables affecting unemployment in the Palestinian territories form multiple regression , the study found that the Palestinian economy is suffering from the problem inherent in the structure of which is unemployment , and that the law Okjon curve Phelps does not fit Palestinian economy , and that the Palestinian Authority is still Tatmda and to a large extent on foreign aid and taxes , especially VAT and this cemented dependency and the proceeds of the Palestinian economy and fragile , and that the growth in output has not translated into the ground and did not happen tangible improvement in living standards because of the inability of the growth pressure on the unemployment rate to drop.
The study recommended the establishment of a productive economy based on maximizing own resources available and possible , as a prelude to the economy of the Sui found to address the imbalance in the trade balance , and enhances the potential of the economy societal founder to stimulate the production of material goods from the goods and services that will provide tangible factors for the development of sustainable economic develop in the first place combating the phenomena of poverty and unemployment within the economic policies, financial , commercial and monetary balanced tend toward social justice , and this investigation of local resources and the self that will enhance economic exploitation , and to move towards economic development based on the validity of social justice absent through the reform of the structural imbalances and structural in the Palestinian economy and based on the policies of the neo- liberal resulted in deepening dependence on the Israeli economy and the increasing reliance on overseas , especially in imports and maximize the dependence on foreign aid , as well as the need to pursue the Palestinian Authority s policies put an end to the work is the product and the super-rich and illegal , and that destroys the values of death to be replaced by the values of the Enlightenment and the Renaissance as a prelude to modernity and to catch up with progress.
مقدمة :-
شهد الاقتصاد الفلسطيني ومنذ قدوم السلطة الفلسطينية عام1993 بعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية لاتفاق أوسلو مع إسرائيل العديد من التحولات الاقتصادية والاجتماعية, ومنها الانتقال من اقتصاد قائم تحت سيطرة الاحتلال إلى اقتصاد تحت سيطرة السلطة الفلسطينية, وإن كان بطبيعته اقتصاد تابعاً وطفيلياً وفقيراً, حيث ما زال يعاني من العديد من المشكلات الاقتصادية والمتفاقمة وأهمها مشكلة البطالة والتي ما زالت مرتفعة نسبياً قياساً بالدول المجاورة, رغم محاولات السلطة الفلسطينية المستمرة للتخفيف من حدته وتقليص مستوياته إلى الحدود الدنيا, حيث شهدت الأعوام الأخيرة ارتفاعاً في معدلات البطالة ووصلت إلى حدود تقترب من 40% في بعض السنوات وخصوصا في قطاع غزة حيث تزيد عن مثيلاتها بالضفة الغربية, وتعد مشكلة البطالة من المشكلات الاقتصادية الأكثر تفاقماُ وجدلاً بين الاقتصاديين , والذين اختلفوا في تفسير أسبابها الحقيقية وطرق علاجها, حيث ترتبط هذه المشكلة بأسس النظام الاقتصادي القائم, وتعتبر مشكلة بنيوية ومتأصلة في النظام الاقتصادي الرأسمالي والذي يعاني من ارتفاع مستمر لمعدلات البطالة, وخصوصا مع سيادة الركود الاقتصادي منذ أزمة الكساد الكبير 1929-1933 والتي كانت سبباً لفشل النظرية الاقتصادية الكلاسيكية القائمة على افتراضات التشغيل الكامل لعناصر الإنتاج وللحرية الاقتصادية وسيادة قانون ساي للأسواق والمنافذ, ومع اندلاع الأزمة الاقتصادية في عشرينات القرن العشرين بدأ الحديث عن ضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي, وعلى أثرها دخل الاقتصاد العالمي في الحقبة الكينزية مع كتابات جون كينز في كتابه المشهور النظرية العامة للتشغيل والنقود وسعر الفائدة في العام 1936م , وعرفت هذه الحقبة بدولة الرفاه الاقتصادي وتميزت بدرجة من النمو المزدهر وتزايد تراكم رأس المال وارتفاع مستويات المعيشة, حيث بلغ متوسط النمو الاقتصادي العالمي 4% ,ولم يزداد معد ل التضخم عن 2.5% ومعدل البطالة بقي دون مستوى 3%, ومع أزمة العجز التجاري الأمريكي في العام 1971, وتوقف الولايات المتحدة الأمريكية عن قاعدة الذهب دخل الاقتصاد العالمي في أزمة التضخم الركودي, وسقطت نظرية كينز, وتعددت الآراء المفسرة لأسباب البطالة والتي ترتبط بالدورات الاقتصادية السمة الرئيسية للنظام الاقتصادي الرأسمالي والتي تتراوح ما بين الرواج والركود , وتعد البطالة أكثر النتائج المترتبة على الركود الاقتصادي , ونظراً لأهمية البطالة في الدراسات الاقتصادية فقد تحدث أرثر أوكن عن العلاقة المهمة بين النمو الاقتصادي وبين معدل البطالة فيما عرف بقانون أوكيون, والذي ينص إلى إنه مقابل انخفاض مقدراه 2% في الناتج المحلي الإجمالي ترتفع البطالة بمقدار 1%.
ونتيجة لانتقال الاقتصاد الحقيقي إلى الاقتصاد الافتراضي مع تسارع عملية العولمة الاقتصادية وتدويل الإنتاج وإعادة تدويله, فإن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في بعض الدول لم يرافقه تحسن في مستويات المعيشة ولم يحد من مشكلة البطالة ومنها الأراضي الفلسطينية ويعود ذلك إلى التناقض الكبير بين العلاقات القائمة بين علاقات الإنتاج حيث الملكية الفردية لوسائل الإنتاج وجنيها لثمار النمو الاقتصادي على حساب الشرائح المجتمعية الأخرى الأكثر فقراً وحرماناً.
ويعاني الاقتصاد الفلسطيني في الوقت الحاضر من تفاقم كمي ونوعي لمشكلة البطالة , فهي من أكثر المشكلات خطورة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي, وللاحتلال الإسرائيلي دوراً كبيراً في تفشي هذه الظاهرة منذ سنوات عديدة عبر القرارات المباشرة وغير المباشرة التي يتخذها من إغلاق للمعابر وتدمير البني الاقتصادية وبعض المشاريع والمصانع التي تستوعب أعداد كبيرة من العمالة ، ومنع دخول المواد الخام اللازمة للتصنيع والتي أعاقت العملية الإنتاجية وهذا ساهم لزيادة معدلات البطالة ، بالإضافة إلى الخسائر والأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي جراء الممارسات الإسرائيلية المتكررة, وإضافة للاحتلال الإسرائيلي فهناك أسباب لها علاقة بمحدودية الموارد الاقتصادية المتاحة, وأداء السلطة الفلسطينية وتنبيها لنظام اقتصادي قائم على القطاع الخاص وسياسات النيو ليبرالية.
مشكلة الورقة البحثية :-
من خلال المشكلات الاقتصادية البنيوية التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني وتحديداً قطاع غزة منذ نشوءه عام 1994 بعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية لاتفاقية أوسلو مع إسرائيل, وما رافقها من مشكلات اجتماعية كتفاقم الفقر والذي يعاني منه ألاف الأسر الفلسطينية والتي تزيد عن 20% , حاولت الورقة البحثية الإجابة على التساؤل الرئيسي :-
ما هي أسباب البطالة وتداعياتها في قطاع غزة وسبل علاجها في ظل الوقت الراهن؟
ويتفرع من التساؤل الرئيسي عدداُ من الأسئلة الفرعية يمكن إيجازها كالتالي:-
1- ما هي الأسباب الرئيسية لتفاقم مشكلة البطالة في قطاع غزة؟
2- ما هي العلاقة بين النمو الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية وبين معدل البطالة؟
3- هل يلعب الاحتلال الإسرائيلي دوراً في تفاقم مشكلة البطالة عبر العمل على تبعية الاقتصاد الفلسطيني وإضعافه باستمرار ؟
4- هل نجحت السلطة الفلسطينية خلال العقدين الأخيرين في تحفيز النمو الاقتصادي وبالتالي خفض معدلات البطالة؟
5- ما هي أهم الاختلالات الهيكلية الموجودة في الاقتصاد الفلسطيني والغزي تحديداً بشكل عام, وسوق العمل بشكل خاص؟
6- ما هي مصادر الاختلالات في سوق العمل,وما هي الإجراءات الواجب إتباعها للخروج منها؟
7- هل استفادت السلطة الفلسطينية من المساعدات الخارجية في تحقيق التنمية الاقتصادية , ولماذا لا زالت الموازنات تُهمل قطاعات التنمية الاقتصادية والتي تضيف قيم اقتصادية حقيقية وتحد من مشكلة البطالة؟
8- ما هي أهم المتغيرات الاقتصادية المؤثرة على البطالة في الأراضي الفلسطينية وهل يمكن وضع نموذج قياسي لتحديد الآثار الاقتصادية والاجتماعية للبطالة؟
فرضيات الورقة البحثية :-
من خلال تساؤلات المشكلة البحثية يمكن صياغة الفرضيات ويمكن إيضاحها بالنقاط التالية:
1- هناك إهمال لموازنات السلطة الفلسطينية لقطاعات التنمية الاقتصادية وبالتالي تراجع دورها التنموي.
2- يوجد علاقة بين البطالة وتفاقم الفقر في قطاع غزة.
3- يوجد علاقة متباينة بين ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وبين تخفيض معدلات البطالة في قطاع غزة.
4- للأوضاع السياسية أثاراُ متباينة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي بالأراضي الفلسطينية وخصوصا البطالة وتحديداً في قطاع غزة.
5- لم تساهم المساعدات والمنح الخارجية في الحد من مشكلتي البطالة والفقر في قطاع غزة.
أهمية الورقة البحثية :
تبرز أهمية الدراسة في ضرورة التعرف على العوامل المؤثرة في البطالة في قطاع غزة, وتحديداَ العوامل الأكثر تأثيراً ومدى الاستفادة من تلك العوامل لحل وعلاج المشكلة المتفاقمة ,وإمداد متخذي القرار الفلسطيني برؤية عن الواقع, وإمكانية استفادة الباحثين منها في الحقل الاقتصادي , وكذلك الخروج بنتائج من شأنها تفسير ظاهرة البطالة ودراسة أثرها الاقتصادي والاجتماعي ومدى تأثيرها على المؤشرات الاقتصادية الكلية, والعمل على وضع إستراتيجية لترشيد النفقات, والتعرف على بعض التجارب العالمية الناجعة في علاج مشكلة البطالة والفقر كتجربة ماليزيا وكوريا الجنوبية وبنجلادش, والبحث عن إستراتيجية لترشيد النفقات العامة وإعادة توزيع الدخل بشكل عادل, والاستغلال الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية ومدى تحقيقها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية.
أهداف الورقة البحثية :-
يمكن إيجاز الأهداف التي تأمل الورقة البحثية التوصل إليها بالنقاط التالية :-
1) التعرف على واقع اقتصاد قطاع غزة وتحليل أهم مؤشراته الكلية كالبطالة .
2) التعرف على ظاهرة البطالة المنتشرة في قطاع غزة وتفسير كافة العوامل المؤثرة فيها .
3) محاولة للتعرف على الآثار الاقتصادية والاجتماعية للبطالة في قطاع غزة والوسائل الواجب إتباعها لعلاجها.
4) التوصل لنتيجة مفادها بملازمة مشكلة البطالة لأسلوب الإنتاج الرأسمالي وخصوصا ارتباطها الوثيق بالدورات الاقتصادية, والتعرف على العلاقة القائمة بين البطالة وبين اندلاع الأزمات المالية والاقتصادية العالمية.
5) محاولة لفهم بعض التجارب العالمية الناجحة في مكافحة البطالة , وكيفية الاستفادة فلسطينيا منها.
6) محاولة للتعرف على مدى مواءمة قانون أوكيون ومنحنى فيلبس للاقتصاد الفلسطيني .
المنهج البحثي المتبع:-
سيتم تناول البطالة وتحليها وتقييمها بإتباع المنهج الوصفي التحليلي , الذي يقوم على تحليل الظاهرة المعنية وتفسيرها والتطرق لأسبابها وتداعياتها وأراء الاقتصاديين والمدارس الفكرية , وتعزيز ذلك باستخدام الجداول والرسوم البيانية.

الحدود المكانية والزمنية :-
تشمل الورقة البحثية تحليل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للبطالة في قطاع غزة و الحدود الزمنية تشمل الفترة 1994-2013.
الدراسات السابقة :-
1) دراسة بدر حمدان, تحليل مصادر النمو في الاقتصاد الفلسطيني للفترة "1995-2012" , 2012.
هدفت تلك الدراسة إلى التعرف على مصادر النمو في الاقتصاد الفلسطيني, وأهمها عنصر العمل والتي تعتبر الأكثر تأثيراً ومساهمة في الناتج المحلي الإجمالي, وحاولت تفسير ظاهرة العاطلين عن العمل ودروهم في إعاقة النمو الاقتصادي.
وتوصلت الدراسة إلى أن مرونة عنصر العمل بلغت 53% بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي, وأن متوسط البطالة خلال فترة الدراسة وصلت إلى 22.1%, وأوصت بضرورة مواءمة الجامعات لاحتياجات سوق العمل, وضرورة الاستثمار في قطاعات إنتاجية منتجة للحد من البطالة, والعمل على تنظيم القطاع الخاص لاستيعاب مزيدا من العاطلين عن العمل.
2) دراسة محمد رجب2011," أثر السياسة الاتفاقية على التضخم في فلسطين".
هدفت تلك الدراسة إلى التعرف على مؤشرات الاقتصاد الفلسطيني, ودو ر النفقات الحكومية في التأثير على مستويات الأسعار وأثره على البطالة, وحاولت تفسير العلاقة بين التضخم والبطالة.
وتوصلت إلى وجود علاقة بين البطالة والتضخم, واعتبرت أن البطالة من أكثر المؤشرات الاقتصادية تأثير على الاقتصاد الكلي وأنها السبب الرئيسي في تباطؤ الإنتاج وتراجع معدل النمو الاقتصادي.
وأوصت بضرورة تقديم الدعم الكافي للقطاع الخاص, وإيجاد فرص عمل لدعم وتنشيط عجلة الاقتصاد, ودعت إلى توجيه جزءا من النفقات الحكومية لمشاريع تنموية كقطاع الصناعة والبنية التحتية والإنشاءات والذي سيساهم بدوره خفض معدلات البطالة وخصوصا المقنعة .
3) دراسة محمود عيسى, " الاختلالات الهيكلية في سوق العمل الفلسطيني وسبل معالجتها", 2013.
هدفت تلك الدراسة إلى التعرف على حجم الاختلالات الهيكلية في سوق العمل الفلسطيني, وتحليل مؤشراتها الأساسية وتحليل أبعاد البطالة باعتبارها أحد أهم الاختلالات الهيكلية في سوق العمل, وتقديم بعض الرؤى الاقتصادية لمتخذي القرار للخروج من أزمة البطالة, واستعادة التوازن الداخلي لسوق العمل وتسريع استحداث فرص عمل دائمة ومناسبة.
وتوصلت الدراسة إلى أن سوق العمل الفلسطيني يتأثر بحجم ومعدل نمو وتركيبة السكان, وأن تراجع الأهمية النسبية للقطاعات الاقتصادية الإنتاجية كان سبباً لتزايد فجوة الطلب على العمل في الأراضي الفلسطينية, وعدم مواءمة مخرجات التعليم العالي لسوق العمل الفلسطيني .
وأوصت إلى ضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بشكل قوي وفعال, وربط الجهد الإغاثي بالنشاط التنموي ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاستثمار في التعليم والعمل على رفع مستويات التنمية البشرية.
4- دراسة جلال شيخ العيد," تقدير دوال الطلب على القوى العاملة الفلسطينية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية 1997-2011", 2013.
هدفت تلك الدراسة إلى التعرف على واقع العمالة في الأراضي الفلسطينية وتحليل المؤشرات الاقتصادية الكلية, والتعرف على شكل البطالة وأسبابها وسبل علاجها في الأراضي الفلسطينية للفترة 1997-2011.
وتوصلت الدراسة إلى أن هناك اختلاف في سلوك دالة الطلب على العمالة الفلسطينية في الضفة الغربية عن مثيلاتها بقطاع غزة, ولأسباب منها سياسات الاحتلال الإسرائيلي من الحصار وإغلاق المعابر وكذلك حالة الانقسام السياسي الفلسطيني, وأن هناك ضعف في البنية الاستثمارية والاقتصادية وضعف حركة الاستثمار المحلي والأجنبي في كافة الأراضي الفلسطينية بلا استثناء.
و أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة وتدني مستويات الأجور إلى أدنى مستوياتها بشكل عام , وقطاع غزة بشكل خاص في ظل وجود تضخم مستورد من إسرائيل.
وأوصت الدراسة إلى إعادة النظر في بنود بروتوكول باريس الاقتصادي, وتفعيل السياسة المالية في الأراضي الفلسطينية, وتبني سياسة الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص كمحركين للتنمية الاقتصادية , وتطوير مستويات التدريب المهني وتحسين نوعية التدريب , والعمل على ضرورة مواءمة مخرجات التعليم العالي لسوق العمل الفلسطيني .
5- دراسة عقون, 2010, بعنوان" قياس أثر المتغيرات الاقتصادية على معدل البطالة :دراسة قياسية تحليلية لحالة الجزائر".
تناولت تلك الدراسة مشكلة البطالة في الجزائر وقياس أكثر المتغيرات الاقتصادية المؤثرة فيها كالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي, معدل التضخم, عدد السكان, إجمالي النفقات, واستمدت الدراسة أهميتها من في كونها تعطي فكرة شاملة لأهم المشاكل الاجتماعية المترتبة على البطالة, ومدى سعي الحكومة الجزائرية لعلاج ولجم جماحها, وهدفت تلك الدراسة إلى محاولة لتحليل واقع البطالة في الجزائر والتعرف على أثر الإصلاحات الاقتصادية على مستوى التشغيل ,كذلك إبراز أهمية الأدوات البحثية القياسية المستخدمة في تفسير ظاهرة البطالة من خلال إتباع الباحث لنموذج السلاسل الزمنية للفترة 1985-2007.
وتوصلت الدراسة إلى أن إتباع الجزائر لسياسات الإصلاح والتكييف الاقتصادي لم يرافقه تحسن في معدلات البطالة والتي ارتفعت في السنوات الأخيرة , وعدم وجود علاقة واضحة بين معدل البطالة والتضخم في الجزائر في الأمد الطويل, وكان للناتج المحلي الإجمالي دوراً هاماً في تقليص معدلات البطالة وهذا نجم عن ارتفاع أسعار البترول.
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على إصلاح التشوهات في سوق العمل وتوفير قاعدة بيانات وإحصاءات دقيقة لسوق العمل , وتنمية ودعم دور القطاع الخاص من خلال نظام ضريبي محفزاً للاستثمار, وتطوير وتنشيط المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تقديم الائتمان اللازم في مشاريع إنتاجية وخصوصاً في الصناعات التحويلية.
1: البطالة في النظرية الاقتصادية
تعتبر مشكلة البطالة ظاهرة اجتماعية ذات صفة عالمية تعاني منها الدول المتقدمة والنامية على حد السواء, وتتفاوت نسبتها ومعدل نموها من دولة لأخرى وذلك نتيجة للتباين في النظم الاقتصادية والاجتماعية السائدة , وعلى الرغم من اختلاف الاقتصاديين في تعريف البطالة وتفسير أسبابها إلا إنهم جميعاً اعتبروها المشكلة الأكثر تأثيراً على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسمة الرئيسية للدورات الاقتصادية.
1.1: تعريف البطالة
إن الاقتصاديين يعتبرون أن العاطلين عن العمل هم أولئك الأشخاص الذين يرغبون في العمل ولا يستطيعون أن يجدوا أي فرصة تتناسب مع طبيعة مؤهلاتهم العلمية وحتى الخبرة العملية.(1) ومن خلال التعريف السابق فإن هناك شرطان أساسيان ويجتمعان معاً لتعريف العاطل عن العمل وهما, أن يكون قادراً على العمل وأن يبحث عن فرصة للعمل , وهذا التعريف توصل إليه عدداً من الخبراء في منظمة العمل الدولية والتي عرفت العاطل عن العمل بأنه:" كل من هو قادر على العمل , وراغب فيه, ويبحث عنه, ويقبله عند مستوى الأجر السائد ولكن بدون جدوى" وينطبق هذا التعريف على العاطلين الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة,وعلى العاطلين الذين سبق لهم العمل واضطروا لتركه لأي سبب من الأسباب.(2)
وهناك من عرف البطالة بأنها الفرق بين كمية العمل المعروضة وكمية العمل المأجورة.(3)
وتختلف مشكلة البطالة في الدول النامية عن مثيلاتها في الدول المتقدمة, حيث تعتبر البطالة في الدول النامية ومنها الأراضي الفلسطينية فريدة من الناحية التاريخية, ويعود ذلك لثلاثة أسباب رئيسية يمكن إيجازها بالتالي :(4)
1- تؤثر البطالة والتوظف الناقص, بشكل منتظم وبصورة مزمنة, عل نسبة كبيرة من القوة العاملة للدول الأقل تقدماً, أكثر مما أثرت البطالة على الدول الصناعية المتقدمة حتى في أسوأ سنوات الكساد العظيم للفترة 1929-1933.
2- إن مشاكل التوظف في العالم الثالث تعود إلى أسباب معقدة بالقياس إلى مشاكل التوظف في الدول المتقدمة, وعليه فإن الأمر يحتاج لتوليفة من السياسات تذهب لأبعد مما توصي به السياسات الكينزية البسيطة بضرورة زيادة الطلب الكلي .
3- أياً كانت أبعاد مشكلة البطالة وأسبابها في الدول النامية, فهي مصحوبة بظروف إنسانية صعبة مثل الفقر وانخفاض مستويات المعيشة , وهي ظروف لم تشهدها الدول المتقدمة بالدرجة التي تشهدها الدول النامية, وإن ذلك يتطلب من الدول النامية إلى إعادة تعديل سياساتها الداخلية بحيث تشمل على خلق فرص العمل كهدف اقتصادي واجتماعي رئيسي, أما الدول المتقدمة فيتوجب عليها أن تعدل سياساتها الوطنية في مجالات التجارة والمعونات الاقتصادية ونقل التكنولوجيا, للتيسير على الدول النامية.
وترتبط البطالة وإلى حد كبير بالدورات الاقتصادية وهي السمة الرئيسية للنظام الاقتصادي الرأسمالي, حيث تعتبر البطالة السمة البارزة للدورة الاقتصادية التي تتراوح ما بين الركود والرواج, ومن أكثر النتائج شيوعاً لحالة الركود, وتطرق أرث أوكن لدراسة العلاقة بين معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدل نمو البطالة, أي أن البطالة تتحرك عادة مع المخرجات وطبيعة العلاقة وهذا يُعرف بقانون أوكن, وينص هذا القانون أنه مقابل انخفاض مقداره 2% في الناتج المحلي الإجمالي ترتفع البطالة بمقدار 1%, ووجد أوكن في دراساته الأولى أن العلاقة هي 3 إلى 1, أي 1 نقطة للبطالة مقابل 3 نقاط من الفجوة في الناتج المحلي الإجمالي , وتوصل في النهاية إلى نسبة 2.5 ما بين المخرجات ومعدل البطالة.(5(
1.2 أنواع البطالة وطرق قياسها:
هناك عدة تقسيمات للبطالة وأهمها ما قسمها بعض الاقتصاديين لثلاثة أنواع رئيسية حسب العوامل التي ترتبط بها وهي البطالة الاحتكاكية , الدورية, والهيكلية أو البنيوية, أما كيفية حساب معدل للبطالة, أي حساب نسبة الأفراد العاطلين إلى قوة العمل المتاحة ورغم بساطة هذا المعدل إلا أن حسابه يواجه صعوبات كثيرة.
ولقياس معدل البطالة تم تقسيم السكان إلى أربع مجموعات التي تزيد أعمارهم عن 16 سنة وهي كالتالي:)6)
- العاملون (employed): وهم الذين ينجزون أي عمل مقابل أجر, علاوة على الأشخاص الذين لديهم وظيفة إلا أنهم متغيبون بسبب المرض أو الإجازة أو الإضراب.
- العاطلون عن العمل (unemployed): وتضم هذه المجموعة الأشخاص غير العاملين, إلا أنهم غير جادون في البحث عن عمل, أو ينتظرون العودة إلى عملهم, بتعبير أدق, يكون الشخص عاطلاً عن العمل إذ كان لا يعمل إضافة إلى بذل جهود محددة للعثور على عمل خلال الأسابيع الأربع الماضية, وسرح مؤقتاً من عمله وينتظر أن يستدعى للعمل مجدداً, أو أن ينتظر تسلم عمله خلال الشهر المقبل, وكي يعتبر الشخص عاطلاً عن العمل, فإنه عليه أن يعمل أكثر مجرد التفكير في العمل .
- ليسوا ضمن القوى العاملة( not in labor force): هم المرضى وغيرهم بحيث لا يستطيعون العمل, أو أنهم ببساطة من لا يبحثون عن عمل.
- القوى العاملة(labor force): وتضم جميع الأشخاص العاملين أو العاطلين عن العمل, ومعدل البطالة = عدد العاطلين عن العمل/ مجموع القوى العاملة.
1.2.1: البطالة الدورية
هي البطالة المرتبطة بالدورات الاقتصادية التي تتعرض لها الأنشطة الاقتصادية, حيث ترتفع البطالة في مرحلة الركود أو الكساد,ويتم تفسير أسبابها استناداً إلى انخفاض الطلب الكلي والذي يؤدي إلى ضعف استخدام الطاقة الإنتاجية في الاقتصاد,ومن ثم انخفاض درجة الاستخدام وتنخفض البطالة في حالة الرواج الاقتصادي حيث تزداد وتتسع الأنشطة الاقتصادية فيزداد إنتاجها ويزداد الاستخدام.(7)
1.2.2: البطالة الاحتكاكية
هي تلك البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق والمهن المختلفة, وتنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل ولدى أصحاب الأعمال التي تتوافر لديهم فرص العمل, فحتى لو وصل الاقتصاد إلى حالة التوظيف الكامل فلا بد من حدوث تحولات , وعليه فيمكن اعتبارها بالبطالة الاختيارية كون الأفراد ينتقلون من عمل والبحث عن أعمال أفضل.(8)



1.2.3: البطالة الهيكلية أو البنيوية
ويقصد بها ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانباً من قو ة العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد القومي , وتؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظيف المتاحة ومؤهلات وخبرات العمال المتعطلين الراغبين في العمل والباحثين عنه, وهذا النوع من البطالة منتشراً في البلدان النامية ناجمة عن عجز الكفاءات الوطنية عن سد احتياجات المجتمع من الأيدي العاملة الفنية(9) , ويمكن لتقدم التكنولوجيا أن يكون لها دوراً في إيجاد بطالة هيكلية من خلال ارتفاع درجة ميكنة العمليات الإنتاجية وظهور الإنسان الآلي في صناعة المنتجات ومنها السيارات , ومع تطور التجارة والتوجه العالمي نحو العولمة وتدويل الإنتاج وإعادة تدويله فقد تفاقمت البطالة الهيكلية في البلدان الصناعية المتقدمة .(10)
1.3: النظريات المفسرة للبطالة
تعددت النظريات المفسرة لظاهرة البطالة في الفكر الاقتصادي ويمكن الحديث عن أهم تلك النظريات بالنقاط التالية(11) :
1.3.1: نظرية حد الكفاف : تحدد هذه النظرية الأجور التي تُدفع كثمن لخدمات عنصر العمل بأدنى حد لمستوى المعيشة (حد الكفاف) لكي لا يتمكن العامل من الإنجاب إلا بالقدر الذي يضمن استمرار عرض العمل في مقابل الطلب عليه, ويسمى الأجر في هذه الحالة بالأجر الطبيعي أو الثمن الطبيعي للعمل, ومن الانتقادات الموجهة لهذه النظرية هو أجر الكفاف أمر نسبي يختلف من مجتمع لأخر تبعاً لعاداتهم وتقاليدهم .
1.3.2: نظرية رصيد الأجور: يتوقف معدل الأجور وفقاً لهذه النظرية على العلاقة بين عدد السكان ورأس المال,حيث يؤدي ازدياد السكان مع ثبات رأس المال المخصص للأجور إلى زيادة عرض العمل وبالتالي إلى انخفاض الأجور, وفي نفس السياق أشار جون ميل أن عدد السكان يزداد بمعدل يفوق معدل زيادة رأس المال .
وفي السياق نفسه يمكن للباحث أن يضيف أن ماركس وعملياُ سبقه سميث وريكاردو وجزئياُ مالثوس ولاحقاُ كينز, ولكن في سياق يختلف تماماُ عنه- عن اتجاه معدل الربح نحو التناقص في المدى الطويل ويعود السبب وفقاً لماركس لعدم مقدرة الرأسماليين على تخفيض الأجور من خلال إطالة يوم العمل, أو ما يضطرهم إلى زيادة إنتاجية العمل من خلال استخدام الآلات وتحسين الفنون الإنتاجية , أي من خلال زيادة نسبة رأس المال الثابت إلى رأس المال المتغير/ أي زيادة التكوين العضوي لرأس المال / . وهنا فإن ماركس لا يتحدث عن قانون بل عن اتجاه لأن هناك أساليب أخرى لدى الرأسماليين لتوقيف نفاد مفعول هذا الاتجاه*..
1.3.3: النظرية الماركسية
يرى كارل ماركس بأن قيمة السلعة تتحدد من بكمية العمل اللازم لإنتاجها, حيث يرى أن كل سلعة لها قيمتين إستعمالية وتبادلية, وهو ما ينطبق على العمل كسلعة,ويتحدد الأجر الطبيعي بكمية العمل اللازمة لإنتاج وسائل العيش الضرورية لاستمرار الطبقة العاملة, وتجديد قوة عملها, كما يرى أن وجود عدد من العاطلين يمنع ارتفاع الأجر عن الحد الأدنى الكافي للبقاء, فالمحرك الأساسي لهيكل سوق العمل وفقاً للنظرية الماركسية هو حجم الاستثمارات , فبزيادتها يزداد الطلب على العمل وتنخفض البطالة, أي أن البطالة دالة متناقصة في حجم الاستثمارات.
1.3.4: النظرية الكلاسيكية والنيو كلاسيكية(12)
تقوم النظرية الكلاسيكية على عدة افتراضات وأهما إيمانهم بفلسفة الحرية بوصفها دعامة أساسية للنشاط الاقتصادي, حيث تشمل حرية العمل, حرية التعاقد,حرية مزاولة أي نشاط اقتصادي, إضافة لسيادة المنافسة التامة في كافة الأسواق.
ومن أبرز رواد المدرسة الكلاسيكية أدم سميث, ديفيد ريكاردو, روبرت مالثوس , وأهم نظرياتها هي نظرية القيمة, التوزيع, السكان, التنمية الاقتصادية.
أما أدم سميث فإنه اعتبر العمل مقياس للقيمة, إذ يرى أن القيمة التبادلية لأي سلعة تعادل كمية العمل التي تمكن مالك السلعة من الشراء أو التحكم في الأشياء, لذلك فإن العمل هو المقياس الحقيقي للقيم التبادلية لكل السلع, ومقابل هذا العمل يحصل العامل على عائد على شكل أجر, وتقوم نظرية الأجر عند سميث على أساس أن التفاعل بين الطلب والعرض على العمل في السوق هو الذي يحدد الأجور, فكلما زاد الطلب على العمل وبقي العرض ثابتاً فإن معدل الأجور يتجه نحو الازدياد والعكس صحيح, كذلك فإن زيادة الأجور إلى حد أكبر من حد الكفاف يؤدي إلى زيادة عدد السكان, إما من خلال زيادة نسبة الزواج أو تراجع معدل الوفيات, أما معدل الأجر في المجتمع المتطور يتحدد عن طريق المساومة بين العامل ورب العمل (الرأسمالي).
وفي ظل المنافسة يكون من الممكن التغلب على تناقضات إعادة الإنتاج الموسع بسبب اتجاه الأجور للتزايد مع تزايد الإنتاجية لعنصر العمل, وفي هذا السياق يرى روبنسون " إذا كان التقدم التكنولوجي حيادياً, وظل هكذا بشكل مستمر, وبقيت مراحل الإنتاج كما هي, وظلت آلية المنافسة تعمل بشكل فعال, فإن القوى العاملة من الممكن أن تجد لها فرصاً منتجة للعمل, حتى لو افترضنا أن السكان سوف يميلون للتزايد بشكل مستمر, وذلك لأن معدل التراكم سوف يستمر بوتيرة معينة, وسيظل معدل الربح ثابتاً على المدى الطويل, كما أن مستوى الأجر الحقيقي سوف يميل للتزايد مع الارتفاع الذي يطرأ على إنتاجية العمل, أما روزا لوكسمبورج فترى أن الأزمة في النظام الرأسمالي تعود لقصور الطلب الكلي الناجم عن انخفاض الأجور الحقيقية ولعلاجها فهي لا ترى بتصدير الفائض للخارج, بل من خلال العمل على زيادة نصيب
الأجور من الدخل القومي, وأن نضال نقابات العمال لزيادة الأجور ونجاحها في ذلك يعوقان الميل نحو الركود والبطالة.(13)
1.3.5: النظرية الكينزية:
ترتبط البطالة عند كينز بانخفاض مستوي الطلب الكلي, إذ أن الصفة المميزة لمفهوم البطالة في المفهوم الكينزي سببها اختلاف تحليل دالة عرض العمل عند كينز في التحليل الكلاسيكي والنيو كلاسيكي, حيث يفترض كينز في نظريته العامة أن العمال يرفضون حصول أي انخفاض في أجورهم النقدية من أجل تحقيق رفع مستوى الاستخدام, في حين لا يعترضون على انخفاض أجورهم الحقيقية عند ارتفاع المستوى العام للأسعار مع بقاء معدل الأجر النقدي ثابتاً, وتوصل كينز إلى أن الاقتصاد الرأسمالي هو اقتصاد الكساد والبطالة وتعجز آليات السوق استرجاع التوازن التلقائي , وأن علاج ذلك يتطلب تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية باعتبارها الجهاز الوحيد القادر على إحداث هذا التأثير وتتمثل هذه السياسة في تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق العام وتحفيز الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري, ومع تفجر أزمة التضخم الركودي في بداية عقد السبعينات من القرن العشرين سقطت النظرية الكينزية بسبب فشلها في تفسير منحنى فيلبس القائم على وجود علاقة عكسية بين معدل التضخم والبطالة .(14)
2: واقع البطالة في الأراضي الفلسطينية
عاني الاقتصاد الفلسطيني ومنذ إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994 على أثر توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل, من العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وأهما تفاقم الفقر والبطالة والعجز المزمن في الميزان التجاري, وارتفاع حدة الدين العام وأعباءه, إضافة للعجز في الموازنة العامة والناجمة عن تزايد حجم النفقات على الإيرادات, وتعتبر البطالة المشكلة الأكثر تعقيداً في الاقتصاد الفلسطيني كونها ما زالت مرتفعة وخصوصا في صفوف الخريجين والنساء, وعلى الرغم من النمو في الناتج المحلي الإجمالي لبعض السنوات إلا أن ذلك لم يساهم في الحد من هذه المشكلة , والتي ترتب على تفاقمها آثارا اجتماعية خطيرة تمثلت بالفقر وتراجع مستويات المعيشة وتفكك النسيج المجتمعي.
2.1: تطور معدلات البطالة للفترة 1995-2013
شهدت معدلات البطالة تذبذباً واضح في السنوات 1995-2013 ويعود ذلك لحالة عدم الاستقرار السياسي والتي كانت أثارها مباشرة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية, وعند النظر في معدل البطالة نلاحظ أنه وفي المتوسط ما زال مرتفعا ويقترب من 23% سنوياً, وهذا يدلل على أنها مشكلة متأصلة في بنية الاقتصاد الفلسطيني , والتي تؤكد على ضعف وهشاشة الاقتصاد ومعاناته من الاختلال البنيوي والهيكلي , ويختلف البعض في تفسير ذلك وعن الأسباب الرئيسية وراء هذه المعدلات المرتفعة والتي تتراوح ما بين وجود الاحتلال الإسرائيلي وسياساته المستمرة المعرقلة لنمو الاقتصاد الفلسطينية عير سياسات الحصار والإغلاق ومصادرة الأراضي والمياه والتحكم في المعابر التجارية والتقييد باتفاقية باريس الاقتصادية, وندرة الموارد الاقتصادية المتاحة , إضافة لأداء السلطة الفلسطينية وسياساتها الاقتصادية غير الرشيدة والقائمة على اقتصاد السوق الحر والسياسات النيو ليبرالية.
ويعتبر تطور معدل البطالة المؤشر الأكثر أهمية في تقسيم القوى العاملة إلى عمالة تامة وغير تامة وبطالة, حيث اتسمت معدلات البطالة في الفترة 1995-2013 بالتقلب الحاد وذلك تبعا للتقلبات السياسية والأمنية في المنطقة.(15)
والجدول رقم (1): معدل البطالة وبعض المؤشرات الاقتصادية الكلية في الأراضي الفلسطينية للفترة 1995-2013.
السنة الناتج المحلي الإجمالي بالمليون دولار المساعدات والمنح الخارجية بالمليون دولار معدل نمو الناتج معدل البطالة% معدل التضخم% إجمالي النفقات بالمليون دولار معدل نمو البطالة معدل الفقر المدقع
1995 3212.4 325 - 18.2 10.8 492 - 14
1996 3292.8 224 2.5 23.8 7.6 774.1 0.307 23.6
1997 3744 520 13.7 20.3 7.62 912.7 -0.147 23
1998 4197.7 530 12.1 14.4 5.5 849.7 -0.290 20.3
1999 4534.9 497 7.4 11.8 5.4 1194.3 -0.180 23.2
2000 4146.7 510 -8.6 14.1 2.8 1668 0.211 20.1
2001 3810.8 849 -8.1 25.2 1.2 1435 0.769 30.7
2002 3301.4 697 -13.3 31.3 5.7 1246 0.233 45.7
2003 3800.5 620 15.1 25.6 4.4 1635 -0.182 35.5
2004 4198.4 353 10.5 26.8 3 1528 0.050 25.6
2005 4559.5 636 8.6 23.5 4.1 2281 -0.123 24.5
2006 4322.3 1019 -5.2 23.7 3.8 1707 0.008 24.5
2007 4554.1 1322 5.4 21.7 1.9 2877 -0.084 31.2
2008 4878.3 1763 7.1 26.6 9.9 3487.7 0.225 24
2009 5239.3 1402 7.4 24.5 2.8 3375.9 -0.078 26.2
2010 5724.5 1277 9.3 23.7 3.7 3258.3 -0.032 25.7
2011 6421.4 978 12.2 20.9 2.9 3254.9 -0.118 25.7
2012 6797.3 932 5.9 23 2.8 3225 0.100 25.7
2013 6898.9 - 1.5 23.4 1.72 3538 0.017 21.7
المتوسط 4381 803 4.4 21.3 4.38 1936.98 -0.097
المصدر: - السنوات 2000-2012))معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني(ماس), المراقب الاقتصادي والاجتماعي, العدد السنوي 2012, العدد32, أيار 2013, ص 77.
- السنوات 1995-1999)) والعام 2013 أعداد مختلفة ,الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ٍ http://www.pcbs.gov.ps
- معدل نمو الناتج المحلي والمتوسطات من إعداد الباحثين .
حيث بلغ معدل البطالة في العام 1995 (18.2%) ثم ارتفع في العام اللاحق له إلى 23.8% ويعود ذلك إلى حالة عدم الاستقرار السياسي الناجم عن الإغلاق الشامل والمتكرر والذي حال دخول قرابة 120 ألف من العاملين إلى الأراضي المحتلة عام 1948 وتحديداً عمال قطاع غزة, والذي أدى إلى انخفاض مستوى النشاط الاقتصادي بصفة عامة , وتراجع دخل القومي إجمالي الناتج القومي بنسبة 8.6% خلال هذا العام.
وبلغ متوسط معدل البطالة خلال الفترة 1995-2013 قرابة 21.3% وتعتبر هذه النسبة من أعلى النسب على مستوى العالم العربي, وشهدت الأعوام 1995-2000 تذبذباً واضح وهذا بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة في العام 1996 , وبدأ الوضع بالتحسن مع العام 1999, ثم تراجع بسبب الانتفاضة الفلسطينية حيث بلغت معدلات البطالة في العام 2002 إلى 31.2% وهذا بسبب عملية السور الواقي وإعادة احتلال إسرائيل لمدن الضفة الغربية, أما الأعوام 2007-2010 فقد شهدت تحسناً محدوداُ بسبب التعافي في النشاط الاقتصادي(16) , أما الأعوام 2011-2013 فتراوحت النسبة لحدود 22%, في المجمل بقيت البطالة مرتفعة وتعتبر في قطاع غزة الأعلى والتي وصلت في نهاية العام 2013 إلى 38.7% بعد سبع سنوات من سيطرة حركة حماس على قطاع غزة وإغلاق الأنفاق على الحدود مع جمهورية مصر العربية(17).
ومن خلال الجدول رقم (1) يتضح أن متوسط النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال سنوات الدراسة 1995-2013 تساوي 4.4% وفي المقابل فإن متوسط البطالة وصل خلال نفس الفترة 21.3% أما معدل النمو في البطالة فقد انخفض بحدود , 0.097 أي أن النمو في الناتج لم يُترجم إلى أرض الواقع ولم يحدث تحسن ملموس في مستويات المعيشة بسبب عدم قدرة النمو على الضغط على معدلات البطالة للانخفاض , وهذا يعني أن قانون أوكيون لا يتلاءم مع طبيعة الاقتصاد الفلسطيني , ولأجل ذلك فقد اعتمد الباحثين على تحليل العلاقة بين نمو معدل البطالة ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الأراضي الفلسطينية من خلال استخدام برنامج التحليل الإحصائي spss فكانت النتيجة كالتالي :
Coefficientsa
Model Unstandardized Coefficients Standardized Coefficients T Sig.
B Std. Error Beta
1 (Constant) .052 .014 3.682 .002
نمو معدل البطالة -.229 .059 -.685 -3.878 .001
: Dependent Variable نمو الناتج المحلي
ومعادلة الانحدار هي UNEMPLOYMENT= 0.52- 0.229GDP
ويعتقد الباحثين أنه ومن خلال المعادلة فهناك تأثير إيجابي ومعنوي حيث بلغت قيمة معامل النمو في الناتج المحلي الإجمالي 0.229, أي أن زيادة معدل النمو في الناتج بمقدار 100% يقابله انخفاض في معدلات البطالة بمقدار 22.9% , أي بنسبة 4.36 إلى 1 , وهو لا يتفق مع قانون أوكيون وهذا يعكس مشكلة بنيوية وهيكلية كبيرة, حيث لخفض معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية لتصل إلى 10% فإننا بحاجة لخفض معدلات البطالة بحدود 13.7% , وهذا يحتاج لارتفاع معدل النمو في الناتج المحلي بحدود60% أي بضخ 4140 مليون دولار وخلال أربع سنوات وبمعدل نمو 15% سنويا, وبهذا يتم استيعاب قرابة345 ألف فرص عمل خلال الأربع سنوات القادمة , ومع نمو السكان وتزايد القوة العاملة تبقى معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية في معدل أل 10%, مع افتراض أن تكلفة فرصة العمل سنويا تساوي 12 ألف دولار أمريكي , وأن المشاريع الممكن تحقيقها هي مشاريع إنتاجية ومدرة للدخل في قطاعات الإنتاج كالزراعة والصناعة والخدمات, وتوفير فرص عمل من خلال الاهتمام بالتمويل الأصغر والاستفادة من بعض التجارب العالمية الناجعة كتجربة بنك جيرامين ببنجلادش للدكتور محمد يونس ومؤسسة جرامين وبنك الادخار بمصر للدكتور أحمد النجار , وتجربة عبد اللطيف جميل في السعودية ومصر والمغرب .
2.2: الآثار الاجتماعية للبطالة في الأراضي الفلسطينية
للبطالة أثاراً اقتصادية خطيرة, يرافقها أثار اجتماعية كارثية تتمثل في الفقر, وتتسم الأراضي الفلسطينية بارتفاع ملحوظ وبوتيرة متسارعة لأفتي ومعضلتي الفقر والبطالة, والتي ما زالت تشكل عبئاً لمتخذي القرار الاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية.
وترجع مشكلة الفقر في الأراضي الفلسطينية إلى عدد من الأسباب وأهمها البطالة وعدم القدرة على الحصول على عمل , وعدم توفر مصادر للدخل , واستمرار الحصار الإسرائيلي , وسيطرة إسرائيل على تحركات الأموال الداخلة للأراضي الفلسطينية, وتوقف الدعم المالي للمشاريع التنموية واقتصار المساعدات والمنح على تمويل العجز في الموازنة العامة؛ وللفقر انعكاسات سلبية على الواقع الاجتماعي ومنها تفشي الأمراض الاجتماعية كالجريمة والتسول والتشرد والانحراف وتعاطي المخدرات و انخفاض المستوى التعليمي والثقافي والصحي , والتهميش وضعف المشاركة في الحياة العامة, وفقر الدم وارتفاع معدلات العنوسه والطلاق.(18)
وإضافة لذلك فإن الفقر ينعكس في انعدام الأمن الغذائي المزمن, حيث تعاني 57% من الأسر الفلسطينية من انعدام الأمن الغذائي وفقاً لتقرير برنامج الأمن الغذائي العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2012.(19)
تجارب عالمية رائدة في مكافحة البطالة: 3
تعددت التجارب العالمية في مكافحة البطالة وتفاوت نسب نجاحها من دولة لأخرى, بناءاً على الاختلاف والتباين في النظم الاقتصادية والاجتماعية, وتختلف فلسفة كل تجربة من تلك التجارب على القائمين عليها, وأبرز تلك التجارب , تجربة الدكتور محمد يونس مؤسس بنك جيرامين لدعم وإقراض الفقراء في بنجلادش, ومؤسسة جيرامين, ومؤسسة عبد اللطيف جميل في السعودية ومصر المغرب, وبرنامج صفر جوع بالبرازيل والتجربة الماليزية, وتجارب أخرى في التمويل الأصغر.
3.1: تجربة الدكتور محمد يونس في بنجلادش
وبدأت تلك التجربة بإنشاء البروفسور محمد يونس بنك جرامين لإقراض الفقراء وتنمية المجتمعات الفقيرة في العام (1976) وتقديم قروض صغيرة للفقراء وخصوصا النساء لتمويل مشاريع متناهية الصغر في المجال الزراعي والمهن والتصنيع وبدون أي شروط وبدون ضمانات ولم يأخذ بعين الاعتبار توفر الجدارة الائتمانية للمقترض والتي غالبا ما تكون منخفضة جدا للفقراء ومحدودي الدخول الذين يفتقرون للإمكانيات المادية التي تساعدهم في إنشاء مشاريع تخرجهم من دائرة الفقر, وتقوم فلسفة محمد يونس على أن الفقراء يحتاجون القليل من المال ليصبحوا منتجين وفاعلين في مجتمعاتهم وبالتالي ينتقلوا من مستوى( دخل منخفض _ادخار منخفض _استثمار منخفض) إلى (دخل منخفض _توفير _ استثمار_ دخل أكبر) , ومن أهداف بنك جرامين هو مد التسهيلات الائتمانية للفقراء من الرجال والنساء, وإيجاد فرص للعمل للشرائح العريضة بالمجتمع, وهدف يونس لانجاز تجربته من خلال أربعة محاور فكرية أساسية هي النظرة النقدية لمؤشرات التنمية السائدة ووضع مؤشرات بديلة ترتكز على ما يحدث في حياة الطبقة الدنيا في المجتمع من تغيرات إيجابية مباشرة تمس جوهر حياتهم اليومية, واعتبار أن القرض هو حق أساسي من حقوق الإنسان على نقيض اعتماد نظام البنوك التجارية على إقصاء الفقراء من حق الحصول على القروض, والتوظيف الذاتي للفقراء ومساعدتهم في الخروج من الحاجة إلى الدخول في سوق العمل وبكامل أهليتهم , وكذلك المدخل لتحسين حال الأسر الفقيرة وتحسين أوضاع النساء فيها.(20)
3.2: التجربة الاقتصادية البرازيلية
وهناك تجارب أخرى كالتجربة البرازيلية للعام (2000) نجحت في تطبيق برنامج (صفر جوع) وهو برنامج طبقتها البرازيل عام (2003)وهو برنامج اجتماعي استهدف القضاء على الفقر وتقديم مساعدات وقروض ميسرة لذوي الدخول المنخفضة وإعادة توزيع الدخل وتوزيع الأراضي بما يخدم عملية الإصلاح الزراعي,فبعدما وصل عدد الفقراء في البرازيل 44 مليوناً عام 2003 انخفض إلى 29.6 مليوناً في العام 2009 , وانخفض معدل الفقر من 28.1% عام 2003 إلى 15.4% عام , من خلال وسيلة التمويل الأصغر(21) ,وهي تجربة أدت لتحول كبير بالاقتصاد البرازيلي من دولة مستوردة ونامية لدولة صاعدة ولثامن دولة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي العالمي وكأحد أعمدة مجموعة البر يكس الاقتصادية والتي تضم دولا كالصين وروسيا والهند وجنوب أفريقيا.(22)
وكامتداد لتجربة بنك جرامين فقد تأسست مؤسسة جرامين عام 1997 في العاصمة الأمريكية نيويورك لتجمع بين التمويل الصغير والتقنية والابتكار لتحرير أفقر الفقراء من براثن الفقر, وقد تكونت المؤسسة من شبكة من 52 شريك في 22 دولة لها أثار ايجابية على حياة 11 مليون نسمة في أسيا وأفريقيا والأمريكيتان والشرق الأوسط, وأسست هذه المؤسسة برنامج ضمان النمو الذي بدأته برأس مال 31 مليون دولار عام 2005 بالتعاون مع مؤسسة "سيتيجروب" المالية التي وفرت 180 مليون دولار على مدى خمس سنوات (2005-2010) من العملات المحلية لدعم مؤسسات القروض المتناهية الصغر حول العالم؛ وفي السعودية فقد أسس عبد اللطيف جميل برنامجاً لخدمة المجتمع في السعودية وتقديم قروض صغيرة للفقراء في مصر
والمغرب والمملكة السعودية, وهذا البرنامج يعتبر نسخة متطورة من تجربة محمد يونس في مجال توفير فرص العمل ومكافحة الفقر.
3.3: التجربة الماليزية
بعد استقلال ماليزيا, واجهت الدولة مشكلتي الفقر والبطالة وبصورة كبيرة, حيث عانى 65% من الملايويين (السكان الأصليين) من الفقر المدقع, ولأجل ذلك قامت الدولة بإتباع خطط اقتصادية أطلق عليها" السياسة الاقتصادية الجديدة", منذ أوائل السبعينات للقضاء على الفقر المدقع, حيث تراجعت معدلات الفقر من 49.3% عام 1970 إلى 16.5% عام 1990, أي أنه قل عدد الفقراء من 1,100,000 فرد إلى حوالي 619,400 فرد في العام 1990, كما انخفض معدل الفقر من 16.5% عام 1990 إلى 7.5% عام 1999, وإلى 5% عام 2004, وارتفعت القوة الشرائية لمتوسط دخل الفرد خلال العام 2004 لتصل إلى 10700 دولار, وحققت التجربة الماليزية نجاحاً كبيراً حيث صارت في مصاف الدول الصاعدة والمتقدمة كون أن الماليزيين الأكثر فقراً هم الأفراد الأكبر سناُ, ومن يقيم في مناطق لا تستفيد من البرامج التنموية للدولة؛ أما بالنسبة للبطالة فقد حققت تقدماً مهماً, حيث زاد مستوى العمالة ونسبة القوى العاملة لمجمل السكان في الفترة 1991-1980 بحوالي 3.9% سنوياً, وثبت معدل البطالة عند 3.1% في الفترة 1996-2001 ثم انخفض إلى 2.7% نتيجة ارتفاع معدلات النمو وتزايد حجم المشروعات الاستثمارية, وإضافة لذلك فقد اهتمت الدولة بمجال الصحة وبتنمية المورد البشري حيث تبلغ نسبة الإنفاق على الصحة 3.8% من إجمالي الناتج القومي, و تمثل 58.2% من الإنفاق الكلي للحكومة في العام 2003, وفي العام 2005 فإن متوسط العمر المتوقع عند الولادة بلغ 72.24 سنة؛ ومن أبرز ما قامت به ماليزيا للنهوض باقتصادها هو إعطاء الدولة دوراً فعالاً كمنظم للنشاط الاقتصادي وكمستثمر حيث مثلت الدولة أكبر المستثمرين وإرساء دعائم العديد من المؤسسات المالية والبنوك وصناديق الائتمان, واشتقاق دروس الشرق عبر النظر لتجارب كوريا الجنوبية واليابان , والاهتمام بنقل التكنولوجيا والصناعة الثقيلة , والاهتمام بالتعليم وتنمية المشروعات الصغيرة .(23)
-4اقتصاد غزة: الأعمار والبطالة والفقر أهم مشاكله
تُعتبر قضية أعمار قطاع غزة المسألة الأكثر تحدياً أمام سكان قطاع غزة بسبب التأخر في تنفيذ خطة الإعمار والإنعاش المٌبكر في قطاع غزة الناجمة عن الانقسام السياسي والعراقيل الإسرائيلية, إضافة لعدم التزام المانحين بتعهداتهم في مؤتمر القاهرة أكتوبر 2014, حاولت تلك الدراسة تسليط الضوء على أداء الاقتصاد الغزي خلال الفترة 2012-1994 وتحليل مؤشرات الاقتصاد الكلي وتقدير الخسائر والتكاليف التي مٌني بها الاقتصاد الغزي في ظروف الاستقرار السياسي النسبي وظروف الحصار و الإغلاق المستمرة للمعابر مع قطاع غزة , كذلك التطرق لظاهرة الأنفاق الممتدة على الحدود مع جمهورية مصر العربية وتحليل أبعاد هذه الظاهرة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي وتأثير إغلاقها على القطاعات الاقتصادية ومنها قطاع الإنشاءات كونه الأكثر تأثراً, وحاولت الدراسة تحليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة خلال ثلاثة حروب في أقل من سبع سنوات , والبحث في الاحتياجات التنموية لقطاع غزة ونوعية المشاريع التي من الممكن أن تضيف قيم اقتصادية حقيقية تحد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة والفقر, وأوضحت الدراسة أن هناك عراقيل كثيرة في وجه قضية إعادة الإعمار وأن الجوانب التنموية ما زالت دون المستوى المطلوب سواء في تراجع نصيب الموازنة التنموية من الموازنة العامة أو من خلال اعتماد الأعمار على جوانب الإغاثة الانسانية على حساب الجانب التنموي , كذلك بحثت الدراسة موضوع المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية وتأثير ذلك على الاقتصاد الفلسطيني والبحث في توفير البدائل المتاحة عبر تشجيع المنتج الوطني , وللمقاطعة دورا بارزاً في تحفيز النمو الاقتصادي في حال القدرة على توفير البدائل محلياُ, ومن خلال الواقع المعيشي الصعب في قطاع غزة نتيجة ارتفاع معدلات الفقر حاولت الدراسة البحث في جذور وأسباب الفقر ومحاولة لإيجاد العلاج المناسب عبر اشتقاق الدروس من بعض التجارب الدولية ومدى الاستفادة منها فلسطينياُ كتجربة محمد يونس ببنجلادش ومهاتير محمد بماليزيا إضافة للتجربة البرازيلية , ومن خلال تلك التجارب يمكن القول أن إنشاء بنك للفقراء والتمويل الأصغر يبقى حلاُ موضوعياً للحد من الفقر عبر توفير فرصاً للعمل وتقديم القروض المناسبة للمشاريع الصغيرة, وفي ختام الدراسة قدمت العديد من التوصيات لمتخذ القرار الفلسطيني قد تساعد في تحقيق مستويات معقولة من النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة.
4.1أداء الاقتصاد في قطاع غزة خلال الفترة 2012-1994
شهد الاقتصاد في قطاع غزة تذبذبات واضحة ناجمة عن الأوضاع السياسية والأمنية التي رافقت إنشاء السلطة الفلسطينية في العام 1994م , حيث شهدت السنوات 1999-1995 م تحسناً ملحوظ في الأداء الاقتصادي بسبب عودة الوافدين من الخارج وانتعاش الطلب الكلي واستيعاب السلطة الفلسطينية لآلاف فرص العمل ضمن أجهزتها وتزايد المنح والمساعدات الخارجية التي استخدمت لتمويل موازنة السلطة ودعم مشروعات البنية التحتية والمشاريع الإغاثية وغيرها. أما العام 1996 فقد شهد تراجع لمتوسط دخل الفرد يعود ذلك لإغلاق إسرائيل لسوق العمل أمام العمال الفلسطينيين من قطاع غزة بسبب أحداث النفق وتصاعد العمليات العسكرية داخل إسرائيل, أما الأعوام 2002-2000 فقد شهدت تراجعا في الأداء الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة ويعود ذلك إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية من مصادرة للأراضي وإغلاق للمعابر ومنع العمال والمزارعين والصيادين للوصول إلى أعمالهم, أما الأعوام 2005-2003 فقد شهدت تحسناً ملحوظاً بسبب حالة الاستقرار السياسي النسبي بعد اتفاقية وأي ريفير والهدوء النسبي التي شهدته الأراضي الفلسطينية , شدته الأعوام 2012-2006 فقد شهدت تذبذباً واضحاً فالعام 2006 شهد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في دورتها الثانية وتشكيلها للحكومة الفلسطينية وبسبب ذلك تزايد الحصار ومنع إدخال الأموال والرواتب للموظفين مما سبب حالة من الركود الاقتصادي وتراجع حجم الطلب الكلي , ولذى فإن الأنفاق باعتبارها كبديل عن المعابر المغلقة مع الجانب الإسرائيلي ولكن وعلى الرغم من تدفق السلع من الأنفاق وتزايد عدد الأثرياء وارتفاع النمو إلا أن ذلك لم ينعكس بالإيجاب على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة حيث لا زالت معدلات البطالة تقترب من 40% ومعدلات الفقر الشديد يتجاوز 20%, وفي المقابل يظهر هناك اختلال واضح في البنيان الاقتصادي وذلك أن الإنفاق الاستهلاكي وخلال السنوات 2012-1995 وحسب البيانات الرسمية يساوي 129% من الناتج المحلي الإجمالي, كذلك فإن متوسط دخل الفرد في الأعوام الثلاثة الأخيرة يقل عن متوسط دخل الفرد في العام 1995 مما يعني تراجعاُ في مستويات المعيشة في قطاع غزة, ويضاف لذلك اعتماد النمو في معظم السنوات على تقصية دور قطاع الخدمات مع تراجع مستمر للقطاعات المنتجة للزراعة والصناعة والصحة والعمل الاجتماعي.
ويوضح الجدول التالي ما تم الذهاب إليه أعلاه :
الجدول (2): أداء بعض المؤشرات الاقتصادية في قطاع غزة للفترة 2012-1995
بالأسعار الثابتة : سنة الأساس 2004
السنوات الناتج
المحلي
الإجمالي
بالمليون
دولار متوسط
نصيب
الفرد
بالألف دولار
الإنفاق
الاستهلاكي
الكلي بالمليون
دولار معدل
البطالة
% معدل
التضخم
% معدل الفقر
% ق.م
للإنشاءات
بالمليون
دولار ق.م
الزراعة
بالمليون
دولار ق.م
التعليم
بالمليون
دولار ق.م
الصحة
والعمل
الاجتماعي
بالمليون
دولار
1994 1099.5 1346.8 1383.4 20.6 14 - 103.5 109.8 95 48.6
1995 1141.3 1292.7 1402.4 29.4 10.8 20.0 66.2 118.8 104 60
1996 1148.7 1224.4 1461 32.5 7.6 41.6 94.2 115.1 100.7 51.2
1997 1298.7 1304.5 1605.5 26.8 7.62 38.1 80.8 129 135.6 79.3
1998 1467.2 1420.7 1772.5 20.9 5.5 33.0 108.8 114 155.3 90
1999 1469.6 1372.1 1805.2 16.9 5.4 32 152.3 99.9 161.5 92.5
2000 1265.9 1140.7 1688.3 18.9 2.8 42 87.1 105 148.1 59.1
2001 1229 1072.5 1533.9 34 1.2 54 64.3 111.1 157.6 68.8
2002 1134.8 959.3 1524 37.9 5.7 68 32.2 80.5 143.6 71.9
2003 1390.6 1138.8 1783.5 29.1 4.4 44.7 48.7 98.8 145 76.4
2004 1493.2 1184.1 1963.6 35.3 3 30.2 86.6 115.2 148.4 67.7
2005 1792.9 1374.5 2154.2 30.3 4.1 28.4 116.9 93.1 157.7 70
2006 1478.9 1096.1 2088.5 34.8 3.8 30.0 72.7 90.3 165.8 80.6
2007 1383.5 991.3 1917.8 29.7 1.9 49.5 72.4 135.7 172 64.9
2008 1264.8 878.1 1732.3 40.6 9.9 43.0 40.4 140.2 176.9 56
2009 1359 914.1 1827.1 43.8 4.4 33.2 41.1 148.2 194.4 62.3
2010 1513.3 985.7 1874.1 43.7 1.7 38.0 120.1 136.4 153.7 61.2
2011 1781.1 1121.1 2306.1 33.1 0.6 38.8 279.1 159.7 142.7 94.6
2012 1905.8 1159 2542.1 34.1 0.5 20. 7 292.8 110.4 183.7 106.1
المصدر : - البيانات من 2012-1994 أخذت من تقارير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2014 , الحسابات القومية بالأسعار الجارية والثابتة 2012-1994, رام الله, الأراضي الفلسطينية, أيلول 2014, ص 102-92.
- معدل التضخم والبطالة للأعوام 2013-2009 أخذت من تقرير سلطة النقد الفلسطينية , التقرير السنوي 2013, دائرة الأبحاث والسياسات النقدية, حزيران 2014, ص 105-104.
- معدلات البطالة للأعوام 2011-1995 من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2011 , مسح القوى العاملة الفلسطينية , أعداد مختلفة .
- باقي البيانات تقارير مختلفة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة النقد.
بيانات الفقر في قطاع غزة:
- مجموعة البنك الدولي:" أخبار تنموية الضفة الغربية و قطاع غزة" نيسان- حزيران, 2003, ص 8.
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الفقر في فلسطين, كانون ثاني- كانون أول1998 , رام الله, 2000, ص3.
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الفقر في لأراضي الفلسطينية 2006، تقرير النتائج الرئيسية, رام الله، 2007, ص36.
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الفقر في الأراضي لفلسطينية، تقرير النتائج الرئيسية للأعوام 2010-2009,
رام الله،2011 , ص37-33.
- ق.م تعني القيمة المضافة
4.2: جذور وأسباب البطالة و الفقر في قطاع غزة وسبل العلاج
يُعتبر الفقر في قطاع غزة من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات الفلسطينية المتعاقبة وذلك كون أن معظم الأسر الفلسطينية تعاني من الفقر والفقر المدقع, ونسبة كبيرة تقترب من 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإغائية التي تقدمها المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة, وترجع مشكلة الفقر في الأراضي الفلسطينية إلى عدد من الأسباب وأهمها البطالة وعدم القدرة على الحصول على فرصة عمل , وعدم توفر مصادر للدخل , واستمرار الحصار الإسرائيلي , وسيطرة إسرائيل على تحركات الأموال الداخلة للأراضي الفلسطينية, وتوقف الدعم المالي للمشاريع التنموية واقتصار المساعدات والمنح على تمويل العجز في الموازنة العامة؛ وللفقر انعكاسات سلبية على الواقع الاجتماعي ومنها تفشي الأمراض الاجتماعية كالجريمة والتسول والتشرد والانحراف وتعاطي المخدرات و انخفاض المستوى التعليمي والثقافي والصحي , والتهميش وضعف المشاركة في الحياة العامة, وفقر الدم وارتفاع معدلات العنوسه والطلاق(24) ؛ وإضافة لذلك فإن الفقر ينعكس في انعدام الأمن الغذائي المزمن, حيث تعاني 57% من الأسر الفلسطينية من انعدام الأمن الغذائي وفقاً لتقرير برنامج الأمن الغذائي العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2012. (25), وكذلك عدم نفاد سياسات اقتصادية واجتماعية فلسطينية قوامها العدالة, ورغم مساهمة السلطة الفلسطينية في الحد من تلك الظاهرة والتخفيف من وطأتها عبر برامج الرعاية والحماية الاجتماعية والتي تُوفر احتياجات عشرات الآلاف من الأسر إلا أن ذلك رغم أهميته في تقليل درجة الحرمان والعوز إلا أنه لم يساهم في الحد من الفقر مما يستوجب إعادة النظر في تلك السياسات والعمل على إتباع سياسات تنموية تقلل من تلك النسب المرتفعة من الفقر عبر إدخال الفقراء في سوق العمل والتعامل معهم كأفراد منتجين, ويمكن اشتقاق الدروس من بعض التجارب الدولية
4.3: رؤية ومقترح لعلاج البطالة في الأراضي الفلسطينية.
عند النظر في السياسة الاقتصادية المتبعة في الأراضي الفلسطينية لمكافحة البطالة فيلاحظ الباحثين بعدم جدواها فمعدلات البطالة بقيت مرتفعة رغم تزايد النفقات الحكومية والاهتمام المتزايد من قبل الموازنات العامة للشرائح الاجتماعية والتي جاءت على حساب المشاريع التطويرية والتنموية, وبالنسبة للمساعدات والمنح الخارجية فقد اتخذت مناحي عدة أهما أنها كانت استخدمت لتمويل المشاريع التطويرية في الفترة 1995-2000, ثم اتجهت لتغطية المصروفات الإغاثية للفترة 2001-2006 بسبب الانتفاضة الفلسطينية وتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية, والفترة ما بعد العام 2007 فتم توجيه المساعدات لتمويل العجز المزمن في الموازنة العامة الفلسطينية.
وعلى الرغم من وجود تأثير إيجابي للمساعدات والمنح على النمو الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية إلا أن ذلك لم يساهم بتحقيق تحسن واضح في الحد من مشكلة البطالة, وهذا يضع متخذي القرار السياسي والاقتصادي أمام مسئوليات كبيرة تتمثل بإعداد الخطط التنموية الكفيلة بتحقيق الأهداف الاقتصادية وأهما خفض معدلات البطالة وإصلاح التشوهات في سوق العمل الفلسطيني.
وفي الختام يرى الباحثين ولحل المعضلة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية بالاندماج مع العالم العربي في ظل التكامل الاقتصادي العربي, وإعادة النظر في بنود بروتوكول باريس الاقتصادي, واشتقاق الدروس من تجارب الآخرين وخصوصا فيما يتعلق بالتمويل الذاتي والدعم الميكروي ( إدخال الفقراء في سوق العمل ) والانتقال بهم إلى عناصر اقتصادية منتجة خلافاً للسياسة المالية المتبعة من قبل السلطة الفلسطينية, وتأسيس اقتصاد منتج يقوم على تعظيم الموارد الذاتية المتوفرة والممكنة, تمهيداُ لاقتصاد سوي يؤسس لمعالجة الخلل القائم في الميزان التجاري, ويعزز إمكانات الاقتصاد المجتمعي المؤسس على تحفيز إنتاج الخيرات المادية من سلع وخدمات من شأنها توفير المقومات المادية لتنمية اقتصادية مستدامة تضع في المقام الأول مكافحة ظاهرتي البطالة والفقر ضمن سياسات اقتصادية مالية وتجارية ونقدية متوازنة تنحو نحو العدالة الاجتماعية, وتقصية الموارد المحلية والذاتية والتي من شانها تعزيز الاستغلال الاقتصادي, والسير نحو تنمية اقتصادية مؤسسة على سريان مفعول العدالة الاجتماعية المُغيبة عبر إصلاح الاختلالات الهيكلية والبنيوية في الاقتصاد الفلسطيني والقائمة على سياسات نيو ليبرالية نجم عنها تعميق التبعية للاقتصاد الإسرائيلي وتزايد الاعتماد على الخارج وخصوصا في الواردات وتعظيم الاعتماد على المساعدات الخارجية , كذلك ضرورة أن تنتهج السلطة الفلسطينية لسياسات تضع حداً للعمل غير المنتج والثراء الفاحش وغير المشروع, وتقضي على قيم الموت ليحل محلها قيم التنوير والنهضة تمهيداً للحداثة واللحاق بركب التقدم.(26)









4.4: النتائج والتوصيات
4.4.1: النتائج
توصلت الدراسة البحثية للعديد من النتائج ومنها :-
1- يعاني الاقتصاد الفلسطيني من مشكلات هيكلية وبنيوية تكمن في ارتفاع معدلات البطالة وتزايد الفقر والفقر المدقع.
2- لم تنجح السلطة الفلسطينية وخلال عقدين من الزمن في الحد من مشكلة البطالة في الأراضي الفلسطينية.
3- للاحتلال الإسرائيلي ولعدم الاستقرار السياسي دوراً في تعميق مشكلة البطالة في الأراضي الفلسطينية.
4- يعاني سوق العمل الفلسطيني من عدم مواءمة بينه وبين مخرجات التعليم العالي .
5- الاقتصاد الفلسطيني يفتقر للمقومات الأساسية لأي اقتصاد, وأهمها محدودية الموارد وشحها وفجوة الموارد المحلية كفجوتي الادخار-الاستثمار والإنتاج -الاستهلاك .
6- ما زالت السلطة الفلسطينية تعتمداُ وإلى حد كبير على المساعدات الخارجية وعلى الضرائب وخصوصا ضريبة القيمة المضافة وهذا رسخ تبعية وريع الاقتصاد الفلسطيني وهشاشته.
7- للسياسة المالية الفلسطينية المتبعة دوراً في تعميق الفقر وتزايد البطالة بسبب ارتفاع حصيلة الإيرادات من الضرائب غير المباشرة وهي الأكثر تأثيراً على الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
8- إن النمو في الناتج لم يُترجم إلى أرض الواقع ولم يحدث تحسن ملموس في مستويات المعيشة بسبب عدم قدرة النمو على الضغط على معدلات البطالة للانخفاض , وهذا يعني أن قانون أوكيون لا يتلاءم مع طبيعة الاقتصاد الفلسطيني.
4.4.2: التوصيات
وفي الختام فإن هناك بالعديد من التوصيات للباحث وهي كالتالي :
1- ترشيد النفقات الحكومية والعقلانية في صرفها ومراعاة مبدأ العدالة الاجتماعية والاهتمام بقطاع التنمية الاقتصادية عند الموازنات العامة.
2- وضع حد أدنى وأقصى للأجور والرواتب, وتقليص بعض الخدمات المقدمة لبعض الفئات من الموظفين العموميون كالنثريات والزيادات المستمرة, وخفض رواتب كبار الموظفين والمدراء والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي, لصالح الشرائح الفقيرة والعاطلين عن العمل .
3- إعادة النظر في طبيعة السياسات الاقتصادية القائمة في الأراضي الفلسطينية , وضرورة التركيز أكثر وإعطاء أولوية للقطاع العام المنتج.
4- العمل على بناء اقتصاد منتج قوامه العدالة الاجتماعية, من خلال الاهتمام بمشاريع التنمية الاقتصادية عبر استغلال الموارد المتاحة وتوجيه المساعدات والمنح لقنوات استثمارية معينة.
5- يفضل إعادة النظر في بعض بنود بروتوكول باريس الاقتصادي وخصوصا فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة والتي تزيد الأعباء الاقتصادية للأسر الفلسطينية الفقيرة وبالتعامل مع بعض الدول العربية عبر تصدير العمالة الفلسطينية للخارج.
6- التوجه نحو البعد العربي وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية والتخلص تدريجيا من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي .
7- الاهتمام بالصحة والتعليم وبالخدمات الاجتماعية على حساب تقليص موازنة الأمن من موازنة الحكومة الفلسطينية.
8- يستحسن البحث عن إستراتيجية معينة للتخفيف من مشكلة البطالة عبر إلية لموائمة مخرجات التعليم العالي لسوق العمل وتوفير فرص عمل للخريجين عبر وضع بند بذلك ضمن الموازنات وبحدود توفير خمسين ألف فرصة عمل سنوياً بواقع 8000 دولار سنوياً للفرصة الواحدة من خلال المشاريع الصغيرة, ويتم ذلك بتخصيص 400 مليون دولار سنويا , وأن تستقطع من بعض الشرائح المجتمعية عبر زيادة الضرائب بشكل تصاعدي وعبر وضع حد أقصى للراتب .
9- اشتقاق الدروس من بعض التجارب العالمية في كبح جماح البطالة كتجربة ماليزيا ومحمد يونس ببنجلادش وخصوصاُ الاهتمام بمشاركة المرأة في الإنتاج.
10- العمل على إنشاء مناطق صناعية في كافة المدن الفلسطينية تهتم أكثر بمجالات التدريب المهني بكافة التخصصات المطلوبة لسوق العمل.
11- تقديم التسهيلات الائتمانية اللازمة لقطاعي الزراعة والصناعة عبر تقديم قروض ميسرة وبدون فوائد ولفترات طويلة.
12- ضرورة الإسراع بالمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام وتفعيل عمل حكومة التوافق الوطني للبدء بعملية إعمار قطاع غزة .
13- يتوجب على السلطة الفلسطينية الأخذ بعين الاعتبار للأبعاد التنموية لإعادة إعمار قطاع غزة من خلال الإسراع بإنشاء بعض المشاريع الكبيرة التنموية كمحطة تحليه المياه, وتحسين البنية التحتية وتطوير القطاع الصحي والتعليمي .
14- العمل على إعداد موازنات عامة تهتم وتعطي أولوية أكثر للمشاريع الاقتصادية المنتجة بشكل مباشر كدعم قطاعي الزراعة والصناعة , وكذلك دعم قطاعي التعليم والصحة لقطاعات منتجة بشكل غير مباشر.
15- ضرورة إيجاد الآليات المناسبة للحد من معدلات البطالة والفقر المرتفعة في قطاع غزة عبر برامج التمكين الاقتصادي وتوفير فرص عمل عبر دعم المشاريع الصغيرة وتقديم تسهيلات ائتمانية مناسبة ويمكن بذلك الاستفادة من بعض التجارب الدولية والتي حققت نتائج مرجوة من ذلك.
16- الضغط على إسرائيل وإحراجها دولياً لإعادة تشغيل ميناء غزة البحري ومطار غزة الدولي لما له من أهمية كبيرة في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.
17- العمل على بناء اقتصاد منتج قوامه العدالة الاجتماعية, من خلال الاهتمام بمشاريع التنمية الاقتصادية عبر استغلال الموارد المتاحة وتوجيه المساعدات والمنح لقنوات استثمارية معينة.
18- هناك ضرورة لإعادة النظر في بنود بروتوكول باريس الاقتصادي وخصوصا فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة والتي تزيد الأعباء الاقتصادية للأسر الفلسطينية الفقيرة وبالتعامل مع بعض الدول العربية عبر تصدير العمالة الفلسطينية للخارج.
19- العمل على إصلاح التشوهات في البنيان الاقتصادي لقطاع غزة وتحديداً سنوات الانقسام من خلال إحداث تغيرات هيكلية تؤسس لاقتصاد منتج قوامه الديمقراطية الاجتماعية.
20- العمل على إنجاح برامج المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية وتفعيل وإيجاد البدائل المحلية أو العربية من خلال دعم المنتج الوطني وتقديم التسهيلات والدعم المناسب لزيادة تنافسيته.




قائمة المصادر والمراجع :
1- عبد الرحمن, إسماعيل, عريقات ,حربي, مفاهيم أساسية في علم الاقتصاد,ط1,دار وائل للنشر, الأردن, 1999, ص 131.
2- زكي, رمزي, الاقتصاد السياسي للبطالة : تحليل لأخطر مشكلات الرأسمالية المعاصرة, عالم المعرفة,مصر, 1987, ص 17.
3- القريشي, مدحت, اقتصاديات العمل, دار وائل للنشر, ط1, عمان , الأردن, 2007, ص 183.
4- تودا رو, ميشيل, التنمية الاقتصادية, تعريب (محمود حسني وآخرون), دار المريخ للنشر, الرياض, السعودية,2009, ص322.
5- سامويلسون, بول, الاقتصاد, ترجمة هشام عبدا لله, ط2, الدار الأهلية للنشر والتوزيع, عمان, الأردن, 2006, ص593.
6- سامويلسون, بول, الاقتصاد, مرجع سبق ذكره, ص596.
7- عقون, سليم, قياس أثر المتغيرات الاقتصادية على معدل البطالة: دراسة قياسية تحليلية –حالة الجزائر-, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة فرحات عباس, سطيف, الجزائر, 2010, ص8.
8- زكي, رمزي, الاقتصاد السياسي للبطالة, مرجع سبق ذكره, ص 30.
9- عبد الرحمن, إسماعيل, عريقات ,حربي, مرجع سبق ذكره, ص134.
10- زكي, رمزي, الاقتصاد السياسي للبطالة, مرجع سبق ذكره, ص 31
11- -عبد الغني, دادن, دراسة قياسية لمعدلات البطالة في الجزائر خلال الفترة 1970-2008, دراسة منشورة , مجلة الباحث, العدد10, جامعة قاصدي مرباح, ورقلة, الجزائر, 2012, ص 176.
*للاستفسار أنظر في مرسي, فؤاد, رأس المال لكارل ماركس,دار الثقافة الجديدة, مصر,ط3, 1991, ص60.
12-أبو عيدة, محمد, شعبان, عبد الحميد, تاريخ الفكر الاقتصادي, طبعة 2009, منشورات جامعة القدس المفتوحة, عمان, الأردن, 2009, ص 197-195.
13- زكي, رمزي,العولمة المالية: الاقتصاد السياسي لرأس المال المالي الدولي, دار المستقبل العربي,القاهرة, مصر, 1999,ص38-37.
14- عبد الغني, دادن, مرجع سبق ذكره, ص 177
15- العجلة , مازن, الموازنة العامة والتطورات المالية في الأراضي الفلسطينية, مجلة مركز التخطيط الفلسطيني , السنة الثامنة, العدد 31-30, 2011, غزة, الأراضي الفلسطينية, 2011, ص31.
16- حمدان, بدر, أثر العمالة على النمو الاقتصادي الفلسطيني’ سلسلة العلوم الإنسانية, المجلد 15, العدد 1, , مجلة جامعة الأزهر, غزة , الأراضي الفلسطينية, 2013, ص 40.
17-- الطباع, ماهر, أرقام كارثية للبطالة في فلسطين, وكالة معاً الإخبارية, 26-02-2014, http://maannews.net
18- حلس, رائد, الآثار الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الفقر في فلسطين, مجلة مركز التخطيط الفلسطيني, السنة العاشرة, العدد40, غزة, الأراضي الفلسطينية, 2013, ص 61.
19- العجلة, مازن, الاقتصاد السياسي للدولة الفلسطينية, قراءات إستراتيجية, مركز التخطيط الفلسطيني, السنة السادسة, العدد الثاني عشر, غزة, الأراضي الفلسطينية, نوفمبر 2013, ص 46.
20- تقرير مكافحة الفقر, نحو مجتمع المعرفة, سلسلة دراسات وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي, الإصدار الثالث عشر, جامعة الملك عبد العزيز, المملكة العربية السعودية, 2007.
21- الرضيع, حسن, التمويل الأصغر ودوره في نمو الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية,موقع عرب اندكس,29-01-2014, https://arbindex.com/Cxlgs.
22- الرضيع, حسن, الفقر في فلسطين واشتقاق الدروس من بنجلادش, الحوار المتمدن, العدد 4242, نشر بتاريخ 11-10-2013, http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=382015
23- بيومي,نوال, التجربة الماليزية وفق مبادئ التمويل والاقتصاد الإسلامي, ط1, مكتبة الشروق الدولية, القاهرة,مصر, 2011, ص 79,58.
24- حلس, رائد, الآثار الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الفقر في فلسطين, مجلة مركز التخطيط الفلسطيني, السنة العاشرة, العدد40, غزة, الأراضي الفلسطينية, 2013, ص61.
25- العجلة, مازن, الاقتصاد السياسي للدولة الفلسطينية, قراءات إستراتيجية, مركز التخطيط الفلسطيني, السنة السادسة, العدد الثاني عشر, غزة, الأراضي الفلسطينية, نوفمبر 2013, ص 46.
26- أبو مدللة, سمير, الأغا , وفيق, اقتصاد الأنفاق بقطاع غزة: ضرورة وطنية أم كارثة اقتصادية واجتماعية, مجلة جامعة الأزهر, سلسلة العلوم الإنسانية,المجلد 13, العدد1, غزة, الأراضي الفلسطينية, 2011, ص 1147








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر جرام الذهب اليوم الخميس 18-4-2024 بالصاغة


.. بينما تستقر أسعار النفط .. قفزات في أسعار الذهب بسبب التوتر




.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد


.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |




.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي