الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوكتيل أسئلة دينية..3

فاتن نور

2015 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



..جاد ساخر ببعضه وساخر جاد..

س: لماذا لم يطور المهتمون بالثورة الحسينية؛ الطقوسية البكائية عن مقتل الإمام الحسين الى طقوسية ثورية عن ثورته؟
ج: لأن قيمة أي ثورة من قيمة الأثر الذي تتركه في ضمير الناس والمجتمع، ويتجسد هذا الأثر في طبيعة الطقوس المتبعة وعمق تأثيرها في أداء المجتمع إزاء السلطة الحاكمة. ويبدو أن الأثر الذي تركته الثورة الحسينية هو فاجعة المقتل ليس إلاّ؛ لذلك اكتسبت الطقوس طابعها البكائي العزائي الذي طغى بشكل تام على الطابع الثوري؛ وإلا كيف نفسر الاحتفاء بثورة خرجت على الحاكم ضد الفساد والطغيان؛ على أرض يحكمها الزناة والطغاة وغارقة في فوضى مفاسدهم وجرائمهم المستشرية على كل الصعد والمستويات.
ومن جهة اخرى، الطقوسية الثورية تستلزم عقولاً متحررة سئمت النواح وجلد الذات؛ وتتطلب جهوداً وطنية جبارة تعلم شعائر الثورة وطقوس الاحتجاج حتى تترك آثاراً حيوية منشطة للوعي المجتمعي ضد الاستسلام والخنوع والتساهل مع المفسدين وبائعي الأوطان. أما الطقوسية البكائية فلا تستلزم الكثير، وتقف ورائها مرجعيات دينية فاشلة أو متواطئة مع السلطة السياسية الحاكمة أو منخرطة في السلك السياسي.

س: هل مبدأ الغاية تبرر الوسيلة المتبع في المجال السياسي؛ متبع أيضاً في المجال الديني؟
ج: الله كما تقدمه الأديان السماوية يبدو وكأنه يسير على الصراط الميكافيلي؛ فهو يبدو مخيفاً ومهيباً يحكم بالنار والعصا مثلما يحكم الأمير الميكافيلي، لكنه في نفس الوقت يحاول أن يجمع كما يجمع الميكافيلي؛ بين خوف الناس ومهابتهم منه وبين حبهم وتسليمهم بعظمته عبر مذهب التشويق والترهيب القائم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. ولأن الله يُقدم بهذه الصورة الميكافيلية فلابد أن يكون المجال الديني مجالاً ميكافيلياً فجّاً.

س: كيف نفهم نبذ أهل الدين للآخر المختلف وبصور دموية بشعة سجلها التأريخ؛ في الوقت الذي يجاهرون ويفاخرون أن الاختلاف سنة من سنن الله على الأرض؟
ج: عندما يتحدث أهل الدين عن الاختلاف؛ فهم لا يتحدثون عنه بنفسٍ ليبراليٌ تقدميّ لأن رئاتهم غالباً ما تكون مشبعة بهواء ثقافة رجعية. فالاختلاف يتدرّج عندهم من شكله المقبول مثل الاختلاف تحت سقف الطائفة الواحدة أو الفرقة الواحدة أو المذهب؛ الى شكله السيء المرفوض والذي قد يجر الى الاقتتال والتهجير والتكفير مثل الاختلاف تحت سقف العقيدة الواحدة كاختلاف الطوائف والفرق، أما الأسوأ بشكله المطلق فهو الاختلاف الحر بين البشر خارج القيديّة، ويأخذ هنا طابع الصراع بين الديار، ديار المؤمنين وديار الكفار والمشركين. عموماً، الشعارات الدينية التي تبدو بمضمون إيجابي عام يخص جميع البشر مثل شعار الاختلاف هذا، قد تكون في الحقيقة بعد تكسير قشرتها الخارجية، شعارات خاصة جداً ولا تعمل إلاّ في نطاقها الضيق.

س: لماذا يستدل المسلمون في حواراتهم ومناظراتهم بآيات قرآنية على استحالة تحريف القرآن بصفته ومن منظورهم؛ لوح الله المحفوظ؟
ج: لأنهم يشطحون عن القواعد العامة للتفكير الإنساني الصحيح وأصول الاستدلال السليم أو ما يسمى ببساطة بالمنطق؛ إذ لا يجوز الاستدلال بجزء من كُل إذا كان "الكل" برمته في موضع التشكيك وعلى محك الفحص والمعاينة. ولا يمكن التأكد من أن المصحف المتداول بين أيدينا هو بالضرورة قرآن الذكر المحفوظ الذي تتحدث عنه الآية " إنَّا أنزلنا الذكر وَإنَّا له لحافظون" لا سيما أنه نسخة لسانية عن القرآن الموضوعي أو الكتاب المكنون والمحفوظ أزلياً من المنظور الإسلامي؛ لكونه صفة من صفات الله، والصفة لا تنفصل عن الموصوف إنما قد تترك أثراً عنه. في حالتنا هذه؛ ظهر الأثر المتروك بلغة الضاد قبل التنقيط أو لسان العرب، وربما هناك آثار متروكة في أصقاع العالم عن صفة الله القرآنية لأنها صفة عالمية ومن نفس المنظور؛ أو ربما ستُترك بطريقة حداثوية بعد فشل الطريقة القديمة المُجربة آلاف المرات ومنها المرة الخاتمة، وقد يكون اللوح المحفوظ من بين هذه الآثار مخبوءاً في مكانٍ ما أو زمانٍ ما لا ندريه.

س: ما هو علم الجرح والتعديل وهل له من فائدة تذكر في يومنا الحاضر؟
ج: يقال أنه علم يبحث في سيّر المحدثين والرواة فيسلط الضوء على مدى أهليتهم لنقل الأحاديث بأمانة دون تدليس أو تزوير. ومعناه بلغة الشارع "الكبس والرفع" أي أن تُكبَس سمعة إنسان الى الحضيض أو تُرفَع الى السماوات. وهو علم نظريّ بأي حال ولا يمكن التعويل على تطبيقاته، لأن "الورع التام" شرط أساس من الشروط التي تؤهل لتجريح الرواة أو تعديلهم، وهذا شرط يفترض صفة من صفات الكمال في البشر. أما فائدته اليوم فهي عظيمة؛ فباسم هذا العلم يتم تجريح المغردين خارج السرب الفقهي، والتشهير بهم حتى يُمسح بسمعتهم بلاط السلف وإن كان من خيرة أهل العلم والدين، وهذا التجريح الناشز عن أصول "علم الجرح والتعديل" هو بنظر جهابذة السلفيين التزام أقل الضررين، فالإضرار بفئة متيقظة وتملك الحجة على ما تقول من بطون التراث؛ أفضل من "الإضرار” بأمة نائمة عن طريق إفزاعِها بوعي جديد.

س: مع أن النص القرآني لم يفرض الحجاب على المرأة؛ لكن رجال الدين ابتدعوا "فلسفة" الحجاب، ولكن بأي حال؛ لماذا لم يفرضوه على الرجل من نفس منطلقات فلسفتهم؟
ج: من المؤسف أن يحدثنا رجال الدين عن ضرورة استخلاص الفوائد والعبر من النص القرآني لكنهم يضربون بها عرض الحائط في فلسفاتهم الذكورية. لو كانوا استخلصوا العبرة من قصة النبي يوسف بشكل صحيح، وفهموا منها أن المرأة كالرجل تماماً، ممكن أن تتحرش وتراود؛ لكانوا قد فرضوه على الرجل بالمقابل وحققوا التوازن والعدالة في هذه الحيثية. فلو كان النبي يوسف محجباً لما تحرشت به امرأة العزيز، ولغضت بصرها مثلما تدعي فلسفتهم بأن حجاب المرأة يدفع لغض بصر الرجل؛ مع أن مسألة "غض البصر" يكون عن العورة المكشوفة وليس العورة المستورة لأنها مستورة أساساً ولا تستدعي غض البصر. ثم ومن ناحية أخرى؛ لا بد أن يحرص المجتمع على عفة الرجل ويصونها بنفس المنهجية الفلسفية المتبعة مع المرأة والتي تعول بشكل جنوني على ستر مفاتن الجسد؛ لا سيما وأن نصف المجتمع متهم بنقص العقل والدين والضعف العاطفي وقد ينزلق بأهواء زليخيّة الطابع. وللرجل جسد ومفاتن حسبما أظن!

س: ما مدى صحة مقولة نابليون بونابرت هذه؛ الدين أفضل وسيلة لإشاعة الهدوء بين العوام والفقراء وإقناعهم بعدم قتل الأغنياء؟
ج: مع أني لا أحب مقولات القتل ضد أي إنسان أياً كان وتحت أي مسمى مهما سمت غاياته، أقول؛ تبدو المقولة صحيحة تماماً ففي الدين جرعات يومية لتهدئة أعصاب الفقراء والمظلومين وإطالة آماد صبرهم؛ يستفيد منها الأغنياء جبابرة السلطتين الدينية والسياسية آكلي حقوق المستضعفين الصابرين المنتظرين فرج الله بظهور منقذهم المخلص. وفي فكرة المنقذ المخلص جرعة قوية جداً من أفيون الوسيلة المتبعة. فكل جيل يظن أنه في زمن الظهور ويمني نفسه بفسحة الأمل؛ فيتقاعس عن أداء دوره الحضاري، أو يساهم في الفساد والتخريب من أجل تعجيل فرج الظهور المرتبط ببلوغ قمة الانحطاط الإنساني، وهذه معضلة من معضلات الأمة، فمع أن فكرة المخلص قديمة قدم التاريخ الإنساني لكنها لم تؤدلج بثقافة رجعية خطيرة تقود الى المساهمة في الخراب بنية حسنة؛ إلا مع ظهور المعتقدات المنظمة وتشتتها الى شيع وأحزاب.


فاتن نور
Oct 18, 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س