الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هموم فتاة

ساكري البشير

2015 / 10 / 23
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015


ما أروع الحياة والبراءة تتلألأ في غينيك...كل شيء جميل وأنت ترى الناس من حولك سعداء...والسعادة أن لا تبحث عن المساوئ في عيون الآخرين...ولا تخبرهم عن أحزانك كي لا تبقى في نظرهم حزين...كل هذا تعلمته وأنا في صغيرة...
حين كبرت وإشتد ساعدي بين عثرات الطبيعة...وقساوة المجتمع...لأضع نفسي في موقف لم يحسد عيه أي من عاش على هذه الأرض..ألا وهو العمر
وصلت لعمر أصبحت فيه محتشمة...وإلتزمت بما يفرض على الفتاة حين تكبر...ولم أعد أخالط الناس جميعا...وأصبحت كتومه...حافظة لأسراري بين جدران القلب الضعيف...وكلما إشتدت ألامي نتيجة تلك الأسرار ذهبت لغرفتي لأستلقي على فراشي منهكة من التعب...باكية العيون...منفطرة القلب...
علمتني الحياة كل هذه القساوة بعد حادثة تلو الأخرى...علمتني العبوس واليأس لدرجة أنني نسيت فيه شيئا يسمى الإبتسامة...
ذات يوم...في صباح مشرق بنور الشمس...ودفئها...دخلت القسم بأدراج متثاقلة متجهة نحو مكتب الأستاذ في جامعتي، بعد محادثة قصيرة دام لحوالي خمسة دقائق، تناقشنا فيها عن الموضوع الذي كنت سأتناوله في مذكرة تخرجي لهذه السنة، وفي آخر الكلام أخبرني أن أكون متواجدة في مكتبه الخاص بعد إنتهاء الحصة...
ذهبت من عنده والفرح يغمرني...ذلك أنني وجدت يد العون ممن كنت أعتقده أذكى أستاذ وألطفهم...
بعد حوالي ثلاثة ساعات...أي تقريبا على الساعة الحادية عشرة ومس دقائق ذهبت مسرعة كي ألتقي بأستاذي في مكتبه لمناقشة الموضوع بجدية...حيث وصلت أمام الباب وطرقت عليه مرتين أو أكثر حتى أسمع صوته يأمرني بالدخول...إلاّ أن ذلك لم يحدث.
لم يأمرني...بل قام بنفسه من كرسيه وفتح الباب...ليومئ برأسه أن أدخل...حينها شعرت بالحيرة والخوف وبدأ جسمي يرتجف لوحده...وفقدت سيطرتي على نفسي...
دخلت المكتب وجلست على كرسي... وسلمت عليه.
فقلت: متى نبدأ بالشروع في الموضوع أستاذ...خصوصا وأن الوقت أصبح ضيقا، وأنا أريد الإنتهء منه في أقرب وقت ممكن..وأنا مستعدة لأكون منضبطة بكل ما تأمر..
فرد علي قائلا:ليس عليك بشيء تفعليينه، ولا تتعبي نفسك، أنا من سيقوم بإنجاز هذه المذكرة، وسأضمن لكي أعلى نقطة في هذا الشأن...
فقلت له: ولكن يا أستاذ لماذا تتعب نفسك؟
فقال: أنتي تعلمي قصدي ألأيس كذلك؟
فقلت: وماذا تقصد؟ أنا صراحة لم أفهم منك شيء سيدي؟
فقال: ليس هناك شيء بدون مقابل، أنا أنجز عملي إتجاهك، وأنتي تعطينني ما سألتك إياه...هكذا يكون التبادل بيننا فأنت تربحين راحة وإنجازا بدون تعب، وأنا أربح جسمك ثمنا لذلك...
ما أن قال هذا حتى سكن جسمي في مكانه...وإزدادت حالة الإرتجاف، وأحسست وكأن الحياة قد إنتهت بي لهنا ...لتلعب معي لعبة بائعات الهوى...لعبة لم أحبها يوما، ولم أكن طرفا فيها...
اللسان لم ينطق، والكلام غاب عني....
حى أتت الفكرة إلى دماغي...لأنهض متسرعة...
خرجت من عنده والظلام يخيم علي ناظري...ممسكة دموعي بين عيني...
وصلت للحي الجامعي الذي أسكنه، حتى أرى أمامي عشاق بائعات الهوى ليخترقوا حاجز الصمت الذي كنت فيه، حتى ظن من ظن أنني التي قال فيها الشاعر :
أنَا أبيعُ نَفسي سَيدي
أنَا أبيعُ نَفسي
وَبذاكَ أفخَرْ
وَأنْتَ سَيِّدي
تَبيعني الكَلامْ
وَأنَا منَ الكَلامِ أحْيَانا ً
قد ﺃ-;-ضْجَرْ
وعودكَ سَيدي أحْلامٌ
وَقدْ عَلَّمَتْني الحياة
ألا ﺃ-;-سْتمعَ لبائع ِالكلامْ
ذاكَ الذي ينوِّمُني
بغيْر منامْ
سيَّارةٌ فارهة٬-;-ٌ ثيَّاب٬-;-ٌ عُطورْ
وصيْتٌ مُكسَّرْ..
إلى أن يحلَ بيْننا يوْما ًخِصامْ
دخلت غرفتي وأنا أكلم نفسي...جئتك سيدي طلبا للعلم...فطلبت دونه شرفي...جئتك والإحترام بين عيني...فوضعت نفسك تحت قدمي..أتحسبني بائعة للهوى...أم أن غربتي لم تحميني من شياطينك..جئتك ولقب الدكتور على لساني أغواكا...ولقب الطالب لا يسوى بسواكا...عجيب أمرك سيدي...كيف نطقتها ببساطة...
متى يا سيدي كانت أماكن العلم سوقا للهوى؟...
ألم يعد يغنيك سيدي قول الشاعر:
قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
مسكين هذا الشاعر ظن كما كنت أظن أنا...ذلك أن جميع من يحملون العلم يستحقون الإجلال والإحترام...لم يعلم خباثة هؤلاء حين يكون بيدهم السلطة...
شرفي يساوي نجاحي...معادلة لم تكن على أرض الواقع...ولكنها أصبحت من شروط الواقع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب إسرائيل وإيران... مع من ستقف الدول العربية؟ | ببساطة مع


.. توضيحات من الرئيس الإيراني من الهجوم على إسرائيل




.. مجلس النواب الأمريكي يصوت على مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرا


.. حماس توافق على نزع سلاحها مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود




.. -مقامرة- رفح الكبرى.. أميركا عاجزة عن ردع نتنياهو| #الظهيرة