الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أنتم قلتم : الدين أفيون الشعوب , فلماذا تتعاطونه ؟
عندليب الحسبان
2015 / 10 / 27العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الدولة الفرنسية تخشى الرموز َالدينية , فلا تتهاونُ حتى لو استدعى الأمرُ أن تواجهَ أزمةً خارجية أو داخلية من أجل حجاب , أو قبّعة , أو صليب , فالأمر المحسوم قانونيا وثقافيا في هذا المجتمع هو أن لا حقوق للرموز الدينية في المؤسسة الرسمية . فرنسا التنوير الفلسفس والتثوير الفكري تعي تماما ما معنى أن يدخلَ الدينُ برمزه في مؤسسة الدولة . لأن الدولة , هي هذا الكيان القاهرُ المؤسَّس على السلطة والمشرّع لها, والدينُ هو ذلك الكيان الساحرُ المجبولُ بالسلطة والخالقُ لها ,وحاصل التقائهما لن يبخّ الاّ فائضَ سلطة وقهر من دم ولحم الناس , عرفتْ فرنسا هذا لأنها جرّبتْه ,حين غرقت لزمن طويل بدم الثوار المراق في الكنائس , فأنبتت مقاصلها رؤوسا وعصرت دما أكثر مما طرحتْ أرضُها الخصبة عنباً ونبيذا . وعرفت فرنسا هذا لأن فلسفة جادة كانت تنير درب الثوار حتى لا يضلوا ولا يفلوا ..
فرنسا دولةُ المؤسسةِ الرشيدة المختمرة ديمقراطيا تمنع الرموز الدينية , ودولتنا العربية ذات المؤسسة القبلية فقيرة الديمقراطية تفتح أبوابها لبنادق وصواريخ الدين والطائفة .وتجعل من مجتمعاتها مسرحا لأحزاب سياسية مدججة بالسلاح تحكي وتنتصر باسم الله : حزب الله , أنصار الله , حماس , هذه وغيرها تنظيمات أخترقت كيانات دولنا العربية , وأخّرت ولادتها المتعسرة منذ عهد التحرر الوطني وحروب الاستقلال , اذ ما كادت هذه الكيانات تلتقط أنفاسها بعد استعمارات غربية مريرة, وحروب اسرائيلية مجهدة , حتى نشبت هذه الأحزاب كالنبت الشيطاني في جسد الدول العربية الناشئة , فتسلّحت بدعم خارجي , وتغوّلت بدعم داخلي , في اختراق سافر قاهر لأبسط تعريفات الدولة الحديثة باعتبارها الجهة التي تحتكر ممارسة القهر " حسب آخر ما اتفق عليه المجتمع الانساني في تحديد دور ووظيفة الدولة ", فمع صواريخ حزب الله وحماس المؤدلجة بالمقاومة , بهتتْ قوة الدولة , وصرنا مجتمعاتٍ مفككةً تماما كالأسر المفككة التي سقطت فيها هيبة الأب , فتنازع الأخوة على ميراثه وسلطته حتى أدموا بعضهم ..
كيف استطاعتْ هذه الأحزابُ أن تسحر العقول وتجرها إلى الهاوية التي تعيشها دولنا الآن ؟ ربما استغلّت بحاسة السياسي ضعفَ الأب " الحكومات والأنظمة " , وضربت على أوتار الفساد وتخلّف بنى الدولة واعدةً جمهورَها بجنات العدالة الاقتصادية والاجتماعية , وهذا " أفيون تاريخي معروف " يتاجر به السياسي دائما , واستغلت أيضا استغلت فلسطينَ , هذا الجرح الذي لا يبرأ والمفتوح على غدر التاريخ , هذا الشرف العربي المهدور على موائد الآخر " الاسرائيلي واليهودي " ...فضربت على وتر " الفردوس الضائع " وهذا أيضا أفيون تاريخي معروف , وتحت لذة الخدران يزغرد الجمهور الذاوي لأيّ نصرِ يلوّحُ به أيّ كان حتى لو كانا سرابا , الملوّح والملوَح به .....
جماهيريا , لماذا الهرولة إلى هذه الأحزاب ذات العمائم المرسومةِ باسم الله , ولماذا تعاطي أفيونها خاصة من أولئك الذين ما انفكوا يعلموننا ويعيدون ويعيدون : احذروا الدين "فهو أفيون الشعوب "..؟
هل هي مغامرة ديالكتيكية أو تكتيكية من هؤلاء تقتضيها اللعبة السياسية ؟ ..إن كانت كذلك فنحن أمام مقامرين عرب , والثمن دماء ودول ومجتمعات تتهتك !.... أم هو دفاع غير واع أو ربما واع عن النفس الفاشلة أمام الآخر القوي " الاسرائيلي مثلا " باستيهام المقاومة والنصر ؟ ..وهنا نحن أمام ظاهرة سيكولوجية مريضة ..!....أم هي ثقافةُ الترحال والغزو المتجذرة في الضمير القبلي التي تمنع الفردَ العربيَّ من الرضوخ للعقد السياسي الاجتماعي الرشيد تحت مظلة الدولة ؟ فلا يجد حرجا أن يضرب بعرض التاريخ مواثيق الدولة الحديثة فيحمل بندقيته على كتفه ملتفّا بعصبته الأيديولوجية كما كان جده يحمل خنجره على جنبه ويخرج مع عصبة دمه غازيا ؟, وهنا نكون أمام ظاهرة أنثروبولوجية يستدعي فهمها وتحليلها أدواتٍ ومناهجَ خاصة ....
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إجراءات أمنية مشددة في محيط البلدة القديمة وعند أبواب المسجد
.. مسلسل الحشاشين الحلقة 18.. سوزان نجم الدين تأمر بقتل إحدى حو
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال
.. صحيفة هآرتس: صفعة من المستشارة القضائية لنتنياهو بشأن قانون
.. عالم الجن والسحر بين الحقيقة والكذب وعالم أزهري يوضح اذا ك