الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزى الهبة الحالية

نعيم الأشهب

2015 / 10 / 29
القضية الفلسطينية


جاء انفجار غضب الشعب الفلسطيني على اﻻ-;-حتلال اﻻ-;-سرائيلي وممارساته ، هذه المرة ، على يد فتية وصبية لم يبلغ معظمهم العشرين من العمر، ﻻ-;- ينتمون ﻷ-;-ي تنظيم وﻻ-;- رابطة تنظيمية فيما بينهم ، وبدوافع فردية محضة. وكان هذا مؤشرا صارخا على أن هذا الغضب المتراكم بلغ درجة الغليان ، وأن هؤﻻ-;-ء الفتية والصبية هم المعيار اﻷ-;-كثر حساسية لهذه الحالة وللتعبيرعنها؛ واذا كانت القيادة والتنظيمات الفلسطينية المترهلة عاجزة عن التعبير باﻻ-;-فعال ، وليس بالبيانات واﻷ-;-قوال ، عن هذه الحالة من الغليان ، فان هؤﻻ-;-ء الفتية والصبية ، وبدوافع وحمية ذاتية يتصدّون ، اليوم، لهذه المهمة المقدسة، وبأسلوب جديد خارج عن أية سيطرة أو مراقبة . وفي هذا السياق ، لم يكن صدفة أن كانت القدس المحتلة مهد هذه الموجة من مقاومة اﻻ-;-حتلال ونقطة انطلاقها. فهي ساحة الصدام اليومي مع اﻻ-;-حتلال ومستوطنيه ومشاريعه التوسعية واعتداءاته على البشر والحجر ، والتراث والمقدسات اﻻ-;-سلامية والمسيحية ، وبخاصة اﻷ-;-قصى. وقد أكدت هذه الموجة النوعية من مقاومة اﻻ-;-حتلال ، حتى اﻵ-;-ن،الحقائق التالية:

أوﻻ-;- - أن القدس التي أرادها اﻻ-;-حتلال موحّدة وعاصمة لدولته، ويواصل العمل بدأب منذ قرابة الخمسين عاما على تثبيت ذلك ، لم تكن مقسمة، منذ وقوع هذا اﻻ-;-حتلال ، كما هي اليوم ؛ يؤكد ذلك ليس فقط تصدّر القدس العربية المحتلة لهذه الهبة ، كما للفعاليات السابقة ضد اﻻ-;-حتلال، بل وتؤكده ،اليوم، اجراءات قوات اﻻ-;-حتلال نفسها ضد سكانها من نسف البيوت واقامة الحواجز، وعزل بعض أحيائها، وسحب الهويات وغيرها من اﻻ-;-جراءات اﻻ-;-رهابية ؛ ناهيك عن مختلف مظاهر التمييز الدائم والصارخ ضد سكانها، منذ اليوم اﻷ-;-ول لوقوع اﻻ-;-حتلال.

ثانيا - أن هذه الهبة ، اصابت اسرائيل بالشلل واﻻ-;-رباك على نحو غير عادي - كما تشير الصحافة اﻻ-;-سرائيلية ذاتها- أمام أولئك الفتية، ذكورا واناثا، فلجوؤهم للسكاكين أصاب أجهزة مخابرات اﻻ-;-حتلال وشبكات تجسسه التي اقيمت على مدى سني اﻻ-;-حتلال الطويلة بالعمى الكامل، فحقيقة أن هؤﻻ-;-ء الفتية ليسوا تابعين لتنظيم ويقومون بعملياتهم بدوافع فردية ، وأحيانا بنت لحظتها، جعل من المستحيل على أي جهاز تجسسي اكتشاف نواياهم، وفي الوقت ذاته ، غدا انتزاع أية اعترافات تحت التعذيب بهدف الكشف عن امتدادات تنظيمية عبثيا ﻻ-;- طائل من ورائه. أما الحيلولة دون وصول هؤﻻ-;-ء الفتية والصبية الى السكاكين، فهو عبثي بنفس المقدار. وقد اقترح أحدهم على نتنياهو ، ربما من باب السخرية ، مصادرة كل سكاكين المطابخ الفلسطينية لحل هذه المعضلة!

ثالثا - كشفت هذه الهبة مدى هشاشة المجتمع اﻻ-;-سرائيلي ، الذي فقد توازنه النفسي واﻻ-;-خلاقي - كما أشارت الصحافة اﻻ-;-سرائيلية، وما بدا عليه من عجز وشلل . ولعل حادثة محطة الباصات في بئر السبع ، التي أفلحت وسائل اﻻ-;-تصال على نقلها للمشاهدين، كشفت أكثر من غيرها ، عن جوانب متعددة لهذه الحالة. فحين أفلح ذلك الشاب البدوي مهند العقبي ، من انتزاع سلاح أحد الجنود اﻻ-;-سرائيليين المتجمهرين في المحطة ، راح بقية هؤﻻ-;-ء الجنود المدججين بالسلاح يتراكضون كاﻷ-;-رانب ، بحثا عن مخبأ لهم، ولم يتمكنوا من التغلب عليه اﻻ-;-ّ بعد فراغ ذخيرته. من جانب آخر، كشفت عملية تصفية المهاجر اﻷ-;-ريتري ، في نفس الحادث، مدى سادية هذا المجتمع ، حيث لم يكتفي الجمهور الموجود باطلاق النار عليه ، بل راحوا يجهزون عليه بركلات أقدامهم؛ لكن مقتله بهذه السادية كشف في الوقت ذاته عمق وتأصل العنصرية في هذا المجتمع، فقد جرى قتله والتشنيع به لمجرد اﻻ-;-عتقاد بأنه عربي!، والمفارقة هي في تكرارهذا اﻻ-;-لتباس مع آخرين يهود.

أما نتنياهو فلم يكتف باﻻ-;-عدامات الميدانية التي حرّض عليها، كزعيم عصابة من القتلة، وطالت ليس فقط الفتية الفاعلين، بل وسواهم الكثيرين لمجرد القتل واﻻ-;-نتقام، وﻻ-;- اجراءات العقاب الجماعي اﻷ-;-خرى.. بل لجأ، الى جانب ذلك ، الى هوايته في تزييف التاريخ ، واختار ، هذه المرة ، نقل المسؤولية عن المحرقة اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية، ببساطة متناهية وبكلمة منه ! من هتلر والنازية الى الفلسطينيين ، في شخص الحاج أمين الحسيني ! وقد جاءه التفنيد القاطع على لسان المستشارة اﻷ-;-لمانية ، ميركل، صاحبة الشأن اﻷ-;-ول - كما يقال.

لكن الملفت للنظر أن هذا التزييف اثار، بمستوى ابتذاله وسخفه ، موجة من اﻻ-;-ستنكار والشجب ، وحتى السخرية في المعسكر الصهيوني نفسه. وﻻ-;- يعود ذلك لواقع التزييف ذاته. فالتزييف شكل، ومنذ البدء، أحد اعمدة الفكر الصهيوني ، وانما لموضوع هذا التزييف ﻷ-;-ن له علاقة بالنازية تحديدا. ذلك أن اثارة هذا الموضوع البالغ الحساسية في تاريخ الصهيونية ينبش صحائف حالكة السواد من تاريخ تعاون الصهيونية مع النازية ، تحرص اﻷ-;-ولى كل الحرص على اخفائه في أعمق أعماق اﻷ-;-رض ، كالفضلات النووية القاتلة. ومعروف أنه جرت كتابة مجلدات حول هذا التعاون المشين وأشكاله ، وبشكل موثق ، بما في ذلك من كتاب يهود.

وحين طرح نتنياهو شعار "يهودية اسرائيل"، كان يعبّر بذلك عن طموحه ﻻ-;-جراء تطهير عرقي جديد وشامل ، هذه المرة ، للفلسطينيين ، ليس فقط داخل اسرائيل ، بل وفي المناطق الفلسطينية المحتلة. وقد أكمل التعبير واﻻ-;-فصاح عن نواياه هذه عشية اﻻ-;-نتخابات اﻷ-;-خيرة للكنيست اﻻ-;-سرائيلي ، حين قطع على نفسه عهدا أمام الناخب اﻻ-;-سرائيلي بأن ﻻ-;- تقوم دولة فلسطينية طالما هو رئيس وزراء!. وليس من ترجمة لشعار يهودية اسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية في اﻷ-;-راضي التي احتلت في حزيران ١-;-٩-;-٦-;-٧-;-، سوى أن فلسطين اﻻ-;-نتدابية ﻻ-;- مكان فيها لدولتين : اما لنا أو لهم.

لكن لعل هبة الفتية والصبية الحالية ، والتي هي حلقة من مسلسل لن ينقطع تذكّر نتنياهو وأضرابه بأن هذا الشعب الحي والصامد فوق أرضه ، رغم كل جرائم المحتلين وممارساتهم اﻻ-;-رهابية، لن يستسلم ولن يكف عن الدفاع عن حقوقه القومية المعترف بها دوليا ، وأن انفجاره في وجه محتليه، بين حين وحين ، من حيث يتوقعون وﻻ-;- يتوقعون ، وبأشكال واساليب لم يحسبوا لها الحساب ، تؤكد بأن طاقاته في هذا المجال بلا حدود ، الى أن يقع التغيير الجذري في المنطقة ، الذي نرى ونسمع تباشيره في الرعود التي تجوب المنطقة ، اليوم ، رغم ما تسببه من خسائر ودمار. وبالقطع ، فهذا التغيير لن يكون في صالح اسرائيل وحلفائها في المنطقة والعالم. وحينها، قد يكون متأخرا على نتنياهو وأضرابه اعادة النظر في مخططاتهم السالفة الذكر لتصفية القضية الفلسطينية العادلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في