الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحزاب الفيسبوك السياسية

هشام حمدي

2015 / 11 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل عقود أو أكثر كانت عملية تأسيس الأحزاب السياسية تتم في دهاليز الوزارات أو في أقبية البلديات، أو في معاقل المقاهي الأدبية أو في ملاجئ الحانات الليلية. وكان القبول بالترخيص لنشاط وأنشطة الأحزاب يتم عبر تنظيم اجتماعات أو إلقاء ندوات أو محاضرات أو تحرير مقالات تنشر في الجرائد والصحف والمجلات، أو يكون بالرفض بمنعها وبحظرها عبر القنوات.
في عصرنا الراهن نعاين اختلافا كبيرا في تأسيس الأحزاب، في الغرب مثلا تسمح التكنولوجيات المتطورة بإنشاء وتأسيس الأحزاب السياسية كما تمنح سهولة إدارتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب والتويتر وغيرها كثير، كما أن هذه التكنولوجيا تمكنت من تغيير وتثوير المفاهيم وطرق التعامل والتعاطي مع التكنولوجيا لكن البعض يسيء استخدامها بنفث سموم الحقد والكراهية ونشر القيم الهدامة كالميز والعنصرية بدل التوجه للقضاء والإدارة المختصة بعالم الشبكة العنكبوتية
الفيسبوك يعتبر أهم موقع للتواصل والاتصال الاجتماعي بالنظر لعدد السكان المنضوين والمنضمين إليه حتى يتخيل إليك أن بإمكانه تجاوز ساكنة الصين، وقد تم تأسيسه لأهداف عدة منها تسهيل التواصل بين الأمم، فهو قناة يتم من خلالها نشر المعرفة والثقافة والتعرف على حضارات أخرى، ولكن مستعملي موقع الفيسبوك انحرفوا عن خريطة الأهداف الأولى للفيسبوك لمنطقة أخرى بعدما أقبل عليه بكثرة المواطنون العرب باستخدامه في أهدافهم السياسية وأغراضهم التحريضية، لينحو الجميع إلى هذا المنحى ذي المنحنى المضطرد الارتفاع و يا ليتنا لم نفعل.
تبدأ بذرة الشر والويل بتأسيس أفراد لمجموعة أو جروب على الموقع، ومن هنا تبدأ عملية الفتنة بإنشاء الجروب، بالتستر على النيات وبالتكتم على النوايا وذلك من خلال تتبعهم وتبعيتهم لحزب ما لكن الكتابات والتعليقات بل والأفعال تعكس الانتماء لعمل حزبي سياسي متجمد في تفكيره ومتحرر في تكفيره، لتليها عملية توجيه وتوظيف مدافع أفراد المجموعة في الهجوم على كل إنسان يخالف عقلية قطيعهم التي لا تؤمن بقبول الرأي الآخر وتتهمه بأنه عميل مندس وخائن وجاسوس لحساب الغرب العلماني الكافر وذلك عبر حسابات واهية ووهمية.
ما بدأنا نعاينه على رقعة شبكة الانترنيت يذكرنا بذلك الحزب المتأسلم في مصر ولكن بطريقة فيسبوكية، فالفكر الإخواني المغربي كما المصري يقوم على تقديس فقهاء الحركة الإصلاحية الوهابية والتجديدية الألبانية وطاعة المموِلِين الخليجيين، ولسان حالهم يقول بالتصنيف إن لم تكن معي فأنت حتما ضدي بتخوين اليسار وتآمرهم ضد رئيسهم وحبك المؤامرات ضد حزبهم بل وقد يقومون بشن حملة تبليغ لتصفية ومنع حسابك الفيسبوكي للأسف.
وبشديد الأسف نشهد حربا قذرة تشن على رقعة الفيسبوك من كتائب جنود الخفاء التابعة للحزب السياسي في الفيسبوك يبدؤونها بالاعتقاد صادقين أن الآخر المخالف لهم في الرأي والرؤيا والفكر وطريقة التفكير عدو يجب القضاء عليه وبأن كل رافض لتوجهات وأفكار حزبهم خائن لدينه ودنياه مشككين في وطنيته وكأن الوطنية حكر عليهم فقط، ثم يُتبعونها بخطة هجومهم على الجرائد المخالفة والأنكى مطالبتهم دون خجل بتطبيق القانون على الأشخاص اللذين يدعون إلى الحقد والكراهية والعنصرية وهم قابعون خلف شاشات حواسيبهم.
يشنون غاراتهم في قضايا سياسية ومواضيع اجتماعية لكن يبقى الولاء لرأي القادة والقيادة في الحزب والبراء من الآراء المخالفة، ولو كانت صائبة غير صابئة، لهؤلاء القادة وتلكم القيادة لأن أعضاءهم تربوا على الطاعة العمياء بوجوب التقرب إلى الله ببغض المختلفين من القياديين ومعاداة المتمردين من المريدين بالقلب وباللسان وذلك بحسب القدرة والإمكان؛ الإشكال هنا ليس في آراء سياسية بل الأمر تجاوز ذلك لإرادة فرض أجندات خاصة منحرفة عن اتجاه الدخول في عصر المواطنة واتباع خط مسارهم الحزبي السياسي، وكذلك الابتعاد عن القيم الدينية الصحيحة التي ترتكز على أسس الوسطية والاعتدال وتعتمد الحرية كعمود أساسي في الفكر.
حتى الدستور لا يحترمونه، وأما مشروع القانون الجنائي وفصوله المنحرفة نظريا والمحرَفة واقعيا فمزجوا الحابل بالنابل بإضفاء القداسة على الشخوص وإطلاء الدناسة بالنصوص، لذلك وجب إبعاد الدين عن السياسة والمقصود بالدين هنا الدين السياسي وليس سياسة الدين مثل ما فعله النبي (ص) بإدارة وتسيير الدولة بسياسة الدين التي تفوقت وتوفقت السياسة في تلك الفترة الزمنية النبوية مع الدين، لكن ما يفعله هؤلاء هو الدين السياسي أي أنهم يستخدمون الدين لأجل هدف واحد هو السياسة، ليطرح مشكلة وإشكالا صعبا وعصيا عن وقت فصل الدين الإلهي المقدس عن الاجتهاد البشري المدنس بسبب ممارسات قيادييهم ومريديهم واستغلالهم الوحي المقدس بهدف تحقيق الوصول للسياسة ونشر الفكر الظلامي والضلالي في هذا الوطن.
لم يخطر ببال أحدهم الوصول إلى أبعد من هذا ولكن للأسف وصلنا؛ الفيسبوك موقع لتقاسم القيم الإنسانية ونشر المعرفة وتعميم ثقافة الحياة والجمال وقبول الآخر المخالف في الفكر والرأي، لكن أن ترفع قضية بسبب اختلاف في الفكر والرأي على موقع الفيسبوك يبقى مستبعد الوقوع لكنه حصل بسب أجندات الأحزاب الفيسبوكية السياسية.
أخيرا، واهم وحالم كل إنسان صدق ولازال يصدق بأن الاختلاف في رأي مطروح على الفيسبوك لا يفسد للود قضية، لأنه يدرك بأن قضايا الود التي جمعتنا نحن العرب عبر الزمن أفسدتها قضية الاختلاف في الرأي.
الإنسانية هي الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #