الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاتيكان معقل الراسخين في الاستثمار

فاتن نور

2015 / 11 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف نصدق أهل الغلو في حب المال والثراء؛ عندما يتحدثون باسم الفقراء والمعدمين. كيف نستمع عندما يلقون محاضرات،مُنمّقة بزخرف الكلام عن الفقر، بين جدران متسربلة بكل ما يزغلل البصر والبصيرة؟

"مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ" (سفر الأمثال 19: 17)
طيب؛ لماذا لا يقرضون الرب، وإذا فعلوا؛ فهم يُقطرون عليه تقطيرا في الكوارث الطبيعية ومساومات الإغاثة ومن باب الرياء.

ويتحدث الكتاب المقدس عن "هيرمجدون" أي نهاية العالم، ولا تعني نهاية الكون هنا بل نهاية عالم البشر. والنهاية لا تعني فناء البشرية جمعاء، بل النسبة الأكبر منهم، أي نسبة الأشرار فقط. ونسبتهم بالتقدير المتفائل 99.9%. يعني نسبة متمكنة تفيد تقليص الانفجار الملياري لسكان الأرض؛ وكبحه الى بضعة ملايين تمثل طبقات الخدّام فقط، أي خدّام الله أو الإله يهوه، وهذا هو اسم الإله في الكتاب المقدس حسب برج المراقبة تبع شهود يهوه!

ولا ندري من هم الخدّام في عالم اليوم؛ هل الفرقة الناجية في الإسلام مثلاً، وهي فرقة غير معلومة إلاّ على وجه التخمين السلفي أو الإمامي، أم فرقة الكنيسة الكاثوليكية؟

ولا أظن أن المسيح لو ظهر اليوم، وأضطر جدلاً بعد يومين أو هكذا، الى طلب اللجوء السياسي؛ سترحب به الكنيسة الكاثوليكية وتمنحه الجنسية الفاتيكانية.
الفاتيكان؛ تلك العاصمة الكاثوليكية الصغيرة الكبيرة، الفخمة حد الغلو، أكبر قوة مالية وشبكة مؤسساتية في العالم تتربع على هضبة فارهة في قلب روما، لا أظنها تمنح جنسيتها المائزة للحفاة الفقراء هكذا بسهولة.
هي دولة أصحاب الذوات المُترفين، من رجال أعمال مخضرمين، ودبلوماسيين محنكين في العلاقات الاستثمارية السرية، إذ لديها أسهم في كبريات الشركات العالمية والبنوك، وفي شتى القطاعات.. وعلى مستوى العالم المسطول.
وهي تحكم مليار وثلث المليار تقريباً من البشر الآملين بلطف الله في الجزاء، طبعأ مقابل ما يتبرعون به لكنيسة الراسخين في علم الاسثمار والثراء؛ فعلى مدى ألفي عام، تراكمت في خزائنها أموال طائلة من التبرعات وعائدات البزنس وبشكل خرافي. وهي اليوم مزدانة من هامة الرأس الى أخمص القدم كالعرائس، بشتى صنوف النفائس والتحف، ما ندر منها وبهظ ثمنه حد الشعور بالانبهار، وهو انبهار مؤقت يتبعه الشعور بالدوخة والغثيان.

وفي سفر الرؤيا (18:16) : "تجار هذه الاشياء الذين استغنوا منها؛ سيقفون من بعيد من أجل خوف عذابها يبكون وينوحون. ويقولون ويل ويل المدينة العظيمة المتسربلة ببز وارجوان وقرمز والمتحلية بذهب وحجر كريم ولؤلؤ".
الرؤيا عن مدينة بابل، إنما مجازها لا يعلم به غير الله والراسخون في العلم، لربما المقصود دولة الفاتيكان، أو غيرها من المدن المطلية بعرق الفقراء، بعد صكه طبعاً الى فضة وذهب ومصوغات.

والمسيح الودود، ابن مريم ويوسف النجار، رجل فقير لا يملك غير عصاه. وهي مما لا شك فيه، كانت تعينه في مشاوير الكرازة. وهذا ما أكدته الكرازة الهوليودية بأكثر من إنتاج.
ولو أن البابا الحالي فرنسيس الأرجنتيني أو فرنشيسكو؛ يبدو لي متواضعاً، طيباً، لا يثقل عنقه بصلبان من العيار الثقيل المرصع بالحلي والجواهر. كما أنه متفهم تماماً لمجازيّة الجنة والنار؛ لأن نهج الجحيم لا يتسق مع المحبة الإلهية. ويرى أن خّدام الرب يسوع لا ينفع أن يكونوا قضاة, كما إنه مؤمن بنظرية التطور الدارونية وفي صدره متسع لليبراليين والشيوعيين. ويتطلع الى الأمام آملاً أن تدخل المرأة سلك البابوية في المستقبل ( يعني هذا الرجل هيك شاطر وعقلاني وجاهز لإعادة ترتيب القوت والرحمة في العالم!)
للفقراء والمساكين أن يفرحوا؛ لأن العالم "الرحموي الجديد" ليس ببعيد، بل قريب كقرب لقمة العيش الكريم من أفواههم اليابسة!
هذا ما أراده المسيح لربما؛ أن تكون له دولة ذات علم تكرز باسمه بفنادق خمس نجوم وخمس وسائد ناعمة لسرير واحدة، كرازة رأسمالية حرّة، وبمعيّة حراسة سويسرية باهظة التدريب والمظهر. وكان الرب يسوع لا يمتلك وسادة تعينه على الاسترخاء أوقات راحته.
وأن يكون للبابوات والكرادلة والأساقفة، وغيرهم من "خدّام الرب" المرموقين في دولة النصف كيلو أو أقل، أقصد كيلومتر مربع؛ أن يكون لهم عقارات مليونية، وطائرات خاصة وسيارات مدرعة فخمة، مصنعة خصيصاً لهم بمواصفات لا يعلمها إلا الراسخون في خدمة الثراء والاستثمار الرباني.
وكان المسيح عندما يرسل حواريه للكرازة بملكوت الله؛ يقول لهم " لا تحملوا شيئاً للطريق، لا عصاً ولا مزوداً ولا خبزاً ولا فضة، ولا يكون للواحد ثوبان"- لوقا (9:3)
الأجمل في هذه الصورة، هو أن هذا الثراء الفاحش للكنيسة الكاثوليكية لا يخضع في أمريكا لضريبة الدخل، وربما في أوربا أيضاً لأن الرحمة الواسعة ممنهجة عالمياً بنظري. الحكومة هنا في أمريكا؛ أرخت العنان تماماً للكنيسة، فهي غير مطالبة بتقديم كشوفات عن دخول حساباتها المصرفية أو أي تقارير تخص أنشطتها المالية وسيرتها النفعية بامتياز.
وقد بشّرني أحدهم؛ أن ثمة دراسة وحراك من قبل القوى العلمانية والمنظمات الإنسانية، بالتضامن مع أهل الخبرات الاقتصادية والتعاملات الدستورية؛ من أجل الضغط على الحكومة الفيدرالية للتعامل مع الكنيسة كأي شركة نفعية ربحيّة، ومطالبتها قانوناً بدفع الضرائب عن دخولها السنوية وفقاً للمعايير المعمول بها في الجباية. والله وحده يعلم والراسخون، كم من أبواب الضيق والعوز ستسد هذه الضريبة، وكم أزمة مالية في مرافق الدولة ستنقضي الى فرج.

وأهل الطبقات، طبقات خدّام الله نقصد أو القادة الدينيون، بما يدخرون ويكتنزون من وراء بزنس القروض الإلهية، وأينما وجدوا وكيفما كانوا أو ظهروا، سواءً على شكل شبكات كنسيّة أو شبكات حوزية أو مهداوية؛ أحزاب أو تيارات داعشية أو مرجعيات الخ، هم الفرقة الناجية من شظف العيش وكوابيس البؤس والشقاء والوصاية.

وما كانت الحال أفضل زمن المسيح. فقادة الدين في أي زمان لم يظهروا أي اعتبار للفقراء والمعوزين. ووصفهم الكتاب المقدس بأنهم محبون للمال، يلتهمون بيوت الأرامل، ويهتمون بحفظ تقاليدهم أكثر من إهتمامهم بالمسننين والمعوزين. لأن خدّام الله على مر العصور هم الخراف الضالة.. ولا راعٍ صالح يبذل نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #