الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنون عظمة السلطة و-خرف- المعارضة

منير شحود

2005 / 10 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في آخر حوار على قناة الديمقراطية يوم الجمعة 28-10-2005 وصف ممثل رأي السلطة, د. يحيى العريضي, الأستاذ رياض الترك بالخرف, وذلك بعد أن قاطع مداخلته التي اقترح فيها عدة نقاط كمخرجٍ للأزمة التي يتعرض لها النظام, ومعه, وبسببه, سوريا.
ما تفوَّه به السيد العريضي ليس بالأمر الجديد؛ فكل من يقدِّم رأياً مغايراً في أمور بلده, وهو حق عليه وواجب, يتَّهم بأنه عميل, أو خائن, أو موتور, أو متآمر, وأقلها حاقد (على من؟), ولكنّ جديد هذه التهم هو الخرف. وتوجَّه هذه التهمة لشخص دفع ثمن قناعاته الوطنية كثيراً, وهو لا يحتاج لشهادتي بالطبع, وأنا لم أتشرف بمعرفته عن قرب. فكيف يتجرأ السيد العريضي – مثقف السلطة- على إهانة شيبة رياض الترك بهذه البساطة؟ ولعلَّ من وضعه تحت الأرض لقرابة عقدين من الزمن لم يفكر يوما بوصفه بمثل هذه الأوصاف, فهل كان عليه أن يدفع ضريبة التقدم بالسن أيضاً؟!.
نعم ثمة من يصاب بالخرف, أكان في السلطة أم في المعارضة, لكن مصيبتنا الكبيرة هي في السياسات المخرِّفة, ومنها وصف الخصم السياسي بأنه مخرف, علاوة على انتهاك آداب الحوار. وحاول السيد العريضي أن يستدرك, ولكنه لم يعتذر, ممتدحاً وطنية بعض المعارضين. ربما حصل السيد العريضي على رزمة من كوبونات الوطنية ليوزعها على من يواليه من المعارضين.
حاولت أن أحصي عدد المرات التي ردد فيها العريضي اسم سوريا, ولكنني مللت. فما السر في ذلك يا ترى؟ ولماذا يجلدنا أستاذ اللسانيات والتخاطب اللغوي بكلمة سوريا؟ ولماذا هذه المغالاة المفرطة في التمثيلية؟.
ليس من باب الإحراج القول بأن مسألة الشرعية (لا نتحدث عن الشرعية الدولية الآن, فالمعذرة!) هي في الصميم من ذلك. وسوريا الحقيقية لا يمكن أن تكون إلا لكل أبنائها, وليس لحزب أو نخبة, أو...., أو...., أو.....الخ. وسوريا التي تدار بالقمع والتخويف هي ضعيفة وعاجزة عن مواجهة كل الأخطار التي تتهددها, لا بل وغاضبة أشد الغضب على من يحول دون حرية أبنائها وتعاونهم لبناء مستقبل يليق بها. فهل تعتقدون بأن العودة إلى القبضة الأمنية المحكمة هي الحل, في الوقت الذي تحتاج فيه سوريا فعلاً لكل أبنائها؟ أم أنكم تريدون أن تعقدوا الصفقات...وهل ستسلم الجرة هذه المرة؟.
إنه مرضكم المستفحل, جنون العظمة, والذي قاد وسيقود إلى ما لا تحمد عقباه على الجميع. وهذا المرض لا يشفى كما هو معروف طبياً, وصاحبه مختص بصنع الأعداء وتدميرهم, معنوياً أو جسدياً.
ويغضب السيد العريضي مرة أخرى معترضاً على "تحجيم" سوريا؛ فيصرخ أن سوريا كبيرة وأكبر من..., ولكنه لم يقل لنا كيف يمكن أن تكون سوريا كبيرة عملياً, وليس شعاراتياً... ويبدو أن ثمة من يُدرَّبون للحلول محل الشاغرَين اللذين خلَّفاهما الرائدان: بكري وقنديل.
لسنا بلهاء إلى هذا الحد, أيها السادة, لكننا كنا نخاف ولا نتكلم, وبعضنا الآن يتكلم ويخاف, وربما القلة من أمثال رياض الترك يتكلمون ولا يخافون, بعد هول ما عانوه, ولكن إلى متى يمكن أن تحجروا على سوريا وتتكلمون باسمها وحدكم؟ هل من تاريخ لذلك؟ ولماذا سيكون توقيت أي طرح لا يعجبكم غير مناسب؟.
من الناحية النفسية, يتكلم الشخص بالصوت العالي ليخفي ويخيف, ويطلق الطبل أصواته العالية فاضحاً فراغه, ويتحدث المرء عن الأخلاق أو الشرف كثيرا عند وجود مشكلة ما بهذا الخصوص, كما يتحدث ممثل النظام المستفيد عن سوريا ليخفي وجود مشكلة وطنية. وعندما تكون المشكلة في بيتك فلا ينفعك الوقوف على عتبة البيت وافتعال مشاكل مع الجيران, وربما سيدخل هؤلاء لحلها بأنفسهم بعد أن ينفذ صبرهم. والهروب إلى الأمام أسهل الطرق نحو الهاوية.
منظومة العنف ليست جلاداً وحسب, بل فكراً إقصائياً ينضح بالمقدمات والتبريرات, وطرح يحمله إيديولوجيو المسيرة المستمرة نحو الهلاك, متسترين باسم سوريا, خطهم الدفاعي الثاني بعد شعار القومية العربية. أما ما هو الحل, فإنكم يجب أن تمتلكوا ذكاء السيد العريضي لتخمنوه!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم