الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب جديد: الرثاثة في العراق/ أطلال دولة.. رماد مجتمع !

فارس كمال نظمي
(Faris Kamal Nadhmi)

2015 / 11 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


تحرير: د. فارس كمال نظمي
دار النشر: دار ميزوبوتاميا- بغداد 2015
....
يسعى هذا الكتاب ليكون مرجعاً في تحليل بنية الإسلام السياسي الحاكم في العراق منذ سنة 2003م حتى الآن، من مستويات معرفية متنوعة، إذ ينص العنوان الفرعي للكتاب على أنه : ((نصوص تشريحية للوظيفة الهدمية للإسلام السياسي في العراق)). فالمكتبة العراقية ما برحت تفتقر لهذا النوع من التوثيق التاريخي الشامل، الذي هو نتاج لعمل جماعي منسق نظرياً ومعلوماتياً، اشتركت فيه نخبة لامعة من باحثين عراقيين يندر أن يجتمعوا في نشاط فكري موحد غايته تأصيل مفهوم جديد في العلوم الاجتماعية هو مفهوم "الرثاثة".
يذكر محرر الكتاب (د. فارس كمال نظمي) في مقدمته أن الرثاثة هنا لا يقصد بها عناصر الفقر أو الحرمان الاقتصادي أو التدهور المعيشي، بل هي مصطلح يعبّر عن مناخ لا حضاري، منحط وفاسد، اخترق الكينونة العراقية على المستويين المجتمعي والدولتي، بتأثير منظومات القيم الرثة التي أشاعها التدين الزائف، نتيجة الحراك السوسيوسياسي الذي أتاحه الاحتلال الأمريكي ابتداءً من 2003م حتى الآن، حينما أعاد بناء السلطة السياسية على نحو أتاح لأكثر الفئات الاجتماعية تخلفاً ورجعية (الدين السياسي والعشيرة السياسية) أن تمسك بمصير البلاد، طاردةً كل التراث العقلاني والجمالي والتنويري الذي كافح من أجله ملايينُ العراقيين على مدى أكثر من ثمانين عاماً.
وقد اجتهد محرر الكتاب في اشتقاق هذا المفهوم المستحدث (أي الرثاثة) ضمن نص رئيس في الكتاب هو "سيكولوجيا إنتاج الرثاثة في المدينة العراقية"، ليسعى بعده لتأصيل المفهوم ضمن كتاب جماعي يستهدف أرشفة هذه الحقبة الرثة من تاريخ العراق، عبر استكتابه لمجموعة من الباحثين العراقيين المرموقين لتقديم مقاربات علمية من مستويات أكاديمية ومعرفية عدة في السياسة، والاقتصاد، والتاريخ، والسوسيولوجيا، والسيكولوجيا، والإدارة، والطب، والعمارة، والبيئة، والفن، والأدب، والإعلام، غايتها التوغل تشريحياً في الجسد العراقي المعتل، للخروج باستشرافات ورؤى إصلاحية وإشفائية تستند أولاً وأخيراً إلى التفكير النقدي المتمسك بموضوعية المنهج وحيادية الافتراضات.
ثمة ناقوس هادئ وحاسم يدق في كل صفحات هذا الكتاب، يخبرنا أن الرثاثة في العراق هي نتاج حتمي لتغوّل الدين السياسي على الثقافة المجتمعية بمضمونها القيمي والسلوكي المعتدل. فالسلطة المصطنعة الحالية – بحسب تعبير محرر الكتاب- قامت بأصنمة الدين وفك ارتباطه البنيوي العفوي بالمنظومة النفسية – الأخلاقية للفرد العراقي، وجعلت منه كائناً استعلائياً "خارقاً" يتجاوز وظيفتَه المعاييرية التنظيمية إلى وظيفة تسلطية عقابية، ولا يمكن إرضاءه إلا عبر وساطتها "الروحية" و"المقدسة". وهذا كان يعني بالضرورة تشطيراً للهوية البشرية الموحدة واستبدالها بهويات ميتافيزيقية تلهث خلف مروياتٍ دموية عن مذاهب دينية مُتَخَّيلة تمتلك كلٌّ منها "شرعية" الوجود والبقاء لوحدها.
وبحسب رؤية الكتاب، ما كان لهذه الكمية الفائضة من العنف المُنْتَج – مادياً ورمزياً - إلا أن تحقن الوجودَ العراقي برثاثةٍ كاسحة، إذ تهرأت الصحة النفسية بأبعادها الفردية والمجتمعية والدولتية في ظل الخوف والبؤس والحرمان والإحباط واليأس والعجز والاكتئاب والاستلاب وفقدان اليقين!
يقع هذا الكتاب الصادر عن دار ميزوبوتاميا في بغداد في (376) صفحة، ومن فصلين: الأول بعنوان "رثاثة الدولة والسلطة"، والثاني بعنوان "رثاثة المجتمع والفرد"، يحتويان على (22) دراسة ومقالة، اشترك في تأليفها (20) كاتباً وأكاديمياً عراقياً هم – بحسب ترتيب نصوصهم في الكتاب-: د. كاظم حبيب/ د. فارس كمال نظمي/ د. مهدي جابر مهدي/ د. صالح ياسر حسن/ د. كاظم المقدادي/ د. شيرزاد أحمد أمين النجار/ د. مظهر محمد صالح/ د. لؤي خزعل جبر/ د. حسين الهنداوي/ د. صادق إطيمش/ د. عبد جاسم الساعدي/ د. سيار الجميل/ د. أسماء جميل رشيد/ سعد محمد رحيم/ د. خالد السلطاني/ د. رشيد الخيون/ د. حميد البصري/ ضياء الشكرجي/ جاسم محمد المطير/ عماد جاسم سلمان.
وعلى الرغم من قتامة المناخ الذي تسبح فيه نصوص الكتاب نتيجة حالة التهرؤ والتفتت التي طالت الدولة والمجتمع في العراق، إلا أن ثمة استشراف مضيء يتوصل إليه محرر الكتاب بقوله:
((لكن الشخصية العراقية ما تزال تنطوي في أعماقها الكامنة على بقايا مصلٍ مضاد لوباء الرثاثة، بل أن جزءً أساسياً من تاريخها المعاصر انطوى على نزعة حداثوية في السياسة والاقتصاد والثقافة والعلوم حد الابتكار والتحضر والإلهام لمجتمعات أخرى. ولأن للذاكرة التاريخية والهوية الاجتماعية في أي مجتمع دينامياتهما الوقائية والاسترجاعية والتكيفية والترميمية، فإن الرثاثة الحالية لم تتحدد مآلاتها بشكل جازم، وما تزال النزعة العلمانية الاجتماعية مرشحة للبحث عن مديات متحدية وواعدة في العقل الجمعي العراقي!)).









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جذور الرثاثة
طلال السوري ( 2015 / 11 / 14 - 17:43 )
هل هنالك رثاثة أكثر من تسلم برزان التكريتي او وطبان او علي حسن المجيد لمناصب سيادية في الدولة والمجتمع؟؟

هل هناك رثاثة اكثر من استلام ضابط جيش لرئاسة اعلى محكمة عراقية؟؟؟؟ احكامها غير قابلة للنقض

هل هناك رثاثة اكثر من تأسيس ميليشيا سلطوية لاتخضع للدولة العراقية مقاومة شعبية---جيش شعبي----حشد شعبي؟؟؟؟

هل اكتب المزيد؟؟؟؟


2 - كتاب يوثق عمق الطائفية السنية الشرسه ووصولها لمدعي
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2015 / 11 / 14 - 18:52 )
رغم انه من الصعب مناقشة الكتاب دون قراءته ولكن استنادا لتلخيص المحرر-يمكن القول ان الحاضنه السنية في العراق اصيبت بالجنون بسبب سقوط حكمها رغم ماقيل عن ذالك النظام من ادانات وحتى على لسان بعض من المعبرين اليوم عن طائفيتهم المقيته بتزكيتهم للفاشية البعثية ومنحها لقب العقلانية والتراث الجمالي التنويري بحكم سيطرته على الحكم ل40سنه من 63-03 ولمواصفات ذالك الحكم -ومردوده-الذي لم يكن متاحة للدكتاتورية السعيدية مثيل له وتبرئة مصائب العراق والعراقيين في العهدين المذكورين الملكي والبعثي من ذنوب ذينك النظامين فقط لان الحاكم سني-فما ان سقط الحكم-السني-حتى بداء المنظرون ينظرون وحتى على صفحات حوارنا المتمدن فسموا الحكم الجديد بالسرسرية ناهيكم عن المعدان والشراكوة وان نفسية العبودية للمضطهدين جرفت كتبة اخرين رغم عدم انتمائهم المذهبي او السياسي الشكلي لقد جن جنون حتى البعض ممن يتسمى رياء باليسارية لانهم لم يستطيعوا باءلية النظام الجديد-الانتخابات-ان يحصلوا على مكان في الكعكة ولم يندبوا حظهم وخواءهم وانما شتموا شعبا بكامله لم يستطيعوا كسبه ليس فقط لخباثة الطرف الاخر بل لانهم لم يحوزوا ثقة الناس


3 - السلطات الجائرة هي تطبيق لبعض نصوص الإسلام
الحكيم البابلي ( 2015 / 11 / 14 - 19:42 )
الزميل فارس نظمي .. تحية
يقول مقطع من مقالك: (ثمة ناقوس يدق في كل صفحات هذا الكتاب، يخبرنا أن الرثاثة في العراق هي نتاج حتمي لتغوّل الدين السياسي على الثقافة المجتمعية بمضمونها القيمي والسلوكي المعتدل. فالسلطة المصطنعة الحالية –بحسب تعبير محرر الكتاب- قامت بأصنمة الدين وفك ارتباطه البنيوي العفوي بالمنظومة النفسية– الأخلاقية للفرد العراقي، وجعلت منه كائناً استعلائياً -خارقاً- يتجاوز وظيفتَه المعاييرية التنظيمية إلى وظيفة تسلطية عقابية، ولا يمكن إرضاءه إلا عبر وساطتها -الروحية- و-المقدسة-. وهذا كان يعني بالضرورة تشطيراً للهوية البشرية الموحدة واستبدالها بهويات ميتافيزيقية تلهث خلف مروياتٍ دموية عن مذاهب دينية متَخَّيلة تمتلك كلٌّ منها -شرعية- الوجود والبقاء لوحدها) إنتهى

برأيي إنك تحاول هنا تبرئة الدين من كل مثالبه وسقطاته وكل ما يجعله آيدلوجيا فاشية وليس ديناً سماوياً
نصوص وشريعة وسنة هذا الدين تم إيجادها أساساً لقهر الإنسان والتنكيل بكل البشر اللا منتمين له، حتى لو كانوا من المسلمين!، ولهذا لا أوافقك في إلقاء كل اللوم على (السلطة المصطنعة الحالية) والتي إستغلت نصوص التسلط والساختة


4 - تموز -1958 والرثاثة
طلال السوري ( 2015 / 11 / 14 - 19:56 )
الرثاثة بدأت تتسلل للمجتمع العراقي مع نجاح ثورة تموز -1958 والرثاثة السوسولوجية مصطلح يعبّر عن مناخ لا حضاري، منحط وفاسد، اخترق الكينونة العراقية على المستويين المجتمعي والدولتي، بتأثير منظومات القيم الرثة التي أشاعها العسكر ، نتيجة استدراجهم للقرويين الى مراكز ومفاصل المجتمع السوسيوسياسي الذي أتاحه استيلاء العسكر على السلطة حينما أعاد بناء السلطة السياسية على نحو أتاح لأكثر الفئات الاجتماعية تخلفاً ورجعية أن تمسك بمصير البلاد، طاردةً كل التراث العقلاني والجمالي والتنويري الذي كافح من أجله ملايينُ العراقيين منذ تأسيس الدولة العراقية .

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل