الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموقراطية الفلسفة وفلسفة الديموقراطية

هشام حمدي

2015 / 11 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد تكون الديمقراطية كلمة مألوفة لدى معظم المغاربة ولكنها تبقى مفهوما يساء فهمها واستخدامها واستعمالها، وهي كلمة مستمدة من الكلمة اليونانية " ديموس " أي الشعب و" كراتوس " أي الحكم وتعني حكم الشعب؛ ويظن الكثير من أصحاب المنطق الخلاصي أن المناداة بالديموقراطية والإلحاح على المطالبة بها والهتاف من أجل تطبيقها هو الحل السحري لكل المشكلات السياسية والاجتماعية التي يعاني منها المغرب، ويعتقد هؤلاء أن فكرة الديموقراطية تختزل بالانتخابات.
بعض المثقفين يسرد روايات ويحكي بطولات عن إنجازات الديموقراطية الغربية ويقرنها ويقترنها بالحديث عن حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، ومعلوم أن إشكالية الديموقراطية في المغرب لا يرادف الحديث عن مشكلاتها، والمشكلة هي التعريف لكل مسألة يمكن حلها والإجابة عنها بعد الدرس والتقصي بطريقة علمية وبرهانية ولكن الإشكالية بالمقابل هي كل مسألة أو مجموعة مسائل تكتنف الإجابة عنها صعوبات وتبدو قابلة لأجوبة متعددة بل في الغالب متناقضة هذا إن لم تستوجب أصلا تعليق الحكم بانتظار وتوفر شروط أفضل للإجابة، ما هي حقيقة الديموقراطية وما هي جذورها الفلسفية ومن أين تبدأ وأين تنتهي؟
الباحثون الجادون في تحليلهم لموضوعة الديموقراطية يرون أنها تقوم في جذورها العقائدية على فكرة نسبية الحقيقة التي تُعَد ثابتا يعطيها البعد المؤثر حتى في صياغتها البريئة الظاهر التي تؤسس لنظام الحكم ونمط ممارسة السلطة والسلوكين الاجتماعي والسياسي، لقد تطور مفهوم الديموقراطية من ارتباطه بمفهوم الحرية انطلاقا من المواكبات التي ربطت شكل الحكم بالعلاقات الإنسانية خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية وانتهاء بالتنظيرات لعالم ما بعد الصناعة التي تحفل فيها حقبتنا المعاصرة المعاشة، إن نسبية الحقيقة هي الجوهر الذي لا يغيب عن كل التنظيرات المتتابعة لمفهوم الديموقراطية والتي كثيرا ما تكون متضادة ولكنها لا تعدم الأساس المتين وفق حقيقتها المسلمة التي تضفي شرعيتها المسلَمَة على أشد الأنظمة تعارضا وأكثر التعاملات الفردية والجماعية تباينا.
إن الأساس الفلسفي لهذا الطرح المسمى ديموقراطية يوجد في مقولات السفسطائي اليوناني غورغاس الذي بنى نظرته إلى العالم على ثلاث مسلمات: الأولى لا يوجد شيء، والثانية إذا كان هناك شيء فإن الإنسان قاصر عن إدراكه، والثالثة إذا فرضنا أن الإنسان أدرك شيئا فإنه لا يستطيع أن يبلغه إلى غيره من الناس.
إن السمة الأساسية التي تلف البنية السفسطائية هي ذلك الاتجاه الذي يحمل تفويض كل وعي وفكر بشريين، فليس هناك إلا محاولة تأكيد الذات ولو على حساب سحق الآخر وتهميشه فهي منظومة تعمل على تبرير وتصويغ واقع ما أيا كان ولا تعمل على الإحاطة بالواقع وتُغَيره نحو الأفضل وما دامت بعض الجذور الفكرية للديموقراطية الغربية هي هذه فإن النتيجة الحتمية المترتبة عليها هي سيادة مشروعية الغرائز بمعناها الواسع لا سيما في بعده السلطوي وبكل ما تنطوي وتنضوي عليه من تحفيز على التفاوت والصراع إن على صعيد الفرد أو على صعيد الجماعة، الأمر الذي يحول مفهوم العدالة من التوسط والاعتدال كما هو فلسفيا إلى مشروعية مصالح الأقوى كما هو وفق منظومة نسبية التي ترتكز إليها الديموقراطية، ونتيجة لسيادة منطق المصلحة للأقوى يكون من الطبيعي أن يكون القانون العام السائد هو العنف الذي يغتال الفكر وكل مساحات الإبداع على الساحة والساعة الحضارية ثم يستبطن صراعا اجتماعيا لا حد له.
أخيرا، إن المسؤولية الإنسانية التي تبرز بشكل غائي في أشد الصراع تجعل الإنسان يرتبط ببعد غائي إنساني يتحمل فيه أمانة تتحول إلى دور أساسي في الحياة وهي التي تفرض روح القانون الذي يحكم التعاملات، إن هذا التأسيس الجامع لتنظيرات الصراع وذئبية الإنسان كما هو مؤسس في الأفكار السياسية الغربية السائدة يمكن أن يؤخذ كمثل على نقد ونقض الفكر الإسلامي لجذور النفعية في الفكر الغربي معليا من شأن المساواة الإنسانية التي تختزن في الإسلام بعدا رساليا معنويا نافيا لمفاهيم الفكر الذي يهمش الإنسان بحيث بالإمكان المقارنة بين القوة الغربية المرتبطة باللاعقلانية الحيوانية حيث تكون القوة هي القيمة المهيمنة على جميع المستويات في حين أن مفهوم الإسلام عن المجتمع والقوة هو في الخضوع والامتثال لضوابط العقل والأمانة، تلكم الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأشفقن منها وأبين حملها فحملها الإنسان فكان ظلوما جهولا.
الإنسانية هي الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح