الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القمع الفتّاك للفكر

رضا لاغة

2015 / 11 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن القمع الفتّاك للفكر ينتج لا محالة موجة من العداء للآخر الذي يشبهني و لا يشبهني . الآخر من جهة كونه ذاتا تنتصب قبالتي و تنغرس في صميم العالم بطريقتها . إنه يفجّر عنفا أعمى يجعلنا نمضي نحو الكارثة ، نحو إيذاء الآخر الذي يتحوّل من شريك في الوجود إلى عدو لدود ، إلى غريب و غريم.
نحن نتحدث عن لحظة حوارية تجد محورها في إصلاح عميق لمفاهيم ناقصة و خاطئة في تقاليد التربية. نبحث يا سادة عن صياغات بديلة تستعيد الشخصيّة البنائيّة للآخر الذي ينبت من ضلعي و من ضلعك. الآخر الذي أكون بدونه جسدا مظلما لأن منظوريته كما وضّح موريس مرلوبونتي هي التي تبعث في قراري الإقبالية على الوجود.
أيا أيها الآخر ، إن تلاشيك خلف الأنا و انمحائك هو عندي نزعة مضادة للانسانوية لأنك بذلك تستحيل إلى فريسة سهلة تعمل على تهميش دورك و تشديد الرقابة عليك و تذويب حضورك الشيّق في صميم العالم المتنوّع .
أيا أيها الآخر ، إن انعطافية الذات نحو يمينية متطرّفة تنبع من انهماك صنمي للدين لا تلزمني ، لأن القمع الفتّاك للفكر لوّث الدين بمتخيّل وهمي يغتصب بفظاظة حقك في الوجود الذي لا أضمن استمرار يته بدون دوام حضورك.
القمع الفتّاك أيّتها السيدات يمزّق بمعانيه الغير اندماجية و بطاقته المؤذية و مشهديته التشاؤمية و انعزاليته المقرفة اندفاعية الحياة التي لا نستلمح منها سوى طابع التطرّف الذي يتناسل منه ينبوع الضلال التكفيري .
و المريب أيها الشباب أنه متضمّن في نمط متطوّر للطابع التاريخي للأحداث كنتاج مستمر مناقض في طبيعته الداخلية لكينونة الآخر . إن هذا الدحض المبتذل و المتمدّد بصيغ غير مكشوفة يعبّر عن فشل اعتقادي لفلسفتنا النقدية التي ظلّت للأسف في مجمل مضامينها محض مواعظ يسهل اقتلاعها و بعثرتها متى وجد الضحية في مجرى الاستقطاب التكفيري الذي يربط قرابة خادعة مع المنتدب الجديد فتنقل الذات تعسّفيّا إلى نقطة انطلاق مرعبة ، حجرية و متصلّبة غارقة في معركة منوّمة تندفع كالفيضان الذي يلتفّ على الآخر فيقوده نزولا إلى الظلام ، إلى القبر ، إلى سرداب العدم، خلف الحياة فلا نتذكّر سوى أنه يحمل اسم الشهيد و نفتخر...
قبّلنا جبين الصبيّ و الجندي المغوار ثم دفعناه إلى الأسفل ، بالكاد نجد الوقت لنستريح حتى نقبّل جبين جديد.
سمعنا من يقول : أظنّ أن القاتل كان يرتدي ربطة عنق. و سمعنا من يقول : إن مظهره لا يثير الفضول ، نكاد نجزم أنه يغري بعلاقة وثيقة و مع ذلك عبر إلى الضفّة الأخرى ليقطع أشواطا في مخالفة طبيعته التي لا تناسب خطورته؛ فقلنا : إنه القمع الفتّاك للفكر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا