الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخابرات الارهاب

فاتح الخطيب

2015 / 11 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


شهر كامل انقضى منذ أن وصلتني اخر رسالة من صديقي صالح, ولا أعلم ان كان لا يزال على قيد الحياة.
والذي يدخل الريبة الى قلبي أكثر هو عدم موافقة أية صحيفة أو قناة تلفزيونية هنا في بلجيكا على طرح قضية اختفائه الغامض على الرأي العام.
جاءني صديقي قبل يومين من سفره في حالة من الخوف والقلق لم أعهده بها, ليضع بين يدي كل تفاصيل الأحداث المتسارعة التي مر بها مؤخرا, حيث قال " علمت مؤخرا بوجود مسجد في المدينة التي أعيش بها, فوجدتها فرصة لكي أؤدي صلاة الجمعة في المسجد, وبما أنه لا يبعد كثيرا من مكان عملي, أصبحت أصلي به احيانا الظهر والعصر. ولا أذكر بالضبط كيف تعرفت على (خالد بولعيد), ذلك الشاب صاحب الثقافة العالية, لكنني أعرف أننا أصبحنا في كل لقاء نخوض في كثير من الموضوعات الثقافية والسياسية والاقتصادية, لدرجة أننا أصبحنا نشتاق لوقت الصلاة حتى نلتقي ونتابع حديث لم يكتمل بيننا. وفي أحد اللقاءات وبعد نقاش طويل في دور الغرب بالدمار الذي حل في بلادنا الاسلامية, تطور مستوى الحديث الى أن عرض علي فكرة الانضمام للدولة الاسلامية. كانت الفكرة صادمة لي, فبدت علي الدهشة وساد صمت طويل بعدها, ولم يكسره الا ذلك الاتصال الذي خلصني من الخوض اكثر في الموضوع, ثم انصرفنا. ودارت أفكار كثيرة في رأسي, وشعرت أني وقعت في يد عصابة لتجنيد الارهابيين بدعوى الدفاع عن الاسلام. ووجدت نفسي حائرا....وفي حالة تردد كبير بين الواجب الأخلاقي والانساني بكشف أسرار اللعبة, وبين الخوف من المجهول.
وفي ذلك المساء الذي أخذت به القرار توجهت لمركز شرطة المدينة وطلبت لقاء موظف مختص في أمن الدولة. لم يهتموا بداية لطلبي, لكن اصراري هو الذي دفعهم لمهاتفة أحدهم, ثم طلبوا مني الانتظار في احدى الغرف الى أن يحضر ذلك الشخص.
ما هي الا نصف ساعة حتى حضر(يان فاندايك), حياني وعرفني بنفسه وقال بأنهم أخبروه عن أمر خطير أريد اخباره به, فقلت له عما جرى بيني وبين (خالد بولعيد) وعرضه علي الانضمام للدولة الاسلامية. واستمر اللقاء بيننا لأكثر من ساعتين بين سؤال وجواب وفي نهاية اللقاء طلب مني الاستمرار بلقاء (خالد بولعيد) وأن انتظر مكالمة منه. وبعد يومين هاتفني ( فاندايك ) وحدد زمان ووقت اللقاء, حيث كان في شقة عادية وسط المدينة. وهناك دار حديث مطول حول خطة الامتثال لطرح (خالد بولعيد) بالانضمام للدولة الاسلامية, وعن ضمانات سلامتي الى أن يتم الكشف عن كل الشبكة المتورطة في تنظيم الشباب وارسالهم الى هناك. ووعدني بأنه سوف يكون المتابع المباشر معي, وأنني سوف أكون امنا لأن مهمتي سوف تنتهي قبل دخول أي حدود للدولة الاسلامية. وعند عودتي لبلجيكا سوف أنتقل للعيش في مدينة أخرى. وعلى ضوء ذلك اللقاء, توالت اللقاءات مع صديقي (خالد بولعيد) والذي بدوره شرح لي كيف أن موضوع السفر والوصول للمكان المطلوب سوف يكون سهلا, وأن هناك من ينتظرني في المرحلة القادمة لكي يسهل لي أمر الدخول للدولة الاسلامية.
ولأنك يا صديقي العزيز الوحيد الذي أثق به ثقة مطلقة, ها أنا أضع بين يديك كل الحيثيات المتعلقة بالموضوع." ((هكذا اختتم صديقي قصته))
لم تسعفني الكلمات في ذلك الموقف, فضممته لصدري وكأنني أودعه لاخر مرة, ووعدته بأنني دون أدنى شك سوف أتابعه وأنتظر مكالماته ورسائله بفارغ الصبر.
في اليوم التالي هاتفني من مطار بروكسيل يخبرني أنه متجه نحو تركيا, فتمنيت له السلامة, وقال (أن الامور جيدة), وهي الشيفرة التي اعتمدناها بأن رجل المخابرات (يان فاندايك) يتابعه. وفي اليوم التالي وصلتني منه رسالة بأنه يقيم في شقة في اسطنبول مع ثلاثة هولنديين وبلجيكي واحد. وأن الامور جيدة. حيث بقي في تلك الشقة أسبوعا كاملا, وكان يرسل لي رسالة يوميا على الأقل يخبرني بها أن كل شيء على ما يرام وأن الأمور جيدة. وبعد انقطاع دام ثلاثة أيام وصلتني منه رسالة مقتضبة يقول بها" أنهم يأخذوني لمدينة كوباني وأن الامور غير جيدة, افعل شيئأ لانقاذي, أنا في ورطة."
جف حلقي وتجمد الدم في رأسي لقراءة نص الرسالة. وأول من فكرت به هو (خالد بولعيد) ما هو دوره وما هي علاقته بالأمن؟ لكنني بداية توجهت لمركز الأمن لكي ألتقي (يان فاندايك) فأخبروني هناك أنهم لا يعرفون شخصا بهذا الاسم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق