الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة وقدرها في المجتمع ؟

حميد طولست

2015 / 11 / 27
ملف - حقوق المرأة العاملة في العالم العربي - بمناسبة ايار عيد العمال العالمي 2015


المرأة وقدرها في المجتمع ؟؟
احتلت قضية المرأة وحقوقها المسلوبة ، وتبوأت مسألة مساواتها بالرجل في كافة مجالات الحياة ، واجهة الكثير من الكتابات ، والمقالات والدراسات في الآونة الأخيرة وبمناسبة اليوم العالمي ، مركزة في غالبيتها على تحميل الرجل مسؤولية ما آل إليه وضع المرأة من سوء وتأخر ، وما عرفته وتعرفه من ظلم واحتقار في المجتمعات العربية والإسلامية ، دون الانتباه الى ما فعلت المرأة وتفعله بنفسها ، حيث أنها كانت أول من أسهم بقوة في تهميش دورها والانتقاص من مكانتها وقيمتها ، ولازالت تدني من قدرها ومقدارها ، وتفرط في حقها طواعية ، راضية مرضية بما تسميه نصيبها ..
وحتى وإن لم تكن هي السبب المباشر في كل ما أصبح عليه وضعها من ظلم وتعد على حقوقها ، فإنها تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية أسبابه الكثيرة التي -اجمع الجميع- على أنها في مجملها ذاتية ، ترجع إلى عوامل عديدة ومتنوعة ، لها التأثير الأكبر والخطير على عقليتها ، وثقافتها الخاصة والعامة التي تشربتها والمبنية على ان الرجل هو "الصح" ، وأنها دونه مهما كانت أعلى مركزا منه ، ومهما فاقته خبرة وثقافة ومستوى علمي ومعرفي .. لا لشيء إلا لأنه ذكر بلحة و"موسطاش" وهي أنثى بثديين ، في الوقت الذي كانت تتحمل فيه المرأة مسؤولية ادارة أمورها بنفسها في بعض الحضارات ، قوية قادرة ، تمنع الظلم عن نفسها وتحر فكرها من كل المبررات التي تسوغها المجتمعات الذكورية لتبقيها كائنا خاضعا ومستعبدا ، وترفض كل ما يكبلها من معتقدات خرافية متخلفة ، فكانت ملكات اعتلين عروش بلادهن .. وقائدات وجهن الجيوش وقدن الحروب والغزوات ، مثل كيلوباترا لدى الفراعنة ، وعشتار في العراق ، وبلقيس ، وسميرايس ، وزنوبيا ، وديهيا ، وحتشبسوت ، وشجرة الدر، ووصلت بعضهن إلى درجة الآلهة مثل فينوس الهة الجمال .. فهل من المعقول أن يتراجع ذاك التميز الذي عرفته المرأة قديما ، وتلك المنزلة الخاصة والمكانة الرفيعة التي حظيت بها في كثير من المجتمعات التي تحترم نساءها-والذي وصلت أهميتها في بعضها إلى درجات خيالية ، كما هو الحال مع إخناتون الذي كان أغلى قسم عنده هو أن يقسم بنفرتيتي زوجته ، رغم أنها لم تنجب له سوى البنات ، أو كما كان رمسيس الثالث يتباهى بالمرأة في مملكته ، ما دفع بــ"ماكس ميللر" أن يعلق على ذلك قائلا : " ليس ثمة شعب قديم أو حديث رفع منزلة المرأة مثلما رفعها سكان وادي النيل "- مع الأسف لقد تغير حال المرأة وأصبحت عبارة عن جارية تتمسح بأهداب السي السيد (الرجل)، وتتقبل ، وبرحابة صدر ، ما ليس عليها تقبله منه ، لإرضاء غروره وشبقيته ..
وأنا هنا إن كنت لا أدافع عن أي سلوك عدواني تحقيري للمرأة ، لا يقبله العقل السليم لا شكلا ولا مضمونا ، ولا ألتمس العذر لمرتكبي التصرفات الجاهلية المشوّهة لطبيعة المرأة بما يصمونها به من عيب وعار يلزمانها المكوث خلف قضبان شرف الحجاب المسوّر لرأسها وعقلها ، وختان يمنعها متعة من الله عليها بها ، بغية تحويلها الى مشروع جنسي ووعاء لذة مشرعن بحجة المشرع والدين مند نعومة أظافرها ، فإنني أرى –ودون محاباة لأحد ، وبعيدا عن أي منطلق عاطفية أو أيديولوجي - أن الرأي الأقرب للمنطق والعقل هو أن على المرأة أن تنتج نمطا نضاليا خاصا بها ، ولا اقصد هنا بالنمط الخاص ، القطيعة مع ما عرفته نضالات المرأة تاريخيا وفكريا وثقافيا عبر العالم ، بل أن يستند نضالها ، كما اعتادت ، على الاتكال على غيرها (الرجال)، وتعتمد فيه على إصلاح أمرها بنفسها وذاتها ، كما أمر الله سبحانه وتعالى بذلك بقوله "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " صدق الله العظيم ، بدل أن تندب حظها ، وتنتظر الرجل الشهم الكريم الذي يخلصها من أحوالها السيئة المتوارثة من التاريخ والجغرافيا والثقافة المجتمعية والعقائد والمبادئ التي تتمسك بها دون ان تعلم ان مضارها عليها اكثر من منفعتها ..
وبما أن واقع المرأة ليس بحاجة إلى معجزات ، وأن الحقوق لا تستجدى بل تؤخذ غصبا وعنوة ، وبعيدا عن المبالغة والتهويل والابتزاز وكيل الاتهامات بغير وجه حق ، فقد آن الأوان للمرأة أن تغير من نظرتها للصورة النمطيّة لقضيتها ومن الأحكام المسبقة التي تحاصرها ، وأن تستلم زمام دورها في المجتمع بفعالية وإصرار ، رافضة كل ما من شأنه أن ينتقص من قدرها وقيمتها كإنسان ، معتمدة في دفاعها عن نفسها وحقوقها على جهودها ، خاصة أنها تشكل نصف المجتمع ، وبعد ذلك فقط ، لا بأس من البحث عن دعم لقضيتها عند المتحررين والمثقفين الذين يؤمنون بمشروعها التحرري وحقها الطبيعي في حياة راقية في مجتمع يحترمها ويجلها..
حميد طولست [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط