الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تهدد البطالة مكتسبات الطبقة العاملة ؟

المناضل-ة

2005 / 11 / 2
ملف حول مشكلة البطالة في العالم العربي وسبل حلها، بمناسبة 1 ايار- ماي 2013 عيد العمال العالمي


البطالة سمة العصر.

تعتبر البطالة إحدى أبرز السمات التي تعبر عن أزمة النظام الرأسمالي. ففي العالم يوجد اليوم أزيد من مليار عاطل عن العمل)1(، وهو رقم في تزايد مع مرور
السنوات، حيث برزت إلى الواجهة البطالة الدائمة وبطالة حاملي الشواهد العليا. فالرأسمالية اليوم تركت مئات الملايين على الهامش و بلا مورد للعيش الكريم، مما يؤثر سلبا على بنية المجتمع الاقتصادية، الإجتماعية والسياسية وبالتالي فان نتائج البطالة تترك آثارها المدمرة، ولو بشكل مختلف قليلا بين فئات المجتمع، سواء كانوا ضمن دائرة الإنتاج أو أجبرتهم على البقاء خارجه
ففي المركز الإمبريالي أدت نضالات الطبقة العاملة إلى إيجاد نوع من التسوية في حل مشكلة البطالة بحيث يتقاضى العاطل عن العمل الحد الأدنى من الأجر الذي يكفل تأمين استمرار حياته (التعويض عن البطالة)، أما في الدول التابعة، فلا زالت هذه المشكلة بلا حل، بل إن المؤشرات تدل على أن أعداد العاطلين عن العمل هي في ازدياد، ولا زالت الفئات الاجتماعية الفقيرة تدفع وحدها الثمن وخصوصا الطبقة العاملة. حيث أن البطالة هي بمثابة سيف ديموقليس على رقاب الطبقة العاملة، فتنامي الجيش الاحتياطي للعاطلين يؤثر سلبا على نضالاتها ويعصف بمكتسباتها التاريخية التي حققتها عبر عقود من النضالات والصراع المرير ضد الرأسمال. ففي المغرب مثلا باسم الحد من البطالة - و أشياء أخرى - عبر تشجيع الاستثمارات وخلق الشروط للإقلاع الاقتصادي تم تمرير المدونة الجديدة للشغل والتي تضرب في العمق استقرار الشغل و تشرعن التسريح.

أسباب البطالة من وجهة نظر منظري الرأسمالية.

يرجع منضروا الاستغلال الرأسمالي ارتفاع نسبة البطالة إلى قوة النقابات ودورها البارز في تحديد الأجور ونضالها المستمر من أجل الرفع من قيمتها وضد خفضها عند حدوث بطالة، مما يجعل الأجور غير مرنة، الشيء الذي يحول دون زيادة طلب أرباب المعامل على العمال العاطلين، حيث يؤكد ميلتون فريمان)2( على أن المعدل الطبيعي للبطالة يميل نحو الارتفاع بسبب وجود الحد الأدنى للأجور وبسبب قوة النقابات .و نفس الشيء يؤكده البنك العالمي في تقريره عن التنمية في العالم سنة 1995، حيث ينحي باللائمة على تعنت النقابات و يحملها مسؤولية ارتفاع نسبة البطالة والأضرار بمصالح أرباب العمل والمستهلكين، حيث يؤكد أن " الأجور العالية التي تحققها النقابات لأعضائها تؤدي إما إلى تخفيض أرباح رب العمل أو إلى نقل عبئها إلى المستهلك في شكل ارتفاع في الأسعار، و تؤدي كلتا النتيجتين بالمؤسسات التي توجد بها نقابات إلى تشغيل عدد أقل من العمال.". أما العامل الثاني الذي يساهم في ارتفاع نسبة البطالة كما يزعم الاقتصاديون الرأسماليون فهو تشريع الحد الأدنى للأجور، فهم يرون انه حينما يحدد التشريع الحد الأدنى للأجر عند مستوى أعلى من إنتاجية العمال، فان ذلك لا يشجع أرباب العمل على التشغيل. ولذلك يرون أن قوانين الحد الأدنى للأجر تساهم في تفاقم البطالة ومن ثمة ضرورة إلغائها، و هو ما زكاه البنك الدولي في تقريره المذكور أعلاه. كما يؤكدون أن التعويض عن البطالة والحماية الاجتماعية يساهمان أيضا في الرفع من مستوى البطالة.

ماذا يقترح الخدام الأوفياء للرأسمالية للحد من البطالة؟

يرى الاقتصاديون الرأسماليون أن الحد من البطالة لن يتأتى إلا باتخاذ الإجراءات التالية:
1 – حفز رجال الأعمال على الاستثمار وزيادة الإنتاج: وذلك من خلال خفض الضرائب على الدخل و الثروة، و تقليص القطاع العام و تحويل ملكيته للقطاع الخاص( الخوصصة )، و إطلاق آليات السوق، و محاربة الرقابة الحكومية على الأجور والأسعار.
2 – خفض تكلفة الإنتاج عبر خفض الأجور مما سيساهم في خفض الأسعار وبالتالي زيادة المبيعات، مما يحمس رجال الأعمال لزيادة خطط الإنتاج وبالتالي توظيف المزيد من العمال.
3 – إعادة النظر في نظم الأجور التعاقدية وآليات المفاوضات، بين العمال والباطرونا بخصوص تغييرات الأجور، على النحو الذي يلغي أو يقلل إلى أدنى حد دور نقابات العمال.
4 – إعادة النظر في نظم الحماية الاجتماعية ( التعويض عن البطالة – التأمين الصحي – التامين ضد مخاطر الشغل – الشيخوخة...الخ )، من خلال زيادة التكلفة التي يتحملها الأجير للاستفادة من مزايا الحماية الاجتماعية، و تقليص هذه المزايا من جهة أخرى، من اجل تخفيف الأعباء على الباطرونا.

هل فعلا سوف تحد هذه الإجراءات من البطالة؟

هذه الإجراءات بدأت فعلا الحكومات الرأسمالية في تطبيقها في أغلب دول المعمور في إطار الهجوم النيوليبرالي الجديد. فإطلاق آليات السوق والخوصصة و مرونة سوق الشغل كلها إجراءات أصبحت أمرا واقعا، والهجوم في تزايد للإجهاز على ما تبقى من مكتسبات الطبقة العاملة ورغم ذلك فالبطالة في تزايد باستمرار.
إن الرأسمالية غير مكترثة بالحد من البطالة بقدر ما يهمها توسيع أرباح الرأسماليين و نزع أسلحة الطبقة العاملة ليبقى العمال عبيدا في يد الباطرونا. فالإجراءات التي يهلل الرأسماليون بكونها سوف تحد من ارتفاع نسب البطالة أبانت عن فشلها من قبل حتى ما تبدأ حكومات الباطرونا في تطبيقها.
فمسلسل الخوصصة الذي شرع في تنفيذه لم يؤدي سوى إلى سلسلة من التسريحات في أوساط المقاولات المخصخصة.
أما إطلاق آليات السوق ومرونة سوق الشغل فلم يساهم سوى في تركه نسبة كبيرة من العمال في وضع هش أو في بطالة مقنعة، كما أن البرجوازية توظفهما كسلاح ضد أي تململ عمالي.
إن تحرير الأجور وإلغاء الحد الأدنى للأجور وإعادة النظر في نظم الحماية الاجتماعية باسم تخفيض كلفة الإنتاج، للزيادة في نسبة التشغيل، ما هي الا ذرائع لدر الرماد في العيون. فهذه الإجراءات لن تزيد إلا في زيادة أشكال أخرى من البطالة وتزيد من تعميق هشاشة الشغل وتوطيد استغلال الرأسمال للعمال.
إن الإجراءات التي تقترحها الدول البرجوازية للحد من البطالة سوف تأتي على ما تبقى من مكتسبات الطبقة العاملة، فالمساس بالحد الأدنى للأجور هو إجهاز حقيقي على القوت اليومي للكادحين، و أما إعادة النظر في أنظمة الحماية الاجتماعية هو تهديد خطير لحق العمال في الوجود وضمان حياة كريمة.
إن البرجوازية ما فتئت تستغل كل الفرص للإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة، واليوم تتذرع بالبطالة لتحقيق مرادها. فكلنا نعلم أن البطالة هي ملازمة لنمط الإنتاج الرأسمالي ولا يمكن القضاء عليها إلا بالإطاحة بالبرجوازية وإقامة سلطة العمال. إن البطالة فعلا ترتفع نسبها كل يوم ولكن الإرباح أيضا تحقق أرقاما قياسية، فلا يعقل مثلا أن نرى مقاولات تحقق أرباحا ورغم ذلك تسرح العمال. وعلى العموم ليس من المعقول أن يكون الاقتصاد آلة لتدمير من يكدحون في إدارته، أو أن يرمي المجتمع على الهامش من ترى الباطرونا على أنهم غير مجدين في الرفع من أرباحهم. إن الأمور يجب أن ترجع إلى نصابها فالاقتصاد يجب أن يوضع في خدمة الإنسان، تلبية لحاجياته بدلا من أن يوضع في خدمة طبقة طفيلية تشكل أقلية.
إن الواجب القيام به حقا هو توزيع عادل للثروات، عبر منع التسريحات و تقسيم الشغل على الجميع، و رفع الأجور وكذلك عبر توسيع وحماية الخدمات العمومية. إنها نقط يجب أن تشكل محور عمل كل المناضلين العماليين كل من موقعه، فالهجوم الرأسمالي يتصاعد فلنعمل على تنظيم المقاومة وحشد كل الطاقات لإحياء روح النضال العمالي الحقيقي، و ليكن نبراسنا هو صرخة أسلافنا: يا عمال العالم اتحدوا.

صابر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) world of work. The magazine of ILO.N18, decembre 1996. . (2) Milton Freidman: « the role of monetary policy. «American economic review. march 1968








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل