الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعزاء القوم .... والإذلال الجائر

صباح راهي العبود

2015 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


أبتلى الشعب العراقي بسيطرة بعض أدعياء القيم والمثل العليا , وكان الأمل فيهم كبيراً بادئ ذي بدء لتحقيق ما يصبوا إليه فقراء الناس على فرض أن هؤلاء قد ذاقوا مرارة الفقر والجوع والحرمان , فهم أدرى من غيرهم بما يعانيه الفقراء والمعوزين ,لكن أمرهم غدا كالدواب التي إنتشرت في المراعي والروابي الخضر بعد جوع , تأكل بنهم لتسمن وتتعطل عقولها تماماً لتبدأ بممارسة أساليبها الشاذة المنحرفة وطباعها النتنة العفنة. وهكذا ظهرت في العراق في الآونة الأخيرة مجموعة من المرتزقة إحتلوا في غفلة من الزمن بعض المواقع المهمة في حكم البلاد فانصرفوا الى ذواتهم يكنزون المال السحت ,فادخروا من الغنائم ما ملأ بنوك الدنيا ,وإمتلكوا الفلل والعمارات والقصور في كل البقاع,ينامون على فرش من ريش النعام , ويتجولون بسيارات فارهة , ويلبسون مما تنتجه أرقى الشركات العالمية ذات الماركات والعلامات المميزة,لايشعرون بقر الشتاء ولا بحر الصيف ولا يعرفون معنى لشيء إسمه إنقطاع كهرباء . تركوا عوائلهم ينعمون في المهاج بما سرقوه من مال حرام ,هم يخشون التجوال بين الرعية والخلق ,وإن إضطروا لذلك فتحت حماية المئات من الحراس المدججين بالسلاح المستعدين للفداء لمن لايستحق حتى بصقة في وجهه. ومع كل هذا فهم يقفون عاجزين عن تقديم أية منفعة أو خدمة لمن جعلوهم جسراً للوصول الى السلطة ثم ليتحولوا الى أصلاف متعالين .
ولعل من أكثر فئات المجتمع التي تنتظر من حكامهما الرحمة والرعاية والإهتمام هم فئة كبار السن وبالأخص المتقاعدين منهم ممن قدموا خدماتهم الجليلة وأفكارهم البناءة التي أغنت حياة كل من جاء بعدهم ,هم من أوقد سنين العمر شموعاً تضيء الدروب للساعين الى المجد ,فبدلاً من الإهتمام بهم ومد يد العون لهم وتخفيف آلامهم , دأب بعض المتسلطين على محاربتهم من خلال سرقة ما يحصلون عليه من دريهمات ينتظرونها بعد كل ستين يوم , وذلك بسنهم لقانون التقاعد الجديد الذي حول وعلى الفور الكثير من أسر المتقاعدين من متوسط الحال الى أسر غير قادرة على أداء الحد الأدنى من المستلزمات الضرورية للحياة ,وبات الراتب التقاعدي لجمهرة المتقاعدين غير مؤهل لسد رمق المتقاعد لوحده فكيف به وهو يقود عائلة تسكن في بيت مؤجر يتطلب معه دفع فاتورة مولدة الكهرباء التي تجهزه بخمسة أمبيرات بائسة لاتهش ولا تنش ناهيك عن متطلبات العلاج وما يلزم من مال لحل المشاكل والمفاجئات غير المحسوبة ,الى جانب مصروفات الطعام والشراب والملبس والتنقل وأداء بعض الممارسات الإجتماعية وغير ذلك.
لقد حمل المتقاعدون على عاتقهم مسؤولية خدمة الناس بإخلاص وتفان معروفين لدى الجميع ولسنوات طويلة حتى أضحى الكثير منهم مفخرة لمجتمعه , وتركوا بعد مغادرتهم الوظيفة بصمات واضحة في كل عمل كلفوا به ,وأصبحت تركتهم الثرة دليلاً وعوناً لكل من يبحث عن الخبرة ,مما إستوجب إحترام الجميع لهم .لكن الذي حصل هو العكس ,إذ أصبح مفهوم التقاعد يعني خروج الموظف نهائياً من الذاكرة الحكومية ,فلا من مسؤول يهتم بالمتقاعدين أو يتتبع أخبارهم ,فأهمل جانبهم بعد أن قضوا السنين الطوال رافعي راية العطاء بأمان وشرف وسلموها لمن بعدهم كأقدس ما أنجزوه في حياتهم بحماس وإخلاص ونكران ذات وتضحية في سبيل أداء المهمات بأمان فكانت الوظيفة هاجسهم اليومي وشغلهم الشاغل لتمتد حتى بعد إنتهاء الدوام الرسمي . فهل من الوفاء بعد كل هذا أن تقوم الحكومة بسن قانون تؤول بنوده الى إنقاص رواتب المتقاعدين ليشكل ضربة موجعة لهم تزيد في فقرهم فقراً وفي عوزهم عوزاً بعد أن أمضى فيهم الإهمال وأمراض الشيخوخة قتلاً , ناهيك عما داهمهم من أمراض نفسية جراء الفراغ القاتل بعد التقاعد؟؟؟ وهل هذا دليل محبة وإحترام ووفاء وتقدير وعرفان؟؟؟. ففي الوقت الذي كانت شريحة المتقاعدين تنتظر المزيد من العطاء والنظر بعين العطف والمودة لما يعانونه , ظهرقانون التقاعد الجديد ليفاجئهم بظلمه وقساوته التي تضاف الى قساوة الزمن عليهم بعد أن زاد الغلاء ليشمل كل ما يحتاجونه من أمور تلزم لإدامة الحياة عند الحد الأدنى الذي يحفظ كرامتهم وبقية ماء الوجه. فالحكومة وبدلاً من أن تتكفل بحمايتهم مع أسرهم في حالة الطواريء والمرض ,وتوفير المسارات الآمنة لما تبقى من أعمارهم ,ودعم قوانين الضمان الإجتماعي ,وحمايتهم من عاديات الزمن وفاءاً لما قدموه , بدلاً من كل ذلك قامت بجلدهم من خلال قانون ظالم يعمل على سرقتهم تزامناً مع إرتفاع معدلات التضخم ومستوى الأسعار.فلا خير بقائد لا يحس بآلام من يقودهم ولا يحس بمعاناتهم , ولا يتذوق مرارة فقرهم وآلامهم . فماذا تأمل ياترى من مثل هذا القائد الذي أعلن من خلال شاشات التلفاز بأنه سيسحق بحذائه كل من طالب بخلعه وطرده خارج السلطة لفساده وإفساده ,ثم يعود ليكرر الإهانة بكل وقاحة ؟ ,وآخر ساوى مابين حذائه ومنصب قيادة الشعب , أما الثالث فقد ترك موضوع الأحذية ليخبرنا بأن منصب رئاسة الحكومة وقيادة الشعب لا يزيده شرفاً في الوقت الذي كان هو سبباً في تعطيل تشكيل الوزارة لنحو عام في صراع مخجل للإستحواذ على المنصب .
إن إعادة ما سرقه واحد فقط من هؤلاء من أموال الشعب كاف لحل مشكلة العجز في ميزانية الدولة برمتها ,وليس الحل في خفض رواتب المتقاعدين وغيرهم من الناس والتي يسعى من إدعى الإيمان والقيم والمثل العليا لإذلالهم بقوانين جائرة وبسرقات لاتتوقف.
فلما بلغت السن والغاية التي ..... إليها مدى ما فيك كنت أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة ..... كأنك أنت المنعم المتفضل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا