الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
بين السياسة الفرنسية والمواطن الفرنسي
عبدالحق رحيوي
2015 / 12 / 10مواضيع وابحاث سياسية
بين السياسة الفرنسية والمواطن الفرنسي.
يشهد العالم أحداثا دموية اليوم، خلفت هذه الأحداث آراء متابينة سواء عند النخبة المثقفة أو العامة من الناس، وللحسم في هذه الآراء ينبغي أن نميز بين السياسة والمواطن، بين السياسة، الفرنسية والمواطن الفرنسي،وبين السياسة الأمريكية والمواطن الأمريكي، بين الجندي الذي يشارك في الحروب الشرق أوسطية والمواطن الغربي القابع في بيته يشاهد الأحداث بتذمر شديد. الفصل بين السياسة والمواطن يعتبر الحل الأمثل لفهم أحداث اليوم وتجنب الانفعالات سواء كان مصدرها الإيمان أو التاريخ.
نبدأ بالقضية الفرنسية اليوم والتي تعتبر قضية الساعة، خلف هذا الحدث الأليم في الوسط العربي آراء متناقضة، تعكس التصور العامي حول القضية وحول فرنسا. لا أحد ينكر أن فرنسا متورطة في الحروب والإرهاب، نعم هذه حقيقة واقعية اليوم، ومن ناحية التاريخية فرنسا أكبر دولة استعمارية ونفوذا في العالم، وهذه كذلك حقيقة تاريخية لنبدأ بالتاريخ أولا.
يرفض بعض المواطنين العرب التضامن مع فرنسا، ويعتبر التضامن معها تعبير عن وعي استعماري وجهل مقدس، لأنها الدولة التي قتلت أجدادهم،عذبتهم وآراقت دمائهم، إنها جزء من الماضي السيء والذاكرة مرة.ولكن هل المواطن الفرنسي اليوم الذي يتجول في باريس شارك في حروب الاستعمارية؟ أو شارك في حملة عسكرية ؟ هل الناس الذين ماتوا في التفجيرات قتلوا أو احتلوا دولة ؟
أكيد الإجابة عن هذه الأسئلة صعبة، من قتل واستعمر مات، والآن هو في قبره يعانق التراب، وبتالي لا يمكن أن تحاسبني بما فعله جدي، ما فعله جدي في القرن العشرين يتحمل مسؤوليته هو بالذات، هذا هو حال المواطن الفرنسي اليوم، إنه مضطر إلى أن يدفع ثمن أخطاء أجداده وهذه من الناحية الواقعية مسألة غير معقولة، وبتالي ينبغي أن نتخلص من هذه النظرية ومن هذا الحقد التاريخي إذا أردنا أن نكون كائنات حداثية تؤمن بالراهن وليس مجرد كائنات تاريخية.
أما من يتحدث عن الحاضر في كون فرنسا دمرت ليبيا و سوريا ومالي...الخ.هنا ينبغي أن نفصل بالذات بين المواطن والسياسة، قد يقول قائل من صعد بالسياسيين الى الحكم إنه الشعب الفرنسي وبتالي ينبغي على الشعب أن يتحمل مسؤولية اختياراته، وقد أقول أنا أن أغلب المواطنين لم يصوتوا على الحرب في ليبيا أو أي دولة أخرى، المواطن صوت على حزب كان يعتقد أن قد يساعد فرنسا في التقدم وضمان حقوقه، وبتالي نتائج السياسة الفرنسية لا يتحمل مسؤوليتها إلا الرؤوس الكبيرة، من جنرالات ووزراء وأصحاب الشركات المتعطشة للثروة حتى لو قتلت شعبا بكامله، وبتالي لو أرادت داعش أن تفجر فرنسا عليها تفجر رؤوس هؤلاء وليس أن تذهب إلى ساحة عمومية وتقتل الناس الأبرياء.
بالإضافة الى ما قلناه في ما يتعلق بهذه القضية، فإن الساحة العمومية هي مليئة بالسياح القادمين من كل دولة، يتجول في الساحة العمومية المسلم، والمسيحي، واليهودي، والأطفال، والشيوخ...الخ. وبتالي نحن لا نعرف من نقتل بالضبط،إذ لم نقل أن التفجيرات تقتل ناس أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم تواجدوا في مكان معين في وقت خاطئ كلفهم حياتهم.
قبل أن ننهي الكلام في هذا الموضوع هل التفجيرات التي هزت باريس ستغير السياسة الفرنسية؟ ربما لا . ومن المرجح أن تقوم فرنسا بتحالفات جديدة لشن حملة شرسة على الإرهاب والضحايا هذه المرة مواطنين أبرياء في بقاع العالم العربي...وبتالي يمكن القول إجمالا كخلاصة لهذا الحدث عندما أتضامن مع فرنسا فأنا لا أتضامن مع هولاند أو مع جنزال ديغول...إنما أتضامن مع عائلة مواطن بريء قتل بدون ذنب..لم يشارك في حرب ما، وقد يكون عاشقا للسلام أو مدافعا عن قضايا الشعوب. إن الربط بين المواطن الفرنسي من جهة وما تقوم به دولته هو في حقيقة أننا نحمل المواطن الفرنسي أكثر مما يتحمل ينبغي أن نعيد النظر في أفكارنا إذا أردنا فعلا أن نتحدث عن الإنسان الكوني والمواطن الكوني والسلام الكوني. وأن ندين الإرهاب سواء مارسته داعش أو فرنسا أو أمريكا...الخ.وأن نتضامن مع كل مواطن بريء غادر كوكبنا دون وداع.
[email protected]
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فرنسا.. عمل أقل، حياة أفضل؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. جنوب لبنان جبهة -إسناد- لغزة : انقسام حاد حول حصرية قرار الح
.. شعلتا أولمبياد باريس والدورة البارالمبية ستنقلان بصندوقين من
.. رغم وجود ملايين الجياع ... مليار وجبة يوميا أُهدرت عام 2022
.. القضاء على حماس واستعادة المحتجزين.. هل تحقق إسرائيل هدفيها