الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يمكن الدفاع عن الطائرات المسيرة القاتلة أخلاقياً

فضيلة يوسف

2016 / 1 / 8
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


أصبحت مهتماً بالطائرات المسيرة المسلحة بعد فترة وجيزة من إعدام وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ستة أشخاص على الطريق في اليمن يوم 3 تشرين ثاني عام 2002. شاهدت في ذهول لقطات بعد وقوع الهجوم ، ليس تفتيت الناس إلى أشلاء من قبل هذا الجهاز الجبار، بل إشادة المعلقين على الحدث بالإجماع باعتباره إنجازاً رائعاً. يبدو أنه لا يوجد أي تقدير على الإطلاق للأسئلة الأخلاقية التي يثيرها استخدام التكنولوجيا بهذه الطريقة .
كتبت مقالاً وأنا مُندهش ، "حالة غريبة من الإعدام بواسطة الطائرة المسيرة "، والتي نشرت في مجلة Peace Review في أوائل عام 2003. وبعد ست سنوات، وفي كانون ثاني 2009، معجباً من نتائج الانتخابات عام 2008 ووصول الرئيس المحب للسلام، أرسلت نسخة من مقالتي لباراك أوباما. ضد كل أمل في التغيير، لم توقف الإدارة الجديدة حالات الإعدام بالطائرات المسيرة. والأكثر غرابة، بدأ القتل المستهدف بسرعة يحدد السياسة الخارجية الأمريكية، على الرغم من عدم النقاش العام حوله.
إن استخدام التكنولوجيا المتطورة ل"العثور" ، و"تثبيت " ، و"قتل" الناس غير المسلحين في أماكن بعيدة ومختارة للإبادة من خلال مداولات سرية بين لجنة صغيرة من البيروقراطيين تمثل خروجاً جذرياً عن الطرق التي كانت تتم بها" الحروب "في الماضي. بطريقة أو بأخرى كل هذا غاب عن ذهن الجميع تقريباً في الولايات المتحدة حتى قتلت الطائرات المسيرة ثلاثة أمريكيين خلال الهجمات التي أذن بها الرئيس أوباما في خريف عام 2011. كان أحدهم صبياً يبلغ من العمر ستة عشرعاماً، عبد الرحمن العولقي ، نجل أنور العولقي، الذي قُتل قبل أسبوعين من ذلك وكان من أبرز المنتقدين لما وصفه بأنه حرب حكومة الولايات المتحدة الإجرامية على الإسلاميين.
وانقسم الشعب الأمريكي حول الطائرات المسيرة . يشعر بعضهم بالفزع لمقتل المشتبه بهم عن طريق التحكم عن بعد ، وهناك آخرون يشيدون بهذه الممارسة . بينما يعتقد النشطاء المناهضين للطائرات المسيرة أن إعدام أشخاص غير مسلحين عمل مروع ، يرى صناع القرار أن هناك إطاراً قانونياً يمكن من خلاله فهم الإجراءات المميتة كشكل من أشكال الحرب المسموح بها. إذا كان هذا الإطار، يشمل إعادة تفسير موضوعية لمفاهيم مثل التهديد الوشيك ، ويعتبر ساري المفعول، فمن المفترض أنه سيتم استدعاؤه من قبل قادة آخرين وحكومات في المستقبل، وينبغي أن يكون قابل للتطبيق بأثر رجعي أيضاً. إذا تم تطبيق معايير جديدة على الدوام لجميع مرتكبي جرائم القتل السياسي، فإن الكثير من التاريخ يحتاج إلى إعادة صياغة.
الاتفاقيات القانونية التي تحكم الحرب، تخضع لتعديلات كلما يظهر القادة الجدد والمجتمعات ومع مرور الوقت، المبادئ الأخلاقية حتى الآن أكثر أهمية حتى من الممارسات التي تعتبر حالياً قانونية. لقد آن الأوان لإخضاع برنامج الطائرات المسيرة، وكل ما ينطوي عليه، للتدقيق الأخلاقي، لتقييمه بوعي ،فهل يمكننا بضمير أن نتغاضى عن القتل السريري لأشخاص عزّل من قبل مشغلي الطائرات المسيرة الذين لا تتعرض حياتهم لخطر مباشر عندما يقومون بعملية القتل. تقدّم الطائرات المسيرة ايضاً فرصة غير مسبوقة للنظر بطريقة أكثر عمومية لممارسات الحرب في العالم الحديث. القتل المستهدف بعيد عن كل شيء من الحرب ولكنه في النهاية يسعى وعن عمد إلى : موت البشر.
على مدار التاريخ البشري، كانت المؤسسات العسكرية تُزيل تدريجياً العامل البشري من الحرب وتزيد المسافة بين الجنود والأشخاص الذين يقتلون. من الأيدي العارية والسكاكين للنبال والرماح، من بنادق الطلقة الواحدة للرشاشات سريعة إطلاق النار القادرة على قطع خط كامل من البشر إلى النصف، تتحرك أسلحة المقاتلين جيلاً بعد جيل مسافة أبعد وأبعد عن بعضها البعض. الألغام الأرضية هي شكل من أشكال التكنولوجيا الآلية ، وإن كان اللغم، يهدف إلى عرقلة حركة جنود العدو إلى الأمام في حين يكون جنود الحلفاء في الانتظار في مكان آخر. كان اختراع الطائرات والقنابل ليس مجرد تغيير كمّي ولكنه تغيير نوعي، مما جعل من الممكن قتل قوات العدو من السماء. زادت الذخائر النووية أضعافاً مضاعفة القوة التدميرية من خلال دفعة بسيطة على الزر. في كل هذه الحالات، ما بدى أنه اختراع عبقري يهدف إلى تقليل الخسائر المقاتلة انتهى إلى قتل وتشويه عشوائي للمدنيين.
آخر الابتكارات العسكرية الأخيرة نموذج لطائرة مسيرة مسلحة تسمى (UAV)، ويشار إليها أحيانا باسم (UCAV). يتم التحكم في هذه الطائرات من قبل مشغلين على بعد آلاف الأميال من المواقع المراد تدميرها. وهي مزودة بصواريخ موجهة بدقة، ، والأكثر انتشاراً منها طائرة Predator ( المفترس) ، ويقال من المدافعين عنها أن "ضرباتها جراحية " ضد الأعداء وتقلل من الأضرار الجانبية وتحافظ على حياة الجنود الحلفاء.
استخدام الطائرات المسيرة لحماية القوات الميدانية في مناطق الحرب المعلنة قد يبدو وكأنه امتداد طبيعي لذراع المحارب، ولا تختلف كثيراً عن استخدام الدعم الجوي. لهذا الغرض، تم استخدام الطائرات المسيرة بعد الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، حيث عانت قوات الاحتلال على الأرض يومياً من هجمات المتمردين على المنشآت وعلى المركبات العسكرية التي تحاول السفر من مكان إلى آخر حين تقوم بدوريات خارج المناطق المتمردة .
وقد أثبتت الطائرات المسيرة ، مع ذلك، أنها أكثر من مجرد نوع من العديد من الأسلحة الفتاكة في ترسانة الجيش لاستخدامها في حروب شنت بالفعل. فقد كرّست على مدى أقل من عقد من الزمن ممارسة والنزوع نحو القتل المؤسسي من خلال هذه التكنولوجيا الجديدة. أدخلت الطائرات المسيرة إمكانية شن حروب دون وجود خطر الموت على الجنود المرتبطة تاريخياً مع الدعوات لحمل السلاح. كبحت التضحية التي لا مفر منها من المواطنين في الماضي، جماح قادة الأعداء ، احتاج القادة قبل اللجوء إلى الحرب، إلى تفسير أسباب تشغيل القوات واحتمال الخسارة وإقناع الشعوب بها .عندما أصبحت الطائرات المسيرة تحت تصرفهم، أصبح قادة الحروب أحراراً في إشعال الحروب لأنهم قد يفعلون ذلك دون تعرض الجنود للأذى.
وبالنظر إلى الغياب شبه الكامل من النقاش الداخلي لاستخدام الطائرات المسيرة قبل أن يتم تشغيلها في مئات الغارات في الخارج في بلدان ليست في حالة حرب رسمياً مع الولايات المتحدة ، يمكن القول باطمئنان أن التكنولوجيا قادت السياسة، وليس العكس . هل الإمكانيات تبيح المحظورات؟ هل الحالة الراهنة للتكنولوجيا تملي علينا الأخلاق؟ أو أنه يجب توظيف السياسات الأخلاقية والقيمية عند اتخاذ القرارات حول كيفية تطوير واستخدام التكنولوجيا؟ تثار هذه الأسئلة وأسئلة كثيرة أخرى حول الأخلاق التي تبيح القتل المستهدف لأشخاص محددين، وهي ممارسة تعتبر سابقاً من المحرمات وكان قادة الولايات المتحدة يقومون بها في الماضي بشكل سري.
وأول دليل أن التكنولوجيا تقود السياسة، وليس العكس، هو كثرة الكلمات الجديدة المستخدمة للدفاع عن ممارسة القتل المستهدف. يقال "المقاتلون غير الشرعيين". غير محميين من اتفاقيات جنيف ولا قوانين المجتمع المدني و "تهديدات وشيكة " لا تعني ضرورة أن تكون التهديدات فورية. وقد تم توسيع فئة المقاتلين المعرضين للاستهداف لتشمل جميع الرجال في سن العسكرية (16-50) في المناطق المعادية، حيث تم تعريف "معادية"، أيضاً، من قبل القتلة. كل هذا يبدو وكأنه شكل مريب من الشعوذة اللغوية المصممة تحديداً لتقديم إجازة استخدام الطائرات المسيرة لقتل أشخاص في الخارج. ما لا يمكن إنكاره هو أن هذه اللغة الجديدة أصبحت شعبية ، لذلك إذا أيدتها بعض الحكومات، ستصبح متاحة للآخرين كذلك.
اليوم، يتم إعدام المشتبه بهم في الخارج بعيداً دون محاكمة بشكل علني وبوعي ذاتي ، ويعتبر الجيش الامريكي والنخب السياسية هذه الإعدامات آلية عمل معيارية في إجراء يبدو بدون سبب أسهل طريقة للقتل. من المؤكد أن الصعود السريع للقتل المستهدف كوسيلة لمعالجة الصراعات له علاقة بحقيقة بسيطة وهي أن تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي تستخدم على نطاق واسع من قبل أمة عظيمة لها جيش عظيم للحيلولة دون انتقام الدول الأخرى. وكانت الحكومة الإسرائيلية أول من نشر الطائرات المسيرة كسلاح للقضاء على خصومها السياسيين ، ولكن حكومة الولايات المتحدة أول من فعل ذلك على بعد آلاف الأميال خارج حدود أراضيها السيادية.
نشرت الولايات المتحدة الرؤوس الحربية النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل (WMD) في عدة بلدان ، ومن المرجح أن دولاً أخرى سوف تحذو حذوها أيضاً في حالة الطائرات المسيرة . تنمو تكنولوجيا الطائرات المسيرة بسرعة وقد تُغيّر جذرياً ممارسة الحرب في القرن الحادي والعشرين وتعد بإبعاد المزيد والمزيد من الجنود من "المعارك" حيث يُقتلون. وفي نفس الوقت، فإن توافر الطائرات المسيرة تُؤثر في القرارات حول كيف ومتى وأين وضد من سيخاض هذا الشكل الجديد من "الحرب".
كما تُواصل هذه التقنية الجديدة انتشارها في جميع أنحاء العالم، ويُقلد قادة الحكومات الأخرى القوة العظمى في إعدام أعدائهم من خلال استخدام هذا النموذج المتقدم من الأسلحة، مما دفع إلى الأمام طفرة صناعة الطائرات المسيرة . وسوف يميزون أيضاً بين شرعية القتل المستهدف (وهذا ما يفعلونه) والاغتيال (وهذا ما لا يفعلونه ). عندما يبدأ قادة الدول الأخرى بتنفيذ اعتداءاتهم المعلنة باستخدام الطائرات المسيرة المزودة بالصواريخ، وسوف يستخدمون نفس التبريرات كما فعل قدوتهم : أن قتل الإرهابيين المشتبه بهم سوف يمنع إلحاق الضرر مستقبلاً بالأبرياء بينما يقلل الخسائر بين القوات.
انقضى أكثر من عقد من الزمان منذ أول استخدام معترف به علناً لاستخدام الطائرة المسيرة "المفترس" لتنفيذ إعدام المشتبه بهم في الخارج، وقد تعرضت لعدة سنوات للقليل جداً من النقد المتواصل .ساد مناخ بالغ الأهمية من التراخي الاستثنائي في الولايات المتحدة في أعقاب الهجمات الإرهابية في 11أيلول 2001، .وتم القبول بأننا " في حالة حرب"، وأذعن العديد من مذيعي الأخبار للرئيس الأمريكي بسبب القلق من الفوز في "الحرب العالمية على الإرهاب" الذي اجتاح السياسيين والاستراتيجيين والصحفيين على حد سواء وانقاد الشعب للسياسات والتشريعات، مثل قانون باتريوت، على افتراض الحاجة إلى بعض التضحيات والتنازلات للحفاظ على أمن الوطن. وقد احتشد مواطنو الولايات المتحدة وراء جهود الحكومة الحثيثة ل"نقل المعركة إلى أرض العدو"، ويبدو أن الكثير من الأمريكيين آمنوا أن انخفاض عدد الهجمات الجهادية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة يوضح فعالية مبادرات الحكومة العديدة لمكافحة الإرهاب. وقد تم تجريم العديد من المدنيين في مختلف الولايات المتحدة أكثر ممن قتلوا يوم 11 أيلول 2001 وعموما تم تجاهل ذلك.
واستمر برنامج الطائرات في النمو، وانتشر على رقعة أكبر وأكبر من الأراضي في منطقة الشرق الأوسط، وتسرّب أعمق وأعمق في أفريقيا وبدأ صخب النقاد يظهر رويداً رويداً. نظمت Medea Benjamin ، المؤسسة المشاركة للمجموعة المناهضة للحرب (CODEPINK) ، عدداً من الاحتجاجات حتى استطاعت المجموعة الوصول إلى الرئيس الامريكي يوم 23 أيار 2013، قدمت للرئيس أوباما مجموعة متنوعة من الشكاوى. من بينها الإفراج عن السجناء في خليج غوانتانامو وطالبت بتقديم اعتذار إلى "الآلاف من المسلمين الذين قتلتهم الطائرات المسيرة على أساس الأنشطة المشبوهة. أُخرجت الناشطة من الغرفة، ولكن ليس قبل أن يعترف الرئيس "صوت تلك المرأة يستحق الاهتمام"، كاشفاً احتمالية وجود مشاكل في سياسات إدارته.
ممارسة القتل المستهدف مثيرة للجدل حقاً، بل وأكثر من الحرب نفسها، ظهر في الماضي لكثير (وليس كل) أنصار العسكرة ضرورة خضوعها ل"قواعد" تحددت منذ قرون من قبل منظري الحرب العادلة ، ودُمجت في البروتوكولات الحديثة مثل اتفاقيات جنيف وميثاق الأمم المتحدة (1945). رفض إعطاء المشتبه بهم الذين تستهدفهم الطائرات المسيرة فرصة البقاء على قيد الحياة بشرط الموافقة على التخلي عن موقفهم ما هو إلا إحدى الطرق الصارخة للقتل تولا تشابه ما فعله الجنود في الماضي إلى أي حد . يجلس مشغلو الطائرات المسيرة أمام شاشات الكمبيوتر، ويقنصون أهدافاً قد لا يكون لديهم أي فكرة أنه قد تم التجسس عليهم لأيام أو أسابيع أو حتى شهور، وعلى وشك أن يبادوا ، جردوا حتى من حقهم في الاستسلام المنصوص عليه في البروتوكولات العسكرية التقليدية منذ قرون.
يرى الناس الذين يعارضون بشدة استخدام الطائرات المسيرة المسلحة ، والنشطاء المناهضين لها قطيعة بين الماضي والممارسات العسكرية الحالية. أصبح الملاذ الأول هو الملاذ الأخير ، وأصبحت الشجاعة جبناً ، وأصبحت العمليات السوداء إجراءات التشغيل المعيارية . تحولت وكالة المخابرات المركزية الآن إلى آلة للقتل. وأصبحت خدمة البلد انتهازية فظة ،وأصبح الدفاع عن النفس عدوان سافر، وأصبحت إمكانية أن تكون مذنباً بما لا يدع مجالا للشك ،الإمكانات المستقبلية الممكنة لأن تكون مذنباً . تم إسكات أصوات المعارضة وأصبحت الحرب العادلة مجازر عمياء. أصبح احترام العدو ، تجريد من الإنسانية. و تم استبدال الوطنيين بالمرتزقة. وخُسفت حقوق الإنسان من خلال الاهتمام بحماية أرواح الجنود. وتتم الحرب الامريكية على الارهاب في الخارج باستخدام أساليب إرهابية. وقد تم استبدال حروب الضرورة بالحروب الاختيارية المتعددة .
الأكثر إثارة للقلق للجميع، أن الولايات المتحدة الأمريكية، التي يمكن القول أنها منارة للأمل في جميع أنحاء العالم، أصبحت عين النسر الذي يحوم في الأعالي بمخالبه الطويلة، ويحرص على "إظهار قوة مشروعه دون إبراز ضعفه. إن لدغة الصوت البارعة ، المرتلة في كثير من الأحيان من قبل المتحدثين العسكريين الرسميين التي تتبجح بالفضائل المزعومة للطائرات المسيرة تُخفي الحقائق الضارة. ما فشلت المؤسسة الأمريكية فيه أثناء سعيها إلى "قوة مشروعها دون إبراز ضعفه " ، أنه لا يوجد في العالم أقبح من طاغية، ومن ممارسات تنتهك شعور الناس العاديين بالعدل وتولّد الغضب والكراهية، ولا توجب الاحترام. لدغات العلاقات العامة مثل "نقل المعركة إلى أرض العدو" قد تجعل الأمريكيين يشعرون بالرضا عن تصرفات حكومتهم، ولكن يتضح من المقابلات مع الناجين من الهجمات أن الطائرات المسيرة ليست مشروعاً للقوة ،إنها مشروع للإرهاب، وبث الخوف والقلق من الظالم القاسي .
من وجهة نظر بعض أعضاء المجتمعات الواقعة تحت الحصار ، أن الجرائم المزعومة من قبل أسامة بن لادن وغيره من زعماء تنظيم القاعدة على رموز القوة الأمريكية في 11 أيلول 2001 قد تكررت مراراً وتكراراً مرة أخرى، وأن عدد الضحايا المدنيين في المجتمعات الإسلامية يبدو يتصاعد ولا يوجد نهاية له في الأفق المنظور. اقنع غضب الأشخاص من التعرض لشبح الطائرات المسيرة التي تحوم فوق رؤوسهم في بعض الأحيان بالاستجابة لدعوات الجهاد من جماعات مثل تنظيم القاعدة وحركة طالبان. وبهذه الطريقة، يكون استخدام الطائرات المسيرة ضرباً من الوهم، مما يجعل في نهاية المطاف الأشخاص المشبوهين محميين أكثر من أي وقت مضى.
تركزت النقاشات السياسية حول الطائرات المسيرة في المسائل الواقعية مثل: ما نسبة الأشخاص الذين قُتلوا من المدنيين؟ هل يشكلون الثلث أو النصف؟ أو ربما كان 20 في المئة فقط من الضحايا من الأبرياء. وتكثر مقارنات خاطئة أيضاً، كما هو الحال في التأكيدات الجريئة أن صواريخ Hellfire " الجحيم" التي تطلقها الطائرات المسيرة أكثر دقة وتميزاً من صواريخ توماهوك ولذلك يجب استخدامها . وكأن "الخيارات المطروحة على الطاولة" إما استخدام الطائرات المسيرة المسلحة أو إطلاق صواريخ توماهوك، ثم تفوز الطائرات المسيرة بشكل طبيعي في النقاش، على افتراض أن الهدف من ذلك هو "قتل" فرد أو مجموعة صغيرة بدلاً من قرية بأكملها. ومع ذلك، ومن خلال التعمق قليلاً، عند الحديث عن هذا الموضوع، يمكن الاستنتاج أن صانعي القرار اعتمدوا "القتل العمد مع سبق الإصرار" باعتباره إجراء تشغيل معياري .
وقد أعلن الخبراء مخاوف كبيرة من استخدام الطائرات المسيرة المسلحة ، أولها أن الولايات المتحدة تنتهك القانون الدولي، وترتكب جرائم حرب، وأساساً تمزق كلاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) وميثاق الأمم المتحدة (1945) من خلال برنامج منسق واسعة النطاق في اغتيال المشتبه بهم. هذه الأسئلة ملحة، وهناك مسائل عملية مثل أن برنامج الطائرات المسيرة أقل كلفة وآمن ومأمون ، ومن خلال التحريض على الجماعات الإرهابية يقنعون الناس بالتعاطف معهم أو يصبحوا أعضاء فاعلين أنفسهم. من المؤكد أن الطائرات المسيرة تستخدم للقضاء على بعض الإرهابيين، لكن النقاد يصرون على أنها خلقت أكثر من ذلك، لقد أيدت تصريحات الجهاديين مؤخراً أن ضربات الطائرات المسيرة السابقة هي السبب في قرارهم بالمهاجمة .
لا يمكن تفسير عمل الطائرات المسيرة بأي شكل بأنها دفاع مشروع عن النفس عندما لا يكون للولايات المتحدة جنود على الأرض في المناطق التي تستهدفها الطائرات المسيرة ، وبالتالي انتهكت الولايات المتحدة القانون الدولي في بعض الحالات، ولا يزال النقاش محتدماً حول الموضوع . وأكثر ما يهم في هذه المرحلة من التاريخ أن القوة العسكرية العظمى الوحيدة في العالم مهدت الطريق قدماً أمام القتل المستهدف الذي تقوم به الطائرات المسيرة، وأنه سيشكل سابقة وسيتبعها استخدام هذه الطائرات من قبل قادة الدول الأخرى، الحلفاء والأعداء على حد سواء.
مترجم
مقتطفات من كتاب " نقتل لأننا قادرون" ل Laurie Calhoun








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير