الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الخليج ( الملّف السري ).... الحلقة الخامسة

سعدون الركابي

2016 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


حرب الخليج ( الملف السري)
تأليف:
- بيير سالينجر
- إريك لاورينت
ترجمة :
سعدون الركابي
الناشر: دار كيوان للطباعة و النشر
دمشق
الطبعة الأولى
2005

الحلقة الخامسة

الفصل الثالث

في 2 نيسان سنة 1990, و أمامَ كوادرٍ من الجيش, قال صدّام حُسين في حديثٍ له تَمَّ بَثّهُ كاملاً في الإذاعة و التلفاز, كلاماً إنتشر كالصاعقةِ في كل مكان. كان مُرتدياً البدلةِ العسكريةِ و حاملاً رِتبةِ الجنرال على كتفهِ, تكَلَّم أكثرَ من ساعةٍ مُستشهِداً بالنتائجِ التي توَصَّل إليها الباحثون العراقيون الذين تَمكَّنوا من تطويرِ سلاحٍ كيمائيٍ, قال عِبارةً أثارت دهشةَ و قلقَ العالمِ كُلُهُ و تناقلتها كافةَ وكالاتِ الأنباء: " أُقسِمُ باللهِ, إذا ما حاولت إسرائيل الإعتداء على العراق, سَنُحرِقُ نُصفَها بالأسلحةِ الكيميائيةِ! مَن يُحاولَ تهديدُنا بالأسلحةِ النووية, سنمسحهُ من الأرض بالأسلحةِ الكيمياوية "! هذه التصريحات وصلت الى مكتبِ جون كيلي بنفسِ اليوم, بصفتهِ مساعد وزير الخارجية الأمريكي و المسؤول عن شؤونِ الشرقِ الاوسط. و يقرأ الرجل و يقرأ, و يُعيدُ قراءةَ البرقياتِ التي وُضِعت أمامهُ, مصدوماً من لهجةِ صدّام حُسين, و هو الذي كالَ عليهِ تصريحاتِ المديح قبلَ شهرينِ من الآن.
ذهب كيلي الى دنيس روس, الجالس في مكتبهِ الواقع على بُضعةِ طوابقٍ الى الأعلى في وزارةِ الخارجية. و هو رئيسُ قسمِ التخطيط السياسي و أحدُ معاوني جيمس بيكر المُقرَّبين. كان كيلي من مُناصري الردود السريعة و الدقيقة, لتأكيدِ رفضِ الأمريكيين القاطعِ للتساهلِ مع مثلِ هذه التهديدات. لقد أصبح جون كيلي طبيباً حقيقياً في القضية العراقية, لذلك لُقِّبَ بالسيدِ هِيد, نتيجةً لإسلوبهِ الذي تتبادلُ فيهِ المُهادنةِ مع الشِّدة. عَمِلَ بسرعةٍ هو و دنيس روس, على وضعِ خُطةٍ أوليةٍ للعقوباتِ, ثم إنطلقا الى مكتبِ جيمس بِيكَر الواقع في الطابقِ السابعِ. لم ينتظِرا إلا بُضعَةَ لحظاتٍ في غرفةِ السكرتاريةِ المُغلَّفَةِ بالخشبِ ذي اللون الغامق. إستمَعَ وزيرُ الخارجية لوجهتي نظرهما بإهتمامٍ: " لابُدَ - قال كيلي - أن نُرسِلَ بياناً خالٍ من الغموض, و نتَّخِذُ بعضِ الإجراءاتِ الإقتصادية ". بيكر – و الذي كان هو الآخر - مُضطَرِباً من عدوانيةِ صدّام حُسين, أيَدَ كُلَّ المقترحاتِ التي عُرِضَت عليهِ في هذا الشأن. و كانت تُتُلَّخص بثلاثةِ نُقاط:
1- عدمُ إعطاءِ العراق أيةِ قُروضٍ مفيدةٍ من قبلِ " بنك الإستيراد و التصدير ".
2- إلغاءُ برنامجِ القروضِ التفضيليةِ C .C.P و هو عبارةٌ عن مجموعةٍ من العقود التي تسمحُ بتمويلِ بغداد لشراءِ القمح الأمريكي.
3- تَبَنِي عدة إجراءاتٍ تمنعُ صدّام حُسين من إستيرادِ الموادِ التي يمكُن إستعمالُها للأغراضِ العسكريةِ.
و في الوقت الذي كان يَعِدُّ فيه الخبراءُ هذهِ الإجراءات, عَبَّرَ جورج بوش عن مشاعرهِ تجاهِ تهديداتِ صدّام حُسين, من على ظهرِ طائرةِ البوينك الرئاسية " القوة الجوية واحد " و التي تَنقِلَهُ من أتلنتا الى إنديانوبوليس, مُستخدِما ً كلماتٍ باهتةٍ تعكِسُ حالةَ الإرتباك التي يوجدُ فيها, كما تُشير بوضوحٍ,ُ الى إنَّ مَلَفَّ العراقِ, ليس جُزءاً من إهتماماته, قائلا ً: " أعتقدُ بأن هذه التصريحاتِ غيرُ مناسبةٍ جداً. إنني أطلبُ من العراقِ و بشكلِ واضح و بدونِ تأخيرٍ, أن لا يستعملَ الاسلحةَ الكيمائية. فأنا أعتقدُ إن إستعمالَ الأسلحةِ الكيمائيةِ سوف لن يُساعد الأمنَ في الشرق الأوسط و لا أمن العراق, بل أقولُ إنهُ سيُعطي أثراً عكسياً تماماً. أنا أقترحُ ِبأَنَ مثل هذه التصريحات حول إستعمالِ الأسلحةِ الكيميائيةِ و البيولوجيةِ, أن تُوضَعَ في طيِ النسيان! و لا شَكَّ فإن تصريحات جورج بوش هذهِ, لم تُساعد على تهدِئَةِ الأوضاعِ, بل هي أعطت الضوءَ الأخضرَ لصدَّام للإستمرارِ في خُطَطِهِ. في 9 نيسان إجتمعَ كُلٌّ من جون كيلي و دنيس روس, في مكتبِ جِيمس بيكر, و معهم روبرت كيميت و هو مساعدُ وزيرِ الخارجيةِ للشؤونِ السياسيةِ, و هو أيضاً من دائرةِ المُقَرَّبين لوزيرِ الخارجية.
كان جيمس بيكر قد إستمع لتصريحاتِ بوش, و لكِنَّ خُطةَ العقوباتِ الإقتصاديةِ قد تَمَّت الموافقةَ عليها. و أُوكِلَت على عاتقِ روبرت كيميت, مُهِمَّةً صعبةً جداً, و هي التفاوضُ مع مُختلَفِ الوزاراتِ والمسؤولين الذين لهم علاقة بخطةِ العقوباتِ. إلا إن أسبابَ هذا اللقاء, لم تَلبَث أن إختفت سريعاً! أمّا خطةُ العقوباتِ, فقد ماتت قبل ان تلِد! هذا الفشلُ, هو نتيجةٌ للبيروقراطيةِ الأمريكيةِ, و لفقدانِ الإدراكِ للعواقبِ السياسيةِ! فوزيرُ التجارةِ الأمريكيةِ, عَبَّرَ عن تَحَفُّظِهِ السريعِ حول إلغاءِ قروضِ بنكِ الإستيرادِ و التصديرِ للعراقِ, بذريعةِ إنَّ إلغاءِ هذا البرنامجِ سيُؤَثِّرُ على رجالِ الأعمالِ الاميريكيين. كذلك فإنَّ مسؤولي نفسِ الوزارةِ, عارضوا إلغاءَ برنامجِ القروضِ التفضيليةِ C.C.P , بحجةِ إنّ ذلك سيُؤَثِّرُ سَلباً على مُنتجي الحبوب الأمريكيين. مجلِسُ الأمنِ القومي للبيتِ الابيض, و هو الجهازُ المسؤولُ عن مُتابعةِ المشاكلِ في السياسةِ الخاريجيةِ, يُؤَيِّدُ من حيث المبدأ فكرة العقوباتِ, لكنهُ يُعارضُ وضعُها مَوضِعِ التنفيذِ في المدى المنظورِ! روبرت كاتس, الرجُلُ الثاني في هذا المجلسِ و المديُر السابقُ المساعد لل_C.I.A , كان المُدافِعُ عن سياسةِ الإجراءاتِ المرحليةِ. تَرَأَسَ " روبرت كيميت " بعد وقت قصير من ذلك, الإجتماعَ الذي عُقِدَ في غرفةِ العملياتِ, و هي عُبارةٌ عن قاعةِ إجتماعاتِ البيتِ الابيض. كان المشاركون معهُ, هُم المسؤولين المساعدين للمؤسساتِ و الوزاراتِ الحكوميةِ. و طيلةُ فترةِ الإجتماعِ, لاحظَ واجهةً لإتفاقٍ تامٍ, و لكِنَّها - في حقيقةِ الأمرِ - واجهةٌ لا تَخدَعُ أحدآ. ذلك إنَّ الخُطةَ التي تَتَمثَّلُ بالعقوباتِ على العراق, هي الآن مُفكَّكَةً و مُلغاةً! لقد كان الوحيدُ الذي يَهزمُ هذا التردُّد و يفرضُ وجهةَ نظرهِ, هو " جيمس بَيكر ". بينما كان وزيرُ الخارجيةِ يقضي كلَّ وقتهِ و إهتماماتهِ, و هو مُنشَغلِاً تماماً في خطة الإتحاد الألماني, و في رحلاتهِ المُتعدِّدةِ للقاءِ نظيرهِ السوفيتي " إدوارد شيفاردنادزه ", من أجلِ الإعدادِ للقاءِ القمةِ بين " بوش و غُرباتشوف ", و الذي سيتُّم في شهرِ مايو في مالطا. و حَسَب ما صَرَّحَ بهِ أحدُ مُعاوني بَيكر المُقَرَّبين: ف " إنَّ الصواريخَ العراقيةِ, لم يتُم رصدُها بعدُ من قبلِ راداراتِ واشنطن "! و هكذا فإن صدّام حُسين لم يتلَق أيَ تحذيرٍ رسميٍ, بل هوَ تلَقى بعضَ إشاراتِ التشجيعِ, و التي كانت هديةً مجانيةً ساعدت على التشويشِ على الموقفِ الأمريكي, الذي هو غامض أصلا ً!! ففي يوم 12 نيسان, أي بَعدَ عشرةِ أيامٍ على الهجومِ العنيف الذي أطلقهُ الرئيس العراقي, وصلت مجموعةٌ من خمسةِ شيوخٍ " سَيناتور " أمريكيين الى بغداد في زيارةٍ رسميةٍ. كان الوفدُ بقيادةِ سيناتور كانساس " روبرت دول ", الخصمِ الذي هزمهُ جورج بوش في الإنتخاباتِ الأوليةِ الأخيرةِ لسباقِ الرئاسةِ, و كان في نفسِ الوقت, رئيسُ الأقليةِ الجمهوريةِ في مجلسِ الشيوخ. وجدَ صدّام حُسين نفسهُ أمامَ " خصمٍ يَعتبرهُ " مُهِّمآ ذا نفوذٍ و قريبٍ من وجهةِ النظرِ الرئاسية. تَمَّ اللقاءُ في الموصل, كان صدّام حُسين جالساً على مقعدٍ وفيرٍ و مُبَطَّنٍ بقماشٍ أخضر في قاعةٍ صغيرةٍ. كان يرتدي بدلةً أنيقةً رُصاصية اللون وربطةَ عُنقٍ متواضعة, و أمامهُ طاولة زجاجية مُنخَفِضة وُضِعت في مُنتصفِ القاعةِ, بينما جلسَ الضيوفُ على مقاعدٍ حول الطاولة. إبتدأ أحدهم – أحدُ السيناتور – حديثهُ, بقراءةِ نَصٍّ مكتوبٍ, ذَكرَ فيهِ بأنهم قد جاءوا الى هنا: " ذلك لأننا نعتبرُ إنّ العراقَ يلعبُ دوراً مهماً في الشرق الاوسط.. " و لقد لَفَتَ إنتباه الرئيس العراقي العبارة التي تُشير الى؛ " قناعتنا من إن رغبةَ حضرتكم في إمتلاك الأسلحةِ الكيمائيةِ و البيولوجيةِ, سوف تُعَرِّض بلدكم لأخطارٍ حقيقيةٍ بدلاً من تقويةِ أمنِها. ذلك إنّ مِثلَ هذه المبادرات ستُهدِّدُ دولا ً أُخرى و سوف تُسَبِّبَ إضطرابات كثيرة في الشرق الاوسط. إنّ تصريحات حضرتكُم الأخيرة و التي هدَّدتُم فيها بإستعمالِ الأسلحةِ الكيمائيةِ ضد إسرائيل, أحدثت قلقاً في العالمِ كُلِهِ. و إنَّهُ من المستحسنِ لحضرتِكم و للسلامِ في الشرق الأوسط, أن تتراجعوا حالاً عن مثلِ هذهِ البرامجِ و التصريحاتِ و الأعمالِ التحريضيةِ ". بعد الإنتهاء من هذهِ الرسالةِ المكتوبةِ, هَزَّ صدّام رأسهُ مُعرِباً عن عدمِ إكتراثهِ لِهذهِ الحُصَّةِ من الدرس, ثُمَّ إلتفتَ الى " دول " الذي كان جالساً الى يمينه, قائلآ و بدونِ إنزعاج: " أنا على ثقةٍ بِأَنّ هُناكَ هَجمة كبيرة مُوجَّهة ضِدنا من قبلِ الولاياتِ المتحدةِ و أُوروبا "! فاجابَ " دول " على أيةِ حالٍ فإنّ مِثلَ هذه الهجمة لم تأتِ من جهةِ الرئيس بوش, بل إنّهُ قال لنا بالأمس بأنهُ سوف لن يُؤَيِّد مثلَ هذهِ الحملة و ذَكَّرَ دول, بأنّ الولايات المتحدة كانت قد شَجَبَت إسرائيل سنة 1981, بعد الهجوم على المفاعل النووي العراقي. فقاطعهُ صدّام قائلا ً: نعم شَجبتُم و لكّن الكثيرَ من التقاريرِ بَيَّنت بأن الولايات المتحدة كانت على عِلمٍ مُسبَق بهذهِ العملية ". السيناتور الجمهوري عن ويومنك " آلان سِمبسون ", تَحَدَّثَ هو الآخر قائلآ: " ليست هُناك أيةُ مشكلةٍ بين حضرتكم و بين الحكومةِ و الشعبِ الأمريكي. مُشكِلتكم الوحيدة هي مع وسائلِ إعلامِنا المُتكَبِّرة القاسية ". ثُمَّ واصل روبرت دول حديثهُ بالعودة الى البرنامج الذي أذاعتهُ في شهرِ شباط إذاعةُ صوت أمريكا و الذي هاجمت من خلالهِ النظام العراقي, مُعتذِراً عن هذا البرنامج الذي أغضبَ صدّام حُسين, و أخبر الرئيس العراقي بأن الصحفي المسؤول عن هذا البرنامج قد أُقِيلَ. و في مُلَخَّص الحديث صرَّح دول: " إسمحوا لي - سيادة الرئيس – بأن أقولَ لكم أنّهُ و قَبلَ إثني عَشَرَ ساعة, قال لنا الرئيس بوش, بأنّهُ في طريقهِ لتطويرِ أحسنِ العلاقات مع العراق. و بأنَّ الحكومة الأمريكية تَتّجِهُ – بدورِها – في نفسِ هذا الإتجاه, بل إنني أستطيعُ أن أُؤكِد لكم بأن الرئيس سيُعارض هذه العقوبات و سيستَّعمِل حقهُ في الفيتو " الرفض " في حالةِ ظهورِ أيةِ مُبادرةٍ في هذا الإتجاه ". السفيرة الأمريكية السيدة " إبريل كلاسبيه " و التي شاركت في هذا اللِقاء و بقيت صامتةً حتى اللحظة الاخيرة, عَقَّبت ببضعةِ كلماتٍ لَخَّصَتها بالقول: " كسفيرةٍ للولايات المتحدة أستطيع أن أُؤكد لكم - سيادة الرئيس - بأنَّ هذا التصريح, يُمَثِّلُ سياسة الحكومة الأمريكية ".
لقد كانت هذه المقترحات المُهادِنة و التي صِيغت طيلة هذ اللقاء, تتطابق و بنفسِ المستوى مع الحملاتِ الإنتخابيةِ. إذ إنّ جميعَ النواب الحاضرين في بغداد, كانوا مُمَثلي أكبرِ الولاياتِ الزراعية. " دول " مثلآ, كان مُمَثِّلا ً لولايةِ كانساس و التي كانت تُصَدِّر كمياتٍ كبيرةٍ من القمح الى العراق, فالمصالح الأقتصادية تَدفَعُ بثقلِها لصالحِ ميزانِ الجهود المُعتدِلة التي يُمارسها الأمريكيون. إذ تبيع الولايات المتحدة سنوياً الى العراق قمحاً بقيمةٍ تصل الى حوالي المليار دولار, و يَتَضَمَّنُ هذا المبلغ أيضاً, الرز و الدجاج و الذرة التي يتُمُّ تصديرها الى العراق. هذه الصادرات كانت مدعومَةً و مُنذُ سنة 1983, بِخُطَّةِ تمويلٍ بقيمةِ 5 مليار دولار مضمونةٍ من قبلِ الحكومة الأمريكية. إذ إختصرَ أحدُ مُمثلي كانساس هذا الأمر في جملةٍ واحدةٍ: " نحنُ نُزَوِّدُ العراقَ كُلَّ ما يحتاجُ إليهِ من الطعام و بأسعارٍ مُخَفَّضَةٍ ". و في حقيقةِ الأمرِ, فإنَّهُ لا توجدُ أيةُ مصلحةٍ لأحدٍ لإفشالِ هكذا تبادل تجاري مُثمِر. عِندما إستقبلَ الرئيسُ بوش في البيت الابيض وَفدَ الكونغرس العائد من العراق, إستمعَ بإصغاءٍ شديدٍ للمقترحاتِ المُتفائلةِ و المُعتدلةِ التي يُؤَيدُها روبرت دول. إذ يرى هذا السناتور في صدّام حُسين, " نوعية القائد الذي يمكن التأثير عليهِ مِن قبلِ الولايات المتحدة ". كان الجنرال برِنت سكوكروفت " رئيس مجلس الأمن القومي حاضراً في هذهِ الجلسةِ. كان هذا الرجل الطويل ذو الوجه المَمدود, قد تَنَقَّلَ في دهاليزِ السلطةِ العليا. إذ دَخَلَ ردهات البيت الأبيض تحت رئاسةِ " ريتشارد نيكسون " كَمُساعدٍ " لهنري كيسنجر ". كان عسكرياً مُعتدلاً بِطبعهِ و ذو ميولٍ نحو التحليلِ. لذلك كان مُهتَماً لطريقةِ طرحِ " دول ", بأنّ العراقَ و زعيمَهُ هما حجران مُهمان في لعبةِ التوازن السياسي في الشرق الاوسط. لكي يُثبت صفاءَ العلاقاتِ وحسنِ النيةِ, أرسل جورج بوش في يوم 25 نيسان, رسالةَ صداقة الى صدّام حُسين, بمناسبةِ حلول عيد الفطر. إذ عَبَّرَ لهُ في هذه الرسالة عن الرغبةِ بأن؛ " العلاقات بين الولايات المتحدة و العراق ستُساهم في إحلالِ السلام و الهدوء في الشرق الاوسط ". بعد فترةٍ وجيزةٍ من ذلك, إستُدعي " جون كيلي " من قبلِ لجنةِ الشؤون الخارجية في الكونغرس, إذ اقترح كيلي في هذه المناسبةِ, و بلهجةٍ معاكسةٍ تماماً عن اللهجةِ الشديدةِ التي إستعملها يوم2 نيسان ضد العراق بعد إستماعهِ لتهديداتِ صدّام حُسين, " بأنّ الحكومةَ - يقول كيلي - سَتَستَمِرُ في معارضةِ تطبيقِ العقوباتِ ضد العراق, ذلك إنَّها سَتُؤَثِّرُ على الصادراتِ الأمريكيةِ, مما سيُؤَّدي الى تعميقِ العجزِ في إقتصادِنا! و من ناحيةٍ أُخرى فإنني لا أرى الكيفيةِ التي ستُقَوِّي فيها العقوبات إمكانياتِنا لممارسةِ التأثيرِ المُعتدلِ على النشاطاتِ العراقية ". مُلاحظات رَجُلُ الدولةِ هذا و المسؤولُ عن السياسةِ الخارجيةِ في الشرقِ الأوسط, كانت تَعكِسُ تماماً سِياسةَ وزارة الخارجية: " لا يَمكُن الحديث عن تنفيذِ أيةِ إجراءاتٍ شديدةٍ في هذا الوقت ضد العراق ". كان هذا هو مَوقِفُ جيمس بَيكر أيضاً. إذ سبقَ و أن إلتقى وزيرُ الخارجيةِ الامريكي و قَبلَ وقتٍ قصير في موسكو مع الرئيس المصري و الذي كان هناك في زيارةٍ رسميةٍ. إذ تَحَدَّثَ الرجُلان حَولَ تهديداتِ صدَّام حُسين, فنصحهُ الرئيس حُسني مُبارك بان يَتَّبِعَ لهجةً مُتحَفِّظةً في هذه القضية فهذا هو الإسلوب الأفضل, حسبَ رأيهِ, لِتَهدِأة تَحَرُّشاتِ الرئيس العراقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي