الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأعمى وحكاية زرقاء اليمامة وطن الحديد .

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2016 / 1 / 17
الادارة و الاقتصاد


أفضل ما يقال في اعتماد دول الخليج على النفط كمصدر نمو رئيس لاقتصادياتها هو أن العقلية الاقتصادية في دول العالم العربي والنامي؛ لا زالت تنطوي على التفكير داخل صندوق مُغلق ويمتلك مفتاحه شخوص من خارج الحدود الجغرافية لتلك الدول_ " كأن تلك الدول تمتلك صندوقا ما وفي المقابل لا تمتلك مفتاحاً لهذا الصندوق"_ وهو أن هناك موارد وخيرات مادية كثيرة ونعم لله لا تُحصى في تلك البقاع المليئة بخيرات الطبيعة الخلابة, بهذا المعنى فإن لسان حال عوالم العرب يقول لماذا نعمل ونقوم بالإنتاج ويتم تشغيل وإعمال العقل الإنساني البشري بالتفكير بتلك القضايا؛ في حين نمتلك نحن جنات من النعيم و خزائن من الأنعام والأموال والثروات الهائلة والتي مُنينا بها دون غيرنا من بنى البشر؛ إذن لماذا نعمل ولماذا نفكر فى تعقيدات الاقتصاد والتنمية والتصنيع؛ إذ أن العمى عن تلك الأمور الاقتصادية الُمعقدة أرحم بكثير من التفكير بها لأن التفكير بها يعنى التنازل طواعية عن التفكير في أشياء لا تزال أكثر أهمية عند الفرد العربي الأكثر استهلاكاً والأقل إنتاجاً , تفكيراً لا زال يتمحور في قضايا مركزية لا تخرج عن مفاتن النساء و لذة المائدة, ولبس الحرير وسيارات الدفع الرباعي الحديثة .
جاءتني زرقاء اليمامة بالأمس لتخبرني أن هناك في أحد أسواق السلع الرئيسة بالعالم عرض سخي ويتمثل ذلك بتوزيع طن من الحديد مجانا , من يحصل عليه يتوجب أن يعمل عملا اقتصاديا تنموياً لصالح الإنسانية ؛ وبعد منافسة شديدة فاز اثنان بالعرض أحدهم من دولة خليجية نصيب الفرد فيها من الدخل سنويا 90الف دولار والثاني من دولة آسيوية صاعدة نصيب الفرد من الدخل فيها سنوياً 4 آلاف دولار .
بعد أسبوع من حصول الفائزين على طن الحديد كان المنتج كالتالي:
الآسيوي أنتج سيارة تعمل على الطاقة الشمسية , أما الخليجي أنتج عربة تقودها معزة .
بعد ذلك قام الآسيوي ببيع السيارة لأمير خليجي حصل مقابلها على العديد من براميل النفط الخام, إذ أن سعر البرميل الخام يقترب من 20 دولار .
قام الأمير الخليجي ومن باب المساهمة المجتمعية وتحقيق العدالة الاجتماعية بتوزيع 10 بالمائة من عوائد النفط على أفراد المجتمع حتى يحققوا مزيداً من الرفاه في حين يفتقر الكثيرون من وجود مستويات رفاهية قريبة من تلك دول الخليج.
بعد تلك العملية التوزيعية حصل الخليجي على آلاف الدولارات, أنفقها في شراء كانون نار وجدي وعباية , وتزوج 3نساء أحداهن جميلة .
ونظراً لأن مستوى الدخل لا زال مرتفعاً فإن ذاك الخليجي وبعد عام كامل من حصوله على الإنفاق الحكومي, أودع ودائعه عند بنك الآسيوي وأسهمه المالية , إذ أن الأسيوي أنشأ شركة مالية وتمويلية واستثمرت في أسواق المال الغربية .
إلا يعد التفكير العربي وسياسات الاقتصاد القائمة سياسات ذاك الرجل الأعمى الذي يحاول أن يصارع وينافس ذاك الغربي الذي يرى بقوة ما بداخل نفق الظلام, إذ ان البصيرة وبعد أفق اليمامة هي السائدة لديه.
سؤال المواطن العربي البسيط أيهما أفضل للإنسانية جمعاء إنتاج طن الحديد الذي حصل عليه الفرد العربي أم الآسيوي , العربي استخدم المورد في الاستهلاك ويدخل زواجه من ثلاثة ضمن تلك الأعمال غير المنتجة في حين استثمر الآسيوي طن الحديد في إنتاج السيارات وتوفير فرص عمل دائمة لأناس بدون عمل , كيف يمكن للأول ان يمتلك الثروات الهائلة وكيف يُسمح له بتبذيرها وهدرها دون أي اهتمام.
هل نحن أمام جفاف لتلك الموارد خلال عقد أو عقدين من الزمن يستمر فيها رأس المال المالي العالمي بالسيطرة على موارد شعوب لا زال جُل تفكيرها بالمرأة والمائدة والسيف .
انتهى الكلام .
النفط و زجاجة الماء :
دول الخليج تفقد المزيد من ايراداتها بسبب انخفاض أسعار النفط , خسرت تلك الدول قرابة 300 مليار دولار بسبب انخفاض السعر من 110دولار للبرميل إلى حدود 47 دولار قبل عدة أعوام . اليوم ومع تراجع الأسعار إلى حدود 30 دولار للبرميل ومع تراجع الطلب العالمي على المنتجات النفطية من جهة واستمرار حالة الركود وزيادة المعروض من جهة أخرى فإن الأسعار في طريقها للانخفاض إلى ما دون 20دولار للبرميل, فإن ذلك سينعكس على اقتصاديات الدول التي تعتمد على صادرات النفط كمورد مالي ومصدر نمو رئيسي لها كدول الخليج الأمر الذي سيترتب عليه تفاقم العجز في الموازنة وتراجع الاحتياطي من العملات الصعبة وأهمها الدولار الذي يحقق مزيدا من المكاسب بسبب تعافي سوق العمل الأمريكي والذي ظهر برفع سعر الفائدة وانتعاش أسواق الأسهم .
ما يجب قوله أن السياسات الاقتصادية في دول الخليج لا زالت دون المستوى المطلوب مما يتوجب العمل على تنويع مصادر الاستثمار والاستثمار الكثيف في مشاريع اقتصادية تنموية تعمل على تحريك عجلة الاقتصاد وتحقق قيم إضافية جديدة ويمكن بذلك وجود مصادر أخرى للنمو بجوار النفط ويمكن تمويل تلك المشاريع من خلال حجم الفوائض المالية بالغرب والتي تقترب من 4.5 تريليون دولار .
أن اعتماد الخليج على النفط كمصدر شبه وحيد ومعاناتهم من عملية في منتهى الخطورة وهي الانتقال العكسي للموارد يعني أن مستقبل تلك الدول بات مرهونا و ضحية وأسيرة لبعض التوقعات السوقية و لأسعار واتجاه أسعار بعض الرموز والمؤشرات في أسواق المال الغربية والتي يديرها بضع أكبر الشركات .
بهذا المعنى فإن استمرار تلك الفلسفة للاقتصاد العربي يعني أن موازنات الخليج ستحقق بنود رمادية وعجافية في السنوات القادمة ما لم تتحرك وتستثمر في قطاعات الإنتاج الحقيقي, و يمكن بذلك الاستفادة من صناديق الثروة النرويجية وكذلك الإسرائيلية تلك الصناديق أكثر أمانا حيث تمنع في ظل سيادة الرواج الاقتصادي أزمات المرض الهولندي المتمثل بالفقر المجتمعي والثراء الفردي الشديد والناجم عن اكتشاف موارد مالية جديدة أو زيادة دخل الاقتصاد بشكل مفاجئ, ودول الخليج تعاني في أحيان كثيرة من تلك الأزمة.
لا تضع البيض كله في سلة واحدة كذلك لا تجعل استثمارك في النفط خيارك الوحيد .
في أسوأ الاحتمالات قد يصل سعر البرميل من النفط إلى 10دولارات, وبهذا المبلغ فإن لتر الوقود سيكون مساوي لسعر زجاجة من مياه معدنية بسعة لتر واحد في بعض الدول .
ألا يوجد رجل عاقل في المدينة يذكر تلك الدول أنها خسرت قرابة 2.5 تريليون دولار في أيام اشتداد الأزمة المالية العالمية 2008 , و خسارة فوائضها المالية السيادية لحوالي 400مليار دولار , تلك الأموال كفيلة بكبح جماح تفشي الفقر , واقتلاعه من جذوره في العالم العربي
عن ضرورة وجود خيارات أخرى للدول العربية أتحدث ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط


.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل




.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ


.. متحدث مجلس الوزراء لـ خالد أبو بكر: الأزمة الاقتصادية لها عد




.. متصل زوجتي بتاكل كتير والشهية بتعلي بدرجة رهيبة وبقت تخينه و