الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيسي بطل و قدوة

حاتم بن رجيبة

2016 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لو قبلت بالمفهوم المغلوط والسطحي والساذج للديمقراطية بكونها حكم الأغلبية الناخبة فسيكون حكمك على الإنقلاب العسكري بقيادة السيسي على الإخوان والسلفيين في مصر بأنه غير شرعي وإجرامي وتمرد على الديمقراطية وإرادة الشعب وبأن السيسي دكتاتور قذر .

أما إن كنت من الذين يؤمنون بأن الديمقراطية هي نظام سياسي لا يسمح إلا للأحزاب التي تؤمن بالعلمانية والدولة المدنية وحقوق الإنسان الكونية والتعددية وحقوق الأقليات والتداول السلمي على السلطة فإنك سترى أن انقلاب الجنرال السيسي وافتكاكه للسلطة من يد الإخوان المسلمين والسلفيين هو عمل بطولي وبأنه قدوة لكل الجنرالات في القوى المسلحة بكل أقطار العالم . كما ستتبين أن كلا من الجنرال رشيد عمار قائد القوات المسلحة التونسية إبان اندلاع الثورة في تونس الذي سمح للنهضة بالمشاركة في الحياة السياسية وللمنظمات والحركات الأصولية بالنشاط في الحياة المدنية والجيش التركي الذي يشاهد كيف أن حزب أردوغان يسير بخطى ثابتة نحو دوعنشة تركيا وكل منطقة الشرق الأوسط دون أن يتدخل، جبانان وخائنان للدولة المدنية والديمقراطية الليبرالية والحداثة والكرامة البشرية .

تخطئ القوى المسلحة وخاصة الجيش عندما ترضخ للدوغما الناصة على حيادها في الشأن السياسي واقتصارها على حماية الوطن ضد الإعتداءات الخارجية . يجب على الجيش حماية الشعب من كل الأخطار الداخلية وخاصة من القوى الشمولية التي لا تعترف بحقوق الإنسان الكونية و بفصل الدين عن السياسة وبالتداول السلمي على السلطة وكل القوى المناهضة للدولة المدنية وحقوق الأقليات .

ولكن يجب أن يكون تدخل القوات المسلحة مباشرة محدودا على الفترات الإنتقالية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية إثر الثورات الشعبية أو الإنقلابات العسكرية حتى نتجنب الفوضى بسبب تناحر الجنرالات على السلطة . ما إن يتم ترسيخ دستور علماني وليبرالي يؤسس لدولة مدنية وديمقراطية على شاكلة الدول الغربية حتى يتم إنشاء جهاز أمني يتولى السهر على حماية الدولة من أعداء الديمقراطية من الداخل والخارج . هذا الجهاز يكون بمثابة وزارة داخلية ثانية بامتلاكه لقوة مسلحة وجهاز مخابرات ومحكمة دستورية .

إن التسليم بكون الديمقراطية هي حكم الشعب أو حكم الأغلبية هو أكبر خطر يهدد الفرد والمجتمع لأن الديمقراطية تنحط آنذاك إلى حكم الغوغاء والعامة . حقوق الإنسان الكونية وتفريق السلطات والدولة المدنية لم تأت بها الحشود الجائعة إبان الثورة الفرنسية المجيدة بل جاءت بها العقول المستنيرة والليبرالية أي النخبة المثقفة والحداثية .

الأغلبية الإنتخابية هي من أتت بالفاشية الإيطالية وبالنازية والأنظمة الشيوعية والشيعة في إيران وحزب النهضة في تونس كما الإخوان الظلاميين في كل من تركيا ومصر .

على الدولة المدنية بنظامها الديمقراطي أن تحمي نفسها من أعدائها في الداخل بمنعهم من المساهمة في الحياة السياسية والمدنية . فينحسر مجال اختيار العامة أثناء الاتخابات بين الأحزاب العلمانية التي تؤمن بحقوق الإنسان الكونية والتداول السلمي على السلطة .

تبعا لذلك يحرم على كل الحركات الدينية و الشيوعية والعنصرية والعنيفة بتأسيس أحزاب سياسية أو جمعيات مدنية كما يجب مراقبة كل الأحزاب وإجبارها على ممارسة الطرق الديمقراطية في التسيير الداخلي حتى تترسخ الحداثة في الأحزاب .

لقد أنقذ الجنرال السيسي مصر من الفاشية الإخوانية مباشرة بالإطاحة بها والشعب التونسي بطريقة غير مباشرة عندما انسحبت النهضة من الحكم لصالح حكومة تكنوقراط خوفا من أن يستجيب جنرال تونسي لضغط الشارع والمجتمع المدني قدوة بسيسي مصر ويطيح بها .بينما خان الجنرال عمار الدولة المدنية في تونس بأن رفض طلب وزير الدفاع آنذاك بسد الطريق أمام إخوان تونس أمام نشر سمهم في جسد الدولة الحديثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة