الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقة موجّهة الى حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد و الى المشاركين في ندوة توحيد اليسار التونسي التي سيعقدها الحزب في بداية فيفري 2016.

بيرم ناجي

2016 / 1 / 29
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


مقدّمة :

الى رفاق و اخوة وأصدقاء الصّديق و الرّفيق شكري بلعيد الذي لن أزايد على أحد منهم –كما يفعل العديدون- بالقول انني كنت أعرفه أكثر منكم أو انني أكثر وفاء له أو غيره من الأمراض التي تنتشر هنا و هنالك عند الكثيرين عن حماس و حسن نية أحيانا و عن غضب و سوء نية أحيانا أخرى.
اليكم أنتم و من سيحضر معكم النّدوة التي ستقيمونها في ذكرى اغتياله حول توحيد اليسار و تأسيس الحزب اليساري الكبير أقدّم رسالتين :
الأولى هي رسالة أرسلتها الى صديق و رفيق من قيادة حزبكم سنة 2015 عندما سمعت بدخولكم مرحلة اعداد مؤتمركم و لن أغيّر في محتواها كلمة واحدة .
والثانية هي عبارة عن ملاحظات أخرى أضيفها الآن أوجّهها اليكم و الى ضيوفكم بمناسبة عقد هذه النّدوة.



1-رسالة أوت 2015.

" انها ليست فقط وصية شكري .
و انها ليست فقط حلم اليساريين التونسيين.
و انها ليست فقط مهمّة ضرورية و ملحّة.
بل انها مهمتكم أنتم بالذات الآن و هنا لأن الأحزاب اليسارية الأخرى اما ذهبت كثيرا الى اليمين و امّا الى اليسار ...خارج الجبهة الشعبية، و اما لا تزال سجينة تاريخها الأصولي حتى لو كانت داخل الجبهة الشعبية .
حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد – لو توفرت الارادة - هو أقرب الأحزاب اليسارية الآن للعب دور المبادر لتكوين نواة الحزب اليساري الموحد الكبير للأسباب التالية :
- - هو اكثرها غير أرثوذكسية تنظيميا
- - هو أكثرها انفتاحا على قراءات يسارية غير ارثوذكسية
-هو أكثرها انفتاحا على كل طيف المناضلين اليساريين في تونس.
- هو أكثرها قبولا بتعدد التيارات و الحلقات داخله تنظيميا .
-هو أكثرها اقترابا من الواقعية السياسية و لكن الجذرية .
-هو ربما أكثرها امتلاكا لأنصار – ولو غير منتظمين- في كل الجهات و القطاعات تقريبا.
-هو ربما أكثرها اقترابا من المستقلين في الجبهة و خارجها.
-هو من يحتوي أو يوجد على هامشه أكبر نسبة من المناضلين المثقفين المنفلتين عن العقائدية اليسارية المتجمّدة.
-هو من لا يزال متمسكا بوحدة الجبهة الشعبية رغم كل شيء و يعود الفضل في ذلك لقيادته المتوازنة و الهادئة.
- و هو من يستعدّ لانجاز مؤتمره في القريب.
لكل هذه الأسباب و لغيرها.
أعتقد انه توجد فرصة تاريخية ليلعب الحزب ورقة تحويل نفسه الى نواة الحزب اليساري الموحد الجديد فيدعو بقية الوطنيين الديمقراطيين للالتحاق و كذلك بقية اليساريين و يبقى داخل الجبهة الشعبية و يطور العلاقات مع من هم خارجها من اليساريين و يدفعهم الى التوحد في حزب اشتراكي ديمقراطي جذري يجمع بين اليسار الاقتراحي و اليسار الاحتجاجي بعيدا عن اليمين و عن الوسط غير الأمين و عن يمين اليسار الوصولي وعن يسار اليسار الطفولي.
يمكن للمؤتمر القادم للحزب أن يكون فرصة لاعادة النظر في الرؤية الفكرية و البرنامج السياسي باتجاه اشتراكي ديمقراطي جذري بعيدا عن سجن الأصولية الماركسية – مع الاستفادة من الماركسية و من غيرها- و لكن بعيدا ايضا عن الاشتراكية الديمقراطية اليمينية المنهزمة مسبقا أمام وحشية راس المال المحلي و الأجنبي.
و يمكن للمؤتمر القادم أن يحضّر و يكون بداية لتصور تنظيمي عصري و ديمقراطي تماما يستفيد ايجابيا من واقع التعدد الحلقي الحالي للحزب و يحوله الى ثروة تعددية داخله و داخل اليسار التونسي.
و يمكن للمؤتمر القادم أن يكون فرصة لدفع كل مناضلي اليسار مجموعات و أفرادا الى أن يشاركوا في نقاش عام حول بناء الحزب اليساري الموحد الكبير دون قيود أو شروط و دون تصفية حسابات مع الأحزاب اليسارية الأخرى و لكن مع تعمّد احراجها هي و مناضليها مع الحرص على المحافظة على وحدة الجبهة الشعبية ولكن مع توسيعها و انفتاحها على غيرها.
انها ليست وصية شكري فقط ...
انها افضل هدية يمكن تقديمها الى اليسار التونسي و الى الشعب التونسي...ان توفرت الارادة التي تفترض نفسية و عقلية ومسلكية جديدة تماما من المناضلين .
ستكون هدية تفتتح مشروع تجديد الفكر اليساري التونسي.
ستكون هدية تفتتح مشروع تجديد البرنامج السياسي اليساري التونسي.
ستكون هدية تفتتح مشروع تجديد التنظيم اليساري التونسي
و ستكون هدية تفتتح مشروع تشريك المناضل اليساري التونسي في الفعل السياسي الجديد الذي نادى به شكري بعد ما استخلصه من دروس خصوصية الثورة التونسية و تكون هدية تعمق ما بدأه شكري من تحول فكري –سياسي انتبه اليه بألمعية خاصة و اختطفه منا الارهاب قبل الأوان لذلك السبب ،من بين أسباب أخرى.
و لكنها ستكون هدية مسمومة اذا كان الهدف منها استثمار راس مال رمزي و سياسي لا غير بهدف ابتلاع الآخرين أو سبقهم أ و دفعهم الى الزاوية أو توفير منصة كبيرة ينطلق منها الى الشهرة و المناصب أو غير ذلك.
هو مشروع تاريخي كبير من أجل تجديد اليسار فكريا و سياسيا و تنظيميا و بشريا من أجل تونس جديدة فانطلقوا فيه مخلصين ثابتين أو أجّلوه ان كنتم غير واثقين ... حتى لا يولد ميتا. "
---


هذه رسالة شخصية لم أنشرها كنت بعثت بها الى رفيق و صديق من قيادة الحزب في 6 أوت الماضي (2015) عندما سمعت بدخولكم مرحلة الاعداد لمؤتمركم و رغم استقلاليّتي التنظيمية عن حزبكم و عن كلّ أحزاب اليسار التونسي...مؤقّتا ...ربّما.
وبعد اعلامي أخيرا بالندوة التي تنوون القيام بها في فيفري المقبل (2016) أرسل اليكم الورقة أعلاه دون تغيير في محتواها مع الاضافات التالية :
---

2-

ملاحظات اضافية (2016 ) :

رسالة الى مناضلي حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد وضيوفهم : بمناسبة ندوة الحزب اليساري الكبير.

1-
هنالك طريقتان لطرح مشروع توحيد اليسار:
اما عبر التجميع الكمّي (توحيد ما هو موجود في تنظيم واحد) و هو سيفشل باعتقادي...فاذا كانت الجبهة الشعبية لم تفلح الى الآن في عقد ندوتها الوطنية بل وفشلت في استكمال الندوات الجهوية...فان تجميع اليسار كميا سيفشل حتما...وقد يكون المشروع وقتها وقتيا و مقدمة لانقسام جديد لاحق لا غير.
اما التجميع النوعي (توحيد الرِؤى الفكرية والبرامج السياسية و التصور التنظيمي) و هو المطلوب حسب رأيي و لكن بشرط : خلق رؤية فكرية و برنامج سياسي وصيغة تنظيمية جديدة نسبيا.
هذا يعني انه لا سبيل الى جمع حزب لينيني مع حزب تروتسكي مع حزب ماوي ،الخ في حزب واحد يساري.هذه الأحزاب موجودة في الجبهة و خارجها أصلا و علاقاتها تتوتر من حين الى آخر و سيكون من العبث والوهم القفز الى الأمام و طلب توحدها-كما كانت عبر التاريخ و كما هي الآن- في حزب يساري موحّد.
يبقى حلّ واحد اذن:
طرح الموضوع في نفس الوقت الذي يطرح فيه تحويل حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الى نموذج أوّلي لحزب الاشتراكيين الديمقراطيين الجدد الموحد . بمعنى أن تقوموا داخلكم بما ترغبون من اليسار أن يقوم به مجتمعا. هكذا تكونون مبادرين من ناحية و نموذجا يحتذى به من ناحية ثانية وفي نفس الوقت.
هذه الطريقة ستحرج البقية من غير المتحمسين للمشروع و ستحمس المتحمسين للالتحاق بالمشروع ربما من خلال الالتحاق بكم...على شرط البقاء في الجبهة (مع نقدها و نقد مكوّناتها) و عدم مصادرة المشروع و ادعاء امتلاك حقوق اختراعه .
من ناحية أخرى...شخصيا،لم أعد أرى مشروع توحيد اليسار بمعنى توحيد الماركسيين أو الشيوعيين ( اللينينيين أو غيرهم). توحيد اليسار يجب أن يستفيد من الماركسيات ولكن لا يمكن أن يكون حزبا ماركسيا- لينينيا كبيرا.هذا سيعيد الناس الى النقطة الصفر و يعود الانقسام التاريخي و التقييم التاريخي و هكذا...
الحزب اليساري الكبير ( الذي يجب ألا يحتوي عبارة يسار في تسميته حسب رأيي ليس لعيب فيها هي نفسها بل لثقلها في الثقافة السياسية عند عموم الشعب و لكونها لا تقول ما تقوله عبارة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الموحّد الجديد مثلا...حسب رأيي ) يجب أن يكون:

أ- حزبا غير ايديولوجي بالمعنى الماركسي للكلمة بل حزبا سياسيا. بمعنى أن يكتفي بتبنّي العلوم (على اختلافها) بين طبيعي و انساني واجتماعي و اختلاف مدارسها النقدية (اجتماعيا) كمرجعية نظرية فيكون منفتحا على ماركس و برودون و على تشومسكي و بورديو و نيغري و هاردت و جيجيك وعلى سلامة موسى و شبلي شميل و أنطون سعادة و الحدّاد و الحامّي و غيرهم ،أي على كل مفكري اليسار بمعناه العام جدا.
ج- أن يكون حزبا و طنيا جديدا (يعيد طرح المسألة الوطنية في اطار العولمة بطرق جديدة) و عروبيا جديدا (يعيد طرح المسألة القومية العربية في أفق ديمقراطي تشاركي و تدريجي ) و علمانيا جديدا (يطرح تصورا جديدا للعلمنة المعتدلة و المنفتحة و يتعامل بشكل ايجابي جديد مع كل التراث و خاصة المسألة الدينية بوصفها حرية شخصية حتى داخل الحزب نفسه بحيث يبتعد عن فكرة الحزب الالحادي)
د- أن يكون حزبا ديمقراطيا جديا في الداخل ( تنظيميا من خلال القيادة الجماعية و الانتخاب و حرية التفكير -بشرط الاتفاق على البرنامج السياسي- و حسم الاختلافات بالأغلبية والأقلية ،الخ.) و الخارج ( رفض فكرة الثورة المسلحة مبدئيّا ونهائيا و تبني التغيير السلمي الديمقراطي الذي يفضّل التغيير الانتخابي وأقصى ما قد يضطرّ اليه الاضراب السياسي العام والعصيان المدني السّلمي في أقصى أقصى الأزمات ولكن دون نسيان الحق في الكفاح المسلح دفاعا عن الوطن في حالات الاستعمار طبعا فذلك يكفله حتى القانون الدّولي).

2-
سيقول البعض من مناصريكم و من اليساريين - ومعهم الحق - ما يلي :
- الوطد الموحّد لا يستطيع تحقيق وحدته و يؤجل مؤتمره الخاص و يدعو الى توحيد اليسار...؟
-الوطد الموحد يؤجل ندوة الجبهة الشعبية ويدعو الى توحيد اليسار...؟

ولا بدّ من الاجابة بنزاهة عن السؤالين قبل تقديم الاجابة الى الآخرين.

لن يكون هنالك معنى لعقد ندوة حول توحيد اليسار اذا كان الحزب لا يقنع منخرطيه بسبب تأجيل مؤتمره الخاص و منخرطي الجبهة بسبب تأجيل ندوتها الوطنية الا في حالة واحدة :
قيادة الحزب تعتقد انه من الضروري أن تكون ندوة 6 فيفري حول توحيد اليسار مقدمة تساعد في أن يكون مؤتمر الحزب القادم نفسه مؤتمر الحزب الذي يريد أن يصبح نواة تغيير جذري في اليسار و في الجبهة على حد السواء و هي تطرح فكرة توحيد اليسار لأنها تأمل أن يكون مؤتمرها القادم جديدا بأتم معنى الكلمة بحيث يحتمل تحوله الى نواة أولى غير حصرية و غير اقصائية للحزب المنشود وبحيث يتزامن ذلك مع تقديم رؤية جديدة لتنظيم الجبهة نفسها.
دون هذا...لا أرى حظوظا للنجاح للندوة و ستكون مناسبة و احتفالا ...قد لا ينتجان شيئا على الأرض.
اما اذا سرتم في هذا الاتجاه الجديد بروحية وعقلية و مسلكية جديدة فعلا فسيكون للندوة تأثير كبير داخلكم و داخل اليسار و الجبهة و غيرها...ربّما.
ببساطة شديدة اذن :

- كيف سيقوم حزب هو نفسه غير متوحّد... بتوحيد اليسار الذي يفترض الاعتراف كونه مشتّتا؟
- كيف سيقوم حزب هو نفسه لم يتطوّر ... بتطويراليسار الذي يفترض الاعتراف كونه محنّطا ؟
- كيف سيقوم حزب هو نفسه ايديولوجي... بتكوين اليسارالجديد الذي يفترض الاعتراف كونه سّياسيا؟

اذا لم يتوحد حزبكم و يتطوّر ليصبح حزبا غير ايديولجي - بل يساريا سياسيا- فلن ينجح في المهمّة الا جزئيا ربّما: من باب طرح مبادرة للنقاش . و حتى هذا لن يحصل الا ...بشرط أن تكون الندوة واعية كونها بداية تغيير في الحزب نفسه حتى تساهم في الآن نفسه – و الأرجح لاحقا - في تغيير اليسار في الجبهة وفي خارج الجبهة ...حتى يكون المبادر نموذجا يعطي الثقة لمناضليه ولغيرهم.

3-

أمّا اذا كان الحزب نفسه سيبقى –كما يعرّف نفسه في وثائقه الرّسمية- حزبا ماركسيّا لينينيا و اشتراكيّا علميّا ويهدف الى توحيد اليسار الماركسي اللينيني (وغيره) – وهذا حقّه طبعا هو وغيره- فمن الأفضل التفكير عندئذ بطرق أخرى.
- سيكون من الأفضل الاهتمام بالحزب نفسه لمزيد تطويره و تنظيمه أفضل مما هو عليه الآن اذ لا تزال حلقات و مجموعات عديدة من التيار الوطني الديمقراطي خارجه و لا يزال آلاف من مناضلي التيّار خارج كل الحلقات الوطنية الديمقراطية ،بل و كثرت انسحاباتهم من كل الحلقات و الاحزاب الوطنية الديمقراطية مؤخّرا بسبب الاحباط من أشياء عديدة يعرفها الجميع.

- سيكون من الأولى تطوير الجبهة الشعبية سياسيا حتى تخرج من صورة جبهة الاحتجاج (و الاحتجاج يبقى ضروريا) الى صورة الاقتراح (الموجود و لكن الذي يراه البعض من باب الاقتراح التعجيزي لا غير) و تطويرها تنظيميا في الدّاخل (بعقد ندوتها الثالثة أولا و لكن بأرضية سياسية وهيكلة تنظيمية جديدتين) و في الخارج بانفتاحها على كل التيارات و الأحزاب اليسارية و القومية و الاشتراكية الديمقراطية التونسية (ولو بدرجات متفاوتة) بما يخدم مصلحة تونس في ايجاد أشكال من التنسيق (على الأقل) بين اليسار و الوسط التونسيين.

- سيكون من الممكن (حتى لا نكون عدميّين) الاستفادة من الندوة المزمع عقدها بالبدء في الدّعوة الى تشكيل تنسيقية تشاركية ( يكون كل تنظيم يساري يقبل فكرة النقاش حول توحيد اليسار ممثلا فيها و تكون مهمّتها اعداد وثيقتين أساسيتين واحدة فكرية- برنامجية والأخرى تنظيمية ) تعمل على الأقلّ على تكوين فدرالية أو كونفرالية أحزاب يسارية مستقبلا بحيث ان فشل التوحيد التام لا يفشل التنسيق على الأقلّ و لم لا التحالف في جبهة يسارية تكون مكوّنا من مكوّنات الجبهة الشعبية المعاد تنظيمها و المؤمّل توسيعها و تطويرها حتى لا تكون الجبهة اليسارية بديلا عن الجبهة الشعبية و لا تكون الجبهة الشعبية الحالية معرقلا لتكوين جبهة يسارية و جبهة شعبية جديدة (ان لزم الأمر) بدخول أحزاب مثل المسار و الاشتراكي اليساري ... و عودة الوطد الثوري و حركة الشعب ... لم لا ؟

- وسيكون من المهم وقتها ( ولو من باب النتائج ) دفع الأحزاب القومية و الوسطية التونسية هي نفسها للتنسيق في ما بينها و لم لا التوحد و التعاون مع اليسارالجديد و الجبهة الشعبية الجديدة و ذلك سيعزّر مشروع الجبهة الشعبية العربية التي انطلق مشروعها و التي لن يكون لها معنى في ظل الخراب العربي الحالي اذا كانت محصورة في تنظيمات يسارية وناصريّة محدّدة (كما يبدو من خلال الأحزاب الثلاثة التونسية المشاركة فيها :حزب العمال و الوطد الموحد و التيار الشعبي) و منغلقة على غيرها.

4-

أخيرا ،

وقد تركت الفكرة عمدا حتّى أقدّمها الآن و أتعمّد ذكرها و أعترف انّها استفزازية و لكن هدفها هو الاستفزاز الايجابي :

ان اليسار التونسي – بمعناه العام - منذ بداية مرحلة العولمة عالميا و سقوط العراق عربيا و سقوط بن علي تونسيا ،و رغم اختلاف برامجه و أهدافه ايجابيّا و جذريا عن تيارات الاسلام السياسي و عن التيّار الدستوري و غيرهما، لا يتطوّر فكريا و سياسيا و تنظيميا تفاعلا مع تطوّرات العصر الفكرية-السياسية-التنظيمية و مع تحوّل تونس الجديدة و الوطن العربي و العالم الجديدين مثلما يتفاعل معها غيرهم الذي فهم ضرورة التحول باتجاه نوع من البراغماتية غير الايديولوجية (اليمينية طبعا) .

وانّ هذا اليسار ، رغم صدق النوايا و تضحيات المناضلين ، لن يكتب له النجاح مستقبلا الا بعد فتح ورشة التغيير الدّاخلي الفكرية و السياسية و التنظيمية التي هي الى الآن أضعف حتى من الورشة التي فتحتها النهضة داخلها استعدادا لمؤتمرها العاشر -بقطع النظر عن ظروف فتحها و محتوياته و أهدافه – لا من ناحية الجرأة الفكرية و السياسية و لا من ناحية التمشّي التنظيمي.

أعرف انّ هذه الفقرة الأخيرة قد تؤوّل من قبل بعض اليساريين سلبيّا تماما - وكأنّها ضدّهم- و من قبل بعض الاسلاميين ايجابيّا تماما –وكأنها لصالحهم - و لكنّني مصرّ على انهاء المقال بها عمدا .من ناحية لأنّني مقتنع بها بسبب ما ألاحظه بدقّة هنا و هنالك و من ناحية ثانية عملا بمبدأ " الحقيقة دائما ثوريّة " .

كما أعرف جيّدا ان الكثير من المناضلين اليساريين الأفراد يقولون هذا لأنفسهم أو يتداولون هذا فيما بينهم و لا يصرّحون به في العلن لأسباب عديدة.و لكنني أعتقد انّه لا بدّ أن يقول أحدنا هذا في العلن لأنّ مواجهة الحقيقة يتطلّب شجاعة في الاعلان عنها و تقبّلها بدل نكرانها و/أو تبرير اخفائها.

5-

وآخرا ، و أختم هنا، سأكرّر ستة أفكار أراها لا زمة :

- لا بدّ من نفسية و عقلية و مسلكية جديدة.

- و لا بدّ من تصورات فكرية و سياسية و تنظيمية جديدة.

دون هذا ، واعذروني :

"من لا يستطيع انجاز القليل لن يستطيع انجاز الكثير. "



(انتهى)


29-01-2016.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا