الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في كتاب تأملات في التربية - إيمانويل كانط - تعريب و تعليق : - محمد بن جماعة - نشر : دار محمد علي الحامي . سلسلة : أضواء . الطبعة الأولى 2005

عبد الله عموش

2016 / 2 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


" إننا نقرأ لنفكر جيدا و لنفعل على نحو جيد "
الجزء الأول
إضاء في الموضوع :
يعتبر مؤلف " تأملات في التربية " ل " كانط " من نواذر الفكر الفلسفي الذي تناول مسائل تربوية معقدة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ، و هي مسائل ما تزال تحتفظ براهنيتها ؛ من مثل التي تتعلق بالتعامل مع الطفل و طريقة تنشئته ، و مسألة التكيف ( التوفيق بين الإمتثال و الحرية) ... و قد أثار فيه إمانويل كانط مسألة شائكة ما تزال تطرح لحد الساعة تحد كبير أمام علم النفس التربوي و ليس أمام المشتغلين بالعمل و التأطير التربويين فحسب ، و تعني هذه المسألة التربية الجنسية بالنسبة للطفل و الطفل المراهق ، . و الكتاب الذي نطرحه للقراءة اليوم هو سؤال محرج في الفكر التربوي ، و تمثل فيه ماءلة علم النفس التربوي المعاصر الحيز الأكبر . و على الرغم منذلك فهو فهو جواب على سؤال في الأنوار ، و جواب في سؤال التوجه في التفكير ، و هما السؤالان اللذاغن يلقيان الضوء على الحرية و حرية التفكير ، الحرية و حرية التفكير باعتبارهما القيمة الأساسية في فلسفة " كانط " ، حرية التفكير بكل تبعاته الكبيرة الخطورة ، خاصة في حقل التربية .
الإطار الفكري العام للكتاب .
سأقدم هنا قراءة لتوطئة المترجم لوثيقة / كتاب : ( " ثلاث نصوص ": تأملات في التربية ، ما الأنوار ، ما التوجه في التفكير ) ، و في التوطئة يعتبر فيها أن العنوان " تأملات في التربية " وضعه في الأصل " الاكسيس فيلوننك " َALAXIS PHILONENKO عندما نقل الكتاب من الألمانية إلى الفرنسية ، تحت عنوان E.Kant,Réflexions sur l’éducation , introduction , traduction et Par ALEXIS PHILONENKO ,8 ed . Vrn 1996 و يجمع الكتاب مذكرات كان سلمها " كانط " (1724 ـ 1804) عند متم نشاطه المهني إلى أحد تلامذته (أتباعه) المسمى " رينك " RINK هذا الأخير الذي قام بنشرها سنة 1803 تحت عنوان Uber Padagogik (في البيداغوجيا ) ، بعد أن كان قد أوصاه "كانط " بنشر ما يفيد منها الجمهور أكثر .
و هي مذكرات كانت في الأصل دروسا أو محاضرات حاضر فيها "كانط" في مكون البيداغوجيا بجامعة كونقزبارق KONFSBER على فترات منفصلة ما بين عام 1776 ـ 1787.
و لم يذكر ما إن قام (رينك) بنشرها كاملة كما تسلمها من "كانط" ، أيضا لم يذكر شيء في النظام المتبع في ترتيبها ، مقارنة مع تصنيفها في المخطوط ، و قريب من الوثوق أن يكو (رينك) هو من أضاف العناوين الثانوية (الفرعية) التي تحمل التعابير " توسع" " في التربية الجسمية" " في التربية العلمية " . ومهما يكن من أمر ، فالكتاب يفقد إلى نظام مرض بالتمام ، إذ يظهر عليه أثر التكرار وتفتقد فيه التحاليل إلتي توسع فيها "كانط" نفسه إلى التوازن . إنما تنم نصوص الكتاب على نوع من الإهتمام الحقيقي بقضية التربية الذي ظل لصيقا به طوال حياته الفكرية ، و ليس و لم يأت هذا منه نتاج الضغط المهني الذي يفرض على كل فيلسوف عظيم مثل كانط هذا . وإن كل قارئ ل"كانط" ليشهد له باختراق عدة خواطر في التربية لفكره الفلفي ابتداء من برنامج دروس(ه) لفترة الشتاء السداسية 1765ـ1766 ، وفيها انصب اهتمام كانط على قضية التعليم حيث تعرض لإشكالية " محتوى البرامج و علاقته بقدرات المتعلم " و بشغف كبير قرأ فيلسوفنا كتاب " إميل " ل " جان جاك روسو " Emile ou de l’éducation ، و لا يخفى على أحد ما لهذه القراءة النوعية موضوعيا من أثر و انعكاس واضحين و بشكل جلي على (تأملاته) ، هذا فضلا عن القيمة المضافة التي كانت لتجربة و مبادرة " باسدوف" BASDOW الذي أ،جز مؤسسة أو معهد DESSAU عام 1776. في مسعى منه إلى تنزيل أفكار "روسو" و لكنه في الواقع كان في منأى عنها أو يحيد عنها ممارسة في أحايين كثيرة ، وقد كانت هذه المبادرة و هذه التجربة مادة خاما وزاد شحن لتفكير كانط و دافع له للبحث والتفكير في مجال الفكر التربوي وواقع التربية و التعليم في بلده ذات عصره ، و محرك تفكيره في بواعثا إصلاح التعليم و بحث و أسبابه ، و القول مختزلا ؛ كانت تجربة " باسدوف" محرك البحث في نظرية التربية عند "كانط .
و يصرح "كانط" فيما يصرح به أن التربية هي أهم و أصعب مشكلة تطرح على الإنسان ، و ليس هذا التصريح بمنزلة حقيقة سطحية أو وحيا من بديع الكلام و مرصعه و زخرف اللفظ من دون جوهر في المعنى ، إنه عمق في الرؤيا و مبدأ و تصور راسخ و رؤيا ثاقبة ووعي قائم بالمسألة التربوية و بحدتها و ليست وعيا شقيا ومزيفا أو بئيسا . و لعله لهذا يرجع تواتر الأفكار البيداغوجية في مؤلفاته الفلسفية الأكثر تميزا بالعمق في النظر و التنظير، الشيء الذ لا يختلف فيه اثنان من الدارسين للفكر الفلفي من الإغريق حتى المنهج البنيوي ، تلك الأفكار التي يستمد منها أطر التفكير النظري كما يتجلى هذا في مذهبه (وجود انضباط للعقل الخالص) كدلالة صرفة على إجمالي الإصطلاح البيداغوجي و مفهوم هذه الأخيرة (= البيداغوجيا) و ما فكرة " التنوير " المركزية عند "كانط" إلا اصطلاح و بعد تربوي ذو أهمية قصوى ، ليس في علاقة بالفرد في شحن اللفظ بالدلالة التربوية ؛ و إنما و أكثر منه بالبعد السوسيولوجي و الإجتماعي من حيث البناء الدلالي و تفريعاته في الحقل التربوي و في -الإبستيمية البيداغوجية ، و كذلك في ارتباط بالزمن المجحتمعي المعقد ، و ذلك و بشكل أعمق باارتباط البناء الدلالي للتنوير بعمق الفلسفة السياسية التي تؤطر المجتمع و تهيكل ظواهره و تزكيها و تمأسسها ...
إذن لم تكن تجربة كانط في التعليم تهم فقط مجال و مناحي التدريس بالجامعة ، و الإحتكاك بالطلبة بل هي بحث ف ي النظرية ، نظرية التعلم ، لأننا وجدناه عمل " معلما خاصا " ما بين (1746 و 1755) ، الشيء الذي أكسبه الوعي بالفارق بين النظري و التطبيق ، في المجال البيداغوجي ، إنه و بالفعل تطرح " تأملات في التربية " كون "كانط" على غير نهج مأسسة "نظام" تربوي مسبق بقدرما كان مسعاه بناء مشروع فكري يجمع فيه بين " دروس التجربة و مشروعات العقل " و إذا كانت عملية تعليم الأطفال ذات محدودية ، فإن ذلك منح "كانط" فرصة الوقوف على قيمة كل من (الصعوبات و العوائق ) ـ كما نسميها اليوم في أدبيات التربية و البيداغوجيا : صعوبات التعلم و العوائق المعرفية و النشوئية و التربية الخاصة // البيداغوجيا الفارقية ... ) ـ التي قد تعترض الذي يمارس التربية على اطفال كمهمة قدرها في فلسفة العلوم اليوم العسر و التعقيد في ربط التنظير بالممارسة فسبيل فعل تربوي بيداغوجي سليم من طراز 1+1=2 و هو الشبيه بالمستحيل إن لم نقل بالمحال ، ...
و ما يلفت الأنتباه أن "كانط" عد مفكرا عظيما من بين آخرين الذين اهتموا بالبيداغوجيا و كان الأقدر على مد الجسور بين النظري و ما هو ملموس و عيني في الواقع ، مع كون النسق الفلسفي الذي رفع عماده و ساهم في بناء صرحه يجعله غير مؤهل ذات الزمن لذلك من حيث المبدأ . ورغم ذلك فإن ما يثير العجب ويدهش هو أن يرى الدارس لفكر "كانط" البليداغوجي، سلامة الحس التربوي لديه بدلالة مقترحاته البيداغوجية الأكثر توازنا ، وأبعد منذلك تنبيهه بأن مجال التربية لا شيء يقوم فيه من دون التجربة (إحالة إلى بناء المعرفة البيداغوجية باتباع المنهج التجريبي بتحفظ ) ، " كل شيء يعود إلى التجربة " و هو يعني بكلامه هذا مجال التربية " . و على الرغم من توجيه و تأثير فلسفته الأخلاقية و الميتافيزيقية بشكل مستمر في الزمان ، إلا أنه لا يلقي بالدارس و القارئ لفكره البيداغوجي في في غيابات و مستحيلات المجرد ، إذ سرعان ما يربطه بالمحسوس و الملموس و العيني ؛ إل واقع الطفولة طبعا كموضوع للتربية و البيداغوجيا و الديداكتيك إذ لا شيء يستقيم مع التربية و البيداغوجيا دون درس الديداكتيك ، واقع الطفولة بارتباط كذلك بنواتي التنشئة الرئيسيتين اللتين هما الأسرة و المجتمع ، كما يعود بنا "كانط" في "تأملاته" إلى ملحاحية سؤال التخطيط التربوي القابل للتطبيق و ليس النظري المجرد ، و إلى سؤال ضرورية و ملحاحية مواكبة التعديل للتخطيط ــ ( واستباقيا عند "كانط" ارتباط التعديل بالتخطيط و التدبير ـ التعديل تلميحا إلى التقويم التربوي ـ في جميع أطوار ـبناء و تنفيذ المشروع / المشاريع التربوية ) ــ و هذا نموذج بيداغوجي سابق لأوانه عند "كانط و يختزل مسألة التخطيط و التدبير و التقويم و الدعم و العلاج و الذي يجنب المربين السقوط في فخاخ الإرتجالية و البراغماتية في الفعل التربوي . و تتمحور بعض أفكر "كانط" حول إبعاد جعل التربية تقف عند حدود تكوين الطفل الذي يعكس الشخصية المجتمعية المعيارية ـ و هذا ما يعرف نظريرية إعادة الإنتاج و العنف الرمزي في التربية المعاصرة في سوسيولوجيا التربية عند بيير بورديو ـ أو إعداده فردا ناجحا في الحياة حسب ما يراه ذويه ـ و هو ما يعرف اليوم بالإصطفائية و الإنتقائية في التقويم و النخبوية في نسق نظرية إعادة الإنتاج ـ بل ينبغي تجاوز ذلك حسب تعبير "كانط" إلى " تمكين(هم) الطفل من تربية فضلى حتى يمكن لحالة أفضل أن أن تنبثق عنها في المستقبل " و يرى "كانط" يقول عند إعلانه في فن التربية عن "المبدأ" الذي يجب أن يضعه كل مشرف مسؤول عن التخطيط التربوي و على المخططات التربوية : " يجب أن لا يربى الأطفال فقط بحسب حالة النوع البشري الراهنة ، بل بحسب الحالة الممكنة التي تكون أفضل منها في المستقبل ، أي وفق فكرة الإنسانية و غايتها الكاملة ، " ـ( وهذا نقد لنخبوية التعليم و هدر لحق الطفل في التعليم دون تمييز في الجنس أو النوع أو اللغة أو الدين أو الإنتماء الإجتماعي في العهد الدولي لحقوق الإنسان المعاصر و هي ضربة استباقية عند "كانط" و لم تستثمر إلا ببط و تلكؤ شديدين من طرف الحكومات ... و في المسألة رأي و نظر) ـ و هذا المنظور هو منطلق "كانط" الدعوي إلى تأسيس نظرية في التربية و تأسيس علم " البيداغوجيا أو فن التربية " يتخذ له موضوعا مستقلا عن الفلسفة ، علم يستثمر في القيم ذات الأبعاد الإنسانية تبعده عن النظرة الميكانيكية و الآلية حسب تعبيره .
و كقيمة مضافة فإن "تأملات في التربية " تظهر ذات دلاللة أحادية من منظورإلى واقع الوضع التعليمي بألمانيا في القرن الثامن عشر ، بما يميز هذا الوضع من كون المستوى متدنيا و رديئا في المدارس الشعبية ، و إسناد مهام التدريس فيها لغير الكفاءات لتصبح بذلك ملاذات آمنة للعاطلين و البطالة . و هو ما كان عليه وضع التدريس في المعاهد الثانوية تقريبا ، هذا إذا علمنا بمحدودية المدارس و كونها على نذرة في الإنتشار في إقليم ألمانيا ، و ما واكب هذا من ضعف المواظبة على الحصص بالمدارس الشعبية على علاتها و نذرتها ، و بخصوص الجامعة ؛ فلا يحج إليه و لا يأتي إليها الطلبة إلا من تحرر منهم من الأشغال و الإلتزامات الخاصة ، عموما كان كان هذا في عهد فريديريك الثاني امبراطور ألمانيا آنذاك ، و الذي عرفت عنه عدة قرارات في إصلاح التعليم ـ كدأب كل من يتحايلون عل حقوق شعوبهم في تعليم وطني ذي جودة و تتكافأ فيه الفرص بين المواطنين و المواطنات ـ و هي الإصلاحات التي كانت محدودة بمحدودية جدية و مجهودات الدولة و غيرها من الشراكاء في تدبير قطاع التعليم في حكومة فريديريك الثاني . هذا من جهة و من جهة أخرى فقد انصب الإهتمام على تعلم الاثتينية في المعاهد الثانوية بشكل رئيسي كما كان الأثر الكبير للكنيسة التي فرضت أساسا ما يسمى ب " التمهيد للاهوت " وزنتج عنه أن سيطرت على الساحة المجادلات المدرسية أو "السكولائية " و استبعدت اللغة الألمانية حتى ما قبل 1750 كما كان كل من تعليم عوم التاريخ و الفيزياء و الرياضيات سطحيا و مهمشا و ثانويا في برامج التعليم و كانت الجغرافيا مغيبة تماما إلى حدود 1760 .
ومن المعايب العميقة التي تحسب للقرن الثامن عشر ، أكثر من السابق ، هو مسألة الجهل بالطفل ، بينما كان حت الإحساس بالطفل يدخل في باب المنعدم تماما في فجر ذات القرن ، و تواليا بعد ذلك فإننا نجد انعدام أي نواة صلبة لفكرة التعليم . و قدر ل "جان جاك روسو " أن يكتشف كوكب الطفولة ، مسطر تحت الأخطاء المرتكبة في عصره و إلى تداخل الأفكار لدى الفلاسفة و معايب التعليم بقول روسو ي "أميل ، الكتاب الثاني " :" للطفولة طرق في الرؤية و التفكير و الإحساس خاصة بها ؛ ولا شيء أقل رشدا من أن يراد الإستعاضة عنها بطرقنا نحن " ـ (تمييز الراشد عن الطفل : المجرد / المحسوس ، البسيط / المركب ...) .
أما " كانط " فيحكم على التعليم في عصره حكم قيمة و حكم حقيقة إذ يقول : " لم تكن المؤسسات التربوية معدومة ، غير أن غالبيتها رديئة ، إذ يتم العمل فيها ضد الطبيعة ـ( معرفة الطفل) ـ[...] و يتبع فيها تقليد القرون الفظة الجاهلة اتباعا أعمى ـ و لكن عبثا ننتظر خلاص الجنس البشري من تحسين تدرجي للمدارس . فلابد من إعادة إنشاء المدارس
إنشاء كليا إن أردنا أن يساورنا الأمل في حصول شيء صالح ينبثق عنها . ذلك أنها بالفعل مختلة في تنظيمها الأولي و أن المعلمين أنفسهم في حاجة إلى تلقي تكوين جديد . و لا يقدر على إحداث هذا التغيير إصلاح بطيء ، بل ثورة سريعة فحسب ، و لذالك تكفي مدرسة واحدة منظمة على نحو جديد ووفق منهج حق ." مقتطف من مقدمة "الاكسيس فيلوننكو للترجمة الفرنسية ص 17 .
و إذا كان كل من و اقع التربية و التعليم بألمانيا في القرن الثامن عشر و معه إصدار "روسو" و كونه ممارسا في التعليم العالي من مثيرات التفكير في مجال التربية عند "كانط" فإت " تأملات في التربية " هي استجابة طبيعية لهذا المثير ، و كانت محرك دافعية الطموح في إعادة النظر و التفكير في تغيير واقع وضع التعليم في الزمان و المكان معاش هذا الفيلسوف الهرم ، مريدا إنجاز قفزة نوعية في التعليم ، استجابة لطموحه ، إنه إذا كان كل هذا واقعا و آفاقا و إطارا ماديا للتحرك في إنتاج بديل معقول و قابل للتطبيق في مسار إلإصلاح المنشود فإن " تأملات في التربية " تجاوزت سياقها التاريخي بطرحها قضايا و إشكاليات تربوية مشهود لها براهنيتها ، و من هذه القضايا : [ مسألة التعامل مع الطفل ] و [ طرق التنشئة] و [ التربية المقارنة] و ب مقاربة التربية العامة و التربية الخاصة ] و[‘شكالية العقاب و الجزاء في التربية ] و [جدلية التربية والدين ] وإنه و على الرغم من التقدم الذي عرفه علم النفس العام و علم النفس التربوي في عصرنا الحالي فإن "كانط" لم يفته في زمانه أن وصاغ إشكالية التربية الجنسية في علاقة بالطفل و الطفل المراهق في سياق القيم و الأخلاق السائدة كما لم يستطع اليوم علماء التربية صياغة مقاربة بالإجماع تضع هذه المجزوءة في الموضع الائق بها سواء في البرامج و المناهج التعليمية الأكثر تقدما و الأكثر تحررا من عقدة الجنس و الحريم ، [ ولا ينبغي أن يكون هذا الرأي الأخير مثار تهجمات و هجومات الفكر الإقصائي و التكفيري لأنني لا أناقش أحدا في خصيتيه أو فرج حريمه ] ، قلت إذن إن ما أثارته " تأملات " كانط في التربية من قضاي ذات راهنية ينبغي أن تستفيز إيجابا منظرينا و مؤطرينا و خبراءنا في التربية و في علم النفس التربوي ، أن تستفزهم و في سبيل دعوة جماعية إلى التسريع من و تيرته في إنجاز مشاريع تربوية تقارب هذه الظواهر وفق رؤى موضمعية تقودهم إلى مساءلة المسكوت عنه في تعتر و تلكؤ منظوماتنا التلربوية ، و تدعوهم إلى ـ كذلك مساءلة و نقد مسؤولينا في الأنظمة التربوية في أبراجهم العاجية المطوقين بالقرارات السياسية و الإقتصادوية المترهلة ، و يسائلوا سياساتنا التربوية و نظمنا المدرسية ، و نظمنا في التكوين و التأطير التربويين ، يسائلوهم عن تعترهم و عرقلتهم كعارفين غير مبرئين من بشع أخطائهم المتعمدة في الإصلاح و عن إمساكهم بقبضة من حديد كل إصلاح حقيقي في التعليم ، " تأملات في التربية " تدعونا إلى القول بأننا راهنا نعيش و يعيش بيننا "كانط" . إننا ندعو إلى غسل العار بمناسبة علمنا بمضامين "التأملات " و ندعو إلى حل لغز تعتر إصلاح و تقدم و تراجع التعليم في وطننا العربي عامة ، و نقف في وجه الكليشيهات الجاهزة كخطاب تبريري لواقعنا المترهل و لواقع مدارسنا البئيس ، و ندعو إلى وقف الإلقاء باللائمة على المجهول و المركب الجهلي في فشل هذه أو تلك من منظوماتنا التربوية .
ربما قد يخجل أو يفزع البعض منا و يعود إلى الخلف ليتبنى الوعي الشقي ، الوعي البئيس ، أو الوعي الزائف حينما سيستشعر من خلال هذه القراءة النقدية في مقدمة " تأملات في التربية " ل "إيمانويل كانط" ، ليستشعر أنه مستفز ، و ما يستفزه إلا ظل بنات فكره ، ذلك لأن قراءتنا النقدية لهذا الكتاب ستفرض عليه المعرفة بالأنوار و ستفرض عليه المعرفة بالتوجه في التفكير ، و هما معرفتان أخريان تلقيان الضوء على الحرية و حرية التفكير ، و الحق في التعبير كترجمة لحرية التفكير ، و من تم ولوج التحرر و المطالبة بالإنعتاق من الإستلاب الذي يفرضه و يكرسه الإكليروس التربوي في عالمنا العربي و الذي يوزع صكوك الغفران لدعم دعواته الإصلاحية الوصولية و الإنتهازية النهبوية الزائفة و المغرضة و المعوقة بعقوق الإنسان و الوطن و التقدم ، ليفرض اضطهاد الأصوات المنددة به و الداعية إلى التنوير ، اضطهادها بأدوات القمع و التجهيل و التفقير و الإستغلال و الإستخفاف ، أدوات الإستعباد و الإسترقاق و الظلم و السلب و النهب و الإختلاس في وضح النهار ، أدوات الخلاف و الإقصاء و التكفير و العنف و الإرهاب و القتل و الدمار لينتصر للشر على الخير ، يضطهدهم و يفرض عليهم العقاب الإيديولوجي لينتصر للجهل على العلم للباطل على الحق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254