الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تبعيث ولحدنة
جهاد الرنتيسي
2016 / 2 / 3مواضيع وابحاث سياسية
خلال زياراته الاولى لمناطق السلطة الفلسطينية بعيد اتفاق اوسلو، التفت الكاتب الفلسطيني توفيق ابو بكر الى ظاهرة "تبعيث المجتمع الفلسطيني" التي اثارت بعض الجدل الخجول وسط انقسام واسع بين تأييد الاتفاق ورفضه .
في مقارباته لحالة السلطة الفلسطينية في بداياتها والتقاليد البعثية كان ابو بكر يشير الى ما اعتبره تحولات في المجتمع الفلسطيني تشبه في جوهرها ما كرسته تجربة البعث في العراق وسوريا مستندا الى وعي تعددي وحقوقي راكمته عقود من السجال الفكري مع المكونات السياسية والايديولوجية العربية .
السنوات اللاحقة لهذه الالتقاطة اثبتت صحة ما ذهب اليه صاحبها بدء من سلطة الحزب الواحد ومرورا بتعدد الاجهزة الامنية وانتهاء بمحاولة المزاوجة بين الدولة والثورة دون انجاز اي منهما .
فقد ترافقت انتفاضة الاقصى ـ التي كان لدينا ملاحظات على عملياتها الانتحارية ومناخاتها غير الآمنة ـ مع اواخر زمن التبعيث وانتهت بوضع حد لمرحلة وبدء العد العكسي لوفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات .
مرحلة ما بعد عرفات لم تحتمل محاولات المواءمة بين الثورة والدولة على طريقة البعثين السوري والعراقي اللذين انتهيا دون انجاز دولة القانون او تحقيق الوحدة العربية والرسالة الخالدة التي تحولت لشعار تآكل مع سقوط النظام العراقي السابق وتفاقم ازمة النظام السوري الحالي .
اكتسبت المرحلة الفلسطينية اللاحقة ملامحها من الاسراف في التنسيق الامني مع الجانب الاسرائيلي وملاحقة المقاومين وتدريب قوات امن بعقيدة مختلفة عن ما كانت عليه عقيدة المقاتل الفلسطيني الذي شارك في انتفاضة الاقصى مما ابرز الوظيفة الخدمية للسلطة على حساب اشكال المقاومة الشعبية المفترض ان تضغط على الجانب الاسرائيلي لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه .
زيادة التنسيق الامني وتحويل المقاومة ـ في اقل مستوياتها ـ الى شعار مؤجل التنفيذ تزامن مع تلاشي احتمالات قيام الدولة الفلسطينية وتحييد خيار الدولة الواحدة بابقائه في مربع التلويحات العابرة .
ترافق الابتعاد عن مظاهر البعثنة مع بروز الجوهر الخدمي للسلطة واجهزتها و اختفاء ملامح المشروع الوطني وضعا مقاطعة رام الله وسلطتها في طور جديد يتشابه في معظم اوجهه مع ما كان يعرف بجيش لبنان الجنوبي الذي ورثه انطوان لحد عن سلفه سعد حداد .
فقد كان لبنان الجنوبي الذي تشكل في مواجهة ما اعتبرته القوى الانعزالية خطرا فلسطينيا "دويلة" لديها اذاعة ومحطة تلفزيون واقتصاد مرتبط بأسرائيل تتجنب الدولة اللبنانية وصفه بالجيش العميل كما تعاملت مرجعيات دينية مع لحد باعتباره بطلا اضطر للتحالف مع اسرائيل بسبب افرازات الوجود الفلسطيني وليس مجرد قائد لمليشيات عميلة مرتبطة باسرائيل .
رام الله وسعت اوجه الشبه مع جيش لبنان الجنوبي بعد اعتقال مرشح الرئاسة السابق عبدالستار قاسم حيث اصدرت بيانا اعتبرت فيه تحريم تقديم المعلومات لمؤسسات الاحتلال الاسرائيلي تهديدا للسلم الاهلي والوطني رغم انسجام التحريم مع ادبيات منظمة التحرير الفلسطينية المفترض انها ما زالت الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني الخاضع تعريفه لتقديرات المتغيرات الظرفية .
تتم محاسبة قاسم باعتباره مجرما بحق الرئيس والقيادة الفلسطينية والقضاء وقانون السلطة الاساسي لمجرد تقديمه توصيفات تتعلق بدور وظيفي تقوم به السلطة الامر الذي يعني تحصين الوظيفة الخدمية التي تتولاها السلطة وحظر انتقادها في الوقت الذي لا يتجاوز الرد على اجراءات فرض الامر الواقع الاسرائيلية تصريحا عابرا لمسؤول فلسطيني من الدرجة الثانية وربما الثالثة .
تضيف الاتهامات الموجهة لعبدالستار قاسم جديدا لقائمة طويلة من المشتركات بين ما وصلت اليه السلطة الفلسطينية وجيش لبنان الجنوبي مما يضع الاولى على طريق تكييفات قانونية وبرامجية تعمق مظاهر اللحدنة الاخذة في الاتساع دون ان تغيب احتمالات الانفجار من الداخل بفعل سباق بعض مراكز القوى لاظهار كفاءة اكبر في القيام بالدور الخدمي المطلوب خلال المرحلة المقبلة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا