الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحشاشين

منير جمال الدين سالم

2016 / 2 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الحشاشين
1 - الصابئة :

تطلق هذه التسميه على كل من طائفتين مختلفتين, تعرف احدهما بإسم الصابئه المندائيين أوالمغتسله, وهى طائفه يهوديه غنوصيه يتبع معتنقيها يوحنا المعمدان (يحيى إبن زكريا) كآخر رساله وصلت من السماء, هاجر المغتسله من فلسطين إلى العراق وفارس بعد دمار المعبد اليهودى فى عام 70م , وبعد مذبحة اليهود والوثنيين فى الإسكندريه فى عام 415م, وإختلطت عقيدتهم بالفلسفه اليونانيه الحديثه , وكثير مايخلط بينهم وبين الأبيونيين والنذريين (النصارى) .
الطائفه الثانيه التى أطلق عليها نفس التسميه فى عام 228 الهجرى فى وقت خلافة العباسيين, عقيدتها خليط من الديانات البابليه واليونانيه والمصريه القديمه ويعتقدون فى نبوة أجاثودايمون وتحوتى (هرمس – أخنوخ) و شيت, ويعتبرونهم بَشَراَ وأصحاب رسالات, وقد إتخذوا التسميه بالصابئه للتمتع بالحمايه بصفتهم من الذميين ولتحاشى الإتهام بعبادة الأوثان والكفر, وغالباَ ما يطلق عليهم صابئة حاران لتفريقهم عن المغتسله المندائيين.
إشتهر صابئة حاران ببراعتهم فى الترجمه وعلوم الطبيعه والكيمياء والفلك والتنجيم
يؤمن صابئة حاران بوحدة الإله الخالق (العله الأولى والسبب الأول) الذى لايمكن تخيله وتصوره بالعقل والحواس البشريه ولايمكن التواصل معه, ولكنه قد أعطى أرواح أثيريه للكواكب وكلفها بحكم الكون, ويؤمنون بالخلاص عن طريق المعرفه, ويقال أنهم يقدمون القرابين (الذبائح) لآلهة أيام الأسبوع السبعه ويمارسون طقوس لتعظيم " تموز " كبير الجِن بتقديم ضحيه بشريه له.
تأثيرهم الكبير فى العلوم والفنون والثقافه فى المجتمع الإسلامى, وصل إلى حد الإستعانه بآراءهم وكتاباتهم الفلسفيه والدينيه فى تفسير وتعليل مسائل وغوامض دينيه إسلاميه, ويعتقد غالب الباحثين أن "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا" والتى تحظى بأهميه كبرى لدى المتصوفين المسلمين, هى من كتابات صابئة حاران.

يجزم كثير من المؤرخين والباحثين السنه على أن "عبيد الله المهدى" مؤسس الدوله العبيديه
الفاطميه وأول خلفاءها, قد إدعى كذباَ أنه من نسل فاطمه الزهراء, بينما إختلفوا فى حقيقة نسبه وعقيدته مابين اليهوديه والديصانيه المانويه, ولكن الواضح أن هيكلة الدعوه الفاطميه وعقيدتها الباطنيه إعتمدت كلياَ على معارف ونظريات إخوان الصفا والتى إتخذت كوسيله لهدم العقيده الإسلاميه التقليديه.
المقاله القادمه فى سلسلة تاريخ الماسونيه ستكون عن "فرسان الهيكل"

2 - الشيعه الإسماعيليه النزاريه:
الدعوه القديمه :
حصرت الشيعه الإثنى عشريه الإمامه والخلافه فى الإمام على إبن أبى طالب وذريته من السيده فاطمه إبنة رسول الله وحتى إثنى عشر إماماَ من خلال محمد الباقر إبن على زين العابدين إبن الحسين وقد سميت هذه الطائفه بإسم الشيعه الإثنى عشريه أو الشيعه الإماميه. وتبعت طائفه أخرى الإمام زيد إبن على زين العابدين وسموا بالزيديه, وإختلفوا عن أتباع المذهبين الإثنى عشرى والإسماعيلى فى تعميم الإمامة لأى شخص من نسل علي بن أبي طالب يخرج طالبا لها. وإنفصلت عنهم طائفه سارت على نفس الترتيب وحتى الإمام جعفر الصادق, ثم حصروا الإمامه من بعده فى ذريته من إبنه إسماعيل, ولذا تسموا بالشيعه الجعفريه الإسماعيليه وينحدر منهم ملوك الدوله الفاطميه. تحت الحكم الفاطمى تركز إشعاع المذهب الإسماعيلى من الجامع الأزهر وحول مقامات العلم فى القاهره , وكان على الدعاه إقناع مريديهم بأن ما يتلقونه هو حكمة الزمان والقوه الخفيه التى تؤهلهم لبلوغ درجات معلميهم الروحيه والدنيويه. كان الهدف الرئيسى هوتحويل عقول التلاميذ عن الفكر السنى السائد وكان على التلاميذ التدرج فى تسعة درجات من التلقين :
فى الدرجه الأولى يقود المعلمين تلاميذهم إلى حاله من الشك فى كل الأفكار المألوفه والتقليديه, دينيه كانت أو دنيويه وأن كل ماتعلموه سابقاَ مغاير للحقيقه ومحل شك وإرتياب. فى كتاب الخطط المقريزيه يذكر المقريزى : " تأثير ذلك كان الخضوع لشخصية المعلم كمصدر أوحد لتأويل وتفسير الحقائق الأصيله.فى نفس الوقت كان المعلمون يلوحون دائماَ أن منهاج المعرفه كان قناعاَ للحقيقه المختفيه "الباطنيه" والتى تكشف أسرارها للمريد عندما يكون مستعداَ ومؤهلاَ لقبولها ".
فى الدرجه الثانيه يلقن المريد بأن الأئمه (الخلفاء) هم المصدر الوحيد والحقيقى للقوه الخفيه والمعرفه المستتره, وأن الأئمه هم وحى الدعاه والمرشدين, ولذلك على المريد أن يعتبر كل قول وفعل يصدر عن مرشده "وحى إلهى مقدس".
فى الدرجه الثالثه يكشف الستار عن الأسماء الباطنيه للأئمه السبعه آدم ونوح وإبراهيم وموسى والمسيح ومحمد , وعن العبارات السريه التى يمكن بواسطتها يمكن إستحضار أرواحهم, والتى بتكرارها يمكن أن تطلق القوه الخفيه الكامنه فى أسماء الأئمه وتوظيفها فى خدمة أغراض الدعوه.
فى الدرجه الرابعه يلقن المريد بأن روح الأئمه السبعه الذين تنزلوا بالشريعه ,تحل على المعلمين والمرشدين وتمدهم بقوى وقدرات سحريه تمكنهم من صنع المعجزات. ولكل إمام نبى ووارث للشريعه, وهم شيت إبن آدم وسام إبن نوح وإسماعيل إبن إبراهيم وهارون أخو موسى وسمعان حوارى المسيح وعلى صاحب محمد , ومن ذرية على يأتى سيد الزمان ورسول الحقيقه لأهل الحقيقه والمخلص والمهدى المنتظر تناسخ روح الأئمه وروح الله .
فى الدرجه الخامسه تكشف أسماء لأثنى عشر حوارياَ لكل نبى, وتفسر وظيفة كل حوارى ومعجزاته القادر على تحقيقها, ويعلم المريد الطريقه الصحيحه لنطق الأسماء والتعاويذ والتأمل فى معانيها وعدد تكرارها حتى تتجلى قوتها السحريه و يتحقق التأثير المرجو فى الأشياء أوالأحداث أو الأشخاص.
لإجتياز الدرجه السادسه تضاف تعاليم جديده توضح الهدف الأساسى من الدعوه, ويمر المريد بفتره من الفحص والإختبارات الشاقه:
فى الدرجه السابعه يفصح عن السر الأكبر, أن كل البشريه وكل الخلق واحد, وأن لا شيء منفرد بذاته, بل هو جزء من الكل, جزء من القوه الخالقه البانيه. ويلقن الإسماعيلى بأنه يمكنه أن يستخدم هذه القوه الخالقه,فهى من طبيعته وكامنه فيه وتنتظر مساعدة المعلم والمرشد ورضا القوه المتناسخه لسيد الزمان.
للتأهل للدرجه الثامنه, على المريد أن يؤمن بأن كل الديانات والفلسفات ماهى إلا خداع وزيف, وأن الوصول إلى الخقيقه لايمكن إلا بإتباع تعاليم الإمام الذى تتجسد فيه القوه الإلهيه.
الدرجه التاسعه تأتى إلى الكشف عن أن ليس هناك ما يعادل اليقين والإيمان, ثم يأتى العمل فى الدرجه الثانيه, بشرط ألا يكون الدافع للعمل لغير مصلحة أهل الحقيقه وطبقاَ لأوامر شيخ الدعوه ومرشدها.
الدعوه الجديده :
عقب موت المستنصر بالله بن علي الظاهر لإعزاز دين الله ( الخليفة الفاطمي الثامن والإمام الثامن عشر في سلسلة أئمة الشيعة الإسماعيلية ) إنقسمت الشيعه الإسماعيليه بين أتباع ولداه, نزار المصطفى لدين الله وأحمد المستعلى بالله, إذ إستولى المستعلى على الحكم وقام بسجن أخيه نزار, وفر الهادى إبن نزار وأتباعه إلى آسيا الوسطى إلى قلعة ألموت حيث كان يسيطر عليها داعيه إسماعيلى يدعى حسن إبن الصباح.
ولد حسن إبن الصباح فى مدينة الرى بخراسان من أب شيعى, ويجمع المؤرخون على إنه من أصل فارسى, إلا أن أتباعه يدعون أن أسرته كانت من عرب الكوفه. والده على إبن محمد إبن جعفر إبن حسن إبن الصباح الحميرى كان من غلاة المذهب الإثتى عشرى وكان يعرف بالإعتزال. تتلمذ الحسن على يد الإمام " ألموفق " السنى الصميم, والذى كان يقال عنه أن من يتتلمذ على يديه يصل لمركز عظيم. كان يزامل حسن إبن الصباح فى قاعة الدرس كلاَ من عمر الخيام الشاعر والفلكى, وأبو على حسن الطوسى الشهير بنظام الملك. إتفق زملاء الدراسه الثلاثه فيما بينهم على أن من يسبق زميلاه إلى مركز مرموق, فعليه أن يساعدهما فى تأمين مستقبل لهم. تدرج نظام الملك فى بلاط السلطان "ألب شاه" السلجوقى حاكم فارس,وحتى أصبح وزيراَ له. وطبقاَ لإتفاق رفاق الصبا, أوفى بوعده بتخصيص عطيه لعمر الخيام تكفيه لحياه ميسره فى مدينة نيسابور حيث كتب فيها الكثير من رباعياته الشهيره.وكان الحسن فى ذلك الوقت مرتحلاَ مابين الشام والعراق للتبشير بالدعوه القديمه. بعد موت السلطان ألب أرسلان وتولى إبنه "مالك شاه" الحكم, توجه حسن إبن الصباح لملاقاة زميل صباه "نظام الملك" طالبا توظيفه فى بلاط السلطان الجديد, فمنحه نظام الملك مركزاَ مرموقاَ وقربه من السلطان,وفاءاَ لوعده.
فى عام 1078 طلب مالك شاه إحصاء شامل عن أوجه الدخل والإنفاق فى جميع أرجاء الإمبراطوريه السلجوقيه المترامية الأطراف, وكان رأى نظام الملك أن إحصاء كهذا سيستغرق أكثر من عام,ولكن حسن إبن الصباح قال أنه يستطيع أن يتمه فى أربعين يوماَ فقط. وكلفه السلطان بالمهمه , ولكن المبالغه والتفاوت فى ما قدمه حسن من نتائج أثار حفيظة السلطان وأمر بنفيه, توجه الحسن إلى أصفهان ثم إلى القاهره,حيث قوبل بالترحاب والتكريم من الخليفه الفاطمى لمركزه السابق فى بلاط مالك شاه ولمكانته فى التنظيم الإسماعيلى. بدأ إبن الصباح فى إستغلال وضعه فى البلاط الفاطمى,إلى أن كشف عن تورطه فى مؤامره سياسيه ,فأمر "بدر الدين الجمالى" أمير الجيوش بسجنه ثم بنفيه إلى بلاد المغرب العربى, ولكن العواصف إضطرت ربان السفينه إلى التوجه شرقاَ إلى سوريا, ثم واصل ترحاله منها إلى العراق ثم إلى بلاد فارس ماراَ عبر القرى والمدن داعياَ ومبشراَ بالتعاليم الإسماعيليه, وقد إستطاع خلال هذه الرحله وخلال شهور قليله من عودته إلى موطنه أن يضم حوله عدد غير قليل من الأتباع والمريدين , إكتسب إخلاصهم بقوة إقناعه وأقام لهم مراكز للدرس والتأمل والتدريب.
رأى الحسن أنه ليس كافياَ أن يعطى الناس وعداَ بدخول الجنه , فقرر أن يريها لمريديه فى صورة جنه أرضيه.
وقع إختيار الحسن على قلعه قديمه قريبه من مدينة طهران ,تقع على تله فى وادى مختفى بين جبال وعره يصعب الوصول إليها إلا عبر ممرات قليله يسهل حراستها والسيطره عليها, قلعة "أل أموت" هو الإسم القديم للقلعه ويعنى عش النسر.
كان غالبية أهل المناطق القريبه من القلعه من أتباع المذهب الإسماعيلى, وإن كان حاكم المنطقه يدين بالولاء للخليفه العباسى. لكى تكون ملكية الحسن للقلعه ومحيطها شرعيه, فقد عرض على هذا الحاكم ميلغ ثلاثة آلاف قطعه ذهبيه مقابل قطعه من الأرض لاتزيد مساحتها عن مساحة جلد ثور. بالطبع وافق الحاكم " على مهدى " على هذه الصفقه الرابحه. أمر الحسن بقطع جلد الثور إلى خيوط رفيعه جداَ وقام بوصلها ببعضها وأحاط بها الوادى المحيط بقلعة أل ألموت. وحين إكتشف الوالى هذه الخدعه حاول الرجوع عن موافقته, ولكن الحسن واجهه بوثيقه صادره من البلاط السلجوقى تمنحه الحق فى ملكية هذه المساحه مقابل المبلغ المدفوع.
يصف الرحاله الإيطالى " ماركو بولو " قلعة أل أموت أو عش النسر أو قلعة "شيخ الجبل" (كما سماها الحسن) كما رآها فى عام 1271م " : "فى وادى جميل محصور بين جبال شامخه, بنيت حديقه بها أكثر مما يتصور عقل من أسباب الرفاهيه والترف , مكتظه بكل مالذ وطتب من أشجار الفاكهه والنخيل والأعناب, يعبقها أريج الورود والرياحين وأشكال وأحجام مختلفه من القصور والمقصورات, تجسد الفن والجمال والعظمه,ويغطى حوائطها الحرير والمخمل, ومزدانه بزخارف من الذهب الخالص. وتتخلل هذه المشيدات نهيرات صغيره من النبيذ واللبن والعسل والماء الرقراق, تجرى فى كل إتجاه. القائمين على هذه المقصورات هم صبايا يتمتعن بحسن باهر وذوات صوت ملائكى, بارعات فى عزف الموسيقى والرقص والغناء, لايكفون طوال يومهم عن اللهو والسمر فى أنحاء الحديقه ومقصوراتها. الحارسات على حوريات الجنه, عليهن البقاء خلف الأبواب ووراء الأسوار, ولا يسمح لهم بالظهور لرواد الجنه بتاتاَ".
كانت فكرة الحسن أن رسول الله قد وعد المؤمنين بأن لهم الجنه حيث كل سعاده وفرح ومتعه, فآمن الناس به طمعاَ فى جَنه لم يروها مرأى العين, فكيف بهم لو رأوا الجّنه عيناَ ؟ أفلا يؤمنون أنه أكثر من نبى وأعظم من رسول من يملك أن يمنح دخول الجنه لمن يشاء وأن يمنع من يشاء ؟ جنه رؤيت بالعين وحست وجربت, ألا تجعل الإيمان به أقوى وأصدق ؟, فتصبح حياة المؤمنين به ملكاَ خالصاَ له يقدمونها طوعاَ وفرحاَ فى سبيل اللإله المتجسد, تنفيذاَ لمشيئته ودفاعاَ عنه عند أول إشاره أو لمجرد رغبته فى ذلك. لم يكن يسمح لأياَ كان أن يصل إلى هذه الجنه الحصينه, فوعورة وأرتفاع الجبال حولها كانت تمنع دخول أى متسلل, كما أن الممرات السريه التى تؤدى إليها , لايعرفها إلا القليل من أتباع الحسن المقربين, وعلى أطراف ومداخل هذه الممرات أقيمت القلاع وانقاط الحراسه لمنع أى متسلل من الدحول إليه أو الإقتراب منها.
بدأ الحسن فى إجتذاب الصبيه والشباب مابين سن الثانيه عشر وسن العشرين, من الضواحى والقرى القريبه من القلعه, وممن يتوخى فيهم القابليه والإستعداد والخامه المناسبه القابله للتشكل, ليصنع منهم سفاحين لتنفيذ رغباته وأغراضه. يلقن الصبيه بالمواعظ والتأويلات حتى يؤمنوا أن الطاعه العمياء لشيخ الجبل هى الطريق الوحيد إلى الفردوس الموعود, ثم يختار الوقت لتخدير عدد منهم , وعندما يصيرون شبه موتى بتأثير مخدر الحشيش, يقوم أتباعه بنقلهم إلى قلعة الجبل, وعندما يفيقون من تأثير المخدر يجدون أنفسهم فى تلك الجنه الأرضيه, محاطين بالفتيات الجميلات اللواتى لا يدخرن وسعاَ فى إدخال البهجه والمتعه والسرور على قلوبهم, علاوه على الأنبذه والأطعمه الشهيه, فيعتقدون أنهم فى إحدى درجات الجنه التى وعد بها المتقون, وبعد أيام فى هذا النعيم وفى حاله من اللاوعى بتأثير الأنبذه والحشيش يلقون خارجاَ إلى حيث رفاقهم. يسألون على الملأ , فيؤكدون أنهم كانو فى الجنه, ويصفون بدقه ماعاينوه وماعايشوه من متعه, ومن ثم يؤكد وعاظهم بأن من يطيع شيخ الجبل فله إرث الجنه , ومن يموت فى سبيله أو فى سبيل تنفيذ مشيئته فله من المتع مايفوق ما تحقق لبعضهم فعلاَ فى جنة شيخ الجبل الأرضيه.
بفن الخدع والإحتيال أقنع الحسن المحيطين به أنه قادر على كل شئ, حتى إحياء الموتى,وتجمع تحت إمرته الكثير من الأتباع والمريدين, يدينون له جميعاَ بالولاء والطاعه العمياء,وأصبحوا أداه قويه فى يده, يسخرها فى أى غرض شخصى أو دينى أو سياسى.
بدءاَ من نهايات القرن الحادى عشر, إستطاع الحسن من فرض سيطرته وبسط نفوذه على كل المنطقه المحيطه ووحد أهلها تحت نظام حكم صارم لاينبع إلا أوامره. وبدأ أتباعه " الفداويه " فى قطع الطريق على القوافل التى تتبع أمير الولايه. وفى عام 1092م أغتيل الوزير نظام الملك بطعنه فى القلب ومات السلطان مالك شاه مسموماَ لجرأتهما على الأمر بإرسال جيش لمحاربته, وليكونا عبره لمن يجرؤ على التصدى له.
بموت نظام الملك ومالك شاه طالت أيدى أتباعه حتى أصبحوا سادة فارس والعراق, بالغزو والهجوم المباشر, أوبالخنجر المسموم. وتحول ولاء الإسماعيليين للخليفه الفاطمى فى القاهره إلى ولاء من نوع خاص لشيخ الجبل الذى أصبح رعباَ متجسداَ لكل أمير ووالى وسلطان فى كل المنطقه الإسلاميه فى آسيا, ونداَ للصليبيين الفرنجه فى فلسطيين والشام. إذ أصبح لهم عيون وآذان وأيدى فى بلاط ملوك وأمراء المنطقه الإسلاميه تأتمر بأمر شيخ الجبل وتنفذ أوامره.
إشتهر أتباع الحسن فى التاريخ بإسم " الحشاشين " ومنها دخلت التسميه إلى قاموس اللغات الأجنبيه كمصطلح للتعبير عن عمليات الإغتيال, وسمى أتباعه الذين يقومون بعمليات الإغتيال بالفداويه.
ينقسم تنظيم الحشاشين سبعة مراتب يتدرجون فيها بدءاَ من المستجيب وهو المستجد من العامة الذى يستجيب للدعوه, ثم اللصيق, ثم الفداوى أو الضراوى الذى يقوم بمهام الحرب والإغتيال, ثم الرفيق , ثم الداعى, ثم كبير الدعاه, ثم داعى الدعاه أى رئيس الدعوه ونائب الإمام المستور.
الهدف الأول للفداوى هوأن يبذل الروح فى سبيل شيخ الجبل, يحمل خنجر الموت ويذهب فى سبيل إزهاق حياة شخص ما , حتى يجده, فيتحين الفرصه المواتيه للإغتياله, لايضنيه طول سفر ولا يمنعه خطر موت, ولم يخطئ خنجر مستقره الذى أعد له إلا لماماَ.
فى عام 1103 بدأ الحشاشين فى ترسيخ قواعد لهم فى مدينة حلب وضواحيها, وبحلول عام 1132 كان لهم ستة قلاع فى المنطقه مابين حلب ومناطق نفوذ الصليبيين فى غرب نهر العاصى.
توفى حسن إبن الصباح فى عام 1124 عن 92 عاماَ قضى منها 35 عاماَ فى قلعة النسر, وترك وراءه شوكه قويه فى قلب العالم موازيه فى شذوذها للماسونيه والصهيونيه والنازيه, و إستمرت فرقة الحشاشين من بعده فى تحقيق الإنتصارات, وسار خلفاءه على نفس نهجه, وزاد عدد أتباع الطائفه وتغلغل نفوذهم فى كل منطقه الشام التى كانت تحت سيطرة الصليبيين ( من حدود مصر جنوباَ وحتى جبال أرمينيا شمالاَ ) وفقاَ للتحالف القائم بينهما (الحشاشين وفرسان المعبد) والمصالح المشتركه وهدف القضاء على الأديان الذى يوحدهم سوياَ ,وقامت لهم إمارات مستقله وقلاع وحصون فى وادى الجن فى سوريا وفى جنوب لبنان وشمال فلسطين. وأصبح لهم عيون وآذان وأيدى فى بلاط ملوك وأمراء المنطقه الإسلاميه تأتمر فقط بأمر شيخ الجبل وتنفذ أوامره.
فى عام 1162 تولى زعامة الفرقه "حسن على" الملقب بحسن الثانى والمشهور بإسم "حسن الكريه" , وأعلن أنه هو بذاته الإمام المستور الذى جاء ذكره على لسان حسن إبن الصباح وأنه هو تجسد النور الإلهى ومنبع القوه الأبديه. فى عام 1164 أصدر حسن الثانى أمراَ لجميع أتباع الطائفه بالتجمع فى قلعة آلاموت فى شهر رمضان, وأعلن على الحضور أن الأمر الإلهى قد تنزل عليه بحل كل روابط الدين ومواثيقه وأسقط التكاليف وأن على كل مؤمن أن يفعل مايحلو له, لا ما يحل له. كما أعلن أنه ليس إبناَ لمحمد إبن كيا بزرق ,ولكنه فى الحقيقه وريث الإمامه ومن نسل نزار.
عندما سطع نجم صلاح الدين الأيوبى فى سماء الشرق كقوه تتحدى أطماع الصليبيين وخطراَ يهدد وجودهم, أصبح سقوطه هدف حيوى لحلفائهم الحشاشين وإستمرت محاولاتهم لإغتياله وحتى بعد إختلافهم مع حلفائهم الصليبيين .مما دفعه إلى إجتياح إماراتهم فى فلسطين وجنوب لبنان وهاجم حصونهم وقلاعهم الواحده بعد الأخرى . وحتى أعطاه زعيمهم " الشيخ سنان " عهداَ بعدم تكرار محاولة إغتياله, وإطلاق يده فى محاربة الفرنجه بدون تدخل من الحشاشين سراَ أو علانية.وتوقف نشاطهم العسكرى والسياسى فى إيران على يد هولاكو بعد الغزو المغولى (1256) بوقت قصير ومقتل إخر أئمتهم "ركن الدين خورشاه" فى 1257, وفى سوريا على يد الظاهر بيبرس الذى قضى على آخر معاقلهم فى الشام فى عام 1273م , ولم يسمع عنهم من وقتها وحتى أربعينيات القرن التاسع عشر بظهور أتباع للإسماعيليه تحت إسم "الخوجات" فى إيران والهند, وإمام للطائفه يسمى "أغاخان".
من وقتها أصبح الأغاخان (وورثته من بعده) من نجوم المجتمع الغربى والسياسه العالميه.
ولا ننسى دور أغاخان الثانى فى إنشاء "الرابطة الإسلاميه" بدعم بريطانيا, والعلاقه الوثيقه التى كانت بين أغاخان الثالث والبلاط الملكى البريطانى وتوليه عضوية الجمعيه العموميه لعصبة الأمم المتحده لمدة عام, وأغاخان الثالث والذى منحته إليزابيث الثانيه ملكة بريطانيا لقب "معالى" فى عام 1957, علاوه على ألقاب الفروسيه والجلاله التى منحت له من ملوك بريطانيين سابقين.
أهم ما تبقى لنا من تاريخ الحشاشين هو عقيدتهم وخططهم وأساليب تنفيذها, التى إنتقلت إلى المتنورين الماسون وأدواتهم من الإخوان المسلمين والمخابرات البريطانيه والأمريكيه فى عصرنا الحديث.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوعد بالجنة
سليم عيسى ( 2016 / 2 / 4 - 15:29 )
وكانت يا سيدي العزيز الاحزاب الشيعية في العراق وبمباركة وتخطيط ايراني اول من اعاد فكرة الحشاشين الى الوجود في العصر الحديث, فقد ابتكرت الهجمات الانتحارية, وعدا بالجنة, ابتداء من سبعينات القرن العشرين , ثم انتقلت الفكرة الى ايران اثناء الحرب العراقية الايرانية, فقد كان الحرس الثوري والجيش الايرانيين يدفعان بالالوف من المغرر بهم وبينهم صبية في الثانية عشر وشيوخ لاقتحام حقول الالغام وقد وضع كل واحد منهم شريطا اخضر حول راسه ,ليدخل الى الجنة راسا. ثم بدأت القاعدة وطالبان .... بتطبيق ذات المبدأ . المهم انه في كل الحالات يبقى الزعماء والشيوخ جالسين في اماكنهم لا يرغبون بدخول الجنة الموعودة. مع التقدير


2 - رد من الكاتب
منير جمال الدين سالم ( 2016 / 2 / 4 - 15:54 )
السيد الفاضل سليم عيسى
أشكرك على التعليق وعلى المعلومه
أؤكد لك أن أمهر المخابرات العالميه تستعمل تكتيكات الحشاشين وليس فقط فئه أو جماعه معينه.
وأود أن أضيف أن مانراه اليوم من إرهاب ومخططات لتغيير العالم الذى نعرفه ليس بوليد صدفه أونتيجه لأحداث, بل هو مخطط قديم نعيش آخر مراحله فى عصرنا الحالى, مقالاتى القادمه عن تسلسل وترابط الجماعات السريه ستكشف لك ماهو أغرب من الخيال. مع تحياتى

اخر الافلام

.. #الأوروبيون يستفزون #بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال ا


.. اجتياح إسرائيل لرفح... -المعركة الفاصلة- ضد حماس في غزة أم م




.. ما دلالة ظهور الناطق باسم كتائب القسام في اليوم 200 للحرب ال


.. شبكات | استخراج طفلة من رحم والدتها بعد استشهادها بغارة إسرا




.. ماذا تعنى تقنية الاستمطار؟ وما علاقتها بالأمطار التي أغرقت ا