الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن التقارب الأخير بين الحكومة و الاخوان

محمد مجدى عبدالهادى

2005 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد هناك مجالا للشك فى عقد صفقة جديدة بين الحكومة و الاخوان المسلمين ، فالمظاهر التى عايناها فى الشارع المصرى و الجامعات ، و نتائج الانتخابات البرلمانية ، و اخيرا ما سمعناه من تصريحات لبعض قيادات الاخوان (عصام العريان مثلا )كلها مظاهر تؤكد لنا صحة هذا الاستنتاج
فالنظام الحاكم فى ظل ازمته ، اندفع الى احضان الاخوان محاولا ارضائهم و اكتسابهم الى صفه من ناحية و عزل حركات التغيير و الاحزاب المعارضة من ناحية اخرى ، متبعا فى هذا اسلوب شق الصفوف ، باستغلال التناقضات الداخلية من جهة ، و انتهازية بعض التيارات من جهة اخرى
و هو هنا استغل انتهازية الاخوان المسلمين ، فأعطاهم مساحة اوسع للحركة سمحت لهم بممارسة نشاطهم بصورة علنية ، اى بصفتهم الاخوان المسلمين ، بعد ان كانوا يختبئون خلف واجهات متعددة كأسم التيار الاسلامى او شعار الاسلام هو الحل
كذلك تشير النتائج الاولية للأنتخابات البرلمانية الى توجه حكومى لاعطاء الاخوان عددا اكبر من المقاعد فى البرلمان فى اطار الصفقة المعقودة بينهما ، و انطلاقا من رغبة النظام فى تحييد الاخوان و اكتسابهم الى صفه ، و عزل الاحزاب و الحركات الاخرى و تصفية اى تأثير ممكن لها ، و يتضح هذا على صعيد الانتخابات البرلمانية ، فلم ينجح لها و لو مرشح واحد حتى هذه اللحظة ، بما فيهم العناصر التى لا يشك احد فى شعبيتها ، مثل ايمن نور اهم مرشحى رئاسة الجمهورية ، الذى سقط فى الانتخابات البرلمانية من اول جولة!
و لا شك فى ان هذا التوجه من قبل النظام يكشف حقيقة الوضع السياسى ، و حقيقة نظرته للقوى السياسية المعارضة ،و التى تسمى معارضة ! ، كذلك توازنات القوى التى نرى انها بذاتها جزء من لعبة اكبر يلعبها النظام للحفاظ على وجوده ، و ابقاء الوضع على ماهو عليه
فالوضع السياسى و توازنات القوى تؤكد القوة الكاسحة و الشعبية الكبيرة لجماعة الاخوان المسلمين -دون التطرق لأسباب هذا الوضع و الخلفية التاريخية له - او ان شئت الدقة ما يسمى بالبديل السياسى الاسلامى الذى يدعى الاخوان تمثيله ، و ليس ادل على صحة هذا من ذلك السباق بين حركات التغيير من جهة ، و الحكومة من جهة اخرى ؛ لاكتسابهم الى صفوفها
و بالطبع فانه فى سباق كهذا ، تنتصر الحكومة حتما ،طالما اخذنا انتهازية الاخوان بالاعتبار ، و طالما لم ننخدع بادعاءات المعارضة الاخوانية
كذلك فان نظرة النظام الى القوى السياسية المختلفة و الوضع السياسى بمجمله سواء السائد او المرجو ،هى سبب و نتيجة لوفاقه مع الاخوان ، فالسبب هو ان النظام لا يرى تهديدا حقيقيا فى جماعة الاخوان المسلمين ، التى يرى و يفهم حقيقة المصالح المشتركة بينه و بينها ، و كذلك حدود مطامحها ، فى هذه المرحلة على الاقل ،هذا من ناحية ، و من ناحية اخرى، فهو يرى -و لانأبه بمدى صحة رؤيته - ان بديلا اسلاميا سيكون مرفوضا فى الغالب من الولايات المتحدة الامريكية ، رغم اعلانها قبول وصول اسلاميين معتدلين الى الحكم
اما النتيجة فتتمثل بالاساس فى الوضع الذى يريد النظام سيادته ، وذلك من خلال سعيه لاكتساب الجماعة الى صفه ، بل و رعايتها و دعمها اذا لزم الامر -فى الحقيقة و بغض النظر عن المظاهر-لعزل و اضعاف الاحزاب المعارضة و حركات التغيير التى اصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للنظام بمطامحها و بما بدات تكتسب من تعاطف فى الشارع المصرى
فالوضع السياسى الراهن ، بتوازناته السياسية ،هو بذاته غاية المراد من رب العباد ،من وجهة نظر النظام ، فما دامت طموحات الجماعة فى الحدود التى يقبلها ، و ما دامت تساهم فى عزل و اضعاف المعارضة الحقيقية ، الاصلاحية منها و الثورية ،فانه لا بأس ، بل ربما كان المطلوب بالذات هو الحفاظ على قوة هذه الجماعة ، بحيث لاترى الجماهير غيرها فى الشارع السياسى ، فتندفع قطاعاتها الساخطة خلف الجماعة ؛ ليتم احتوائها ، فى ذات الوقت الذى تضعف فيه القوى الاخرى ، وتنعزل اكثر فأكثر عن الجماهير ، فيتمكن النظام من دمجها فى منظومته ، و وضعها فى الموضع الذى يريده لها
و هكذا فالوضع الذى يريده النظام هو ذاته الوضع السائد ، حيث تسود الشارع السياسى جماعة ثيوقراطية معادية للنظام المدنى تحظى بقبول بعض القطاعات و بنظرة الشك من قطاعات اخرى ،مرفوضة نوعا من اسياده الامريكان ، و لا تعادى النظام معاداة حقيقية ، بل تتوافق معه فى مواجهة القوى المعارضة من معسكر الديموقراطية ، التى يتم عزلها و اضعافها باستمرار ؛ فيسهل على النظام احتوائها فى اطار زينته الديموقراطية
و بالسياسات الاخيرة للنظام ، تتضح لنا رغبته فى اعادة انتاج هذا الوضع و تكريسه ، هذا الوضع الذى انشأه بسياساته السابقة ، و يعمل الان على ابقاؤه فى ظل الظروف الجديدة
و لا شك ان هذا الوضع بذاته ، مع ما يحمله من مخاطر و تحديات لحركة التغيير فى مصر ، فانه يحمل لها فرصا اكيدة ، يجب عليها اقتناصها ، مهما كانت المصاعب و المشكلات
فهذا الوضع و ان كان يضعف حركة التغيير ، و يخصم من قوتها ، و يضيف الى قوة النظام ، واضعا اياها فى مواجهة قوى هائلة سلطوية و شعبية ، الا انه ايضا يعطيها فرصة القيادة المتفردة للجماهير الساخطة التى لن تجد فى الاخوان ما تطلبه فى معركة التغيير ، التى ستكشف المعدن الحقيقى لجماعة الاخوان امام الجماهير ، و ذلك بما يخصم من قوة هذه الجماعة ، و يضعف من تأثيرها ، مضيفا الى قوة حر كة التغيير فى مصر ، حيث سيكسب الشارع من يبحث عنه ، و سيعاقب بالسقوط من يقف فى صف اعداء الشعب
و هذا لن يتم ، الا اذا رفعت حركة التغيير من سقف مطالبها و وتيرة حركتها فى مواجهة النظام ، ومعه جماعة الاخوان ، بحيث تنكشف حدود كل قوة على حقيقتها ، و مدى استعدادها للوقوف فى صف الجماهير ، و بحيث يبنى معسكر الديموقراطية قواه من جديد فى مواجهة الاوليجاركية الحاكمة من جهة ، و الثيوقراطية المتحالفة معها من جهة اخرى ، فالحلقة المفرغة التى انشأها تشابك مصالحهما ، و التى تنتج و تعيد انتاج الوضع القائم ، تحتاج الى دفعة قوية لكسرها و تحويل اتجاهها ، بما ينتج وضعا جديدا يخدم وطننا و يدعم تقدمه
فالدفعة القوية -لكسر الحلقة المفرغة للاستبداد و الثيوقراطية- هى ما يجب ان تتبناه حركة التغيير كاستراتيجية ،لبتاء وطننا الديموقراطى الحر ، على طريق الحرية و التقدم لشعبنا الحر الأبى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس يبحث تمويلا إضافيا لإسرائيل| #أميركا_اليوم


.. كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي: لدينا القدرة على




.. الخارجية الأمريكية: التزامنا بالدفاع عن إسرائيل قوي والدفاع


.. مؤتمر دولي بشأن السودان في العاصمة الفرنسية باريس لزيادة الم




.. سر علاقة ترمب وجونسون