الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظاهرات الجمعة بين الوهم والايهام (ج4)

محمد علي الحلاق

2016 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


1- شعارات التظاهرات بين الحقيقة والتظليل :-
قلنا في الأسطر السابقة من ان القيادة السياسية الوطنية هي التي تحدد الشعارات المركزية للتظاهرات ،بما يتطابق مع الحدث او الاحداث الرئيسة التي تحصل في تلك اللحظة التأريخية .
لكن دعونا نعود قليلا الى بداية الاحتلال الاجرامي للعراق عام 2003، ولنرى حقيقة بعض ماحصل في هذا الوطن الجريح والمستباح ، من تنفيذ مشروع قذر ،جهنمي لتدميره وذبح شعبه ،وهو الذي افرز كل الظواهر والمسائل والمشاكل التي يعاني منها وبسببها الوطن اليوم وللغد القادم ايضا .
تقول الدكتورة (فيبي مار) في كتابها المهم (عراق مابعد 2003) الصادر عن دار المرتضى عام 2013،ص 84، مايأتي : (وبحلول نهاية عام 2006 كان العراق ينهار ،وان احتلالاَ ومشروعاَ طموحا لبناء الأمة ،الذي بدأ بطموح اكبر مما يتحمله الواقع ،قد اخذ بالإنحلال وكان المجتمع يتفكك طبقا لإعتبارات عرقية وطائفية ، في حين ان الحكومة المنتخبة حديثا ،مؤلفة على نحو رئيس من الساسة الذين كانوا ناشطين في المنفى ، قد اضطلعت للتو ببنية سياسية جديدة ، ومع ذلك غير مجربة ،وكانت الولايات المتحدة قد انهت تهديدا واحدا – نظام اقليمي عدواني – لكنها اوجدت تهديداَ آخرا – دولة فاشلة على نحو محتمل .)
بسبب كونها احد الخبراء الاستراتيجيين الاميركان الذين ساهموا بشكل فاعل بالتخطيط لمشروع الاحتلال وما بعده ،لاتريد الدكتورة (فيبي مار) ان تعترف بأن ذلك هو اصل المشروع والهدف الرئيس له .
ملاحظة : الدكتورة (فيبي مار) هي المستشارة والمحللة والخبيرة الرئيسة في معهد (كارنجي آند اومنت ) وهو احد اهم واخطر مراكز البحوث والدراسات المختصة بالشرق الاوسط ، وقد اختصت المذكورة بالشأن السياسي العراقي لمدة تزيد عن اربعين عاماَ ولها في ذلك عدة كتب ، وهي متزوجة من الدكتور ( لؤي يونس بحري).
من اجل مشروعه المشار اليه اعلاه ، قام الاحتلال بتشكيل ما اسماها بـ ( الهيئات المستقلة ) التي اعتبرها الدستور الدائم " دستور الدكتور نوح فيلدمان"!؟ ، كهيئات ضامنة لـ (الديمقراطية) في العراق !؟.
وتلك الهيئات في حقيقة الامر لاتخضع لمحاسبة السطلة الحاكمة في بغداد ،لكن تعود مرجعيتها ومسائلتها والاشراف على عملها ،للحكومة الاميركية ،وهي:
1- السلطة القضائية: وهي تعتبر اولى السلطات واخطرها التي تلعب ولمًا تزل الدور الرئيس في تنفيذ مشروع الاحتلال ،حيث جرى تنصيب رئيس هذه السلطة (مدحت المحمود) ( صاحب البيعة لصدام حسين ) !.
وكذلك قضاة المحكمة الاتحادية من قبل قاضي اميركي جاء مع القوات المحتلة : (قاضي كاو بوي) .
وكلا الهيئتان اللتان تشكلان السلطة القضائية وهما (مجلس القضاء الأعلى ) و(المحكمة الاتحادية العليا) تعملان ومنذ الاحتلال بصورة غير شرعية ،حيث لم يصدر ولحد اليوم قانون ينظم عملهما ، في الوقت الذي قامت به هذه السلطة بإضفاء الشرعية على كل الاجراءات والافعال السياسية التي حصلت في العراق منذ الاحتلال وحتى اليوم ،بل واكثر من ذلك فقد تدخلت بشكل مباشر باختيار الاشخاص والكتل السياسية التي قامت بتشكيل الحكومات للفترة الماضية ، باختراعها لمفهوم (الكتلة الكبيرة).
ولانريد ان نتحدث عن تباطأها المتعمد في تقديم الارهابيين للمحاكم وتخفيف الاحكام عنهم ، بل واطلاق سراح بعضهم بحجة (عدم كفاية الادلة) .
وكذلك سكوتها عن السراق وناهبي اموال العراق ، وحتى الاحكام القليلة والنادرة بحق بعضهم فتصدر مخففة بشكل لم يحصل له مثيلا في العالم كله .
2- هيئة النزاهة : لقد اوجد الاحتلال هذه الهيئة ، من اجل الغاء او تهميش دور (ديوان الرقابة المالية) الذي كان يقوم باعمال الرقابة على عمل دوائر ومؤسسات وشركات القطاع العام وكذلك شركات القطاع الخاص . بكل مهنية وامانة المسؤولية ، واول رئيس لهيئة النزاهة المدعو (راضي الراضي) لم يقدم تقريره لـ (مجلس النواب) لكنه قدمه ( للكونغرس الاميركي ).
كما صارت دوائر المفتشين العامين في الوزارات كافة ، بؤراً ومركزا للفساد .
3- الهيئة المستقلة للانتخابات : لا اريد الحديث مطولا عن هذه الهيئة ، لكن احد المدراء العامين فيها ذكر لي شخصيا بأن الحاسبة الرئيسية لعد الاصوات واعطاء النتائج النهائية للانتخابات ،توجد في الطابق العلوي من بناية الهيئة المذكورة ، ويشرف عليها (خبراء اميركان) وليس للعراقيين العاملين هناك الحق بالوصول الى ذلك الطابق .
هناك هيئة رابعة مستقلة ، ووظيفتها التحكم بالسياسة النقدية للعراق ، والاحتفاظ بالمال الاحتياطي وهي (البنك المركزي العراقي) ،الذي لم يبقى من كونه (العراقي) سوى الاسم ، فهو يتبع بشكل مباشر الى (البنك الاحتياطي الاميركي) وليس له اي حق بالتصرف بالاموال العراقية المودعة فيه الا بموافقة وزارة الخزانة الاميركية والبنك الاحتياطي الاميركي ،كما يحتفظ فيه بالاحتياط الرئيس من الاموال العراقية ، وقد افتضحت هذه الحقيقة خلال الازمة المالية الاخيرة للحكومة العراقية ، عندما طلبت هذه الحكومة قرضا من البنك المركزي رفض (البنك الاحتياطي الاميركي ووزارة الخزانة ) منحها حتى ولو فلساَ واحداَ.
كما قد ثبت للجميع دور (البنك المركزي) في تهريب الاموال العراقية بمئات المليارات من الدولارات وبالاشتراك مع (البنوك اللصوصية الاهلية) الى خارج العراق (جهات مجهولة).
اردنا من هذه المقدمة ان نبين بان المسألة المركزية في العراق هي ليست (الكهرباء) او (الفساد المالي) لكنها مشروع احتلال، كبير وخطير وجهنمي ، لتدمير هذا الوطن وذبح شعبه .
واود الاشارة وبشكل سريع الى ان عدم وجود الكهرباء في العراق ، بعد كل هذه السنوات وكل هذه الاموال التي صرفت عليه ، هو قرار اميركي خارج ارادة الحكام الناهبون واللصوص.
اما الفساد ، فالذي اسسه في هذه الفترة هو الحاكم المدني للعراق المجرم (بول بريمر) وذلك حسب تقرير المفتش العام الاميركي ، الذي اوضح بان هناك حوالي (8 مليارات دولار) من مجموع (12 مليار دولار) كانت حصة العراق من برنامج النفط مقابل الغذاء عام 2003، قد اختفت في فترة حكم بريمر ،دون ان تعرف جهة وطبيعة صرفها.
ان مسألتي الكهرباء والفساد من نتائج وافرازات مشروع الاحتلال المستمر تفيذه بما يسمى (العملية السياسية) وتأسيس (دولة فاشلة) هما المسألتان الرئيسيتان والمركزيتان في العراق منذ الاحتلال وحتى يتم اسقاط هذا المشروع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة