الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشواق (قصة مترجمة)

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2016 / 2 / 20
الادب والفن


أشواق
ليئا جولدبيرج*
ترجمة: حوا بطواش


1
رأتْهُ أول مرة في الشارع الصّامت، ساعة المغيب. جاء نحوها وحده، طويلا، هادئا، في عينيه التهبت ذكرياتٌ عن طفولة وأغاني الأم، على شفتيه رفرفت ضحكةٌ رقيقة، كئيبة، وبيدٍ شاحبة، نحيلة، رفع أطراف قبعته وسأل عن حالها، وبهزّة رأس خفيفة، صامتة، جاوبتْه. ومنذ ذلك الحين، لمس أطراف قبعته كلما التقاها. بضع مرات تبادلا كلماتٍ سريعة.
كانت تعلم أنه لن يزورها يوما في غرفتها الفقيرة، ولن يعيد الحياة إلى الجدران النادبة ولا إلى ضوء المصباح الباهت، وأنه لا يعرف اسمها ولا مكان سكنها، وقلبه لم يرتعش يوما لرنين صوتها الخافت.
ولكن عينيها كانتا ترنوان إليه دوما، التوهّج فيهما يتلاشى، والضحكة دونه بائسة، تراودها، أحيانا، أحلامٌ قصيرة، حزينة.
وذات مساء صيفيّ، دخلت إلى غرفتها الخاوية وأحضرت معها باقة من الزنابق الصفراء لا تُحصى، وغطّت الطاولة القديمة، السوداء، بشرشف أبيض، وضعتْ عليها حلويات، كأسين وزجاجة من النبيذ، زيّنت كل شيء بالورود، ثم أشعلتْ فانوسا، والمفتاح رمتْه في حفرة في الأرضية وجلستْ قرب الطاولة... تنتظر شاحبة.


2
متجوّلٌ فقيرٌ تاه في الليل في المدينة، على كتفيه حقيبته وفي يده عكازته. جنب بيتها توقّف وطرق النافذة. من خلال الثقب، سقط شعاعٌ من نور على الأرض. هل سمعوا طرقتي في الداخل؟ هل سيمنحونه مكانا للنّوم؟ ولكن أحدا لم يخرج إليه، فقط أذنه التقطت بكاء إمرأة. تنهّد المتجوّل وذهب، على كتفيه حقيبته وفي يديه عكازته.

3
وفي الصّباح خرجت الفتيات الجارات من بيوتهن، ورأين مصاريع النافذة ما زالت مغلقة في غرفتها. «أحقا تأخّرتْ هكذا في النوم؟» تعجّبن وذهبن في سبيلهن. ولكن، عند الظهيرة، عندما رأين البيت ما زال مغلقا ومنغلقا، طرقن الباب، ولكن أحدا لم يرد والصّمتُ كان مروّعا. عندها، فتحْن مصراعا واحدا واسترقن النظر إلى داخل الغرفة. جلستْ جنب الطاولة، بكَت منتحبة. قُلن لها: «افتحي الباب. » أجابتْ: «لا أستطيع فقد ضاع المفتاح.» ولم تتحرك. وهنّ صرخْن من الخارج: «ماذا حدث؟ لماذا تبكين؟ لماذا أنتِ شاحبة؟ ومن أين لك هذه الورود والنبيذ؟»
«الليلة الماضية طرق حبيبي بابي وأنا لم أفتح لأن المفتاح قد ضاع، وها هو قد ذهب...»
ضحكْن: «أهذا كل ما في الأمر؟ سيعود حبيبك قريبا إن كان يحبّك.»
فكّرت: «لا تنثرن عبارات العزاء. حبيبي لن يعود أبدا... أبدا.»
عرفتْ أنّ ذلك لن يحدث... لن يحدث.
(1929)
...........................................................................................................................................
* ليئا جولدبرج – شاعرة، كاتبة وبروفيسورة في الأدب، ولدت في بروسيا الشرقية في ألمانيا عام 1911 وتوفيت في إسرائيل عام 1970. وهي تعتبر من أهم الشعراء العبريين في العصر الحديث، كتبت للكبار والأطفال، وهي مترجمة، ناقدة وباحثة في الأدب، حصلت على جائزة إسرائيل في الأدب عام 1970 بعد وفاتها. كانت محاضرة في الأدب العبري في الجامعة العبرية في القدس. من دواوينها "قصيدة في القرى" (1942)، "من بيتي القديم" (1942)، "حب في شمشون" (1952)، "برق في الصباح" (1955)، "مع هذه الليلة" (1964)، "بقية الحياة" نشر بعد وفاتها (1971)، كما نُشرت يومياتها بعد وفاتتها عام 2005 الأمر الذي أثار جدلا كبيرا.
المصادر:
https://he.wikipedia.org/wiki/%D7%9C%D7%90%D7%94_%D7%92%D7%95%D7%9C%D7%93%D7%91%D7%A8%D7%92
http://hkzathdthcohen.blogspot.co.il/2010/01/blog-post_15.html









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في