الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
على ماذا ننوم اطفالنا ...
حمدي حمودي
2016 / 2 / 21دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بقلم حمدي حمودي
كنت في نقاش من النقاشات ذات الشجون , تلك المطارحات الهادئة المتأملة الهادفة الى النبش في الداخل, حول بعض الامور التي تزين مسيرة شعبنا , كان محور النقاش يدور حول البطولات و الغزوات الصحراوية في السنين الغابرة , طرحه في حد ذاته يسائل و يجاوب و يقلب الامور على اوجهها كلها ,ويطل من النافذة الى الأنا الذاتي , الى المشكل العميق في النفس و اعمق الاعماق , حول الاثر الذي تتركه تلك البطولات في الانسان الصحراوي حيث ان المقاومة لم تحط يوما تلك البندقية بل كانت معلقة في وسط الخيمة , و مجهزة دائما و مصينة , كانت رمزا للابهة و زينة من زينة الرجال حيث كان الحزام الذي تصف فيه الطلقات و غمد السكين و غيره من الادوات محل مدح و مفاخرة ...
غير ان محدثي كان يطرح سؤالا اعمق من ذلك , و هو حول الرجل الصحراوي عند اندلاع الحرب ضد الاستعمار الاسباني...
كانت تلك الصورة لا تزال حية و تتنفس و ينبض القلب بها , صورة المجاهد فلان بن فلان الذي قتل النصراني فلان في المعركة الفلانية , و فلان الذي استشهد بعد ان قتل كذا من "كميات " الذين كانوا يدافعون عن "النصارى" الغزاة ....
كانت اخبار "الغزيان" و البطولات هي التي تنوم بها الجدات اطفالهن , كما قال احد الكتاب في اسلوب تربية الطفل الصحراوي , الامثال و الحكم و القصص هي التي تكون تلك الصورة في خيال و بال الطفل الصحراوي , و هي التي تترسخ في ذهنه و تكون هدفا و امنية و غاية , و هو اسلوب يظهر في القرآن الكريم حيث ان الشهيد سيجد في الدار الآخرة ما لاعين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ... كانت غاية ما بعدها غاية , و الكل يرغب في لقاء الله تعالى و يبيع نفسه ليربح في تجارته مع ربه قال تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ( 111 ) سورة التوبة,,,
و عند انطلاق الثورة في الصحراء الغربية كانت تلك التجارة هي التي يدور حولها الموضوع و تلك الصور المترسخة في الذهن هي الغالبة و السائدة في ذلك العصر ...
كان محاوري يفقد من خلال نبرته , التي تتغير حينما يقول كيف ان البطولات و الامجاد في العصر الحديث , 16 سنة متواصلة لطرد ليس نصرانيا واحدا و لا مجموعة كميات , بل جيوشا جرارة من اسبان مدجج باحدث الاسلحة الى مغرب و موريتاني و غطاء جوي فرنسي ,,,
انني اشاطره الرأي تماما , كيف ننسى ان وراء الحملة التي قصدت إبادة شعبنا الولايات المتحدة و الغرب و عربان البترول ؟ كيف لا تكون تلك الملاحم النادرة التي لم تجد تغطية اعلامية كما وجدت اغلب الثورات , كيف لا تجد عمليات السمارة عملية لبيرات و عملية الكلتة لا الحصر.... و العدد الهائل من العمليات العسكرية التي يختلط فيها الذكاء مع الشجاعة و التضحية و المعنويات الفولاذية كيف لا ينوم عليه الاطفال , كيف لا ينوم الاطفال على المقاتل الصحراوي الذي كان يضرب داخل المغرب و في وسط الصحراء الغربية و اقصى الجنوب الموريتاني في آن واحد ...كيف لا ينوم الاطفال على بطولات شعب اريدت له الابادة فصنع كيانا و دولة لا تموت بموت الرجال انها البطولات و الامجاد التي لا يقوم بها رجل او قبيلة بل شعب .... لمذا القفز على ترك تلك الامجاد العملاقة و البحث عن جد واحد او اثنان ,ان الثروة الضخمة من البطولات لجيش شعبي بمعنى الكلمة بلا رواتب من رجال الصحراء الابطال ان كان للبطولة معنى او مدلول من المتطوعين لتطويع المنطقة و لتلقين الاعداء و العالم درسا مفاده : "لا تحقر شعبا ابدا " يقول المثل الحساني:"تحكر العين العود اللي يطرفها" ... شعب فيه رجال يسقطون 7 طائرات في معركة واحدة فيه جيش يجعل المغرب المتكون من المئات من الالاف يتقوقعون خلف الخنادق كالفئران خوفا و رعبا ,,, كيف اعلم طفلي كيف ان الجد الفلاني من القبيلة عمل كذا و كذا و افسد عليه حكاية الف معركة و معركة فاز به شعبه فاز بها الآلاف من الاجداد في معارك ندر مثلها و قل نظيرها.
و يطرح السؤال على مذا ننوم البنت الصحراوية , و انه بلا شك تنوم على بطولات الآلاف من اجدادها , ابناء الصحراء الغربية و لكن ايضا على النصف الآخر من المجتمع الذي تكلف بالبيت الصحراوي , "المرأة الصحراوية" التي تفرغت لاثبات المعادلة العصية على الفهم فما بالك بالحل و برقم صحيح موجب , النوع مقابل الكم , فإن كان العدو قد وضع على كفة المعادلة الملايين من البشر , فاننا وضعنا الخام و المعدن الذي يزن و زيادة تلك الملايين , و بعبارة اخرى و ضعنا مثقال الحديد الثقيل ليرجح بكومة القش, الواحد مقابل العشرين ..
ارجو ان يفهم كل صحراوي اهميته و يثمن تاريخه بما يليق به , و لنطرح السؤال السهل الممتنع دائما ماذا يميزنا عن غيرنا ؟, و انه لكثير و تلك مهمة المثقف الصحراوي و الغير مثقف و مهمة الآباء ان يتذكروا ذلك دائما و ينوموا ابناءهم عليه...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا