الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية عروبية للشعب الجزائري

فهمي الكتوت

2016 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


احتفل الشعب الجزائري البطل بالفريق الفلسطيني لكرة القدم؛ ثمانون ألف مواطن جزائري يحتشدون في ملعب 5 يوليو.. زحفوا من مُختلف المدن والقُرى الجزائرية، احتفالاً بالفريق الفلسطيني.. مشهد مُؤثر يُعبر عن أصالة الشعب الجزائري ومواقفه العروبية المُلتصقة بالقضية الفلسطينية، ليس غريبًا على الشعب الجزائري أن يقف موقفاً كهذا شعب المليون شهيد، الذي قدّم التضحيات الغالية لنيل الاستقلال وهزيمة الاستعمار الفرنسي. ليس غريبًا على الشعب الذي أنجب الأبطال والقادة العظام أمثال جميلة بوحيرد، وأحمد بن بيلا وهواري بومدين، وملايين الجزائريين الأحرار الذين سطروا بنضالاتهم وتضحياتهم أروع القصص والبطولات. تناقلت وكالات الأنباء أن الاحتفالات بدأت منذ وصول الفريق الفلسطيني إلى مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائر، ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي صور الجماهير الشعبية وهي تستقبل اللاعبين بالهتافات والزغاريد، وتتنقل معه في زياراته بالمدينة. يُقدم الشعب الجزائري درساً جديدًا، ومشهدًا عروبياً قومياً مميزًا، إنّ تكريم الفريق الرياضي هو تكريم لشهداء فلسطين، تكريم للصحفي محمد القيق ورفاقه الأسرى، الذي يواصل اضرابه عن الطعام منذ 88 يومًا رافضًا تقديم أيّ مساعدة طبية. هذا الاستقبال يحمل رمزية نضالية من شعب وفي حظي بدعم الأمة العربية في نضاله ضد الفرنسيين.

كان لمصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر دور هام في دعم الثورة الجزائرية كما كان للشعب التونسي وحكومته دور مميز في احتضان الثورة الجزائرية. وفي الأردن أُطلق على أحد جبال عُمان السبعة "جبل الجزائر" وانتشرت صناديق التبرعات في المدارس والمساجد والأماكن العامة لجمع التبرعات للثورة الجزائرية، كُنّا طلابًا.. نتبرع أحيانًا بالمصروف اليومي "خمسة فلوس"، وكانت الأسر الميسورة تتبرع بالمال، والنساء تتبرع ما يتوفر لديها من الحُلي والذهب.

كان جيلنا في صفوف الإعدادية.. كنّا نقف يوميًا في طابور الصباح ننشد للجزائر، "قسماً بالنازلات الماحقات.. والدماء الزاكيات الطاهرات.. والبنود اللامعات الخافقات.. في الجبال الشامخات الشاهقات.. نحن ثرنا فحياة أو ممات.. وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.. فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا.". إلى آخر هذا النشيد الوطني الرائع الذي تربينا عليه منذ الطفولة.. كانت الثقافة الوطنية والقومية المُعادية للاستعمار ثقافة سائدة في المُدن والأرياف والبوادي في الوطن العربي.

يُعيدنا احتفال الشعب الجزائري وتكريمه للفريق الفلسطيني للزمن الجميل.. ولذكريات نعتز بها حين كانت الثقافة الوطنية والقومية تسري في عروقنا، تربت عليها الأجيال ضد الاستعمار القديم ضد القواعد العسكرية وضد الأحلاف الاستعمارية، وكان للأحزاب الوطنية "القومية واليسارية" دور ثقافي تعبوي، كانت تتناقل الأجيال القصص والحكايات عن البطولات والتضحيات التي قدمتها الشعوب العربية ضد الاستعمار، من الثورات الفلسطينية وقادتها "القسام وعبد القادر الحسيني" ويوسف العظمة قائد معركة ميسلون ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا، وعُمر المختار في ليبيا، كنّا نسمع من الرعيل الأول أجمل القصص الوطنية التي أسهمت في بناء جيل من المناضلين والثوار، ما زلت أذكر أستاذ العربي الذي كان يغرس فينا الثقافة الوطنية والتقدمية والإنسانية.. شاءت الظروف أن تَرافقنا لاحقًا في صفوف حركة المقاومة الفلسطينية، كنت اعتز به.. تتلمذت على يديه... بالروح الوطنية.

لم يكن المشهد الجزائري الوطني بالتعاطف مع الفريق الرياضي الفلسطيني الأول في حياتي؛ ففي ستينيات القرن الماضي استقبلنا الفريق الرياضي المصري في ملعب الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان، حين كان الملعب الرئيسي، قبل إنشاء ملاعب المدينة الرياضية، وجبل عمان كان أهم الجبال السبعة في العاصمة الأردنية.

احتفينا بالفريق المصري وبقي الجمهور يشجع الفريق الضيف على عكس التقاليد السائدة في الرياضة، وتحول الملعب بعد انتهاء المباراة إلى مظاهرة وطنية تهتف بحياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتحركنا باتجاه وسط العاصمة وأطلقنا شعارات وطنية "لا درس ولا تدريس إلا بوحدة مع الرئيس" "وبدنا حكومة وطنية وأسلحة تشيكية" قبل أن تتصدى لنا قوات الأمن وتقوم بتفريقنا.

إنّ مغزى ما شاهدناه وتناقلته وكالات الأنباء عن الموقف النبيل للشعب الجزائري، ذو أهمية خاصة في هذه الأيام، فهو يشد الاهتمام والأنظار لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، وللانتفاضة الشعبية الباسلة والتضحيات اليومية التي يُقدمها شباب وشابات فلسطين وهم في ربيع عمرهم، والمعارك اليومية التي تأخذ أشكالا وصورا متعددة، في مواجهة الاعتداءات اليومية على المقدسات، والاستيطان والجدار، والإجراءات الهمجية التي يمارسها الاحتلال من إعدامات يومية للفلسطينيين بدم بارد، بدعم ومساندة وتمويل من الولايات المُتحدة وحلف الناتو، إضافة إلى التبرعات الضخمة التي تجمعها المنظمات الصهيونية ويُسهم بها المال العربي، والتي تسخر لتوسيع الاستيطان وقتل الشعب الفلسطيني، فقد وصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس حوالي 650 ألف مستوطن.. تتم هذه الجرائم بحق الشعب الفلسطيني تحت سمع وبصر النظام العربي الذي لا يُحرِّك ساكناً، فهو منشغل في "تحرير" سوريا واليمن، وإدخال الوطن العربي في صراعات دموية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ