الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المشكلة في سوريا أم حول سوريا؟

محمود الحمزة
(Mahmoud Al-hamza)

2016 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هل المشكلة في سوريا أم حول سوريا؟
د. محمود الحمزة – أكاديمي ومعارض سوري
نقترب من الذكرى الخامسة للثورة السورية، ثورة السوريين الطامحين إلى الحرية والكرامة ودولة القانون. ويجب ان نتذكر انها ثورة اندلعت بشكل عفوي، ولكن جذورها وأسبابها عميقة في الواقع السوري الذي يعود إلى عقود عدة. السوريون ثاروا ضد سلطة استبدادية فاسدة اعتبرت سوريا مزرعة لعائلة الأسد وتجمهر حول هذه العائلة المستبدة الفاسدة سوريون من فئات وطوائف وقوميات مختلفة تربطهم بالسلطة مصالحهم واحيانا خوفهم وللأسف فإن السلطة استغلت بذكاء عبقري مسألة الأقليات الدينية والعرقية، علما أن هذه السلطة هي أكثر من اضطهد أبناء الأقليات الأحرار وفرضت معادلة مفادها من ليس مع السلطة ومع أجهزتها الأمنية فهو سوري من الدرجة العاشرة أو لنقل سوري بدون أي حقوق. وقالها بشار الأسد مؤخراً: سوريا ليست لمن يحمل جواز سفر سوري بل لمن يحميها ويقصد الروس والشيعة ومن معهم.
ولا يمكننا التغاضي عن استفادة أغلب أبناء الطائفة العلوية من الميزات التي اتاحتها لهم عائلة الأسد، وان كانت بدرجات مختلفة، فحتى بين العلويين هناك خيار وفقوس بالنسبة للنظام. لقد خدم النظامَ الاستبدادي الفاسد رجالُ دينٍ من كافة الطوائف وووجهاء عشائر ورجال أعمال سوريين لانهم كانوا يحققون مصالحهم فاصبحوا عبيداً لمصالحهم الخاصة.
إلا فئة واسعة من عامة الشعب وشرائحه المتوسطة (أغلبها من العرب السنة) ونخبة كبيرة من مثقفيه ومفكريه وسياسيه الأحرار فقد حرموا من كافة حقوقهم ولذلك عمل جزء منهم من اجل مستقبل مشرق لسوريا وحلموا جميعا بيوم الفرج والتخلص من كابوس النظام الاستبدادي، العلماني في ظاهره، والطائفي الفاسد في جوهره.
ولا ننسى استغلال الدول الإقليمية والكبرى لأوراق دينية وطائفية وقومية في سوريا خدمة لاجنداتها الخاصة وليس حبا بسوريا وشعبها.وخير مثال ما يفعله الروس وحتى النظام ومعهم أمريكا باللعب بالورقة الكردية في سوريا. وانا مع حقوق الكرد كاملة في سوريا ولست مع حزب صالح مسلم الذي يدعمه النظام وايران ويدعي انه يمثل الكرد مستغلاً مطالبهم المشروعة في الحقوق القومية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
تاريخ سوريا السياسي معقد جداً ويبدو ان الاستعمار وضع ركائز له في التقسيم الطائفي الاثني وتراكمت تلك التقسيمات والتباينات على مدى عقود حتى أصبحت قنبلة موقوتة. والنظام الاسدي هو خير من كرس التقسيم الطائفي والاثني والأمثلة أكثر من أن تحصى.
وبعد خمس سنوات من عمر الثورة التي أدخلت الرعب في نفوس ليس اتباع السلطة وحسب وانما قوى ودول إقليمية وعالمية وكل واحد منهم لديه حجته. وأخطر القوى الإقليمية هي إسرائيل صاحبة السيناريو الرئيسي في تخاذل العالم وتآمره على الثورة وعلى السوريين لأنهم لم يسعوا إلى حل المشكلة من بدايتها بأقل الخسائر وانما اتضح وضوح الشمس أن كل اللاعبين الخارجيين كان لهم مصلحة في تدمير سوريا وتفتيت بنيتها الاجتماعية للوصول الى دولة فاشلة او مناطق نفوذ لهم أو تقسيمها على أساس طائفي وعرقي لكي تصبح إسرائيل سيدة الشرق الأوسط حسب مخطط "الشرق الأوسط الجديد" (وهذا عنوان كتاب لشمعون بيريس منذ سنوات) الذي يتحقق امام عيوننا.
أذا فكل العوامل الداخلية كانت مهيئة نتيجة تراكم تاريخي سياسي سلطوي لأن تصل إلى هذه النتيجة المؤلمة وهي احتمال تقسيم سوريا وضياع سوريا لتلبية مطامع واجندات خارجية اتفقت مع مصالح فئات داخلية لا تمت للوطنية بصلة. كما أن العوامل الخارجية تبلورت وتكشفت شيئا فشيئا على مدى خمس سنوات لتصل الى النتيجة المؤلمة التي ذكرتها أعلاه.
الأرض السوري أصبحت ساحة للصراع الدولي الجيوسياسي الذي اتخذ طابعا دمويا. فالحرب الدائرة والقتل الجماعي هو قرار دولي واقليمي لاجهاض الثورة وقتل إرادة السوريين ولتقديم مثل قاسي ودموي مرعب لشعوب المنطقة لكي لا يفكر أحد بالثوارات وبالحرية مستقبلا. وانما يلتزم الجميع بالاستقرار المرتبط بالخنوع والذل والهوان فهو بنظر البعض اقل إيلاما من الدمار والقتل والحروب التي اكلت الأخضر واليابس.
وماذا بعد؟
هل انتهت المشكلة أم أننا في بدايتها الحقيقية؟ لا ننسى الفوضى الخلاقة. إنها شعار مستمر.
اذا تحدثنا على المستوى الداخلي السوري، والتي لا يهتم لها العالم كثيراً في حقيقة الأمر، فإن هذا العام على ما يبدو سينقل المشكلة إلى مستوى جديد وهو صراع في السلطة وحول السلطة سياسي وعسكري لن ينتهي قريباً ولكنه تحت السيطرة الدولية (الامريكية الروسية). سيرحل بشار وعصابته وستحكم وجود جديدة لا تختلف في جوهرها عن بشار وعصابته وانما خطابها مختلف وستحاول ضبط الأمور الأمنية وإعادة الاستقرار. أما الثورة فلن يتحقق إلا القليل من أهدافها ولن تستقر سوريا.
وماذا عن الخارج؟ ستمتد المشاكل وتتوسع خارج سوريا. فلن ينتصر أحد سوى أمريكا واسرائيل!
روسيا ستدفع الثمن غاليا بعد دعمها المستميت للنظام واحتلالها لاجزاء من سوريا، وتركيا عزلت عن الملف السوري وايران ستخرج م نسوريا مع ميليشياتها ولكن مع الاحتفاظ بذيولهم وخلاياهم النائمة في سوريا التي ستحول سوريا الى أفغانستان او عراق ثاني. فأمريكا أعدت مخططا جهنميا لروسيا لاغراقها في مستنقع الصراعات وتهدر طاقات البلاد بالإضافة الى العقوبات المؤلمة المفروضة من دول الغرب وتدهور أسعار النفط وانخفاظ مستوى المعيشة الذي يترافق على ما نرى باجراءات تضييق وتقييد على حقوق وحريات الناس إعلاميا وسياسيا وفكريا واقتصادياً ولا نعرف نتائجه؟
في السنوات القادمة ستمتد النيران الى خارج المناطق الساخنة وستخلق مشاكل في تركيا والسعودية والخليج وقد تمتد لإيران ولآسيا الوسطى والقوقاز وروسيا. فيبدو ان لعبة الدومينو ستأخذ مجراها. ولا ننسى مصر فهي تحت المجهر!
وللأسف فإن قيادات المعارضة اثبتت فشلها لاسباب عديدة أهمها الارتباط باجندات خارجية وعوامل ذاتية مقيتة ورثتها المعارضة من المجتمع السوري الذي رباه النظام على مدى خمسة عقود.
أما الناشطين الابطال الذين اشعلوا الثورة فقد اصبحوا وقودها. بين شهيد ومعتقل ومختفي قسريا ومهجر عن وطنه وبقي قسم ضمن فصائل مسلحة معتدلة وإسلامية متشددة يقاتل ضد ميليشيات داعشية سنية وشيعية وقوات كردية مرتبطة باجندة النظام وايران ومدعومة من روسيا وامريكا.
بمعركتنا اليوم كسوريين ضد الطغاة المتمثلة بنظام الأسد والغزاة المتمثلة بكل من جاء من خارج سوريا سواء داعش ام حزب الله والميليشيات الشيعية المتطرفة وقوات إيرانية وروسية. ومعركتنا الكبرى ضد المتشددين المتطرفين الذين يكفرون الآخرين وقصونهم ويصنفون السوريين على أساس ديني او طائفي أو قومي.
مطالب شعبنا بسيطة وهي الحرية من قبضة المخابرات المجرمة والكرامة ودولة القانون والمواطنة.
فهل هذا يزعج الدول الإقليمية والدولية؟ أم ان هناك قرار دولي بمنع تحرر الشعوب وإبقاء الأنظمة الفاسدة جاثمة على قلوب الشعوب وتمتص خيراتها وتتلقى الحماية من الخارج.
ولا بد من كلمة حق بشعور وطني صادق. يجب علينا كسوريين دعم ومساعدة الهيئة العليا للتفاوض لتنجح في مهمتها الوطنية كونها تمثل المعارضة السياسية والثوار على الأرض وهذا مكسب لا يمكننا التفريط به فخياراتنا قليلة والمرحلة مصيرية.
ويجب على كل الوطنيين السياسيين والمنيين تجدميع قواهم لمجابهة المرحلة القادمة التي سيتصدرها الصراع بين القوى الوطنية الديمقراطية وبين القوى المتطرفة والمتعصبة والمتسلقة باشكالها المختلفة.
ولكن الشعوب لا تقهر إذا قررت نيل الحرية والكرامة مهما طال الزمن وغلي الثمن. فلم يخلد استبداد ولا استعمار. وشعبنا في سوريا يمتلك الرادة السياسية والقرار بالكفاح حتى نيل حريته واستقلاله.
تحية لارواح الشهداء
عاشت سورية حرة كريمة
موسكو- 1/3/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254