الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ضيافة الضلوعية

سعدي الابراهيم
(Saaide Alabrahem)

2016 / 3 / 3
الادب والفن


طويل ذلك الطريق الرابط ما بين قضاء بلد في محافظة صلاح الدين وما بين قرية الضلوعية ، مع ان المسافة التي يقطعها الراكب في السيارة لا تتجاوز الخمسة دقائق ، ولكن طول الطريق انما يأتي من كثرة الاحداث التي شهدها هذا الطريق ، فعلى ضفافه تجلس الورود الحمراء باستحياء يشبه حياء العروس ، وتنتظم من حول الورود الحمراء ، الحشائش الربيعية المبالغ في خضرتها وحيويتها ، هكذا تحدث الاستاذ ( ابراهيم الجاسم ) عن هذه المنطقة في بداية صعودنا الى السيارة ، واضاف من ان اللون الاحمر الذي يميز الورود المنتشرة على طرفي الطريق لم يأتي عن فراغ بل هو من بقايا دم الشهداء التي روت هذه الارض ، فهنا استشهد محمود وهنا استشهد خالد وهناك استشهد ارشد ، فغرست قطرات دمهم في الارض وها هي اليوم تنبت الورود والربيع .
لم يسر الاستاذ حسين عبد الامير القادم من محافظة الديوانية بهذا الكلام واراد الهروب منه على اعتبار انه يثير في الحاضرين الحزن ، فسأل عن سبب تسمية هذه القرية بالضلوعية ، هم الاستاذ ( ابراهيم ) بالاجابة ولكن الدكتور ( نيكل ) قد سبقه هذه المرة ، وقال بأن نهر دجلة قد التف حول هذه المنطقة واحتضنها كما تحتضن الاضلاع قلب الانسان ، فسميت بالضلوعية.
الدكتور ( اياد ) لم يكن مندمجا بالحديث بل كان كل تركيزه على ذلك السياج الذي يحيط ببعض الاراضي الزراعية ، فطرح سؤاله على نحو مفاجئ وباللهجة العراقية الجنوبية : ( اكللكم شني هذا السياج ؟؟ ) ، فتفاجئ الجميع من الطريقة التي طرح بها السؤال وبدوءا يضحكون بأعلى صوتهم ، والدكتور ( اياد ) استغرب من ذلك وصرخ في وجوههم : ( عمي ج اشكلنا !!). وهنا التفت سائق السيارة وهو الاستاذ ( ايثر ) الى الخلف وقال : خلي ننزل ، فنزل الجميع من السيارة ، الا الاستاذ ( ابراهيم الجاسم ) او المختار ( ابراهيم ) كما يسميه اهالي القرية ، فقد بقي منشغلا بالاجابة عن اتصال جاءه من العاصمة بغداد . ولكنه غلق هاتفه و وضعه في جيبه واسرع يرد على تساؤلات دكتور ( اياد ) قائلا وبصوت عالي : السياج صنعه اهالي القرية لحماية المزارع من الخنازير البرية .
مر اليوم على عجل ، وجاء وقت العشاء الذي تكفل به الدكتور ( نيكل ) ، بعد استئذن من شيخ القرية او كبيرها ، وكان العشاء عبارة عن ديك دجاج جلبه الاستاذ ( ابراهيم ) او المختار (ابراهيم) ، وهذا الديك لا يذبح الا للأشخاص الغالين والذين لهم مكانة عزيزة في قلوب اهالي القرية ، واكثر المختار من الشرح والتوضيح عن اهمية الاكل من لحم هذا الديك ، وكيف ان لهذا الديك علاقات مع بقية الدجاج ، وكيف انه كان محبوب من قبل كل دجاجات القرية ، وان ريشه الجميل يزداد لمعانا كلما ازدادت حرارة الشمس ، وانه يستعمل صوته لأيقاظ اهالي القرية على صلاة الفجر ، و ... و ... واستمر الاستاذ ( ابراهيم ) يتحدث عن سجايا وخصال المرحوم ديك الدجاج حتى سحب الجميع ايديهم وتوقفوا عن الاكل ، وقالوا : اذا كان الديك فيه كل هذا الصفات الحميدة لماذا ذبحته يا حضرة المختار ؟؟ ، فضحك الجميع ولا زالوا يضحكون وسيستمرون بالضحك كلما تذكروا الضلوعية والعشاء الذي راح ضحيته ذلك الديك المسكين الذي نحره الاستاذ ابراهيم الجاسم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أشرف زكي: أشرف عبد الغفور كان من رموز الفن في مصر والعالم ا


.. المخرج خالد جلال: الفنان أشرف عبد الغفور كان واحدا من أفضل ا




.. شريف منير يروج لشخصيته في فيلم السرب قبل عرضه 1 مايو


.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح




.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار