الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الخليج ( الملّف السري ).... الحلقة التاسعة

سعدون الركابي

2016 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


حرب الخليج ( الملف السري)
تأليف:
- بيير سالينجر
- إريك لاورينت
ترجمة :
سعدون الركابي
الناشر: دار كيوان للطباعة و النشر
دمشق
الطبعة الأولى
2005

الحلقة التاسعة

الفصل الرابع

في 17 تموز, ذكرى الثورة العراقية ظَهَر صدّام حُسين في الشُرفةِ الرسميةِ لِقَصرهِ مُحاطاً بِأعضاءِ مجلسِ قيادةِ الثورة, و الجميعُ يرتدونَ البدلات العسكرية. في كُلِّ ظُهورٍ علنيٍ لرئيسِ الدولةِ, كانت بغداد تُوضعُ في حالةِ طوارئٍ غيرِ مُعلنةٍ في الواقع, ولكن في ذلك اليوم, كانت الإجراءاتُ الأمنيةُ شديدةً جداً. قال صدّام في خِطابهِ الذي أُذيعَ مِنَّ الراديو فيما بعد: " ... بسبب أسلِحَتِنا الحديثةِ فإنَّ الإمبرياليينَ سوفَ لن يستطيعوا شَنَّ عِدوانٍ عسكريٍ ضِدنا, لِذلك إتفقوا أن يُحاولوا الضَغطَ علينا بالوسائلِ الإقتصاديةِ مُستخدِمينَ في ذلكَ عُملائِهم مِن حُكّامِ الخليج. إنَّ سِياستَهُم المُعاديةِ لِلعراق و المُتَمثِلةِ بالعملِ على خَفضِ أسعارِ البِترولِ الى أدنى مُستوى, كانت في الواقعِ خِنجراً مَسموماً مَغروساً في خاصرةِ العراق ... " و لِأولِ مَرّةٍ لَمَّحَ صدّام حُسين لِإمكانيةِ العملِ العسكري: "... إذا ما فَشِلت المُفاوضاتُ فلا خِيارَ لنا لِلدفاعِ عن أنفُسِنا سِوى القيامِ بِعملٍ يُؤَّدي الى وضعِ الأُمورِ في نِصابِها الصحيح, و لِإستعادةِ حُقوقِنا كاملة ... ".
في نَفسِ اليوم تَمَّ تَحريكِ أُولى القطعاتِ نَحوَ الحِدودِ مع الكويت. في يوم 18 تموز, و عِندَ الغُروبِ, إجتمعَ أعضاءُ الحُكومةِ الكويتية. إذ تَوافدَ الرِجالُ في سياراتِهم الأمريكيةِ الفاخرةِ, بينما كانت الشمسُ تغوصُ في البحرِ القريب. كانت الوُجوهُ مُكفَّهِرةً, فالخَطرُ هُناكَ على مَرمى حجرٍ! و على مسافةِ بُضعةِ عشراتٍ من الأميالِ, تَتَقدَّمُ قوافلٌ طويلةٌ مِنَ الدباباتِ العراقيةِ تِ 62 في إتجاهِ بَلدِهِم. الكثيرون لا يُريدونَ قُبولَ فُكرةِ إنَّهُ لَم يَعُد هُناك شيءٌ يَمكِن فِعلَهُ, رغمَ إنَّ ضَخامةَ الخطرِ أصبحت واضحةً لِلعيان. وصلَ الأميرُ جابِر آخِرَهُم بِصحبةِ وليِ عَهدِهِ و الذي هُوَ رئيسً للوزارءِ أيضاً, الشيخُ سعد العبد الله الصباح. كان الأميرُ قد عادَ لِلتوِ من المِملكةِ العربيةِ السعودية, إذ إقترحَ عليهِ المَلك فهد خدماتَهُ كوسيطٍ. ولقد تباحثَ الأميرُ و رئيسُ الوزارءِ قبلَ جلسةِ المَجلسِ هذهِ. إذ تَوقَّعَ كُلٌ مِنهُما إمكانيةَ هجومٍ عراقيٍ ضِدَ الإمارةِ, و لكِنَّهُما إعتقدا إنَّ ذلك سَيكونُ عِبارةً عن عمليةٍ محدودةٍ في مناطقِ الحِدود التي تُطالبُ بها بغداد. و لَم يكُن أيُّ أحدٍ مُستعِدآ لِقبولِ فُكرةِ, إنَّ الكويتَ ستكونُ مسرحاً للسلامِ الذي سَيُعقدُ قريباً! كان هدفُ إجتماعِ المجلسِ هو الرَدُّ على المُذكرةِ التي قُدِّمت قبلَ يومين من قبلِ طارق عزيز, و التي إتُهمت الكويتُ فيها, بِأنَّها سرقت 206 مليار دولار من العِراق. في حقيقةِ الأمرِ, و مِن خِلالِ المُداخلاتِ التي توالت, ظَهَرَ جلياً لِلعيانِ, القلقُ و الاضطرابُ الذي كان يسودُ في نفوسِ الحضورِ. أولُ مِن تَكلَّمَ كان علي خليفة الصباح, وزيرُ النفطِ السابق و الذي أصبح مُستثمراً و وزيراً للماليةِ. هذا الرجُلُ ذو الإسلوبِ " البورصوي " الغربي, كان شخصيةً مُحترمةً في عالمِ الإقتصادِ العالمي: " أنا أعتقدُ " - يقولُ هو- " إنَّ العراقَ يُحاولُ إنقاذَ إقتصادِهِ, مُتَّهما ً دولَ الخليج لإرغامِها بِتَحمُّلِ أخطاءِهِ. يجب أن لا نذهبَ بعيداً, فإنَّ لهجةَ العراقِ سوفَ لن تتغير حتى بعدَ مشارواتِ أوبك في جنيف. فهو سيستَّمرُ في تصعيدِ الموقفِ و المواجهةِ..". تصريحاتُ خليفة الصباح, أثارت إشاراتُ موافقةٍ من الكثيرِ مِن زُملائِهِ. ما إقترحَهُ هوَ بعد ذلك, كان غيرُ واقعيٍ على يبدو. إذ إقترحَ البحثَ عن حلولٍ في نطاقِ مجلسِ التعاون الخليجي, و هو عِبارةٌ عن منظمةٍ للدفاع, تَجمعُ كُلآ من الكويتِ و الإماراتِ العربيةِ المُتحدةِ و عُمان و قطر و البحرين و العربية السعودية, أي جميعُ الممالكِ الحاكمةِ في المنطقةِ, و التي تعتبرُها بغداد عدوةً لها. بعضُ الذين تَدَخَّلوا في الحديثِ, مِثلُ الوزير المسؤول عن شؤونِ البرلمان و الوزير المسؤول عن شؤونِ الحكومةِ, تَشبَّثوا بفكرةِ إنَّ التهديدات العراقية ليس لها الا هدفا ً واحداً, و هو " عَصرُ الأموالِ ", أموالاً كثيرةً من الكويت, حتى إنَّ أحدَهُم أضافَ؛ يجب أن نحتفظَ بالهدوءِ.
سلمان المطَوَّع, الوزيرُ المسؤولُ عن التخطيطِ, ذهبَ بعيداً الى حدِّ إعتبارِ إنَّ المُذكَّرةَ التي أرسلَها العراق, هي ضعيفةٌ و تسمحُ بِرَدٍ هادئٍ. في الحقيقةِ, فإنَّ هذه الآراءَ كانت أقليةً. وزيرُ الدفاع الشيخ نوّاف الصباح, رفضَ بشدةٍ الإتهاماتَ العراقيةَ, مُدَّعياً بِأنَّ بغداد كانت هي التي أنشأت مُنشآت عسكريةً في جبهةِ الحِدودِ الثُنائيةِ بين العراق و الكويت. و هكذا فإنَّ مصدرَ الأزمةِ هوَ غيرُ ذلك تماماً!! بماذا إذن تَتَمثلُ خطورةُ التهديداتِ العراقيةِ على الكويت, من الآن فصاعداً؟ كان هذا هو السؤالُ الذي طرحهُ الاميرُ الشيخ صباح الأحمد الصباح, رئيسُ الدبلوماسيةِ الكويتيةِ, و الذي أرعبتهُ المُذكَّرةُ العراقية و إتهاماتُ طارق عزيز. أجابَ هو قائلا ً: " تُوجدُ إمكانيةٌ لعدوانٍ عراقيٍ على الحدودِ. إنَّ الوضعَ مُتَفجِّرٌ, و لقد قُمتُ بإتصالاتٍ دبلوماسيةٍ مُكَثَّفةٍ مع إخوتِنا في مجلسِ التعاونِ الخليجي.. ". المفاوضات! الكلِمةُ التي كرَّرَها الحضورُ كآخرِ أملٍ قبلَ " الطوفان ", و تناسى الجميعُ, إنَّ العديدَ من اللقاءاتِ بين المبعوثينِ العراقيين و الكويتيين, و التي كان فيها مُمثلوا الكويت حديين و لا يتزحزَّحونَ و يُضيفونَ رفضاً بَعدَ رفضٍ لطلباتِ شُركائِهم العراقيين, باءت جميعُها بالفشلِ! " أعتقدُ - قال الشيخُ ولي العهد - إنَّ العراقيينَ سيقومونَ بِإجراءاتٍ عسكريةٍ و لكِنَّها ستبقى مَحدودةً في عمليةِ تَغلغُلٍ في داخلِ حدودِنا فقط, في منطقةِ أُم قصر و الرَكعة.. ". و بمرورِ الوقتِ, كان يبدو بأنَّ أعضاءَ المجلسِ قد أخلدوا لحالةٍ من الإطمئنانِ, و أستمعوا لمداخلةِ زميلِهم وزيرِ العدلِ ظاري عثمان بفكاهةٍ, بينما كانت هذه أحسنَ مُداخلةٍ في هذهِ الجلسةِ, إذ قال فيها: " بأنَّ المُذكرةَ العراقيةَ هي بدايةٌ فقط و إنَّ اللهَ وحدهُ هو مَن يعرفُ الى أيِّ حدٍ ستذهبُ الأمورُ. إنَّ مُشكلةَ أسعارِ النفط هي حِجةٌ طرحها العراق. في الحقيقة فإنَّ العراقَ ينظرُ للكويت كما ينظرُ الذِئبُ للحَملٍ..".
إنتقلت الأحاديثُ بَعدَ ذلكَ الى الجانبِ الإقتصادي, فأصبحت أكثرَ غُموضاً. هل يا تُرى يَجُبُ تلبية المطالبِ العراقيةِ فيما يتعلَّقُ بالعشرةِ مليارِ دولارِ و فيما يتعلَّقُ بِإلغاءِ الديونِ العراقيةِ؟ و بالرغمِ من أنَّهُ قد حانَ وقتُ التصريحاتِ الصحفيةِ, إلا إنَّهُ لم يُتَّخذ أيُّ قرارٍ! أُعطيت للشيخِ صباح الأحمد مُهمةَ تنظيمِ - و بوجهِ السرعةِ - إجتماعٍ لمجلسِ التعاونِ الخليجي في مدينةِ الكويت, و الذي سيطلبُ هو تدَّخُلَ الجامعةُ العربيةُ. لم تُتَّخذ أيةُ إجراءاتٍ في المجالِ العسكري, ذلكَ إنَّ الجماعةَ الموجودةَ في القيادةِ الكويتيَّةِ رُبَّما تعتقدُ بأنَّ لديها الملجأَ الأخيرِ, في مُساندةِ الولاياتِ المُتحدةِ..
كانت هُناكَ وثيقةٌ مُؤَرخةٌ في 22 تشرين الثاني 1989, و التي إكتشفَها العراقيون ( و لم تنفِها لا الحكومةُ الكويتيةُ التي هي الآن في المنفى, و لا الحكومةُ الامريكيةُ ), تُعطينا توضيحاً عن مدى العلاقاتِ بين المُخابراتِ الكويتيَّة و الأمريكيةِ. الوثيقةُ هي عبارةٌ عن مُذكَّرةٍ مَكتوبةٍ مِن قِبلِ فهد أحمد الفهد, مُديرِ مباحثِ أمن الدولةِ, مُوَجَّهةٍ الى وزيرِ الداخليةِ الكويتي, و هذا نَصُها: " معالي الشيخ سالم الصباح السالم الصباح, وزيرُ الداخليةِ؛ تطبيقاً لِتعليماتِ سُموكم التي أرسلتموها بمناسبةِ لقاءِنا في 22 تشرين الاول 1989, زُرتُ المقرَ المركزي للمخابراتِ الأمريكيةِ, برفقةِ العميدِ أسحق عبد الهادي شداد, مُديرِ التحقيقاتِ في مُحافظة الأحمدي بين 12-18 تشرين الثاني 1989. ألحَّ الطرفُ الأمريكي, أن تبقى هذه الزيارةُ سريةً جداً, و ذلك لِتَجنُّبِ شكوكِ أخوتِنا في مجلسِ التعاون, إضافة لإيران و العراق أيضاً. سأُبلِغكم هُنا عن أهمِّ النُقاطِ التي أتفقنا عليها مع القاضي وليام وبستر مُدير السي آي أي, و ذلك خلالَ مُحادثاتي الشخصيةِ معهُ يوم الثلاثاء الموافق 14/11/1989؛
1- تقومُ الولاياتُ المتحدةُ بتدريبِ أشخاصٍ مُنتخبين مِنا لحمايةِ سُموِ الأمير و سُموَ الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح. سَتَتُمُّ التدريباتُ في مقرِ المُخابراتِ الأمريكيةِ. و لقد حَدَّدنا عددَ هؤلاء الأشخاص بـ 123, بعضَهم سيستلمونَ مُهماتً خاصةً بجانبِ العائلةِ المالكةِ, هذه المُهماتُ سيُحدِّدَها سُموُ الأمير و سُموُ ولي العهد. حَولَ هذه النُقاط أبغنا محدثونا الأمريكيون, عدم إرتياحِهم عن طريقةِ تَصرُّفِ الحرسِ الشخصي الأميري, خلالَ لحظةِ الهجومِ على سُموِ الأمير.
2- إتفقنا مع الطرفِ الأمريكي على تبادلِ الزياراتِ و على أعلى المُستوياتِ بين مكتبِ المَباحثِ الوطنيةِ و السي آي أي. و أن يتُمَّ تبادلُ المعلوماتِ فيما يتَعلَّقُ بالجانبِ العسكري و كذلك الهياكلِ الإجتماعيةِ و السياسيةِ في إيران العراق.
3- طلبنا مُساعدةَ خبراءِ السي آي أي لدراسةِ و تطويرِ هياكلِ الأمنِ الوطني, و التي يجب أن تكونَ و حسبَ تعليمات سُموِ الأميرِ النُقطةَ الأهمَ في محادثاتِنا مع الجانبِ الأميريكي. نَودُّ أن نستفيدَ من خبراتِهم لمحاولةِ وضعِ إستراتيجيةٍ جديدةٍ, تبَعاً للتغيراتِ في منطقةِ الخليج و لأوضاعِ البلاد الداخليةِ من خلالِ نَصبِ نِظامِ رقابةٍ, و من خلالِ إعدادِ خُبراءِ معلوماتٍ داخلَ مكتبِ مباحثِ الأمنِ الوطني.
4- أبلغَنا الجانبُ الأمريكي إستعدادهُ, و حسبَ رغبتنا في تبادلِ المَعلوماتِ فيما يَخصُّ نشاطاتِ الجماعات الشيعيةِ المُتطرِّفةِ داخلَ البلاد و في بعضِ بُلدانِ مجلسِ التعاون. أبلغنا السيد وبستر تهانيه للإجراءاتِ التي إتخذناها للقضاءِ على الحركاتِ التي تَدعمُها إيران. و أبلغنا بأنَّ السي آي أي على إستعدادٍ للقيامِ بعمليةٍ مُشتركةٍ للقضاءِ على بُؤرِ التوترِ في منطقةِ الخليج.
5- إتفقنا مع الطرفِ الأمريكي بأنَّهُ من الأهميةِ بِمكانٍ إستغلالَ التدهورِ في الحالةِ الإقتصاديةِ في العراق, لإرغامِ حكومةِ هذا البلد على تحديدِ خطِ حدودِنا المُشتركةِ. و وضعت السي آي أي تحت تصرُفِنا وسائلَ الضغطِ المُناسبةِ ضِدَّ العراق و التي تَعتبرَها أكثرَ فعاليةً, مُؤكدةً ضرورةَ التعاونِ الوثيق بيننا, بشرطِ أن يتُمَّ تنسيقُ هذهِ الاجراءاتِ مُسبقاً على أعلى المُستوياتِ.
6- يرى الطرفُ الأمريكي إنَّ علاقاتَنا مع إيران يجب أن تكونَ بِشكلٍ طبيعيٍ. فمِن جهةٍ نتجنَّبُ أيَّ إحتكاكٍ مع هذا البلدِ, و مِن جهةٍ أُخرى نقومُ بِمُمارسةِ جميعِ الضغوطِ الإقتصاديةِ المُمكنةِ ضِدَّهُ, مُحاولينَ في الوقتِ نفسهِ دَعمَ تحاُلفِ إيران مع سوريا. يتَضمَّنُ الإتفاقُ مع الطرفِ الأمريكي أيضآ, الإبتعادَ عن التصريحاتِ العلنيةِ السلبيةِ إتِجاه إيران و الإكتفاءَ بالجهودِ السريةِ في الإجتماعاتِ العربيةِ فقط.
7- إتفقنا مع الطرفِ الأمريكي بِأنَّهُ مِن المُهمِ أن نُحاربَ المُخدراتَ في البلادِ, بعدَ أن أبلغنا خُبراءُ مكتبِ المُخدراتِ في السي آي أي, بِأنَّ قِسماً كبيراً مِن رأسِ المالِ الكويتي يُستخدمُ في دعمِ تجارةِ المُخدراتِ في باكستان و إيران. و إنَّ تَطوُّرَ هذهِ التجارةِ سيؤَثِّر سلباً على مستقبلِ الكويت.
8- وضعَ الطرفُ الأمريكي تَحتَ تصرُّفِنا هاتفآ سريآ خاصآ لِتسهيلِ التبادُلِ السريعِ للآراءِ و المعلوماتِ التي لا تستدعي خِطاباً مكتوباً. و رقمُ الهاتفِ السري الخاصِ بالخطِ الشخصيِ لِ وبستر مَديرِ السي آي أي هو؛ 65905241/202
أنتظرُ تعليماتَ سُموَّكم و أُقدِّمَ لكم أطيبَ التحياتِ. اللواء فهد الأحمد الفهد, المُديرُ العام لمديريةِ الأمن الوطني ". لقد ذَكَرَ مديرُ الأمنِ الحكومي الزيارة التي قام بها الى واشنطن بين 12-18 تشرين الثاني, و التي تَمَّ خلالَها العديدُ من اللقاءاتِ " سِريَّةً جداً " مع مسؤولي السي آي أي. إذ أبدى جهازُ المخابراتِ الأمريكي عَدمَ رِضائِه عن مستوى إعدادِ الحرسِ الشخصي الأميري المُكلَّفِ بحمايةِ الأميرِ الذي تَعرَّضَ لعدةِ مُحاولاتِ إغتيالٍ. بينما تستعِدُ السي آي أي, و حسبَ هذهِ المُذكَّرةِ لتدريبِ 123 عنصراً يَتُمُّ إختيارُهم من قبلِ السلطاتِ الكويتية, و الذين من المُؤَمَّلِ أن يتحمَّلوا في المستقبلِ مسؤوليةَ الحفاظِ على أمنِ و سلامةِ الأميرِ و الشيخِ ولي العهد. فهل يا تُرى ذهبَ الكويتيون مذهباً بعيداً جداً؟ و هل يا تُرى هم مُتاكدونَ حقاً مِن أنَّ واشنطن سَتَدعَمهم حتى النهايةِ ومهما كانت الظروف؟
لا شَك فإنَّ قادةَ الإمارةِ كانوا مُتاكدينَ من ذلك و مُنذُ وقتٍ طويلٍ بأنَّ أمريكا هي بِجانبِهم. سنةُ 1987, و في عِزِّ الحربِ الإيرانيةِ – العراقيةِ, تَمَّ وضعُ البواخرِ الكويتية تحتَ حمايةِ العلمِ الأمريكي.
في نفسِ اليوم الذي أعلنَ فيهِ البرلمانُ العراقي قرارهُ, بالإجماعِ ظاهريآ, بتسميةِ صدّام كرئيسٍ مدى الحياة, وصلت في يوم 24 تموز الى المقر الرئيسي للسي آي أي, معلوماتً دقيقةً تُؤَكدُ مُغادرةَ فُرقتينِ عراقيتينِ قواعِدَهُما للتمركُزِ على الحدودِ العراقيةِ الكويتيةِ. في نفسِ هذا اليوم, وصلَ حُسني مُبارك الى بغداد, ليِقومَ بدورِ الوسيطِ. لقد كان هذا الإختيارُ الذي قامت بهِ الجامعةُ العربيةُ, ليسَ من أحسنِ الإختياراتِ و لم يَكُن مُوفَّقآ, و ذلكَ بِسببِ عِلاقاتِ عدمِ الثِقةِ بينَ رئيسِ الدولةِ المصري و صدّام حُسين. لقد إعترفَ صدّام لِمُحدثهِ المصري: " طِيلة وقتِ المُباحثاتِ بين العِراق و الكويت, سَوفَ لن نستعملَ القوةَ. لا نتدَّخلُ بالقوةِ قبلَ إنتهاءِ كُلِّ فُرصِ التفاوضِ, و لكِن يا أخ مُبارك, لا َتقُل ذلك الى الكويتيين. لا تُعطيهِم أيَّ أملٍ لأنَّهم سيزدادونَ تَكبُّراً و إستهتاراً ". مباشرةً بعدَ هذا اللقاء, غادرَ مُبارك الى الكويت. و هُناكَ أَطلَعَ الأميرُ .. و لكن بِشكلٍ جزئيٍ و مُحرَّفٍ ( كعادةِ العربِ )*. " كُن على ثقةٍ سُموُ الأمير, بأنني سَمعتُ و مِن فَمِ صدّام حُسين مباشرةً, بأنَّهُ سوفَ لن يُرسلَ القطعاتَ و سوفَ لن يُهاجمَ الكويت..!! ". و لكِنَّهُ أغفلَ أن يُضيفَ الى الكلامِ, الفقرةَ المُكَمِّلةَ لهُ, " طيلةُ الوقتِ الذي سَتستَمِّرُ فيهِ المُفاوضات ". بعد ذلك أرسلَ مُبارك, نفسَ هذهِ الرسالةِ المُشَوَّهةِ الى واشنطن!

* المُترجِم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ