الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة الجهادي من المدينة الى دولة الخليفة

دانا جلال

2016 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صورة الجهادي الاسلامي في الجزيرة العربية، والتي رسمت بدماء الضحايا، انتقلت الى الشعوب المجاورة كعامل ترهيب وادارة توحش ومن ثم اعلان الخلافة وحروب عمليات نهبها باسم الفتح الاسلامي.
تتكرر الصورة مع التنظيم الإرهابي (داعش) في عملية إعادة انتاج للتاريخ، وبشكل أكثر دموية لتطور وسائل وأدوات القتل.
ان الصورة الحالية لوجوه القتلة، وأساليب جرائمهم، بتفاصيل أحداثها، تمثل عينة الحاضر لمعرفة ما جرى من جرائم في التاريخ الإسلامي وعلى وجه الخصوص فترة الفتوحات الإسلامية، لان المروي وإن كان ضعيفاً من وجهة نظر بعض المعاصرين من الإسلاميين، فان مُضَعَفهم راهناً كانت القاعدة في التعامل مع الشعوب الغير عربية واهل الديانات الأخرى.
يحدد التنظيم الإرهابي (داعش) مراحل انشاء دولة خلافته في انجيله المقدس (إدارة التوحش – أخطر مرحلة ستمر بها الامة - تأليف أبو بكر الناجي) وهي لا تختلف عن تاريخ الفتوحات الإسلامية وانشاء الإمبراطورية الإسلامية وهي:
1- شوكة النكاية والانهاك
2- ادارة التوحش
3- شوكة التمكين (قيام الدولة)
لِمَ هذهِ الضَجةِ مِنْ قبل بعض الإسلاميين حولَ ما نرتكبه مِنْ موروث نجدده في عملياتِ النَّحرِ، والجَّز، والسبي، والاغتصاب. نحنُ لَمْ نأتي بِبُدعةٍ ولسنا بأهلِ ظلالة. هكذا يتحدث "داعش" في وسائل اعلامه، مؤكدا بأنه أحيا النَّص والسنن ومنها النَحر (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حتى--;-- إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ-;---;-- تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) سورة 47- محمد.
في تَفسير السَعدي للسورة إنها نزلت عِتاباً لمحمد (هذه الآية معاتبة من الله لرسوله والمؤمنين يوم بدر إذ أسروا المشركين وأبقوهم لأجل الفداء، فلا ينبغي ولا يليق به صلى الله عليه وسلم).
عَن أحمد في مُسندهِ (يا معشر قريش! أما والذي نفسي بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذبح، – وأشار بيده إلى حلقه – فقال له أبو جهل: يا محمد! ما كنت جهولا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت منهم (2)
ان جز الرؤوس والتمثيل بها ليست بُدعة داعشية، ففي معركة بدر (مر عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فوجد أبو جهل في آخر رمق، فاحتز رأسه، وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: هذا فرعون هذه الأمه) (3). وقال ابن كثير في البداية والنهاية: "عن أبي بردة بن نيار قال: جئت يوم بدر بثلاثة أرؤس، فوضعتهن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالث فإني رأيت رجلا طويلا ضربه، فتدهدى أمامه، فأخذت رأسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك فلان من الملائكة". (4)
ان الصور التي ظهرت في وسائل الإعلام ببيع الايزدييات والمزايدة عليهن من قبل "داعش" لم تأتي من ذاكرة تاريخ مثقوبة، فعن أبى سعيد الخدرى قال: بينما هو جالس عند النبي (ص) قال: يا رسول الله إنا نصيب سبياً فنحب الأثمان فكيف ترى في العزل؟ فقال: "أو إنكم تفعلون ذلك لا عليكم أن تفعلوا ذلكم، فإنها ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا هي خارجة" (5).
إنَّ الجريمة الدينية وإن كانت ليست حِكراً على دين مُحدد فإنها ومعَ مَنْ أحيا النَّص والسنن في القرن 21 تمثل الأكثر بشاعةً في التاريخ الانساني، لان القتلة والورثة لا يكتفون بفعلِ الجريمة، بلْ ويطالبون مِن ضحاياهم الشكر، لان سبي النساء الكافرات من قبَل المسلمين وفق داعش: قد يجر عليهن خيراً عظيماً، وذلك بأن تدخل في دين الله تعالى فتصير مسلمةً، وهي بذلك تُنجي نفسها من الخلود في نار جهنم ، كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ ) رواه البخاري ( 2848 ) ، بل وقد يحصل لبعض المسبيات فضائل دنيوية كالمال والجاه والعلم ، وعلى رأس الشرف الديني والدنيوي وما حصل لصفية بنت حيي بن أخطب، وجويرية بنت الحارث، وقد كان سبيهما سبباً في تزوج النبي صلى الله عليه بهما ، حتى صارتا أمهات للمؤمنين جميعاً ، فهما زوجتاه في الدنيا والآخرة ، وأي شرف يمكن أن تحظى به مسبية مثل هذا ، فلا ندري كيف لواحدٍ أن يُنكر تشريع السبي وفعل المسلمين بهنَّ .... هكذا تحدث داعش اليوم.
(1) - وحفرت الخنادق في سوق المدينة للتخلص من جثث رجال بنى قريظة وكان عددهم نحو تسعمائة الذين قام محمد بذبحهم في تلك الليلة (انظر: ابن هشام؛ السيرة النبوية، الجزء الثاني، صفحــة 40 و41).
(2) (الراوي: عمرو بن العاص - خلاصة الدرجة: حسن- المحدث: الألباني المصدر: صحيح الموارد الصفحة: 1403) (الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص خلاصة الدرجة: حسن -المحدث: الألباني -المصدر: صحيح الموارد الصفحة: 1404) (الراوي: عروة بن الزبير -خلاصة الدرجة: إسناده صحيح -المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد -الصفحة: 11/203
(3) (توضيح الاحكام ج 1- 323) وقال الشوكاني:) قوله "ويكره حمل الرؤوس"؛ أقول: إذا كان في حملها تقوية لقلوب المسلمين أو إضعاف لشوكة الكافرين فلا مانع من ذلك، بل هو فعل حسن وتدبير صحيح ولا وجه للتعليل بكونها نجسة، فإن ذلك ممكن بدون التلوث بها والمباشرة لها، ولا يتوقف جواز هذا على النبي صلى الله عليه وسلم فإن تقوية جيش الإسلام وترهيب جيش الكفار مقصد من مقاصد الشرع ومطلب من مطالبه لاشك في ذلك (السيل الجرار ج4- 21 .512)
(4) رواه البخاري، ومسلم (1438). صحيح البخاري – (34) كتاب البيوع – (109) باب بيع الرقيق – حديث رقم 2229 – مكتبة أولاد الشيخ –
(5) رواه البخاري (2848)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام
بسيونى بسيونى ( 2016 / 3 / 13 - 06:23 )
لم يتم نشر تعليقى السابق لعل المانع مقبول

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س