الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرس : رواية

صبيحة شبر

2016 / 3 / 15
الادب والفن


العرس

رواية قصيرة
صبيحة شبر

الفصل الأول
توصلت أخيرا ، وبعد إدمان الصبر فترة طويلة ، أن اقلع جذورك من تربتي ، وان أنأى بنفسي عن سعير الحاجة إليك ، جربت كل السبل ، لأحرر قلبي من براثنك ، وأعياني المسير وحيدة ، أجري في صحرائك المتنامية الأطراف ، انشد أغنيات لم تعد صالحة لهذا الزمان ، ولم يعد بمقدور أي حي ، أن يرددها في مكاننا ، أندب حظي ، وألعن تلك اللحظة التي تعرفت فيها إليك ، سوء طالعي ، جعلني اصدق كلمة قلتها لي ، وأنت غير مكترث بها ، اشتعل لهيبا اثر لفظة ، بحت بها في لحظة سكر ، جريت خلفك ، أصغي إلى كلماتك الخالية من الرصيد ، تنكرت لكل الأحباب ، الذين وضعوا تجاربهم الطويلة أمامي ، كي استمد منها عزيمتي ، واصل إلى قرار ، ولكن كلماتك كاللعنة ، حلت في دياجير الروح ، وأولعت فيها الهشيم ، أقرر كل مرة إنني أنسا ك ، وكما يعود التاركون التدخين الى سكائرهم ، بعد قسم أنهم سيمدون أرواحهم بطرق الشفاء ، أعود إليك كل مرة ، حانثة بوعدي لنفسي ، إنني سأحررها من قيود جهنمية تعشعش في شرايينها ، وتسلب منها طمأنينة اليقين ، كلمة منك تهمس بها الى أذني ، فأجد نفسي ظمأى وجدت ، بعد حرمان ، نقطة ماء في سراب روحها العطشى.
ضاع مني كل شيء ، أهل وأحباب متعاطفون ، أسرة تحنو على ضعفي ، وتربت على كتفي ، حيث يشتد بي الهجير ، وترنو النفس إلى لحظات من الدفء ، تستمد منها بعض القوة على نكبات الدهر ، أصدقاء طالما قدموا النصح لي ، معرفين إياي بمثالبك العصية على التعداد ، و التي تأبى الوفاء ، كم أحببت من النساء ، وكم جريت خلف ابتسامات خالية من المعنى ، ترميها لك ذوات العيون الوقحة ، والقلوب التي ما عرفت طعم الحب يوما ، حاول أخوتي أن يثنوني عن عزمي ، بان انتحر من أجلك ، مضحية بسنين عمري ، وبما كسبته بعد نضال شاق طويل ، تركني الجميع آسفين ، بعد أن وجدوني متشبثة بك ، أيمكن للداء أن يبرأ إن حقن مصله في جسد مريض ؟ تخليت عن كل شيء ، حصلت عليه بالجهد والعمل ، مدعية لنفسي إن راحتي معك ، وان حياتي تبدأ حين يتم توحدنا ، ولكننا رغم كل شيء ، كنا نبتتين غريبتين عن بعضهما ، وكأنهما قلعا من جذورهما وهما صغيرتان ، وحملا إلى ارض بعيدة ، فلم يقدرا على المواصلة ، وذبلت زهراتهما قبل اشتداد عودهما ، كنت تكبر ، واجدك أمامي تثير فتنة الناظرات إليك ، تهمس إليهن بعذب الكلام ، الذي وقعت في فخاخه وأنا لا اعلم عن مصيري شيئا ، كم تمنيت أن اعرفهن بخباياك ، كنت تتهمني بتهم بعيدة عن حقيقتي ، لماذا اشعر بالغيرة ، وأنت لم تمحضني العاطفة التي ادعيت بها ، فخرت عزيمتي متساقطة ، وجن جنوني ، كم لحظة نحيا في هذا العالم ، ونحن نجري من هزيمة الى أخرى ، ونكحل عيوننا باندحار بعد اندحار ، أراك معجبا بالكثيرات ، توزع عليهن غنائمك ، وتحدثهن عن فتوحاتك ، وهن مصغيات ، كم تمنيت ان أتقدم إليهن ناصحة ، الا يكترثن لعواطفك الغادرة ، وصوتك المعسول ، شعرن بالغبطة نحوي ، أنت المفتون يكل النساء ، تمنحهن الكلام المنمق الجميل ، وهن لاهيات.
هذا أخر وعد لي ، اقطعه على نفسي ، إنني سأحرر عقلي وقلبي ،من سم قاتل ، قد وقعت على إثره صرعى ، حين فتك بي ، وسلب مني القوة على ردعه ، وتواصلت هزائم روحي ، وتركتني مخلوقة أخرى ، لم أكن أظن يوما ،إنني سأكونها ، كيف أقلعك من جذورك اللعينة ، التي فتكت بقدرتي على النماء؟ كيف يمكنني ان استرد الطمأنينة ،الني فقدتها حين التعرف إليك ، حين تحدثني عن النساء العديدات ، المغرمات بك ، وأنت منتشي بنفسك ، ما الذي كنت تطمح إليه ؟ وأنا استمع إليك ، علك تظهر بعض الشعور بالندم ، على مشاعر قوية قدمتها لجميعهن دون استثناء ؟ فخر يتملكك ، وأنت تعدد أسماءهن ، وتريني صورا لهن ، وتقرأ لي مقاطع من رسائل بعثنها لك ، وأنت تختال كالغراب ، معددا مناقبك.
اشعر اليوم أنني سأقهر الضعف الذي لازمني طويلا ، وأتغلب على الداء الذي سكنني ، وابتسم للشمس ، إذ إنها تشرق من جديد ، على ارضي التي فقدت لون أشعتها منذ قرون ، دفء جميل يهل علي ، ويمنحني جمالا فريدا ، كنت أحسب انه اضمحل ، وفات أوانه.......











الفصل الثاني
لم يحقق يوما نجاحا ، حياته فشل متواصل ، وخيباته مستمرة ، يعمل لغيره ، ويناضل كي يقدم للآخرين ، ما يريدون على طبق من ذهب ، ليس حبا فيهم ، وإنما رغبة في إنقاذ نفسه من سطوة لسانهم ، ما أن يتكلم احدهم ، حتى يسد عليه منافذ السمع والفهم والإدراك ، يتمنى ان يقوم بكل ما يطلب منه ، ليكون قرير العين ، ويرسم ابتسامة سعيدة على ثغره المحروم ، يقولون انه سعيد ، فالابتسامة لا تفارقه لحظة ، لكنه شقي بائس في أعماقه ، لم يحبه إنسان ، ولم يذق طعم الحنان ، يجري خلف القدود الناعمة ، والابتسامات الخرقاء ، يشتعل لهيبه ، حين يرى نظرة مغموسة بالسم الزعاف ، يعشق واحدة ، ما ان تستمع الى قصته ، حتى تتخذ طريق الهروب مسلكا ، تدعي أنها مسيرة على اتخاذها لهذا السبيل ، يتظاهر انه مصدق وداخله يغلي لهيبا ، عواطف حيرى تنهال للفتة اهتمام ، يحلم طويلا ان يكون كالآخرين ، ويعييه الحال ، لا يملك الإصرار ، ويخر صريعا بعد كل عثرة ، يقوم منها بعد ، أن تمد له أيد الأصدقاء ، تنقذه مما الم به ، ينفذ ما قدموه له ، ويتشبث بمسيرة ناجح من خلانه ، ويظن انه ان سار على هديها ، سوف يحقق له النجاح المؤكد ، يمضي العمر مديدا خائبا ، لم يذق طعم المودة ، ولا عرف للعاطفة سبيلا ، أحب الكثيرات ، كل باسمة يتبعها ، أصبح فلبه مركبا ، تركب فيه الإناث المتغنجات ، لا يبالين به ، ولا بآلامه ، يعمل لهن كل ما يردن منه بصبر مثير للعجب ، يكتب ما يطلبه الأساتذة منهن من بحوث ودراسات ، و ينظم القصائد العصماء ، في التغني بجمالهن الفتان ، يذكرنه في مجالسهن ، ويتطلع الى إتقان أعماله المتواصلة ، من اجل خدمتهن ، ما ان يعبر للواحدة منهن عن ألمه الدفين ، ورغبته في لم الشمل ، والتمتع بجمال الحياة ، وانه اختارها لوحدها ، كي تتربع على عرش قلبه ، تهرول منه ، ناجية بنفسها ، مدركة انه لا يملك قلبا خاصا به ، من كثرة ما وهبه للحسناوات ، يضحك عاليا على قصصه الكثيرة ، حين يذكره بها أصدقاؤه الكثيرون ، تسيل مدامعه مدرارا ، وهو يصغي الى نكات تتردد هنا وهناك ، عن أحاديث عشقه المتكر ،ر لكل امرأة تقع عليها عيناه ، ينسى كل القصص الأخرى التي خلدها بأشعاره ، التي تتسارع الغادات ، الى قراءتها والتسبيح بحمدها ، من هي تعيسة الحظ ، التي سوف يوقعها سوء طالعها بطريقه ، فتجد نفسها ضرة لكل امرأة مرت بحياته ؟ عدوة جميع النساء ، من تلك الفدائية التي تذبح أحلامها ،وتقدم حياتها ،رهينة لإنسان ما عرف حبا حقيقيا ، ولا أصدقت له الوعود الأنثوية ، ولا سهرت من اجله عينا ن جميلتان ، ولا تساقطت من اجله درر إنسيات ، ماذا يفعل وقد وجد نفسه ، ضعيف الهمة ، خائر العزيمة ، لاشيء يثير فيه الإصرار ، يجد ان نفسه عدم ، ان قيست بالنفوس الأخرى ، التي تتعايش معه ، يرى انه أضحوكة أمام الآخرين ، يتندرون بما يروون من حكايات ، فإذا ما انقلب الحال جدا ، سارع إلى الإعلان :
- انا إنسان ضائع ، ودع العمر ، وزالت منه معالم الشباب.
- قلبك مركب ، كلهن راكبات فيه
يرسم البسمة على شفتين ، مخفيا تقطع أنياط قلبه ، وتحن الروح الى لمسة حقيقية ، يزيل بها ما علق بالقلب من أدران ، أنى له ان يشهد جمال الصدق ، وهو محكوم عليه ، ان يعيش كذبا متواصلا ، وادعاء كبيرا ، فلم يعد يدرك ان في الوجود ، لحظات يمكن ان تضحي من اجلها ، لجمال صدقها ، ونبل مشاعرها.........


























الفصل الثالث
لم امتلك الشجاعة اللازمة لمواجهة الأمور ، وحين أتاحت لي الصدف أن أتعرف الى سميرة ، اعتقدت دائما إنني محظوظة بصداقتها ، فهي رغم كونها متزنة ، وفق ما يحمله مجتمعنا من مفاهيم ، الا إنها شجاعة ، لا تعرف كيف تجامل ، وصدقها ذاك ، جعلها موضع نقمة الكثيرين ، ولكن كنت أغبطها على مواقفها العديدة ، لقول كلمتها الصادقة ، رغم تخلي الكثير عنها ، سمعت بها من المحيطين بي ، واستطعت ان أكون صديقة مقربة منها ، نخرج معا ، ونقرأ نفس الكتب ، ونصغي الى عين الأصدقاء ، لم تكن تطلب مني أمرا الا الإخلاص في الموقف ، وكنت سعيدة بكوني قريبة منها ، وكثيرا ما كنت اعبر لها ، عن حجم اعتزازي بصداقتها ، فيكون جوابها آسرا:
- أنت جميلة ،، تجدين الكون ناصع البهاء
-
أحيانا اشعر إنها أفضل مني بكثير ، وأحاول ان أكون قاسية في نقد تصرفاتها ، ولأنها كبيرة الثقة بنفسها ، كانت تقبل نقدي بابتسامة عريضة ، ثقتها هذه محط الإعجاب الكبير ، في منزلي كانت موضع الترحيب ،من أفراد الأسرة ، كنا ذلك الوقت لا نملك حرية التصرف ، ولا نستطيع ان ندعو من نشاء ،من الصديقات الى منازلنا ، استفسار الآباء يلح في معرفة كل شيء
- من صديقتك هذه ؟ وأين تسكن ؟ وماذا يشتغل أبوها ؟
سميرة كانت ترحب بصداقات الجميع ، دون ان يشك بها أحد ، صراحتها المعهودة بالحديث ، وعدم المجاملة هي الصفة الوحيدة التي أبعدت بعض الناس عنها.
ابتعدت عني حين التخرج ، ولم اعد أجد من يشاركني ، الاهتمامات الجميلة التي كانت تحظى بالحب والرغبة من كلينا ، وأصبحت أيامي كئيبة ، وجدت نفسي وحيدة ، لعل الكثيرين لا يفهمون سر العلاقة الناجحة ، بين فتاتين في مجتمعنا المحافظ ، الذي يرحب بالصداقة بين الذكور ، وينظر باستغراب الى علاقة وطيدة ، بين فتاتين ، جمعتهما الهوايات المشتركة ، لهذا حاولت العثور على صديقة مرافقة أخرى ، لكن سميرة لم يكن لها مثيل كما اعتادت ان تقول مازحة ، خرجنا مرة في مجموعة ،ذكورا وإناثا ، مضينا الى دجلة ، ركبنا قاربا صغيرا ، أخذت الأمواج تداعب زورقنا ، مرة تدفعه الى الأمام وأخرى توجهه الى الخلف ، ونحن نواصل الضحك والابتهاج ، ارتسم الخوف على وجهي ، ضحكوا من جزعي طويلا ، لم اشعر بعدم الارتياح من قهقهاتهم المتواصلة ، فقد كانوا إخوة لي ، وأصدقاء أعزاء. تشتد الرياح فجأة على قاربنا الصغير ، وتعلو وتيرة خوفي وجزعي ، ألاحظ إن القريبين مني ، يقطعون ضحكاتهم المتواصلة ، ليعالجوا أمر القارب ، الذي دفعته الرياح بعيدا عن جادة الصواب ، يمسك احدهم الدفة ، ويغالب الأمواج العالية ، ويجاهد كي يعيد قاربنا المتمايل ، الى وجهته الصحيحة ، يمسكني الجزع ويغلبني الخوف المتفاقم ، وأصحو من هلعي على صوت تصفيق عال مشجع
- عشت صديقنا ، أنقذتنا من موت محقق
لم تعرف سميرة العوم ، لكني كنت واثقة تماما ،ان البوصلة ما كانت تفقدها في مثل هذه اللحظات العصيبة.....




























الفصل الرابع
لست أدري كيف أحببتك ؟ أنت الذي عرفتك كل النساء اللواتي ، وقعت في غرامهن انك لعوب ، لا تحترم كلماتك ، ولا تقدر حرفك ، كيف أصغيت إليك ، ونسيت اتزاني ، ذلك المعهود عني ، وصدقت دعواك انك تحبني ، كلمة واحدة قلتها لي ، فرحب القلب المتعطش ، وتناسيت حذري المعروف ، أردت أن أصدقك ، وأضع حدا للصيام الطويل ، الذي مارسته ضد نفسي ، كنت متغربة في هذا العالم السحيق ، وقد وجدت كل أنثى ، من يملأ القلب لها ، ويضيء العتمة في حياتها ، حاربت كل لحظات الهيام ، لأ برهن لنفسي إنني قوية ، وإذا بي هشة حتى النخاع ، صدقتك ، وقد عرفتك الأخريات انك لا تثبت على عهد ، تتغير عواطفك ، تغير الرياح في الصحراء ، لم اعهد أحدا مثلك ، هوائي المشاعر ، متغيرا ، يبغض الثبات ، ويمقت البقاء على العهد ، كلمة واحدة قلتها لي ، من عرفك بطريقي ؟، ونصحك ان تقف فيها معبرا لي ، عن هيامك المزعوم ، من أخبرك إني ظامئة الى الحنان ، وإنني عطشى الى ضمة حب حقيقي ، من أنبأ ك أنني تعبت من الصيام ، وحان لي أن أفطر ، على عاطفة صادقة ، تضع حدا لمتاعبي ، كلمة واحدة قلتها لي ، وقد صدقت بها ، رغم انك حاولت الابتعاد عن طريقي ، وادعيت انك معدم ،تستحق ان أتصدق عليك ، وان عائلة كبيرة تعتمد عليك ، وأنت رجلها الوحيد ، وانك يجب ان تمنحها راتبك ، فقد تعودت انك المانح الفرد ، والملبي لحاجاتها ، وانك تحبني بكل قوة من كيانك ، لكنك مرغم فيما تفعله ، ولقد أضافت مزاعمك الجديدة هذه ، رصيدا الى ما كنت أتوهمه عنك ،من كريم الخصال وطيب المعدن ، خاطبت نفسي ان الإنسان المحسن الى والديه ، لابد ان يكون محسنا مع عائلته الجديدة ، مع زوجته وأولاده ، من أين جاءني هذا اليقين ؟ لست أعلم ، الذي اعرفه أنني كنت أطمئن إليك ، وأثق بما تقوله ثقة كبيرة ، ربما لم اعهد من رجل في عالمي ، ان يعتمد كل الاعتماد على امرأته قبل ان يرتبطا ، مضيت تقول لي انه لا فرق بيني وبينك ، وإنني مخلوقة عصرية ، وسوف اثبت ما أدعو اليه من مساواة ، وأنا مغمضة العينين ، مسدودة الإذنين ، امضي في طريق لا أعلم عنه شيئا ، تحدثني عن صديقاتك الموقرات ، تصفهن لي تمام الوصف ، تتكلم عن جمالهن الأخاذ ، وتغدق عليهن الهدايا الثمينة ، مدعيا انك تتميز بالحياء ، وانك لا يمكن الا تلبي دعوة من امرأة حسناء ، تهرع اليك طالبة منك ان تمدها بالإحسان
تسهب في حديثك عن لطيفة وسهام ، وإنهما المقربتان إليك ، وانك تخبرهما عن كل ما يمر بك ، وما يقع لك من أمور ، وانك تجدهما صديقتين مقربتين كالرجال ، تحدثهما عن أمورنا القليلة ، التي تهمنا لوحدنا ، وأنت تفتعل الأعذار انهما أختاك المقربتان ، وأنهما يعلمان ما هو طبيعي ، ومحتمل الوقوع ، يدفعني الفضول الى التعرف إليهما ، أرى أنهما طاغيتا الفتنة ، تسير الأنوثة من أعطافهما أينما سارتا ، تتحدثان معا وتقلبان حديثكما ، قلا يعرف السامع إليكما ما ذا تقولان ؟، وأنا أطرش بالزفة ، وحين أستفسر منك ، لماذا تتحدثان بهذه الطريقة ، تجيبني على الفور أنها أمور خاصة بهما ، وقد طلبتا منك عدم إفشائها ، وأنت الأمين ،عليك ان تنفذ إرادتهما ، وإلا اتهمتاك بالخيانة ، وأنا مبهورة بمزاياك ، وكأنك هبطت على دنياي كالغيث ، فأحييت مواتها ، وزرعت أزاهيرها وسقيت عطاشها ، لم صدقتك ؟ وكيف انطلى وضعك المتقلب علي ، ومن أين لي أن ادري أن إنسانا ، يمكن ان يكون على شاكلتك ، مداج ، خداع ، لا يثبت على قرار ، متغير ، يهيم بكلمة كاذبة ، ويترك الخل ، بلا سبب وجيه ، ينظر الأصدقاء الي بتساؤل ، كيف انطلت علي خديعتك ؟وكيف مضيت جذلى الى هاوية قبري ، وموضع وأد روحي وانهزام شخصيتي ؟





















الفصل الخامس
كان الوسط بين إخوته ، الأول مدلل ، ينفذون له ما أراد ، طلباته مستجابة ، ورغباته محققة ، والأخير ، آخر العنقود ، يشير بيده إلى الشيء ، فيفهم الوالدان ، بأنه يريد الحصول عليه ، وهو الوسط ، يخاف من الكبير ، فيطيعه طاعة عمياء ، ويخشى من الصغير ، ويسعى الا يتهمه بعدم الإحسان إليه ، ويسارع بالبكاء متهما انه ابتعد عنه ، وما قدر له صغر سنه ، وانه حائر بينهما ، يقلد الكبير طمعا ، في حصاد الحب الذي يتمتع به ، فإذا العيون تزدريه ، انه ضعيف الشخصية ، لا إرادة له، يسير دون تفكير ، وان جرى وراء رغبات الصغير ، سمع قهقهات الناس ، مستصغرين شأنه، وانه يبدو اقل من عمره ، لا يتمتع بما حباه الله لأخويه معا ، لا يفكر ان يختط لنفسه ، طريقا مختلفا ، فيحصد حب الناس وتقديرهم ، تقليد أخويه ما يسعى اليه ، يرى استحسان الأقارب لتصرف أخويه ، فيسير مقتفيا أثرهما ، لكنه لا يوفق في سعيه ، كل ما حصده كان في أرض قاحلة ، لم تعرف الإرواء ، تذهب جهوده هدرا ، لم يجن عنها ثمرا ، ولا وجد لها عاقبة حسنة ، فكر انه يمكنه ،أن يسير خلف من يملك صوتا عاليا ، فيقيه الوقوع في غائلة غضب الآخرين واستبدادهم ، أضحى مرتفع الصوت عالي النبرة ، ينطلق صراخه ، حين يجد تقديرا ، ويصمت بخوف ، حيث يزدريه الآخر مقللا من شأنه
يردد الأفكار الجميلة ، وحين يطالبه الآخرون بالسداد ، يرتفع صوته محتجا ، انه ابن أبيه ، الذي لم يترك سيئا الا سار عليه ، ولم يجعل نقيصة تعتب عليه ، وانه عاش عمره طولا وعرضا ، تنهال عليه اللعنات ، وان الإنسان المتسامح ضعيف يستحق القصاص ، والمرء القوي ينال حقوقه ، بقدرته ، ويضيف اليها حقوق من لم يحسن قراع الآخرين ، او سلب ما يملكون
من أين له ان يقارن بين الحقيقة والخيال ، أو بين الصحة والخطأ ،؟ وأبوه يسارع الى الصراخ حين يرى تفهما ، ويسكت على مضض مستمتعا بالانهزام ،أمام جبروت من لا قلب لهم ، جرب ان يكون مختلفا ، وأعياه الحال ، لامنقذ له ، يضحكون لحديثه ، ولا يأخذونه مأخذ الجد ، فاستقر لديه انه مهرجهم المقرب ، يهرعون إليه اذا ما اشتدت عليهم الدنيا ، وحلكت أيامهم ، واسود ت الحال ، يروي لهم ما جد عنده من قصص ،تدفع على الضحك المتواصل ، وتحث على الابتسام ، وقلبه في لوعة ، ونفسه في جحيم ، ما الذي يمكنه ان يعمله ، وقد استقر حاله مهرجا ، يستدر ضحكاتهم من أنفسهم المجهدة ، ونفوسهم التي ملأها السقم ، واعتراها الهم ، واستوطنها الكمد ، فإذا ما اشتد عليه الحال ، ووجد انه من المحال ، ان يرضى لنفسك ان تكون على هذا المال ، هرع الى من يحبه وهم نفر قليل ، لتحل عليهم نقمته ، كيف يحبه شخص وقد بعد عنه الناس أجمعون ؟ يتلفظ بكلماته الجهنمية ساعيا الى إثارة الغضب ، وتحريك نار النقمة بعد أن اعتراها الرماد ، وبعث جمر النفوس الملومة من رقادها ، وحين يطمئن الى نجاحه في مسعاه ، تنطلق ضحكاته ،لتحل على من وجد فيها الحبيبة ، فتلقنها درسا في الحذر ، وان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، ادعى انه يملك عاطفة جياشة ، يريد ان يغدقها عليها ، مكرما إياها ، بعد ان أعجبته خصالها ، التي قال إنها كريمة ، صدقت كلماته الحسان ، وهي تمني النفس ، ان أيامها البائسات ، سوف تشهد انبلاجا على يديه ، وان حزنها المستديم سوف تافل شمسه ، بعد ان يهل على أرضها ، بكريم أفعاله ، وبحنانه الذي وجدته يستحق إعجابها ، وان تجعل منه موئلا ، فاتها انه قد يحسن التمثيل ، ماهر في الظهور بما يناقض حقيقته الساطعة ، وان القول الجميل ، قد لا يكون معبرا عن قلب عاشق ، ونفس متعطشة الى إرواء المحب ، صدقت دعواه ، وحينذاك ، أظلمت الدنيا في ناظريها ، واشتد لهيبها ، يحرقها بجحيم ، لم تعهده من قبل ، ولا مر بخاطرها ، أنها ستشهد يوما تعذيبا ،على يد من أسلمت له القياد ، متوهمة انه سيذيقها الشهد بدلا من العلقم ، كيف انطلت دعواه عليها ؟ كيف أمكنه ان يت لها انه متيم ؟ ، لا تعرف مشاعره التغير ، وانه باق على العهد ، مادامت النفس تتردد في هذا الجسد ، الحذر لا ينجي من الخطر ، كما يقولون ، صدقت بدعواه ، وانطلت عليها حيلته ، وذهبت تجري ، تستجدي منه النظرات الولهى ، والمواقف المؤيدة ، وهو يتحاشى الوقوف بجانبها
















الفصل السادس

عرفت الاثنين معا ، من اعز أصدقائي ، سميرة عرفتها أيام الجامعة ، أعجبت بشخصيتها المتزنة وأخلاقها الحميدة وثقافتها العالية ، ورغبتها الدائمة في قهر الصعاب التي تعترض الطريق ، لم تنهزم أبدا اذا ما ادلهمت الخطوب ، وأحمد طيب القلب ،لكنه سريع الغضب ، قد يهد بسرعة كل شيء ، الاثنان أصدقائي ،سألني أن أساعده في العثور على امرأة جميلة ، ووفية يقترن بها ، وكانت هي صديقتي المقربة ، فأرشدته إليها ، وما كان في ظني ، انه يسارع في الهيام بها ، كنت اعرف انه يعجل ، في الإعجاب بالشخصيات النسائية ،على اختلاف طبائعها ـ فكرت أنها بما تملك من قدرة ،على تغيير القبيح ، من الصفات ،قادرة على إنقاذه ، من مثالبه الظاهرة للعيان ، جمعت بين الاثنين وأثنيت على كل واحد منهما ، أمام الآخر ، وساعدتهما على التعرف ، وجلست أولا بينهما ، ثم عرفت أنهما ، استغنيا عن وجودي بينهما ، وأدركا حاجة كليهما ، إلى الآخر فهما رغم تباينهما ، اللافت للنظر ،شخصيتان متقاربتان حقا ، يحملان الكثير من الصفات المتشابهة ، وجمع رأسين بالحلال من الأمور ،التي يثيب عليها الله ورغم إنها كانت محل إعجاب الكثيرين ، إلا إني وجدتها تنجذب إليه بسرعة ، لم أكن أتوقعها ، ففرحت بنجاح مسعاي ، وأدركت أنهما يمكن أن يكونا ثنائيا رائعا ،منسجما ومتآلفا في الكثير من الأمور، الهوايات كانت عديدة ، ومتشابهة لدى كليهما ، والأصدقاء عينهم ، يتكرر ذكرهم لدى الشخصيتين الجميلتين ، وطنت نفسي ، على الجمع بين صديقي المقربين ، في رابط متين من المحبة ، لا تسمو عليه وشيجة أخرى ، ورغم ما في عملي هذا ، من تراجع ظاهر ، في طريقة صنع علاقة تعتبر أعلى مرتبة ، من علاقات التواصل الإنساني المتين ، الا إنني سرت في تنفيذ خطتي ، كنت أرجو ان اجعلهما سعيدين يرنوان إلى بعضهما وقد ربطت بينهما أسمى العلاقات
زادت في الآونة الأخيرة استفساراته عنها ، ويبدو عليه الشوق الى لقياها ظاهرا
جلب قناني العرق المسيح ، وطلب منا جميعا – نحن أصدقاؤه- ان نرافقه في سهرة جميلة ، على أنغام عزف العود الشجي ، ومصاحبة الغناء القديم ، تعجبني دائما تلك السهرات الجميلة ، وبودي ان احضرها مع الأصدقاء ، ولكن الأسرة تحول بيني وبين تحقيق رغبتي ، في الكثير من المناسبات الرائعة ، أجد صديقاتي يسارعن ،الى ارتشاف لحظات من البهجة ، قد لا يجود بمثلها الزمان ، وأظل وحيدة مع كتابي ، لو كنت سميرة قربي ، لاستطعنا ان نبدد خوف أفراد الأسرة من حضور هذه المناسبات ، وحققنا فرحتنا المؤودة ، وتطلعنا إلى قضاء الممتع ، ورؤية المبهج ،في حياتنا القصيرة الخالية من الفرح ، والتي تمضي أيامها كالحات ،من غير معنى جاذب ، يمنح لحظات الحياة ألقها المبتغى
كنت آمل ان امضي معهم ، لأتمتع بلحظات بهيجة من الرقص الجميل ، والعزف الشجي والغناء الآسر ، وإلقاء شاد لما جادت به قرائح اكبر الشعراء ، من روائع الكلمات وبهاء المعاني ، ولكني عجزت ان أحقق أملي ، وعدت أدراجي خائبة الى المنزل ، اطمح ان أتمكن من تحقيق أحلامي اليسيرة هذه اذا ما ارتبطت صديقتي بحبيبها الموعود......














الفصل السابع
تزدريك النفس ، وتقتحمك العين ، بجسدك الواهن وعظامك النافرة ، وعينيك البارزتين ، وخطواتك المترددة ، اية لعنة حلت علي حينذاك ، حين انفتحت شراييني لك بعد ان قررت على وأدها ، صممت على قراري سنين طوال ، ثم خذلت نفسي موهمة إياها ، أن الغيث سينزل غاسلا ارضي ، مزيلا ما علق من أدران في نفسي الموجعة ، وقلبي الظامئ ، أي انقلاب أحدثته كلماتك المورقة في صحراء حياتي ، فجعلت أشجارها تنبت زهورها من جديد ، بعد أن أيبسها الجفاف ، أية قدرة تملكها كلماتك المعسولة ، حين تستقر في أقاصي الفؤاد ، واثقة من صدق دعواك ، لم أتيتني ؟ ولم لم تدعني هانئة بالهدوء، الذي كان مهيمنا على حياتي ، من أخبرك أنني لهفى على كلمة واحدة ، لتروي عطشي المستديم ، جئتني في نهار قد اسودت سماؤه ، لتخبرني انك متيم بي ، وانك لم تعرف امرأة أخرى سواي ، وانك أعجبت بشمائلي ،حين وقعت عيناك علي أول مرة ، وانك تتمنى ان نكون معا ، لنشيد قصورا من المحبة ، بعواطفنا الغالية ، ونفوسنا الكبيرة ، ولأنني أملك ثقة لا تتزعزع بالجمال ، أوهمت نفسي انك صادق في زعمك ، وان الدنيا قد قررت إزالة الصخور ، التي طالما وضعتها في طريقي ، وإنها أرسلتك ، لتزيل المصاعب التي اعترضت طريقي ، وأدمنت اعتراضها ، حديثك المهذب الجميل ، أغراني ، ودفعني الى التصديق بما تقول ، رحبت بمجيئك ، متيقنة أن أيامي الذابلة ، سيمر بها الربيع باشا مرحبا ، وان قلبي القانط ، سوف يشهد انفتاحا على العالم ، لم بعهده من قبل ، أنت لا تملك شيئا سوى قلبك الدافئ ، ولسانك الماهر على نسج أسورة ، من المحبة تقتلع ما نبت في أعماق قلبي ،من شعور بالخذلان ، لم لا أقف بجانبك ؟ وأنت تريد إسعادي وتغيير حياتي ، الى أيام مترعات بالجمال ، لم أتردد ؟ والدنيا تبتسم لمن انضم الى غيره ، متعاونا يشد أزره ، يذلل له الصعوبات ، وأنت توأم نفسي المكلومة ، التي لم تشهد سعادتها قبل مجيئك ، وها انك تغرس فيها شتلات من الود ، وتعيد إليها صفاءها المطلوب ، أية قوة كنت تملك ، جعلتني بها اجري خلفك ، حارقة جميع ما اتصفت به ،من قوة الإرادة ومن روعة التصميم ، هل غابت عني حقيقة نفسي حينذاك ؟ وهل كنت واهمة ،في تقدير مدى قوتي واحتمالي ، وكيف ادعيت إنني قد ملكت زمام نفسي ، وأنا أهرول خلفك ، اثر كلمة واحدة اسمعها منك ، هل نفهم الإنسان القابع فينا ؟ كما ندعي ، وهل تغيب عنا حقيقة أنفسنا ، ونحن نتصالح مع أشخاص معينين ؟ ونتحارب مع آخرين ؟ ما الذي جعلني اترك ما وطنت نفسي عليه ؟، أهملت أحلامي التي أنفقت وقتا طويلا في تحقيقها ، هجرت إرادتي ورغبتي بالاستقلال ، والوصول الى غاياتي العديدات ، واكتفيت أن يسعد القلب بالقرب منك ، وماذا يمكن ان نطلب من الدنيا، أكثر من إسعاد القلب الظمآن ، أليست هذه ابعد الأحلام وأقواها ، وأقربها الى النفوس ؟ أنت لا تملك شيئا ،لم لا أقف بجانبك ، وأنت سوف تطعمني الشهد ، وتريني آيات من الجمال الرفيع ـ الا أطالب بالمساواة ؟ لماذا لا أعلنها أمام العالم ، أننا شريكان في الحياة معا ، نناضل من اجل سعادتنا ، ونسعى ليضمنا مأوى مشترك ، يقينا صقيع الوحدة ويحفظنا من الحاجة المستعرة الى الحب ؟ لماذا لا أعلن أمام العالم ، أننا سوف نكون واحدا ، بدلا من اثنين ؟ وإنني قد قررت أخيرا ،على وأد الشعور بالهزيمة الذي أحاط بي ، ومنعني من الابتهاج ، وها هو اليوم يطرق بابي ، أعرفك بأفراد أسرتي ، يرحبون بمقدمك ، ويهللون بمجيئك ، ظنا منهم ان القلب قد استقر أخيرا على اختيار من يستوطنه......





















الفصل الثامن
وماذا يمكنني أن افعل ؟ وقد خلقني الله ضعيفا متخاذلا ، مقهورا ، لا املك شروى نقير ، كل ما ادخره من هذه الحياة ، كلمات معسولة ، أضعها في طريق الفتيات ، فتجعلهن صرعى ، لا يصدقن ان مخلوقا بائسا مثلي ، يحبهن كما تحمله كلماتي الفقيرات من الصدق ، ماذا يمكنني ان افعل ؟ وهن يسارعن الى تصديقي ؟ هل اعترف أمامهن ، إنني لا اعني من كلامي ، غير إقامة سويعات من البهجة ، نقضيها في لهو ، وطلب للدفء المستحيل ، هن مسكينات ، يرغبن بالتصديق ، وأنا مثلهن خائر القوى ، متهالك ، ، أتلفظ بالكلمات السحرية أمامهن ، فيتسابقن الى أحضاني ، جاهلات إنني لا املك قدرة ،على منحهن الشعور بالدف ، فانا نفسي اعجز عن الإحساس به ، كيف يمكن لمقرور ، أن يمنح الفييء للنفوس ، التي تشعر بوحشتها أمام غربة الروح ؟ جسدي بائس ، وروحي ناقصة ، وجيوبي فارغة ، ولساني ماهر في منح كلمات كالعسل المصفى ، هذه موهبتي الوحيدة ، ألم يقولوا ان المرأة بنصف عقل ؟ وأنها تصدق دعاوى الحب، التي تدعيها كلمات ، لا تملك حرارة اليقين ، من قال لهن أن يجرين خلفي ؟ أنا المخلوق البائس الضعيف ؟ مسكين أنا ، يتملكني الضعف المستديم ، وتقتلني المرارة الفتاكة ، أنا دون الآخرين ، من يمكن ان يشعر بي ، ويمنحني الحنان والدفء الذي تدعيه كلماتي المعسولة ، في هذا الخراب المتناهي ، من لي ؟ في الصحارى الشاسعة ، من الم الروح القاضية على كل زرع بهيج ، بعد أن رويت قصص الحب المختلفة ،على سلمى وسناء ، فأصابهما وابل من الضحك ، تصحبه أصوات من الرعد الصاعق ، فأيقنت بعدها أنني لست صالحا كي تحبني أنثى ، بعد ان توالت هزائمي ، وأصاب الهزال روحي ، وأيقنت ان كل النساء ، يرغبن بكلماتي الضاحكة ، التي تجعل بعض لحظات الحياة ، اخف وطأة ، وادعى الى الاحتمال ، أدركت بعد نأي الحبيبات ، وطلبهن ان يبقين صديقات ،أنني معزول ، ليس بمقدور الجميلات ان يجدن رجولتي المختفية ، وكيف لها ان تظل متوارية كل هذا الوقت ؟؟

حدثتهن عن حبي الكبير لهن ، فظهر عليهن الاستغراب واضحا
- كيف تجرؤ ؟
- ..........
- اسقط في يدي ، ولم اعرف كيف أجيب؟ مدافعا عن نفسي ،مبرئا إياها من تهمة شنعاء ، يريدون إلصاقها بي ، عرفت إنني مطلوب في بعض الحاجات ، ولست مرغوبا ،ان فكرت الأنثى بمن يطفئ لها حريق القلب ، وإنني لست مهيئا كي اخفف ، حرارة الرغبات الاوارة التي تنهش في جسد الإناث ، وتذهب بعقولهن ، وان هذا العجز والشعور بالحرمان قدري.
رأيتها أمامي ، وردة جميلة في طريقها الى التفتح ، فأينعت إرادتي ، أحببتها نعم ، تهيأ لي أنني واصل الى أعماق حقيقية من السعادة ، وان بؤسي المتواصل ، سوف أضع حدا له ، من يدريني ان ضالتي تكون منبع سقمي؟ ، واصل بلائي ؟ ابتسمت الوردة الملائكية لي ، فازدهرت زهور نفسي ، وأظهرت أزاهيرها يانعة باسمة ، استجابت الوردة اليانعة لطلبي ، وانا المسرور بما ادخرته الأيام لي ،من بهجة ، يستحيل علي ان أفسر حقيقتها ، وأنا الفقير المعدم ، لماذا اقتل فرحتي بيدي ، وأعلن أمام الملا ،أنني بائس مسكين تحل عليه الشفقة ، اظهر نقيض ما بطن مني ، وان المسكينة التي وهبها الله لي ، لها قلب طفل جميل ، قد صدقت دعواي بالحب الخالد ، من يمكنه ان يزعم ان الحب لا يزول ، وان قطرات الندى ، لا تلبث ان تصبح أعاصير هوجاء ؟ من يعلم ما تخبئه له الأقدار؟، أعلنت حبي للملاك الطاهر ، الذي تبسم في وجهي ، وانا أفكر بما يخفيه عني طالعي ، أصحيح أن الدنيا ابتسمت لي أخيرا؟، وان نحسي زال عني ؟
جاءتني والبسمة المتفائلة ، تزرع على ثغرها الفتان ، بقامتها الهيفاء ، وشعرها الطويل ، ووجهها الطفولي ، وثقافتها العريقة ، هدوء جميل ، وثقة بصحة الأفكار ، وعمل يدر راتبا متواصلا ، ومنزل يأوينا بعد طول حرمان ، فماذا انتظر بعد هذا كله ؟ أأتركها لغيري؟، وأنا معروف عني : أهيم بكل امرأة ،من لفظة جميلة واحدة ، وكل ما فيها ينطق بالجمال ؟
أثار حضورها الإعجاب ، تساءلت في البداية ، أيمكن ان اجعلها تحبني ، والجميع يعرفون بعدم قدرتي ، ان أكون جادا في هذه الأمور ، لأجرب حظي ، علها تستجيب لطلبي ، وتتغير أبراج عمري ، من تعاسة مقيمة الى سعادة كبيرة ، لقد تنقل النحس معي من مكان الى آخر
وجدتها ساذجة في العلاقات ، لم تجرب تبادل الحب ، ولا عرفت غير العلاقات البريئة / التي تقوم بين الجنسين ، أشعلتها هياما بي بدون جهد ، لأتناسى عهد الخيبات المتلاحقة ، والجري خلف النساء ،رغبة في الحصول على كلمة رضا تشفي الغليل ، وتضع حدا لسنين متواصلة من الهم والغربة
حاول الأصدقاء في البداية ثني عن عزمي ، قائلين أننا غير متناسبين ، وحين وجدوا اصرار على التمسك بالعلاقة ، ظنوا إني واقع بالحب ، وقد شربت الكأس حتى ثمالته ،قرروا أن ينظموا احتفالا صغيرا ، تلقي فيه بعض قصائدها ، التي كتب عنها الكثيرون مادحين منوهين ، وكنت أزعم انها لا تحسن نظم الشعر ، خشية ان تصاب بالغرور ، من كثرة ما تتصف بما يستدعي المديح ، لهذا لم أشارك مع المادحين ، أثار سكوتي تساؤلاتها الحيرى:
- كيف وجدت قصائدي ؟
- لا ادري ، ا لا أحسن المجاملة ، قد تجدينني جلفا ، أتفوه بالكلام الخشن المثير للألم ،ولكن نفسي طيبة
لعلها استحسنت كلامي الغامض ، وتناست كل القائلين بعذب الكلام ، ووجدتني ضالتها المنشودة ، التي سوف تصدقها الكلام ، لم تلتفت الى من يراها آية في الفتنة ، مما جعلني أستأثر بالجلوس معها طيلة الوقت ، وأنا امني النفس، ان علاقتنا تأتي أكلها في المستقبل القريب ، وان هذه المخلوقة ،التي لم تعرف الحرمان كما عرفت ، ستقع في حبائلي التي أتقن نسجها، حول رقبتها الطويلة الأنيقة.
لم اشعر معها بأمواج ،من البحر تتلاعب بي ، وتقذفني الى أماكن سحيقة من الأعماق ، او تصعد بي الى أعالي القمم ، كما كنت مع النساء الأخريات ، اللاتي كن اقل منها جمالا ، ولكن نصيحة بعض الأصدقاء والمعارف، ما فتئت تلاحقني، أنني يجب أن انتهز الفرصة ، التي هبطت علي من السماء لتنقلني من مهاوي اليأس الى ذرى السعادة
- بين لها حبك الكبير..
لم أجرؤ أن أوضح للناصحين ، ان ما اشعر به نحوها لم يكن حبا ، قد يكون إعجابا ، وهي تستحق الإعجاب ، فانا طيلة معاشرتي للنساء ، لم أجد في نفسي ميلا للمرأة المستقيمة ،التي نراها مالوقة في مجتمعنا الحاد ، وتلتزم بمكارم الأخلاق ،التي اتفق عليها الأقدمون ، وأصبحت تحظى باجماع الرأي العام ،أحب المرأة المتحررة ، التي تبث عواطفها ، ولا تبالي ، اثارت بها الاحترام والتقدير ام الاستياء ، لم نكن شخصيتين متجانستين ، انا من بيئة متحررة ، عاشر أبي نساء عديدات ، وكنت أحذو حذوه ، وهي من بيئة أخرى ، تحاسب المرء على كل تصرف ، بيئة العيب ، لم أكن أتعاطف معها ، جميع من أحببت كن يجرين خلف عواطفهن ، ولا يفكرن بالنتائج ، غير مباليات بما يقوله الجميع ، مادمن مكتفيات بما يقدمه الحب ، لأنفسهن الظمأى ، وجميع من أحببت قبلها ما أحببنني ، فلا ضير أن أجرب
ومن كثرة ما ألح علي الناصحون ، تهيأ لي أنني أغرمت بها ، بعد ان أكثرت من الخروج معها ، والسهر ، والسير متشابكي الأيدي في الشوارع ، وماذا في الأمر ؟ كنت امشي مع شقيقتي ابنة أبي وأمي ، وأيادينا تعزف مقطوعات من الجمال ، لم يصر بعض الناس ان ما بيننا هيام ؟ ولكن ماذا يسيئني ان قلت لها كلمة واحدة تجعلها سعيدة:
- احبك
قلتها مئات المرات ، لكني لم الحظ أن سامعتها ، توشك ان تطير من فرط السعادة ، إلا الآن مع فتاتي هذه ، دموعها تنسكب بصمت على وجنتيها ، وتسيل على فمها ، أراقب مسحورا المنظر ، الذي وجدت نفسي فيه ، يمكن لهذه الفتاة ، ان تحارب العالم كله ،ان وجدته ضد رجلها ، فلأستمر في قراري ، ولتكن لي الجولة الأولى ، في أعماق نفسها الجميلة..


الفصل التاسع
لم تكن بعض المواد تستهوينا ، يصيبنا النعاس حين يأخذ بعض الأساتذة بالكلام ، مغلقين علينا أبواب المناقشة ، وفارضين رأيهم الواحد ، ورغم ان أغلبية الدروس ، ننصت إليها منتبهين ، حريصين على الا يفوتنا منها شرح او تعليق ، او رأي وجيه يقوم بطرحه الأستاذ ، او يذكره من ضمن المدارس النقدية الكثيرة ، التي يعلمنا إياها ، واضعا أمامنا انه لاشيء ثابت ، في مكانه في طرق الدراسة والبحث.
اخذ الأستاذ يهاجم الحركات النسائية ، وكل مخلوقة تطالب بالمساواة ، متهما إياهن ،إنهن فارغات هامشيات ، لا أمر جديا يحظى باهتمامهن ، وأنهن بليدات جدا ، فما كان من سميرة ، الا ان تتصدى لوجهة النظر تلك ، مناقشة الأستاذ ، ذاكرة له الآراء المختلفة ، التي تنقض ما ذهب إليه من رأي مجحف ، سكت الأستاذ ولم يبد اعتراضا ، لكن الذي أثار الاستغراب ، إن درجات سميرة في درسه ، قد انخفضت ، عما كانت عليه في بداية التقييم ، واقل مما اعتادت ان تكون عليه ، تقييمات الأساتذة الآخرين ، قال لنا الأستاذ حين وزع علينا الدرجات:
- احب ان اسمع آراءكم بكل حرية ، من لديه وجهة نظر مختلفة ،/ فليتفضل بذكر الدلائل لتعزيزها ، ثم خرج من قاعة الدروس.
طلبت مني سميرة أن اصحبها ، لمناقشة الأستاذ في أمر تقييمه ، لورقة الامتحان التي لم ترضها ، خرجنا معا في تلك الظهيرة ، المرتفعة الحرارة من شهر حزيران ، نيمم شطر الكلية الثانية ، التي يحاضر فيها الأستاذ نفسه ، كانت الحرارة لاهبة ، ولم نجد سيارة أجرة ،تقلنا الى المكان المنشود ،
- لم لا نؤجل القضية إلى وقت آخر ؟ تكونين فيه قد استردت رباطة جأشك ، أجدك الآن غاضبة ، وقد لا تفلحين في مناقشة الأستاذ
- اطرق الحديد ساخنا ، صديقتي العزيزة.
خلت الطرق في ذلك الجو المكهرب من المارة ، أشفقت على صديقتي من فشل مساعيها ، في عودة الحق الى نصابه
وصلنا الى ضالتنا ، بعد ان اخذ التعب منا كل مأخذ ، وطلبنا ان نرى الأستاذ، رفض ان يقابلنا ، بحجة انه تعبان ، وعلينا ان نراه وقتا آخر
لنشرح ما نريد في هذه الورقة( وكان قد بعث إلينا ورقة بيضاء بيد سكرتيره)
كتبت سميرة كلمة عصماء، عن وجوب إعطاء الحق ، ومنح كل طالب ما يستحق ، لقاء الجهود التي بذلها ، وسهر الليالي الطوال...
خرجنا من البناية منهكتين ، ننشد الراحة ، وذهبت كل منا الى الوجهة التي تريد ، بعد عناء التعب والإرهاق.
في محاضرة اليوم التالي ، فاجأنا الأستاذ بالقول:
- من يسيء الأدب ، اجعل درجاته أوطأ من ذي قبل ، ومن كان قليل التربية ، فليصمت ،وذلك أفضل له ولنا.
ثورة عارمة تستبد بصديقتي ، ولا اعلم كيف اسكب، بعض قطرات التهدئة، على نفسها الطامحة، وروحها الأبية ، الساعية الى تحقيق المراد ، والبلوغ الى الهدف الجميل.......




























الفصل العاشر
عشت طوال عمرك متمتعة بكل أمر ، تنالين كل شيء باجتهادك، وتوفير أسرتك له ، ولكن أمرا واحدا ، لم تستطيعي الظفر به ، لم يحببك رجل حبا قويا ساطعا ، وكنت تحلمين بان تتمتعي بشبابك الجميل ، ورقتك المتناهية ، وتلك الصفات المثيرة للإعجاب التي حباك الله اياها ، فأكسبك منزلة كبيرة بين أصدقائك ومعارفك ، تحدثك الصديقات عن لحظات ممتعة، من حب قوي يربطهن برجل ، فيدفعهن الى جلائل الأعمال ،وجميل الحياة ، وانت تستمعين الى أحاديثهن العذبة ، دون ان تعرفي ، كيف تنالين ما تطمحين اليه ، كلمة واحدة من رجل ، تجعلك اسعد المخلوقات ، تصعد بك الى أعالي السماوات ، وتخلق منك إنسانا رائعا ، يغني بملء فيه ، انه محظوظ نال الحظوة ، واسعد القلب ، بعد ان عاش محروما ، طوال سنوات كثيرة ، من المتع الحقيقية التي تمنحها الحياة لأبنائها المجدين..
تسمعين كلمات الإعجاب ، من أناس عديدين يحيطون بك ، ولكنك تسعين الى أكثر من الإعجاب ، الى كلمة ‘عابقة بجمال الروح ، تنشل قلبك من برودة الصقيع ،التي تهيمن عليه ، وتنقله الى جنات الفردوس ، كنت وحيدة ، رغم آيات النجاح التي تحيط بك من كل جانب ، ورغم البسمة الهانئة التي تحاولين ،ان ترسميها على ثغرك ، فيتهيأ للرائي ، انك اسعد المخلوقات ، وأنت هكذا حائرة ، في أمر القلب ، الذي عاش عصيا ،تأتيك كلمات منه معسولة ، فتشعل لهيب نفسك ، وتغدق عليك آيات الكرم ، وتنقلك من صحارى الروح والجسد ، الى مفاتن الجمال وحلاوة الدفء الآسر:
- احبك
تحرق الكلمة أعماقك العطشى ،الى من يحجب عنها البرودة ، ويطعمها حبات من الألق الجميل ، يروي روحها اليابسة ،التي ما عرفت طعم الوداد ، ولا ذاقت حرارة الوصال
وإذا بالمخلوقة الهادئة ، التي كنتها تتحول الى أخرى ، ليس لك بها عهد ، أيمكن لكلمة واحدة ،ان تغير الطبيعة البشرية ، وتقلب مفاهيم استقر عليها الإنسان منذ الصغر ، وثبت عليها ، وأيقن أنها الصحيحة ، ولا مجال أبدا، في تغييرها ، أيمكن ان تكون النفس الإنسانية بهذا الضعف؟ ، فتتحول نتيجة سماعها كلمة واحدة ،الى نقيضها من الصفات ؟ لماذا عشت محرومة من الحياة ، وما هي الأمور التي استبدت باهتمامك ، فجعلتك تائهة عن الصراط القويم ، تناضلين لا لشيء ، وإنما كي تذهب سنوات عمرك الجميلات سدى ، وألا تكحل عينيك اشراقة النور ، اذا ما ابتسم في وجهك الحبيب ، أية قوة يبثها فين ،ا اعتراف جاء متأخرا كثيرا ، عن الوقت الذي ينبغي ان يأتي فيه ، فتهرعين إليه ملء السمع والبصر ، ساعية الى تعويض ما فاتك من حلاوة الشهد ، ولتنعمي بآيات ساحرات ،مما خلق الله لنا من نعيم ، لا ندركه منفردين ، حتى لو وهبنا كل صفات الإدراك والاجتهاد ، عشت محرومة من كل أنواع النعيم ، صديقتي الواهمة ، أحطت نفسك بألوان من المعيقات ، كي لا يصل احدهم الى ذراك القاحلة ,، توهمت انه بمقدورك ،ان تخلقي لك مملكة و تسكتيها لوحدك ، حيث لا يجرؤ أي قادر، على الاقتراب منها ، ولكن الوهم ما يزال يتملكك ، وأنت بعيدة ، عن الجنان الواسعة التي بإمكان رجل ان يهبها لنفسك ، كلمة واحدة قلبتك رأسا على عقب:
- احبك
تحترق نخيلات التصميم ، التي غرستها في أعماقك ، أية حياة تمنحها لنا العتمة ، والابتعاد عن الاستجابة لحنين المشاعر، وندائها الجميل ، وكلمة واحدة كانت قادرة ،أن تغير مسارك ،الذي رأيت انه الحقيقة ،وانه يجنبك وجع الرأس وألم الفؤاد ، أي وهم استقر في عقلك ، ظننت انك ستكونين في منأى، عن عالم الأهواء العاصف ، وإذا بلفظة واحدة ، تسحبك من أرضك البعيدة
لماذا صدقت بهذه الكلمة ، دون الكلمات الأخرى التي قالها لك الآخرون ؟ ، اهو القدر ؟ إن أقدارنا تكتب لنا ، وفق مشيئة الله، صممت ان تجدي راحتك اخيرا ، وان تقابلي ابتسامة الحياة العريضة، بما يماثلها، وخوض التجربة الجديدة عليك ، لم تطلبي شيئا ، سوى حرارة العاطفة ، وصدق المشاعر ، وكيف لك أن تتثبتي من صدقها ، وأنت لم تجربي خوضها سابقا ، كلمة واحدة ، قضت على ما اتصفت به ، من اتزان مثير للإعجاب ، وأصبحت ولهى ،تنتظر بشوق ،ان تسمع الكلمات الحارقة ، وقد قالها مرة واحدة ، وانقطع حلمك الجميل بالتكرار ، ولكنك لم تفقدي الأمل ،انك تسمعينها في مستقبل حياتك، مرات متوالية ، آن أن تجدي من يروي نخلاتك الصامدات، بما يملكه من قدرة ومهارة على الإرواء ، ويطول بك الانتظار ، ولكن عبثا ، يبدو انه أل على نفسه ،أن ينطق كلمة واحدة فحسب ،, وأنت تحلمين أن تخضر ربوعك ، التي أحاط بها الذبول ، وغردت في أرجائها الغربان ، تأملين ان تكون أيامك، كما يعيشها هذا البلبلان ، يغردان همسا بينهما ، ويبث كل منهما الآخر همومه ، وأوجاع قلبه ، وأنت تنظرين إليهما فرحة ، واثقة أن أيامك القادمة، ستكون أجمل بكثير ،من أيام البلبلين الرائعين ، فأنت أكثر قدرة منهما على التعبير ،عن لواعج الحب والهوى ، ومحبوبك ، أكثر تقديرا ، وأشد رغبة ، ان يجعل أيامك الجديبة ، حقولا باسمة ، تتفتح فيها الزهور ، وتنتعش الأشجار ، وتغرد الطيور ، مستقبلة أيام الحب ، تترقب الأنثى ما يجيء به الذكر إليها ، وهي على ما يشغل الفؤاد، ويبهج الفلب ، أصحيح أنت هكذا، تتمنين أن تعيشي كما الطيور العاجزة ؟ وأنت كما يصفونك مخلوقة تتمتع بقوة الإرادة ، والقدرة على تحويل الأحلام الى واقع حي ، كم أغدقوا عليك من صفات حسان ، بأنك قوية، ولا تستطيع الكلمات ،ان تنال من عزيمتك ، وأنت تمضين في حياتك ،غير آبهة بما تثيره الكلمات، من ردود أفعال ، عاجزة عن التأثير في النفوس القوية، التي حباها الله الإصرار على حفر الطريق ، وغرس ما تطمح اليه النفس من بذور ، فإذا ا بك نبتة هزيلة ، تقصمها الرياح ، وتبدد قوتها الأعاصير......



























الفصل الحادي عشر
اخبروني أنها صادقة ، جادة وليس فيها أي رغبة ،في ضياع الوقت الثمين في اللهو ، الذي كثيرا ما نلجأ إليه- نحن الشباب- لتمضية الوقت ، وإشغال النفس باللذيذ من القول ، والذي يتناساه المرء حين يولي شطر منزله ، ولكن هذه الفتاة من كثرة ما لحقها من ذبول ، سرعان ما تفتحت زهور قلبها ،حين سمعت كلمة واحدة ، انطق بها لساني في لحظة صفاء ، ما الذي جعلني اردد تلك الكلمة ؟ وما الذي حدا بي إلى عدم فهم النفوس البشرية ، حيث خلقها الله نسخا مختلفة ، متناقضة فيما بينها ، وكيف تهيأ لي ان هذه الفتاة، يمكن ان تكون مثل الفتيات اللاتي أعرفهن ، ، تسمع آلاف الكلمات ، وتحيا مواقف الجد بملء قلبها ، وتمضي ناسية إياها وكأنها لم تسمع بها ، كيف يمكنني أن اعلم ان فتاتي، لم تعش تجربة مماثلة ، وانه علي ان اروي شتلات المحبة المطالبة باستمرار، بان أتعهدها بالرعاية ، لم يخبرني احد ،إنني ما كان علي ان أتفوه بكلمة ، لا اعنيها ، دموع سعادة غطت الوجنات الوردية، وعلامات بالحياء ، لم اعهد مثيلها، على كثرة ما صادفت وعشت.
نصحوني أنني ينبغي أن انتهز الفرصة، التي أتاحتها لي الحياة ، وان الفرص لا تتكرر أبدا ، وان فتاتي لا مثيل لها ، وان سعادتي ستكون بقربها ، وأنني ما إن اطلب أمرا حتى تسارع الى تلبيته ، وكأنها خاتم سليمان.لم اكن املك شيئا ، إلا كأس اكرر منادمتها كل مساء ، ومجموعة من الصديقات ،اللاتي لا احد يثق بكلامهن الكبير ، ومجموعة من الأصدقاء الذكور ، اعلم ان من يحبني بينهم عدد ضئيل.
كيف أسارع إلى تنفيذ نصيحة العارفين ،بحقيقة الأمور ، وأنا لا أملك شيئا ، ماذا أقدم لها ؟، وهي تستعد لإيقاد شمعة ،في سماء حياتنا، غير قابلة على الانطفاء ، ومع من ؟ أنا ؟ المخلوق الذي لا يؤمن بشيء حقيقي ، ويقابل كل أمر بضحكة مجلجلة ، تثير ضحكات الآخرين، وتجلب منهم القهقهات ، حدثتها برغبتي المعلنة، بالعيش المشترك ، وكنت أرجو أن تسألني عما املك ،كما تفعل الفتيات عادة، في مثل هذا الأمور ، رحبت بعرضي ، مما ثبت لي حقا، إنها تريد إرواء تلك النبتة الظامئة ،التي أيقظتها كلماتي من سباتها الطويل.
رددت أمام المعارف كلمات ، لا أعنيها عن المساواة بيننا ، وانه لا فرق ان قام بالتجهيز للحياة القادمة، احد الشخصين أم كلاهما ، ما دام الاثنان حريصين على الحياة المشتركة ، وسوف يقومان بإسعاد الآخر
تمنيت إنها ترفض ، وأنني أنقذ نفسي من مستقبل مجهول ، سوف أبادر إلى وثاق نفسي برباطه المتين ، أجدها باشة مرحبة ، يتمنى جميعهم الرغد لنا في أيامنا القادمات ، ولكن أنا ؟ من يعرف من أكون ؟، أنا المنطفئ الأزلي ، ماذا يمكنني ان افعل؟ وقد أحاطت بي الحجب المختلفة، ومنعت عني الوصول إلى قرار صائب ، هل احزن وأنا جاهل حقيقة ما أقدم عليه ، أم افرح لآني أجد طرق الدنيا المسدودة ،وقد فتحت أبوابها المشرعة، ترحب بقدومي ، ولم تقتلني الحيرة ؟ لأدع كل أمر ، وانتظر ما تخبئه لي الأيام ؟...............































الفصل الثاني عشر

مضيت راضية عن عملي ، إذ وفقت بجمع اعز صديقين لي ، سميرة لم تكن تملك حبيبا ،على ما تمنحه تلك العلاقة من معطيات ، رغم كثرة الأصدقاء في حياتها ، كانت تعاملهم كأخوة أعزاء ، وتعتز بوجودهم معها ، يمنحونها حرارة الدفء ، في المواقف ، التي تحتاج إلى التشجيع، والتعاون وإبداء آراء التفهم ، واحمد كنت أجده خالي القلب ، رغم ما يشاع عن ارتباطه ، بعلاقات كثيرة مع شخصيات نسائية كثيرة ، أثارت العديد من الأسئلة ، وجدته نعم الأخ والصديق ، لم اكلمه عن شؤوني الخاصة ، وعن علاقاتي الفاشلة ، لم يكن قريبا مني لهذه الدرجة ، بل كنت أحدثه كثيرا عن سميرة ، وعن حزني لفراقها ، واصفها له بأعظم الصفات ، لم أبالغ في إضفاء الصفات الحسان ،على صديقتي العزيزة ، كنت أجدها تتمتع بالعديد من المزايا ، لهذا مضيت في تصميمي على الجمع بينهما ، و السعي لإنجاح جهودي ، وجدت تشجيعا من الأصدقاء ، الذين يعرفون الشخصيتين العزيزتين ، حثوني على مواصلة سعيي ، لجمع رجل وامرأة برباط متين ، فهما يملكان من المؤهلات، ما يجعل علاقتها ناجحة ، وحياتهما سعيدة ، كنت مبتهجة ، حين أجده دائم السؤال ،عن سميرة ومن تكون؟ ، ولماذا أكن لها ذلك التقدير الفريد ، وماذا تمثل لي ؟ وانا المعروفة بكثرة الصداقات ، وتعدد الاهتمامات ، ولم استطع أن اخبرها عن احمد ومن يكون ؟ وانه الرجل الجميل الذي اعتبره أخا لي ، واجده مناسبا لها ، وسوف تعيش معه اسعد الأيام ، وتقضي اهنأ الأوقات وأجملها ، ورغم أن الكثير من الأصدقاء استفسر عن سميرة ، الا إني لم ابلغها استفساراتهم ، في الرسائل العديدة لتي كنت ابعثها لها ، اقتصرت على الحديث عن نفسي ، وعن كيفية قضاء الوقت الطويل ، حدثت نفسي إنني سأؤجل الحديث عن احمد،ورغبته في التعرف إليها ،حين أتمكن من رؤيتها
وكأني رسمت معالم الطريق ، وصممت على السير فيها حتى النهاية المرجوة ،والحصول على الجني المأمول ، من غرسي الناجح...........









الفصل الثالث عشر
كنت تريدين أن تنطلقي ، مع من اختاره الفؤاد، رفيقا في حياتك ، لم تسألي عن شيء معين ، يكفي انه يسمعك كلاما رقيقا، يدل على شدة الهيام، ولوعة القلب المتيم، والعواطف المشبوبة ، كي تجدي راحتك المسلوبة ، وتصلي الى اطمئنانك المفقود ، عندك كل شيء ، يمكن ان يجعل المرء سعيدا ، ولكن أعماقك حزينة بائسة ، لا أنيس، يخفف عنها وحشة الليالي الطويلة ، ولا رفيق يضمك إلى صدره بحنان ، حين يجد دمعاتك الحزينة، تنسكب منهمرة على صدرك المتعطش ، ما شأنك بما يتطلبه الموقف، من أمور لا تؤمنين بها ، أسرتك لم تطلب شيئا ، وتركت لك الحرية كاملة ، لتقرري نوع حياتك القادمة ، ولترسمي مع الشريك المختار، ما تودين أن تكون عليه أيامك وتسير على نهجه لياليك ، لك منزل بسيط، وسيارة تقوم بغرض التوصيل ليست فارهة ، وحساب لا بأس به في المصرف ، وقد جاء لك الحظ باسما مغردا ، قادرا على منحك لحظات، لا تنقطع من الهناء المتواصل ، فهل تطمعين بالمزيد ؟ الم يقولوا أن الكوخ مع الحب، أفضل من القصر المنيف، مع الخلو منه ، توكلي على الله ، وسيري مع أحلامك ، لقد ابتسمت لك الحياة ، وتفتحت أزاهير قلبك وأينعت ، وحان لك أيضا ان تتعلمي المهارة ،في أفانين القول ،التي لا تحسنينها ، فهي مثل البهارات، التي تمنح الطعام لذته ، فيقبل الناس على تناوله برغبة ، وكذلك القول الفني الجميل ، يعطي حياتنا طعما لذيذا ، قادرا على جعل أيامنا باسمة ،وليالينا ناطقة
يهنئك الجميع على حسن اختيارك ، يعمل لك أبوك حفلة كبيرة، يدعو لها المعارف والأصدقاء ، ويقوم بما يتطلبه الأمر من تكاليف ، ألست ابنته المحبة ؟، وقد قام برعايتك على أحسن ما تكون الرعاية والاهتمام ، واليوم سعدك ، سيقوم بما يجعلك هانئة، مع من اختاره لك القلب ، وهام به الفؤاد ، افرحي للدنيا، فقد أرتك وجهها الجميل الباسم ، واقبلي على تذوق أيامك اللذيذة، بما تملكين من حرارة ، فكل شيء الى أفول ، وأنعشي لياليك في عشك الجميل، بما حلمت به في أوقات صقيعك الطويل ، كوني متألقة، وأنت تجتازين ليلتك الأولى ، سيطعمك الشهد على يديه الحانيتين ، وتولي الى غير رجعة أيامك الغابرة ، حيث لا رفيق بقربك، ينسيك وعورة الطريق ، ولا مخلوق لطيف ، بجانبك يعرف قدرك ، ويجعلك تري، من الحياة ألوانها المشتهاة ، تدلكين جسدك الرقيق بما تعارف عليه العالمون ، تذهبين الى امهر مصففي الشعر ، ترتدين أجمل ما عندك من ملابس ، قمت بابتياعها من أجود الأنواع ، وتجلسين في منزلك ،تحلمين ان تكون ليلتك كما تشتهين ، رائقة ساحرة، بين أحضان رجل يحسن عذب الكلام ، يحضر المدعوون الى حفلتك البهيجة ، دعاهم أبوك الحبيب ، رغبة منه في إسعادك ، يأتيك رجلك الموعود ، متأنقا يرتدي بدلته ، بغير شكله المعهود ، تصحبه فتيات لا تعرفين منهن واحدة ، بدعوى إنهن صديقات، راغبات في التهنئة ، وانك عزيزة عليهن جميعا ، كما هو أثير في قلوبهن ، ولأنك واثقة من نفسك ، ترحبين بمقدمهن ، السن ضيفات عزيزات في يومك الوحيد ؟، تتوالى الهمسات متعجبة من تصرفك ، ولكنك ساهية ، لم تبددين فرحتك الكبيرة؟ ، وتئدين رغبتك، في الاحتفال بليلتك الأولى؟ ، وتذوق شهدها حتى الثمالة ، تهل الفرحة على أجزاء جسدك المعنى ، تتألق البسمة كبيرة على وجهك ، بعد ان اعتاد التقطيب ، توزعين كلمات الترحيب على الحاضرات ، وتجلسين قرب رجلك ، مستمعة إلى عزف الألحان، وهي تتردد في بهو منزل أبيك ، تتراقص النساء المدعو وات على أنغام الموسيقى الجميلة ، تنظرين بإعجاب ، عل الفرح يصاحبك ، وتغريده السرور تعاشر أيامك الكالحات . ترقص صديقاته متمايلات، بغنج يثير الاستغراب ، في جو منزل أبيك ، تنظرين إليهن، ورجلك المقبل يرنو اليهن ، تملؤك الثقة بنفسك ، ألست من اختارها الفؤاد المتيم، لتكون شريكة حياة ، فما شأنك ان أثارت إحداهن سوء التصرف في هذه الليلة الموعودة ؟......





















الفصل الرابع عشر
أين المفر ؟ ها هي الليلة التي رغب في تأخيرها ، تأتيه رغما عنه ، كيف يمكنه التصرف فيها ، وهو لم يعهد مثلها طيلة عمره ، كل ما فعله من جري خلف النساء الجميلات ، كان مجرد لهو حلو، أراد أن يسبغ على حياته معنى جميلا ، سأل أمه ، ضحكت وأخبرته ان مخاوفه طبيعية ، سرعان ما يحسن العمل، حين يجد نفسه معها وحيدين ، وماذا يفعل مع الحياء الذي يغلف حياته ـ ويجعلنه لا يحسن شيئا جادا ، يتجرع قنانيه المعتادة من الخمر ، ساعيا الى إشعال مهجته الباردة ، ولكن عبثا ، يزول مفعول الشراب وكأنه ماء ، تتشربه مسامه ، أي مخلوق ظامئ هو ، فاشل بامتياز ، مغلق على نفسه ينشد الخلاص ،على يدين لاهيتين لم تجرب صاحبتهما شيئا ، يكرع راحا بشكل ، لم يفعله من قبل ، على كثرة سكره ومجونه ، ولكن عقله كالصخرة الجلدة ، لا تشي أن تغييرا، استطاعت خمرته ان تحدثه في نفسه المنغلقة ، هل يحدثها عن متاعبه ؟ وينشد منها المعونة ؟ وكيف يفعل وهي أكثر جهلا منه بهذه الأمور ، ولعلها لم تفارق عهد الطفولة بعد ، رغم ما يبديه حديثها ،من نضج لم تبله حوادث الحياة ، وشتان بين نظرية وتطبيق ,، تنظر إليه ساهمة ، هل يدعوها إلى كأس من شرابه الخائب المفعول ، علها تكون البادئة في الانقضاض، واخذ لحظة المبادرة ، كيف يرضيه هذا ؟، وهو يجب أن يقوم بواجبه خير قيام ، وخصوصا هذه الليلة ، التي ينتظره فيها الأصدقاء لتهنئته ، والأعداء ليطيلوا ضحكهم المتواصل ،على خيبته التي لا مثيل لها في عالم البشر ، والتي يسعى بكل إصرار الى زيادتها، وجعلها تراكمية ، أي مخلوق هو ؟ ، ، يجد نفسه يائسا ، لا قدرة له، على اخذ زمام المبادرة ، التي يقوم بها الرجال عادة، في الليالي الأولى ، و رغم محاولاته المتكررة ، لجلب الحماسة الى نفسه المكدودة ، الا انه يحس جسده صخرة يابسة لا قدرة فيها على الحركة ، كيف يتصرف الرجل في مثل هذه المواقف ؟ وهل انه عديم الجدوى؟ ، فاقد الأهلية ، وكيف ينقذ نفسه، من هذا المطب الذي أوقعها فيه ؟ يعرف عجزه ، لم يبالغ يوما في تصوير قدرة ، لا وجود لها ، جسده خشبة يابسة ، وعضوه ميت ، قد شبع هزيمة ، ولم يشهد له حياة ، لهذا حاول أن يرسم صورة له، متناقضة مع حقيقته ، في معاشرة النساء ، لم يشك احدهم به لحظة ، وكثيرا ما ادعى انه يحب الفضيلة ، ويمقت الرذيلة ولا يقربها ، مهما كانت المغريات شديدة عليه ، صديقاته كن كثيرات ، يضحكون، ويتبادلون النكات وينقلون القصص ، ويخرجون لمشاهدة الأفلام الجميلة ، وتروي كل واحدة منهن قصة حياتها ، ومن تعجب به من بين أصدقائه الكثيرين ، يساءل النفس ، كيف تنصرف جميعهن ،عن وداده ،لقد أكثر الخروج معهن والجلوس ،ويعرف ما تخبئه الواحدة منهن، في خزانة مغلقة من الأسرار ، لا يعلم عنها الا هو وصاحبتها ، التي تصمم دائما،على إخباره بما يجد من أمورها ، ناشدة النصيحة لحسن التصرف ، وكأنه اعلم بما يجب ان يقوم به الإنسان ، يتفتت كبده من ازورار البنات الصديقات، عنه وعني حبه ، نظم في غرامهن العديد من القصائد ، ودبج في محبتهن الكثير من الأشعار ، نالت استحسان السامعين والسامعات ، و لم تحرك ساكنا من قلوب الحسناوات ، ولا رغبت إحداهن ان تقف بجانبه ، مصدقة بما أعلنه لها، من صدق الود وحرارة الحب ولوعة الهوى ، وحين يخرج معها ، متمشين ، في الشوارع ، متفرجين على بعض الأفلام ، لا تتصرف أي واحدة منهن، تصرف العاشقة المتيمة ، بل تكون معه أختا ، تحرص على إخباره بكل خلجات قلبها ، التي خبأتها لها الأيام ، وكان عند الحديث مع الأصدقاء ،عن الحب والغرام يكذب باستمرار ، وعلى كثرة ما يردد انه يحب الفضيلة ، وسوف يقدم على الزواج ،من فتاة لا ماض لها ، لم يرها رجل ، احترمه الجميع ، وامن بصدقه النساء قبل الرجال ، حتى جاءت اللحظة الرهيبة ، وها انه يقف أمام عجزه الرهيب ، وجها لوجه ، كيف يمكنه ان يخفيه عن الأعين ، يتظاهر بغير ما به ، وماذا يفعل للمخلوقة ، التي شاء سوء طالعها ، ان ترتبط به ، هل يقول لها انه لا يحبها ، ويجعلها تطلب الطلاق في هذه الليلة الليلاء ، هل يخبرها انه لا يمكن ان يفعل لها شيئا ، وكيف يكون موقفها منه ، وماذا يقول الأهل والأصدقاء، والناس أجمعون؟ ، هل يذكر لها الحقيقة؟ ويطلب منها عدم نشرها في العالمين ، إنها نبيلة الخلق وسوف تلبي الطلب ، ولكن هذه اللحظة اللعينة، كيف يتأتى له الخروج منها ، بأدنى الهزائم ، وأقل الإخفاقات؟ ، كم حاول أن يؤخر المواجهة ، كان على يقين تام ،انه لا يحسن المبادرات ، وان زمن التظاهر بغير الحقيقة قد ولى ، وان له أن يظهر ما حاول إخفاءه ، طيلة ما مر به من سنين ، وهي ليست قليلة ،يصرخ بها ، كي تأخذ زمام المبادرة ، هو الصعلوك الأثيم ، تتفاجأ من صرخته ، وترتسم على محياها الجميل علائم الدهشة ،
ولكن ماذا بمقدورها ان تفعل له، وهو جليد أزلي قد راكمته السنون ، تجمع من خيبات متلاحقة ، مرت في حياته منذ الصغر، وحتى لحظة العرس ، من يمكن ان ينقذذه من هذا المطب ؟، ويحرره من قيده، الذي وضع فيه نفسه ،بمحض إرادته ، الا يوجد من ينجده من هذا المصاب ؟هل يدق الباب الآن ، ام يرن الهاتف ، ليرسم له طريق الخلاص ، من وهدته اللعينة ، ويميط عنه متاعبه ـ يعاود الصراخ :
- تقدمي يا امرأة ، الا تؤمنين بالمساواة ؟
تفغر فاها ، ولكن الحياء الذي اتصفت به، يمنعها ان ترد عليه بمثل خشونته ، تكتفي بالنظر إليه ، هل بدأت شعورها بالندم ؟ أم إنها كنساء بلاده الأخريات لا تحسن الثورة ، وتظل متمسكة بمن يريها الذل والهوان، معتبرة إياه سوء طالع ، ولكن ماذا يفعل هو في هذه اللحظة ، ؟ يخشى من سؤال يطرح عليها ،فتجيب عنه بصراحتها المعهودة ، فهي لم تعرف الكذب
يحاول ان يكون أكثر رقة ، رغم ان الصفة هذه قد هجرته ، هذه اللحظة ، يصنع لها كأسا ،من شراب قليل المفعول ، لأنها لم تكن تعرف، كيف يشرب الناس ؟ حياتها آمنة ، وأسرتها سعيدة ، وهي مستجابة الرغبات كأي ابنة صالحة
يقدم لها الكأس
- في صحتك
يفاجئه أنها تشرع في ارتشاف قطراته ، رغبة في إرضائه ، أي مخلوقة هذه ؟ تود الشرب، لا لأنها تريد،بل لإرضاء آخر ، لم تجد منه طيبا ، اللعنة على النساء جميعهن ، لا يعرفهن ، ولا يريد ان يعلم عنهن شيئا ،
- أمي أين أنت ؟ تعالي أنقذيني من هذه الورطة، التي رضيت ان أضع نفسي فيها
ولكن ماباله حزين ، لا يعرف كيف يتصرف ؟ لماذا تختلف هذه المخلوقة عن الذين كان يعاشرهم ، ليكن ما يريد ، وعليها طاعته
يشرع في عملية خلع ملابسه ، تقتدي به ، يحدث نفسه بذعر :
( تعطل طاقتي ، اشعر بالبرودة القاتلة تطوقني ، ليست هذه المخلوقة من كنت اطمح إليها ، ولم احلم طوال عمري بإحدى النساء ، اضحك معهن وأتكلم عن أي موضوع، يثير فيهن الإعجاب بشخصي ، واروي النكات التي تجعل السامع يموت ضحكا وبهجة ، ولكن معاشرة النساء ؟ اللعنة عليهن جميعا ، كيف يستطيعون ؟ لم أجد وضعا يساعدني ، كيف آتي أمرا لا أحبه ، لتذهب هي، وأمثالها جميعا الى الشيطان ، مالي وهذا اليوم ، أرعبتني فكرة ان أظل مع إنسان واحد، طيلة عمري ، ولكن التفكير في هذا الأمر استغرق الكثير من الوقت ، كيف أظل بعيدا عن الناس ، وخاصة النساء ، وانا تستهويني ضحكاتهن الطويلة الرقراقة ، ومن يمكنه ان يعتني بي ، ويقوم بالسهر علي أثناء حياتي القادمة ، هل أظل مع أمي ؟ وأخواتي جميعهن ، ذهبن الى دور أزواجهن ، وبقيت أنا وحدي، أتمتع بتدليل أمي ورعايتها ، ولم استطع أن اخبرها، انني لا أجد رغبة ،في العيش مع امرأة واحدة ،تظل بالقرب مني ، ولا يمكنني الفكاك منها ماحييت ، وحين وجدت ضالتي ،امرأة مدللة جميلة يقولون عنها غنية ، نصحني بعض الأصدقاء ان أحبها ، او ابدي ذلك ، فهي المناسبة لي ، ويمكنها ان تنقذني من سنين الغربة ،التي عشتها ، ولم تعرف أمي ما يلم بي ويجعل حياتي بائسة تعيسة ، والليلة حلت اللعنة التي كنت أؤجلها ، وهذه المخلوقة التعيسة تحاول ان تقلدني ، وتخلع ملابسها كما افعل أنا ، ليكن سوف أرغمها على الإتيان بما أريد ، وإلا انقلبت حياتها جحيما ، أنا الرجل هنا وعليها طاعتي ، وهل أنا رجل حقا ؟ وقد كانوا يفعلون بي الأفاعيل ، ولكن من يمكنه ان يعرف ؟ سوف أتظاهر بالعكس ، وادعي إنني الفاعل ، وان غيري من الغلمان مفعول به ، واطلب منها أن تقوم بالدور ، واعتقد جازما إنها لا ترضى ، وكيف يمكن لامرأة مثقفة عاملة ،ان تقبل بما سوف أعرضه عليها ، وسوف أنقذ نفسي ، من الوضع البائس الذي وضعته فيها ، ان يكون المرء فاعلا ، أفضل بكثير برأي المجتمع ، من كونه يفعل به أيا لبؤسي ، وانعدام حيلتي ، لماذا استمعت إلى نصيحتهم بالاقتران من هذه المخلوقة ، التي عملت كل شيء، من اجل ان تتمتع بهذه اللحظة ، ولم ابدي تعاونا معها في كل ما فعلته ، جهزت المنزل لوحدها ، واشترت الأثاث، ولم أجد نفسي مذنبا ، في هذا الوضع ، فأهلي أناس فقراء ، وهم بحاجة الى معونتي ، وليس بمقدوري ان أتنصل من واجبي ، وزوجتي هذه تعرف حالتي جيدا ، ولا أظنها تمانع ، فعلي ان اقوم بواجبي المفروض علي في هذه الليلة واجعلها تطيعني ، علي ان احدد قوتي واثبت رجولتي ، وان ادعي أنني كنت أفضّل الغلمان أكثر ، فلا بأس ان اتخذ من زوجتي هذه ما يحلو لي ويبهجني ، وسوف تأبى أن تقوم بما اطلبه منها ، ولكن هل تطلب الطلاق ، وهي من احبتني ، ولم اتقدم لخطبتها ، أرادت زواجا متقدما ، وها إنها حصلت علي......



الفصل الخامس عشر
لا يمكن ان نجلب الحب بالإكراه ، أرى المخلوقين العزيزين ،وقد أرهقتهما المتاعب واستبد بهما القلق ، أعياهما العثور على الحب المنشود ، وراحت أيامهما تمضي كالحة السواد ، لا ومضات من البهجة ،تمنح أوقاتهما الألق المبتغى ، ولا إضفائي الصفات الرائعة على كليهما ، يفيد شيئا في اسباغ بعض الحبور ، ما عادت محاولاتي العديدة، في إرواء النبتة ،التي غرستها في صحراء حياتهما تجدي نفعا ، عيونهما تعبر عن فشل ذريع ، وخيبة متلاحقة ، وشعور بالبرد أزلي لا برأ منه ، الاثنان يبتسمان للدنيا بإصرار منقطع النظير ، ولكن محاولاتي الخائبة في الجمع بينهما، في رباط سحري دائم ، لم تأت أكلها ، فمضت جهودي خائرة ، سميرة تمشي ، وكأنها زادت من العمر أعواما ، واحمد يفتعل السرور، بضحكات متوالية قد لا تعني الا اللامبالاة ، رغبت في تقديم الحبور، في طبق من ذهب لقلبين متعبين ، لم تقدم لهما الحياة ما كانا يرومان ، ومضت أيامهما عديمة الجدوى، خالية من الدفء المحبوب ، سألني بعض الأذكياء ،
- ما دمت معجبة بأحمد لماذا لم تأخذيه لنفسك ؟
يعييني الجواب ، انه أخي ، ومهما شعرت نحوه بالاحترام العميق ، الا إنني على رغم صداقتي المتينة معه ، لم أتمن منه ذلك الشعور، الأخاذ بالجمال ، حين يحملنا إحساسنا ،على بساط سحري، ينتقل بنا في السموات والأرض ، أي قدرة على التحليق في دنيا خالية، من المسرات والطعم اللذيذ ، هل العيب فينا ؟ لقد نشأنا على أن كل شيء، عسير المنال بعيد التنفيذ ، حتى الشعور بالحب ، حين يأتي فجأة، ليقرع بابنا الموصد ، نتظاهر أننا لا نسمع النداء ، أي جيل من مساكين نحن ؟ مجبول من الانهزامات، وأمراض الروح المتعطشة الى العاطفة الموءودة ، وجدت خيبات روحي المتلاحقة ، لا أمل في الشفاء لها ، فعملت جهدي لتجنيب صديقتي الحبيبة ،ما تعانيه من أسقام متضخمة ومن انطفاء كبير.
فكرت لماذا لا يسعى صديقاي، الى قلع البذرة التي غرستها، في المكان الخطأ ، ولكنهما مضيا ينفذان ما رسمته لهما ، وكـأنهما كانا يرجوان ان يقتلعا كل أمل في إحياء شتلة المحبة ،من أعماقهما المتعطشة الى الإرواء ،والتي ضلت سبيلها ، في صحراء شاسعة من الأحلام المبددة، والأهداف التي لم تبصر النور ، فماتت قهرا واغترابا











الفصل السادس عشر
لم اقرب الخمرة حياتي كلها ، عرفت انه بغافرها، لياليه المسهدة ، فآثرت ان أتقن شربها ، كانت لي صديقة ، خبرتها عن أمري ، وإنباتها يرغبني بحضور جلسة من الشراب ، وإتقان تلك المراسيم ، التي شهدتها ، عدة مرات ،لكني لم أعشها ـ وأحàببت ان أشارك زوجي المفترض ، ما كان يحبه ، رحبت صديقتي باقتراحي ، ومضت تهيئ ما كنت أروم ،على مزاجها ، وفعلا ، ذهبنا أنا وهي الى إحدى المنازل الجميلة ، الني يتمتع بها الرجال بكل شيء ، وتقوم النساء بما يراد منهن، من أعمال ، ألسن جمعنا تابعات؟ ، نقوم بما يقوم به الرجل عادة ، ونقلد ما يقترف من أعمال ، ولماذا نطلق عليها هذه التسمية؟ ، أليس التجريب نواع من الأعمال، يقدم عليه الناس بحرية مطلقة ، دعتني صديقتي الوفية ، الى حفلة شراب ، مع احد من أقاربها ، هالني انه يعرف عني كل شيء ، وانه متابع جيد لأنبائي ، الحزينة منها والمفرحة ، وتلك التي اعتاد الناس، ان يضعوا بقربها ألوان شتى من البهارات ، التي تسر النفس ، وتبهج الفؤاد ، كان قريب صديقتي قد هيأ المائدة ، بما لذ وطاب ، من ألون عديدة من الطعام ، ومختلف المازات وأصناف من المشروبات ، لم اعرف ما أسماؤها؟ قبل صباحي هذا ، اذ كانت الدعوة في الصباح ، ليس المبكر ، ولكن في تمام الساعة العاشرة ، منه ، هيأ قريب صديقتي المائدة بألوان مختلفة من الشراب ، كنت اعرف اسمه فقط ، لقد صممت على ان أجيد المهارات، التي يتقنها ، من عزمت على الاقتران به ، وان كان يحسن ليالي السمر حتى الصباح الباكر ، ويغني للعندليب المهاجر ، اغني جميلة تدعوه الى العودة ، قبل ان يأفل العمر ، وتولي شمسه الساطعة ، ويذهب كل شيء راحلا ، عن دنيا الناس الى غير رجعة ، هالني الاستعداد الفخم ، الذي هيئوا به تلك الجلسة البريئة التي ، سرقت نفسي فيها من لؤم المراقبات، التي ما انفكت ، تحيطني بسوارها المتين ، ألوان من الشراب ، قد هيأها قريب صديقتي ، الذي لم أتعرف إليه قبل هذه الجلسة ،وجدته كثير المعرفة عن شؤوني ، خيل إلي ان الجلسة، قد رتبت من اجلي أنا ، تابع قريب صديقتي أمورا عديدة ، حدثت في عهد مضى ، وكنت اطمح ان يمضي دون الوقت،دون أن أتلقى كثير ا من الاستفسارات ، التي لا اعرف كيف أجيب عنها ، بما يرضي جميع الأطراف ، شربنا الكأس الأول في صحتنا ، وصحة لقائنا الذي جرى ، من غير تصميم ، وشربت أنا لأول مرة ، فوجئت إنني رأيت صديقتي ، منهوكة القوى ، مزعزعة اليقين ، تبكي وتسيل منها الدموع ، انهارا عظيمة التأثير ، نقلها قريبها الى مكان اخر ، وعاد ليستأنف جلسته معي ، منبئا إياي انه يعرف كل شيء عني ، أيقنت أن هذه الأساليب ليست قادرة على إبعاد صفة الاتزان عني ، فحاولت ان أتحدث معه ، لأريه ان ليس كل ما يقوله الآخرون حقيقة لا جدال فيها ’ خرجت من الغرفة ، التي وضع عليها قناني الشراب المختلفة ، وأنواعا من المازة ، يسيل لها اللعاب ، وجدت في الحديقة مجموعة من النساء ، أخذت اسلم عليهن الواحدة تلو الأخرى ، وأنا شبة منبهرة ، بما أضافه لي المكان من مشاعر ، ليس لي عهد بها ، رأيت زوجة المضيف ،رقيقة رائعة الجمال ، وعجبت إنها لم تجلس معنا ، وكانت خارج اللعبة ، التي وجدت زوجها يلعبها ، طوال الوقت ، صافحت النساء العديدات ، في الحديقة معربة عن إعجابي الشديد ، بهن ، لم آلف هذه التجمعات ، وبقيت طوال عمري ، لا أجيد ، لا الأقوال الجاهزة ، وترديد الرؤى ووجهات النظر ، التي سبقني الآخرون إليها ، أقدمت على هذه الجلسة حين عرفت ، ان الشخص الذي سوف يصبح شريكي في الحياة ، لا هم له الا معاقرة الخمرة ، والإتيان بما لا يتوافق مع العقائد، التي استقرت في داخلي وكأنها قوانين ، لابد من إتباعها ، تذكرت تلك الجلسة ، حين رايته وقد هيا الأقداح والقناني ، فكرت أنني يجب ان أشاركه الفرحة هذه الليلة فقط ، لتكون كما حلمت بها حارة زاهية ، ولان تلك الجلسة الاولى ، قد مضى عليها زمن طويل أنستني اصول الشرب ، التي تعارف عليها محبو تناول الخمور ، فقد أصبحت سكرى منذ القطرات الأولى ، وجدت نفسي هائمة على وجهي ، لا أعرف ماذا يراد مني بالضبط ، كنت اسمع النساء يتحدثن عن أزواجهن بذلك الحب الكبير ، والرغبة تتقد في عيونهن الجميلة ، لكني لم أر رغبة في عينيه ، أقنعت نفسي انه ربما لا يعبر، عن خلجاته بسهولة ، توقعت انه يبدأ في مغازلتي أولا ، كي يطلق العنان لعاطفته الجياشة، معلنة عن نفسها بحرية ، اخذ يكرع الكؤوس واحدا بعد الآخر ، ولا أجد تغييرا في تصرفه ، وكأنه لا يراني امرأة ، في كامل زينتها في أول ليلة لها ، صرخ بي بقسوة، طالبا ان اعلمه مبادئ الليلة الأولى ، وحين أجبته : إنني لا أعرف ، لأنني لم أشاهد شيئا ،مثل هذا في حياتي ، وان جميع قصص الأحبة والأقرباء والأصدقاء التي سمعتها ، لم يطلب من الفتيات ان يقمن بالجولة الأولى ، كما ان الكتب التي قرأتها ، لم يقم الرجال فيها بالطلب، من نسائهم ان يتبادلن الأدوار معهم ، ويمكن ان يحدث هذا التبديل في الأيام القادمة ، أما الليلة الأولى ، فمن المستحيل جدا، ان يحدث الذي حدث معي ، كنت اعرف انه ميال الى الفكاهة ، ولكن ان تكون فكاهته سمجة ، قليلة الحياة ، عدية الأدب ، فاقدة للعقل، ومنذ الوهلة الأولى ، فلم يخطر بعقلي أبدا ، بقيت ساكنة انظر إلى ما يقوم به من تصرفات غريبة ، لم أكن أظن يوما ،ان مخلوق عاقل ، يمكن ان يقوم بها ، وإلا ما وقعت في حبه عند قوله كلمة
- احبك
شعرت إنني غريبة ، ولست في المكان اللائق بي، كامرأة تنتقل من حياة الى أخرى مناقضة ، وكنت أتمنى ان اخرج من هذا المطب ، بسرعة ولكن كيف؟ وما الذي بمقدوري ان افعل ؟ ؟ وماذا أقول للناس ؟ لا أريد الإساءة لأحد أبدا ، وليس في استطاعتي ، ان اجلب الفضيحة لمخلوق ، وخاصة لمن كنت أتوهم، أني أحبه ، الغريب ان مشاعري المتوهجة نحوه ، قد غابت عني تلك اللحظات ، وكأنها قد تبخرت ، أحسست بمشاعر متناقضة من الشفقة ، وصعب علي هذا المخلوق ، ولم أفكر في نفسي ، وعرفت إنني سوف أظل هكذا ، وكما كنت في منزل أبي ، وانه علي ألا اخبر امرءاا بما يجري ، وان التغيير الواجب ليس من أحلامي.
كنت أفكر بوضعي ، حين شرع يخلع ملابسه ، فكرت انه ربما اجتهد كي يقوم بدوره خير قيام ، فقمت مقلدة إياه ، ولكنه قال لي وبوقاحة لم أكن أتوقع انه قادر عليها
- انظري يا ابنة الناس ، واسمعي جيدا ، لا أحب النساء أبدا ، واجدهن مخلوقات تافهات ، يجرين خلف الكلمات البراقة ، متناسيات الحقيقة ، أحب الغلمان ، ويمكن ان تلعبي معي دور غلام جميل.
ارتعب من الفكرة ، ، أيمزح في هذه الليلة ، ما باله ، ماذا أصابه ، وكأنه مخلوق آخر ، يكرر طلبه مؤكدا:
أريدك غلاما جميلا يا امرأة ، أنت رقيقة كالغلمان.
انظر إليه مستطلعة ، أجده جادا ، لم اعد قادرة على معرفة ما يريد مني،
واصرخ به طالبة الابتعاد
يصرخ ضاحكا ، وقد أعجبه هلعي، واستشاط بهجة، لإثارة أعصابي ، واخذ يقفز من مكان آخر ، محاولا ان يديم ضحكه ، ومواصلا فرحه وشعوره بالانتصارعلى:
- ماذا تظنين ؟
تعييني الكلمات ، ولا أجد ما يمكن ان يعبر عن شدة هلعي ، ومدى حزني في هذه الليلة الليلاء ، حيث لا بدر يخفف وعورة الظلام ، ولا قمر ينسيك ضوؤه ،ما عانيت طول اليوم من تعب
وكأني في مفترق ، لا اعرف الوجهة ، التي علي اتخاذها ، والطرق كثيرة من حولي وأنا تائهة ، لم يتحدد طريقي الصائب بعد ، أيمكن ان يكون مازحا في هذه الليلة ، التي ابتعد عني فيها الخلان ، ورحل الأصحاب وودعني الأقارب ، متمنين لي السعادة والهناء ، هل يمكن ان يكون جادا ، فيما عرضه من أمر ؟ وأنا لم أجرب احد الأمرين ، ومضت حياتي يبابا قاحلة ، ؟ هل اهرب من المنزل ، كما تفعل النساء الغاضبات، في مثل هذا الموقف ؟ وأنا لم اشهد موقفا محددا ، وكيف اهرب و هذا المنزل لي ، ابتعته بعرق عملي وجهاد فكري ؟ كيف اهرب من أول معركة ، وجدتها في طريقي ؟ وهذا الذي كنت أظن أنني وقعت في غرامه ؟ ماذا يمكن ان افعل معه ؟ وكيف أتصرف ؟ وأنا أراه مخلوقا ، لا يحسن شيئا الا الصراخ ، قد أخذت لهذه الليلة استعدادها ، وارتديت أجمل ما عندي ، وتعطرت وتزينت ، وهنأني الأصحاب والمعارف ، متوقعين لي حياة تسر الألباب ، وكيف يمكنهم ان يعرفوا إنني ،كتبت على نفسي الترمل ، في بداية حياتي ، وان من حلمت أن يسقيني الشهد ، في أول أيامي ، جرعني مرارة العلقم ، اسودت الدنيا أمامي ، وأظلمت ليالي ، وأصبحت احلم بالفرار ، من هذا الموقف العصيب ، كل أيامي ذهبت سدى ، وكتب علي ان أتذوق الحنظل ، والناس ينظرون لي مهنئين ، وكأني أحيا في جنان الفردوس ، لقد طال صومي ، وحين رغبت بالإفطار ، اخترت البصلة ، بكامل إرادتي ، يا شماتة الأعداء بي ، أحب أبي أن ينصحني ، وحين لاحظ عزيمتي ،على الاقتران بهذا الشخص ، تمنى لي السعادة ورحل مودعا ، انظر الى من قرر وأد هنائي ، وإذاقتي المر حتى ثمالته ، اراه يضحك متصنعا السعادة ، ويسمعني كلماته التي تتساقط علي كأفواه الجحيم ، الشياطين تعزف أنشودة البغض ، في ليلتي الأولى ، وأنا أتلوى ، وكأن مردة استولت على إرادتي ، فسلبتني قوة الاحتمال ، والقدرة على الوضوح ، و أخذت ارسم ابتسامة البلهاء على وجهي ، راغبة ان اغرس شتلات السعادة ، في ارض لم تعتد عليها ، وان امثل في مسرح اللامعقول، وهو قد تفوه بكلمات لم اسمع بمثلها ، وأرعد وأزبد ، وحين وجدني مخلوقة صماء ، تركني ملتاعة ، واتصل بصديقته المقربة ، ينبئها ما ألم بي ، وما استطاع ان يوقعه في من هزائم كالحة.
استمع الى ضحكاته المتواصلة ، وأدرك انه مصر تماما ،على الإيقاع بي ، وجعلي أضحوكة ، يتسامر بها الناس ، فأنادي قوتي الغائبة ، ومقدرتي الآفلة ان ترأفا بي، وتحنا على ضعفي ، وتأخذاني الى جادة الصواب، بعد ان أدركت ان التعب أعياني، والشعور بالهزيمة بدد قوتي



صبيحة شبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في