الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعلق بغير الله خُذلان ..

محمد البورقادي

2016 / 3 / 18
الادب والفن


إن الحب لغير الله شرك خفي وظلم للنفس لأنها أحبت ما ليس لها ولا يقدر على نفعها أو ضرها ..فمن أحب مع الله أشرك معه غيره والله يغار على قلب المؤمن من أن يهبه لغيره ..والتعلق بغير الله هو جبن يعقبه خذلان وضعف يوازيه عذاب في الدنيا وخزي في الآخرة ..ومن فعل ذلك عوقب بالعذاب والحسرة وحرم السكينة والراحة ..قال تعالى : "ولا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ".."ولا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد ملوما مخذولا " ..."أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون "..
..فمن تأمل عيوب المحبوب هان عليه التعلق ..ومن تفكر في تقلب النفس لم يقدم على الوثوق بها ..فالحذر الحذر من التعثر على باب الناقصين ومن عبادة غير المستحقين ..وإنما الأصلح أن تكون المخالطة على مهل والمعاشرة على قدر الوسع ومن أمل في شيء أكثر مما يجب عوقب بالندم على الإفراط حين تتكشف الحقيقة ويظهر اليقين ...
ثم هب أن حبك صفا لإنسان ما ..وهذا يستحيل دركه في الناقص ..والإنسان ناقص بطبعه وحسه وفكره فضلا عن بدنه وهذا معروف لا يحتاج لمزيد بيان..
فكيف لا تضمن أن لا يقع الملل وأن لا يخالط الضجر والسؤم واقع الحال ..فإن الأشياء لا تثبت والمحبة لا تدوم والتغير مقرون بكل حال ومُحْدَث ..
فلا يصح للعاقل أن يوثق بمحبة إنسان إن رضي منه حينا تأفف منه أحيانا ..وإن دنا منه برهة باعد بعدها أوقاتا ..
بل كيف تأمن مكره ..وتسلم من غدره ..فقد يبادلك الحب آنا ويأسف منك آنا آخر ..وقد يلاطفك لغرض في نفسه ..وقد يخونك إن قصرت معه أو يبدلك إن طاله الضجر ..وقد يستعبدك إن علم حاجتك له ..ويذلك إن أحاط بأسرارك ..وقد ينسى حبك عند أول خطإ غير محسوب معه..فيعاجلك بالتخلي والجفاء ويبادلك الحب حقدا ..وقد ينقلب عليك بدون دعوى ولا داع ..فإن علمت ضعفه وحاجته وتغيره ما بادرت في عبادته وصرف كل الطاقة له ولوفرتها لمن هو أولى..فلا تبني قصورا على الرمال تظن أنها أقيمت على أساس..
ومن علم بذلك اشتغل بصاحب الكل عن الكل ..وسعى لإرضاء الأصل ..وتفنن في التقرب من النبع ..ولم يُضع وقته في الجري وراء السراب واللهاث وراء الزخارف ..
ومن جمع همه صوب هدف واحد أدركه بيسر ..ومن نشد الوصول لأهداف كثيرة تعثر عليه الوصول وإن بلغ هدفا فاته آخر ..واعلم أن لا شيء يصفو على الدوام إلا وجه الكريم ..ولا أحد أحق أن يرضى غير الإله ..وابتغ التباث في الثابت ولا تتفرق عنه فالكل متغير ..
فوالله ما استطاب حبيب بقرب حبيبه إن كان قد عرف الإله حقا ..فلا يمجد ولا يحب إلا من عُرف بالكمال والجمال والجلال ..وعلى قدر همتك ومقامك يكون طلبك فمن طلب العلا وتعلق بالمولى فقد سمت همته وعظمت سريرته وارتاح باله ...ومن رضي بالناقص واكتفى بجواره وعقد الآمال عليه فقد باء بالخسران ..وباغته الندم حين انتهاء المخدر والاستفاق من السكر ..وحين ذاك يكون قد فات الإستدراك ..وصعب التدارك لأن القلب يفسد من فرط المعاصي ويتلف من تتابع الذنوب ويصدأ إن لم يشحذ من النبع وأي معصية أكبر من أن تسوي السيد بالعبد وأن تحابي المخلوق على الخالق وأي ظلم أشد من أن تنشد كسب ود الحبيب بسخط الرحمان !..
فكل حب لو أوجاعه إلا حب الله له حلاوة.. وكل حب دون الله هو غير كامل حتى وإن بدا لك كامل ..وهو قاصر وإن بلغ رشده..ولن يحقق الوُصْل لأن الموصل مقطوع متصدع متقلب ..
ويكفيك أن تعلم أن حبك لله راحة وحبك لغيره معاناة ..حبك للأول سعادة وللثاني شقاء ..الأول يحررك ويعزك والثاني يسجنك ويذلك.. فانظر لنفسك أي الحب تختار !
فليتــك تحـلو والحياة مريـرة **** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر**** وبينـي وبين العالمين خـراب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة