الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مناورة بوتين الذكية !
جودت هوشيار
كاتب
2016 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية
يدرك الرئيس السوري بشار الأسد أن بقاءه في السلطة رهن بالدعم الذي تقدمه له روسيا ، ولكن هذا الدعم ينطلق من المصالح الروسية وليس مصالح الأسد . قرار بوتين المفاجيء في نهاية شهر أيلول الماضي بالتدخل العسكري في سوريا أدى الى تغيير ميزان القوى لصالح الأسد ، حيث سيطرت قواته على عدة مناطق ستراتيجية في البلاد ، واضعف الى حد كبير ، قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة. ولكن لماذا قرر بوتين وعلى نحو مفاجيء أيضاً الأنسحاب من سورياً ؟
أن الأنسحاب الروسي محدود ، فقد سحبت موسكو جزءاً من الطائرات القاصفة والمروحيات ولكنها أبقت على قواعدها العسكرية ومنظومات الدفاع الجوي المتطورة وعلى الطائرات ، متعدد المهام ، التي يمكن استخدامها في أي وقت لضرب الأهداف الأرضية ، على غرار ما يفعله ( التحالف الدولي ) في استخدام الطائرات المماثلة ،. وكل هذا قوة عسكرية ذات شأن ، يجري استخدامها لحد الآن ولكن في نطاق أضيق . وتستطيع موسكو العودة الى سوريا في أي وقت تشاء .
أن انتصار الأسد على المعارضة بشكل كامل لا يصب في مصلحة روسيا على الأطلاق . فقد كان هدف روسيا من وراء تدخلها العسكري هو انقاذ الأسد من السقوط الوشيك ، واتاحة الفرصة له لتعزيز موقفه والأنتقال من الدفاع الى الهجوم المضاد ، ولكن ليس الى درجة يمكنه فيها استعادة السيطرة على البلاد بأسرها . روسيا مهتمة بالأبقاء على حالة اللااستقرارية في سوريا ، مما يتيح لها لعب الدور الحاسم فيها بوسائل قليلة وبدون الألتزام بشيء . لو انتصر الأسد انتصارا حاسماً لأدى ذلك الى اضعاف الدور الروسي في سوريا خصوصاً والمنطقة عموماً ، ولأسهم هذا الأنتصار في تعزيز الدور الأيراني . ويمكن مقارنة هذا الموقف ، بقضية البرنامج النووي الأيراني . عندما كانت المفاوضات مستمرة ، بين ايران والغرب كانت روسيا لاعباً مهماً لجميع الأطراف . كان بوسع روسيا عرقلة المفاوضات أو الأسهام في نجاحها . ولكن عندما تم التوصل الى الأتفاق النووي بين الطرفين ، لم يعد أي منهما بحاجة الى روسيا ، ولم تعد بلدان الشرق الأوسط تحسب لها حساباً . التدخل العسكري في سوريا منحت روسيا أداة ضغط قوية قادرة على التأثير في سير الأحداث في سوريا والمنطقة .
التدخل الروسي أدى كذلك الى تعزيزموقف الكرد في سوريا ، حيث سيطروا على مناطق جديدة وهم اليوم طرف مهم في المعادلة العسكرية والسياسية في البلاد ، ولا توجد في سوريا قوة بأمكانها القضاء على ما حققوه من مكاسب على الأرض ، أما تركيا المعزولة حالياً فإنها لن تغامر بتدخل عسكري واسع في سوريا للقضاء على الكيان الكردي فيها ، خاصة بعد التغييرات العاصفة التي شهدتها المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية وأدت عملياً الى إنهاء معاهدة سايكس – بيكو ، التي لم يعد لها وجود الا على الورق .
السلطة السورية تخدع نفسها – على غرار السلطة العراقية - عندما تعتبر الكيان الكردي جزءاً من سوريا ،
الكرد لا يشاركون في مفاوضات جنيف ، ولكن لا يمكن لهذه ا لمفاوضات ان تنجح من دونهم ، خاصة أن ثمة اتفاق سري بين موسكو وواشنطن ، ينص على انسحاب جزئي للقوات الروسية من سوريا والتخفيف من حدة التوتر فيها مقابل تقديم الأميركان ضمانات للأسد بالبقاء في السلطة مؤقتاً مع مواصلة الضغط عليه لأنجاح المفاوضات وأجراء انتخابات حرة بعد عدة أشهر. القرار الروسي جاء للضغط على الأسد لتليين موقفه وهو ما جرى فعلاً . كما شجع الأتفاق المذكور كرد سوريا على اعلان النظام الفدرالي في مناطقهم. أما رفض الفصائل السورية المعارضة لهذا الأعلان فلا قيمة له على أرض الواقع لأن العملاقين هما اللذان يحددان اليوم وغداً مستقبل سوريا والمنطقة عموماً . وهذه الفصائل التي تدين بالولاء للدول الراعية لها وتغيّر ولاءاتها بين حين وآخر ، لن يكون لها صوت مسموع خارج اطار التفاهم بين العملاقين الأميركي والروسي .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا