الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي فيه كشتلة الياسمين

الهادي قادم

2016 / 3 / 25
الادب والفن


في ذاك اليوم بدأت فيه قطرات الدمع المتساقط من جفنيه ماسخة،،كمسوخ طعم كل الأشياء على صحن العالم الفارغ،،وكان غيره من زوار المتحف يرونه مالحا كأمواج البحر الثائر،،و لكنه يراه هلامي اللون و الصفات والطعم،، انفرد بدمعه و سرى شفيفا كعطر النرجسيات في الخريف،، عصر منابع دمعاته على المخدع و كيمياء أحلامه المشوشة ترغمه على الارتجاف،، أضحى وحشا فتكسرت جمجمته و أرتعب قلبه من قلقل الخلايا في المكان.
هي فيه كشتلة الياسمين،،و هو كالحصان على رقعة الشطرنج،،ماذا أصابه ليتزحلق الى هذه الجروف السحيقة،، لم تتغير حاسة الذوق لديه منذ الطفولة ولو قليلا ،، كان مغامرا لا يأبه للوعورة،، كان هادئا كضوء المجرات البعيدة في ما مضى،، وبفجائية حدوث الكون،، عمته الأضواء الساطعة منها،، و صم أذنيه دوي موسيقاه و تراجيدية أحزانه الرتيبة في ذاك اليوم،، فاختلط بأمواج أشجانها وبالحياة ،، فتناثر تناثر الانفجار العظيم ليكون كونا موازيا ومن تعاسته فكان كونا من اللاشيء.
رغم هلكة العالم كان يواسي بها حاله المذري،، والآن بدأ الوجود أمامه هالك،، و أكثر مرارة كالعلقم و جافا كطعم العطش في الصحراء،، في ذاك اليوم تساهل وتأنس مع غرائزه الانسانية ،، ولم يطاوع تنبأت عقله الحر الذي كان يراقبه جيئا وذهابا في المكان،، فتكابع و أمن بأنبياء القلوب والملذات السقيمة،، وحاول مجاراة طبيعة الناس بكسر جبر التقاليد و العادات،، فكان السقوط الثاني وهوى كالرخ الطائش على رقعة الشطرنج وتبدد من أولى النظرات.
استثنائية هي أيامه وأمثاله من الإنس في كل العصور،، حيويا في تلاشيه كلهب الجهيم،، و يقظا في أحلامه كقط رضيع لم يعتاد بعد جمال التمدد بالذات في ليالي الشتاء،، كل ما كان يرجوه من العالم معاشرة السكينة،، ولو عبر بساط الموت العادي النزاهة،، لكان محظوظا لو نام على حجر الأرض،، ومسدت شعرات رأسه أنامل النسيان،، روحه أيضا كانت استثنائية يسقي زهراته النادرة من المياه الراكدة في حفر القنابل المجاورة للفريق المهجور،، في ذاك اليوم أنفجرت على وجهه إحداها فتطايرت أشلائه وامتزجت دمائه بضوها الأخضر،، فتخيل روحه زهرة من زهراته تفتحت بالورد و النوار،، مسكين هو لقد غاب مبتسما بين وهم الحقيقة و أدغاث الأحلام،،حتى حبيباته ويا للصدف الفرحزنية كن استثنائيات،، فلو ذكر احداهن ولو سرا،،لحطت على كتفيه الفراش،، وسرعان ما يدخل خلوة يقظاه ويتخيل نفسه وردة انقلبت بفعل التطور الى احدى الدواب  ،،والأن ما عاد الأسلوب الأبولوي ذاك يهويه.
تشوشا واضح في كل بقاع عالمه،، ارادته تقول له تسلق أعلى وأعلى و تجاوز أخلاق العبيد وفلسفة الخنازير السماوية،، وكن نتشويا حرا في دنياك،، فيسقط في كل مرة،، ولكنه يكرر الصعود كل مرة بعد السقوط،، فهو مكار لا يفكر في الرضوخ الا لهشاشة التربة عندما يموت،، فالأرض حنونه ستفتح ذراعيها لتعطيه حضنا دافئ حينها،، وستحفظه بعد سقوطه الأخير وردا وقمحا لدهر قادم جميل قد يكون فيه ما هو جديد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا