الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة موجزة حول شروط إنتاج الإرهاب..

محمد البورقادي

2016 / 3 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


إن العالم الإسلامي يعيش حربا دفينة قد لاحت بوادرها في الأفق ،فضلا عن حربه الداخلية العرقية والمذهبية والطائفية ، نتيجة الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي يرزخ تحت وطأتها ، فلكل فعل رد فعل وقد يتباين رد الفعل باختلاف تأويلات الفاعل للفعل وبحسب قدرة هذا الأخير (إمكانياته ومؤهلاته) على رد الفعل .فقد يلجأ بعض المتطرفين إلى استعمال العنف كوجه بديل لصمت الحكومات والدول الضعيفة على طغيان واستئساد العدو الغربي الذي ما إن تنكمش مخالبه حتى تعود لتنغرز مجددا وبشكل أقوى في حكم وموارد الدول المستضعفة .ولعل عوامل مثل الإستعمار والعولمة والتأويل الخاطئ للدين من جهة مقابلة لها من المسوغات ما يبرر اتباع العنف والإرهاب من طرف الفئة الضعيفة المستغلة كوسيلة لدفع الحرج وجلب العز.
وقد نزعم بالموازاة مع ذلك أنه من أبرز الأسباب التي دفعت الشباب لنهج هذا السلوك المتطرف التخلف الذي يعانون منه ، الأمية ، الجهل ، الفقر، سوء توزيع الثروات ولا ديموقراطية التسيير والإحتلال الذي تعرفه عدد من المناطق .ذلك أنه أمام هذا العجز يصير المجال مفتوحا أمام تيارات التطرف بكل أنواعها بأن تمارس ما تعتقد أنه النهج الصواب لتخليص العالم الإسلامي من هاته الأمراض التي يعانيها مهما كانت تلك الوسائل التي تقتضيها عملياتها الإصلاحية.
ولعل انتشار الأمية والجهل مكنت عدد من الدخلاء أيضا من القيام بدور الوسطاء بين الإسلام وبين عامة الجماهير الغارقين في الأمية والجهل وتتجلى هاته الخطورة في الفراغ الذي يستغله المتطرفون في تشكيل العقلية العامة للجماهير في كل المجتمعات الإسلامية ، أضف إلى ذلك حجم الغيظ الذي تكظمه هاته الجماهير جراء ما آلت إليه الأوضاع في فلسطين من تدهور نتيجة تجاهل الولايات المتحدة حلول وقف الحصار وتحقيق الهدنة التي تدعوا باستمرار إليها دول الغرب في مجلس الأمم المتحدة.ولا يمكننا إغفال دور السياسات الدولية التي تنهجها دول الغرب وعلى رأسها أمريكا بهدف تفقير واستغلال ثروات البلدان الضعيفة على حساب رفاهها وتسلطها.تلك السياسات المنحازة باتجاه المصالح الغربية والمقيدة لانطلاق دول الشرق أسهمت في تشكيل سلوك جمعي موحد لدى فئة عريضة من الجماهير فكان لجوءها للعنف والتفجير الممنهج باسم الدين هو السبيل الوحيد في نظرها لأخذ الثأر والإنتقام وحفظ ماء الوجه ، في انقلاب واضح عن وظيفة الدين الذي يرى ماركس وفيبر أنه يدعو إلى الحفاظ على التضامن الإجتماعي وإنتاج المعنى في المجتمع بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق السلم والإندماج الإجتماعي ، لكن يبدو أن العكس هو الحاصل تماما الآن ، فالقوة الرمزية التي يمتاز بها الدين جعلت منه عرضة للإحتكار من طرف التطرف الديني وجعلت منه أيديولوجية لخدمة هذا التطرف ، هذا الأخير الذي يستفيد من غياب أو ضعف مؤسسات التنشئة الإجتماعية كالأسرة والمدرسة في التوجيه والإرشاد والتعبئة المانعة والصادة ضد كل أشكال الإنحراف والتطرف .وما يغديه كذلك ويجعل منه وقودا لنهج الإرهاب والعنف هو اكتساح قيم العولمة الغربية مختلف الفضاء ات الإسلامية ، ذلك أن العولمة هي التي خلقت اليأس في وجه المستضعفين ودفعت بتطرفها لحد تطرفهم واستثمرت فعلها بدون استحضار رد فعلهم ، واستباحت أرضهم وثرواتهم في تغييبهم ونفيهم وضغطت عليهم لدرجة الإنفجار . الأمر الذي مهد الطريق للإرهاب ليأتي كرد فعل موضوعي ضدا على كل أشكال الهيمنة الإقتصادية والأسس الليبرالية التي توضفها هاته العولمة للسيطرة على العالم واكتساح الأسواق وخرق الحدود وتعديل القوانين الدولية بما يناسب انفتاحها واحتكارها فيورث ذلك تفقيرا للشعوب التي لا تجد عن التنافس بديلا ولا عن دفع الضر قدرة .فيكون بذلك استضعافها ظلما وعدوانا يولد حقدا يتنامى وطيسه بمرور الأيام ويرقب الفرص لرد الصاع قدر الإستطاع. وإذا سلمنا لهذا الطرح سنجد أن سياسات الغرب المستبدة هي إرهاب في حد ذاته يمارس يوميا "وتزيد حدته مع الإستقواء" على مر السنين في حق الأفراد والجماعات في الدول العربية والإسلامية يقابله المتطرف من هاته الجماعات بعنف آخر لامتكافئ كشكل من أشكال الإحتجاج البائس أمام هذا الظلم والطغيان . لكن هاته العولمة بقدر ما كانت جشعة ومستبدة بقدر ما كانت سببا بشكل أو بآخر ساعد على تسهيل انتشار العنف واتساع رقعته ، فالطفرة التقنية والوسائل التواصلية الحديثة مكنت لحد كبير من حشد الجماهير "المتطرفة "وتعبيد تواصلها والعمل على تعبئة آخرين وتوحيدهم نحو أهداف مشتركة بغية استقطابهم للرفع من حجم وقوة الشبكة وهذا ما ساعد في الوقت الراهن وبدرجة أعلى من ذي قبل على نجاح بعض عمليات التنسيق التي تقوم بها هاته الجماهير ما ضاعف حضوض تنفيذها لمخططاتها الإرهابية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان