الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيوعي وانسان اصيل

دوف حنين

2016 / 3 / 26
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



رفيقنا الراحل توفيق طوبي خاض طريقًا سياسية غنية، مثيرة وهامة. يوجد الكثير مما يمكن كتابته عن هذه الطريق، ولكني هذه المرة أردت الكتابة عن أربعة مشاهد جماهيرية بالاضافة الى مشهد خاص وشخصي آخر في هذه الطريق الرائعة والمثيرة للاعجاب. هذه الأربعة مشاهد التي اكتب عنها، هي مفترقات تاريخية كان لتوفيق طوبي دور مركزي وحاسم باتخاذ القرارات فيها.




1
المشهد الاول كان في نهاية عام 1947، توفيق طوبي كان أحد افراد مجموعة شبابية تقود عصبة التحرر الوطني، حزب الشيوعيين العرب في البلاد في تلك الفترة. قاد توفيق الاغلبية في قيادة عصبة التحرر الوطني لتأييد قرار التقسيم من قبل الامم المتحدة - انهاء الانتداب البريطاني في البلاد واقامة دولتين مكانه. تبنى موقفًا معاكسًا للتيار، ضد موقف الاغلبية في القيادة العربية - الفلسطينية وقتها وايضا ضد الرأي العام للمجتمع العربي الفلسطيني في البلاد. موقف توفيق في الـ1947 يجمع بين المبدئية وفهم الواقع: من ناحية، فإن التحليل الشيوعي للتطور التاريخي في البلاد يؤشر على تشكل واقع ثنائي القومية، وتبلور شعبين لا يمكنهما تحقيق تقرير المصير في الوضع الحالي إلا لكل منهما على حدة. ومن ناحية اخرى موقف وطني فهم أن البديل الحقيقي للتقسيم من ناحية الفلسطينيين لن يكون فلسطين التاريخية بل كارثة قومية كما حصل لاحقا.




2
المشهد الثاني حدث عام 1948 في أوج احداث النكبة. في تشرين الأول 1948 قاد توفيق طوبي الشيوعيين العرب الفلسطينيين للاتحاد التاريخي مع الشيوعيين اليهود، وهكذا أُقيم الحزب الشيوعي الاسرائيلي الذي نعرفه اليوم. هكذا أُقيم الحزب الاستثنائي الذي يعمل في بلاد فيها فصل تام بين العرب واليهود والذي يحارب من اجل خلق سياسة شراكة عربية - يهودية. من ناحية توفيق، توحيد الشيوعيين العرب واليهود في حزب واحد هو استمرارية مباشرة لدعواته هو ورفاقه الشيوعيين العرب للمجتمع العربي في البقاء في البلاد وعدم المغادرة حتى في ظل المجازر الرهيبة. مقابل سياسة التهجير التي انتهجها حكام إسرائيل وقادتها وحتى في أعقاب دعوات الرجعية العربية للفلسطينيين في البلاد للمغادرة، كانت رسالة توفيق طوبي السياسية واضحة وتدعو إلى الصمود والبقاء في أرض الآباء والأجداد والنضال من أجل تغيير الواقع والدفع باتجاه إحقاق السلام والمساواة.




3
المشهد الثالث هو مشهد الصراع على وحدة الحزب العربي - اليهودي، في عام 1965 مجموعة ترأسها ميكونس وسنيه قادت مواقف قومية يهودية وسعت الى تفكيك الحزب، توفيق طوبي فهم حينها انه في ظل الظروف القائمة، الحزب الشيوعي يجب ان يكون مترسخًا في الاقلية القومية العربية - الفلسطينية وفي صفوف مجتمع الاغلبية اليهودي - الاسرائيلي. لهذا، عارض بشدة خط ميكونس وسنيه، الذي قاد الى حزب احادي القومية. توفيق طوبي قاد صراعًا على الوحدة بدون التخلي عن المبادئ، مع قدرٍ كبيرٍ من المرونة واستعدادا لحل توافقي. فهو فهم تماما ما لم تفهمه الغالبية: في كل انشقاق هناك من سينتقل للطرف الثاني وسيتم فقدان الكثير من الرفاق الجيدين، مع كل انقسام سيعتزل رفاق كثر العمل السياسي. كل تفكيك للحزب هو اضعاف وخسارة قوة ولهذا سعى توفيق جاهدا مثل ما فعل على طول طريقه في قيادة الحزب للحفاظ على وحدته، حتى وحدة على اساس اختلافات.




4
المشهد الرابع هو انتصار سياسة الوحدة على اساس الاختلافات (وحدة المتناقضات) التي قادها توفيق طوبي. في 1977 أُقيمت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وثق التاريخ لاحقا عن دور توفيق الكبير في اتخاذ القرار باقامة الجبهة. عمل توفيق بجهد كبير لكي لا تنحصر الجبهة في الشارع العربي، بل أن تتغلغل في المجتمع اليهودي. وعمل لأجل شراكة مع رؤساء السلطات المحلية العربية، وادخال الفهود السود للجبهة وبتلك المرحلة كانت هذه خطوة صائبة لاختراق الجدران والوصول لجماهير اخرى. عمل توفيق دائما على دعم وتقوية الجبهة وتعزيز الوحدة فيها مع احترام التناقضات بين الشركاء.




5
وأما المشهد الخاص والشخصي فقد حصل في سنة 1981. انا طالب جامعي شاب في القدس، يدعوني توفيق الى مكتبه لمحادثة طويلة عن عملنا في الحارات الفقيرة في القدس، سألني الكثير من الاسئلة، تعمق في التفاصيل، اقترح اقتراحات واصغى. خرجت من تلك المحادثة بانفعال شديد وبعدها فهمت أمرا هامًا جدًا. من ناحية توفيق لم تكن محادثة رفاقية اهتماما بعملي فقط. فقد كانت محادثة لمتابعة عمله سياسيا، وعمل الحزب، كفرد من مجموعة قيادته التاريخية. هكذا كان الرفيق توفيق طوبي، بمثابة دمج استثنائي من الحكمة والدماثة، الشجاعة، المبدئية والمسؤولية السياسية الكبيرة، شيوعي وانسان اصيل، "اين يوجد اناس مثل هذا الشخص؟!"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا