الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالمنا العربي يتردى أكثر..ماذا نحن فاعلون؟

الطيب طهوري

2016 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


1- لنكن صرحاء وصادقين مع أنفسنا، هل كنا نتوقع أن تُحدث أنظمة الاستبداد في عالمنا العربي التغيير الإيجابي لواقع شعوبها بما يجعلها شعوبا حداثية ديمقراطية عادلة اجتماعيا ومتحررة اقتصاديا ،واعية واقعها ومتحكمة في وجودها بمسؤولية؟..واقع الحال يقول: لا..عقود طويلة ونحن ننتظر..فشلت كل مشاريع ما سمي بالدولة الوطنية..ازداد التفاوت الطبقي بشكل مذهل..عم الفساد بشكل أذهل.. الفوضى صارت المتحكم في اقتصادنا، دخلنا ما يعرف باقتصاد البازار المبني على تجارة المنتجات الاستهلاكية والتهرب الضريبي أساسا، وغيبنا بذلك الاقتصاد المنتج للثروة..الريع البترولي صار سلعتنا التي نستورد بها كل حاجاتنا الضرورية والكمالية في الكثير من دولنا العربية..سيطرت القيم السلبية على سلوكاتنا وأغلقت بذلك الأبواب والنوافذ أمام القيم الإيجابية..حلت قيم نهب المال العام والرشوة والواسطة والصعود في الهرم الاجتماعية بالطرق والوسائل غير الشرعية، واللامبالاة والأنانية والدروشة..إلخ محل قيم العلم والعمل والكفاءة والمسؤولية ويقظة الضمير..إلخ..صرنا نسير نحو الانحطاط الأخلاقي والبؤس الفكري واليأس بوتيرة سريعة..قوتان صارتا تتحكمان فينا، لا ثالث لهما: استبداد الأنظمة الأمنقراطية ، من جهة، والقوى الأصولية الدينية، من جهة أخرى..هيمنت الأولى على السياسة والمال العام لتوجههما نحو ترسيخ حكمها وخدمة مصالحها ومصالح أتباعها، وهم كثر بالضرورة ،بما يضمن لها البقاء متحكمة بشكل مستمر في رقاب شعوبها..هيمنت الثانية على عقول ومشاعر الناس مستغلة عواطفهم الدينية ومنصبة نفسها ناطقة باسم الدين وممثلة رسمية له..القوتان تقاسمتا اقتصاد الفوضى الاستهلاكية.. القوتان بشكل أو بآخر وجهان لعملة واحدة..تخدمان بعضهما بما يجعلهما القوتين الوحيدتين المتحكمتين دائما وأبدا في الواقع ، وإن بدتا ظاهريا متعاديتين..
2- هكذا صارت الشعوب العربية مسجونة القوتين اللتين أشرت إليهما..نصبت القوتان نفسيهما وصيتين على تلك الشعوب ، تعاملتا معها كشعوب قاصرة تتحكمان في شؤونها كما تريدان، وكما تفرض مصالحهما..تغييب الشعوب في اللامسؤولية واللامبالاة وإفقادها إرادتها في الفعل وحريتها في الاختيار ولمدة زمنية طويلة جعل منها شعوبا شبه طفولية في وعيها، بلهاء حتى، يسيرها المتنفذون كما يريدون، ويوجهونها حيث يشاؤون..ولأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية كانت تزداد ترديا بشكل مستمر فقد بدأ اليأس ينتشر أكثر..الخوف من أنظمة الاستبداد وقمعها تراكم..كره تلك الأنظمة تراكم أكثر..وعم اليأس.. ووجد الناس أنفسهم فاشلين، لا يعرفون ما ذا يفعلون، ولا كيف يفعلون..لم يكن أمامهم سوى الارتماء في عالم الغيبيات أكثر، تدينا مفرطا وشعوذة وخرافات..ضاعف ذلك التدين المفرط من شعور الناس بالخوف أكثر..جهنم أنظمة الاستبداد الدنيوية ، من جهة، وجهنم الآخرة، من جهة أخرى .. حين بلغت حالات اليأس والخوف والكره والعجز الزبى كان الانفجار..
3- هكذا انفجرت الأوضاع في أكثر من بلد عربي..هكذا سقط حكام تلك البلدان ولم يسقط آخرون..الذين سقطوا تحرك أتباعهم والذين كانوا متنفذين معهم ( فيما يسمى بالدولة العميقة)، والذين لم يسقطوا تحركوا بأنفسهم ، مستغلين غياب حركة واعية توجه الناس وتنظمهم بما يجعلهم يسيرون بشكل منظم مدروس ومسؤول، يعرف كيف يتحرك وإلى أين يتحرك، مايريد ، وكيف يحقق ما يريد..هنا أيضا تدخلت القوى الدينية الأصولية لتركب موجات الانفجارات تلك مستغلة عواطف الناس ويأسهم لتجرهم إليها..القوى الخارجية تحركت هي كذلك لتلعب لعبتها بما يحافظ على مصالحها الاقتصادية الاستراتيجية..قوى الاستبداد العربية الأخرى التي لم تقع الانفجارات الاجتماعية فيها تحركت بما يضمن لها عدم تحرك شعوبها..هكذا وجدت الشعوب العربية التي تحركت نفسها في واقع محلي وإقليمي ودولي معقد يحاصرها ويضربها من كل الجهات..هكذا كانت الفوضى..هكذا كانت الانقسامات ( الطائفية أكثر) والحروب..القوى الأصولية الدينية لعبت دورا كبيرا في حدوث تلك الانقسامات ووقوع تلك الحروب..الدولة العميقة لعبت هي الأخرى دورا كبيرا في تأجيج تلك الانقسامات والصراعات والحروب بما يجعل تلك الانفجارات/ الانتفاضات/ الثورات تنحرف عن مسارها الذي كان من الواجب أن تسير فيه ، وتتشوه أكثر.. عملت أنظمة الاستبداد العربية التي لم تحدث فيها الانتفاظات الشعبية على تأجيج تلك الصراعات..تدخلت القوى الخارجية منحازة إلى هذا الطرف أو ذاك من أطراف تلك الصراعات بما يخدم مصالحها ..راحت إسرائيل بنفوذ رجالها الصهاينة الإعلامي والسياسي والاقتصادي في العالم تؤجج تلك الصراعات/ الحروب ، بما يضمن لها البقاء قوة أولى في محيط العرب الملوث الآسن..
4- وقعت الواقعة..لا معنى لاجترار انتقاد ما حدث..لقد حدث..نحن الآن أمام تحديات داخلية وخارجية رهيبة..نحن الآن أمام يأس عام يزداد كل يوم أكثر تبعا لازدياد العجز عن إيجاد الطريقة والوسيلة اللتين تخرجاننا من وضعية المأساة التي تعيشها شعوبنا..نحن الآن أمام شباب عربي فاقدٍ الأملَ والوعي ، عاجز عن تنظيم نفسه ، غير قادر على عمل أي شيء يعيده إلى ذاته ويجعله يعرف ماذا يفعل وكيف يفعل حتى يبني مستقبله ومستقبل شعوبه.. نحن الآن أمام اقتصاد يتردى بشكل مطرد..أمام سلوكات تزداد بؤسا كل يوم..أمام منظومات تربوية سيئة لا ينتظر منه بناء إنسان المستقبل أبدا..أمام..أمام..يبدو كل شيء أسود في هذا العالم العربي..
5- لنفكر الآن ، وبشكل مكثف ومسؤول ، ماذا نحن فاعلون..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله خلال الس


.. عاجل | الجيش الإسرائيلي يحذر: مطار بيروت سيكون هدفا في هذه ا




.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء أحياء في ضاحية بيروت الجنوبي


.. إعلام إسرائيلي: الهجوم الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت سي




.. النرويج.. مظاهرات تضامنية مع لبنان في أوسلو ضد العمليات الإس