الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا حصلت أمى على لقب الأم المثالية؟

اسلام احمد

2016 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عادة لا أحب التحدث في الأمور الشخصية ولكن بعد أن حصلت أمي على لقب الأم المثالية على محافظة بورسعيد وتم تكريمها من قبل أعلى سلطة في البلاد وهو الرئيس السيسى فلا مناص من الحديث في هذا الموضوع عله يكون مفيد أيضا في القاء الضوء على جانب من حياتي لمن لا يعرفونني بشكل شخصي

لقد توفي أبي الذي كان يشغل منصب مدير ادارة مكافحة التهريب بجمارك بورسعيد في 12 فبراير عام 1991 حين كان عمري ست سنوات في وقت كانت أمي تبلغ من العمر 32 عاما أي في ريعان شبابها وتتمتع بقدر لا بأس به من الجمال , ومن ثم دخلت أمي في رحلة كفاح طويلة بدأت بقرارها رفض الزواج ووهب حياتها لتربية أبنائها ثم بنزولها مجال العمل بعد أن كانت ربة منزل معززة مكرمة في بيتها , فعملت بجمارك بورسعيد , وفي سبيل تحقيق المهمة التي وهبت نفسها من أجلها واجهت أمي كثير من الصعاب والتحديات بعضها مادية وبعضها نفسية واجتماعية , وقد نجحت في اجتيازها جميعا بفضل الله ثم بفضل أمها وأخوتها وكذلك أخوالها الذين لم يتركونا وكانوا بجانبنا دائما حتى استطاعت أن تعبر بنا لبر الأمان وتجعل منا رجالا محترمين وفي مستويات اجتماعية جيدة , وأستطيع القول بأنني نتاج تربية أمي وخيلاني وكذلك أخوال أمي الذين كانوا لي بمثابة الأب والخال بينما انقطعت علاقتنا بأعمامي منذ وفاة أبي لسبب لا أعرفه!

والحقيقة أن أمي لم تكن فقط أم مثالية لنا وانما كانت في نفس الوقت ابنة مثالية وكذلك أخت مثالية , ففي حياتي لم أجد أبنة بارة بأمها وأبيها وأخوتها مثل أمي , كما أنها تحتفظ بعلاقة جيدة مع زميلاتها في العمل إذ لم يحدث يوما أن أشتكى منها أحد أو تقدم ضدها بشكوى ويشهد لها الجميع بالاخلاص والاحترام

غير أن أهم ما يدعوني للفخر بأمي ليس كونها أم مثالية ولا ابنة بارة بأمها ولا نجاحها في حياتها العملية ولكن كونها سيدة محترمة إذ لم يكن في حياتها التي قاربت على الستين عاما سوى رجل واحد هو أبي رحمه الله , وهو أمر نادر الحدوث في زمانها ويكاد يكون مستحيلا في زماننا!

لكل ما سبق فقد حصلت أمي على لقب الأم المثالية على محافظة بورسعيد وتم تكريمها من الرئيس السيسي الذي أعطاها وسام الكمال من الطبقة الثانية , ولا أخفي عليكم أنه كان لدي شغف كبير لمعرفة تفاصيل اللقاء لذا فقد جلست مع أمي فور عودتها من التكريم وسألتها عن التفاصيل وكذلك عن انطباعاتها عن شخصية الرئيس فأخبرتني أن الأخير مستمع جيدا جدا ولديه سعة صدر كبيرة فقد سمح لكثير من الأمهات المثاليات بالتحدث رغم أن تعليمات الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي كانت تقضي بانتقاء مجموعة منهن فقط للحديث حرصا على وقت الرئيس , ومع ذلك استمع اليهن بصبر كبير رغم جهل بعضهن وحديثهن في تفاصيل كثيرة مملة كما أن لديه تواضع وروح دعابة فقد انفجر ضاحكا أثناء اللقاء من كلام بعض الأمهات , وهي كلها صفات كنت أظنها بعيدة عن الرئيس السيسي ربما بحكم خلفيته العسكرية

والحقيقة لقد استفزني تعليق الصديق العزيز مدحت عثمان على خبر حصول أمي على اللقب إذ علق على صفحتي قائلا : "أنت كده بقيت سيساوى خلاص, طيب...الكمال لله وحده يا اسلام"

والحقيقة أن موقفي من الرئيس السيسي لم يتغير فقد انتخبته لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري وشرحت أسبابي لانتخابه في مقال نشر انذاك بجريدة الشروق بعنوان (لماذا السيسي وليس صباحي؟) , ولكن حين تبين لي أن الأمور لا تسير في الطريق الصحيح انتقلت مباشرة الى مقعد المعارضة ولم أدخر جهدا في قول الحق ونقد النظام موضحا أخطائه ومثالبه وداعيا الى تغيير طريقته وسياساته بينما انتخبت أمي الرئيس السيسي وظلت على ولائها له مثلها مثل كثير من أمهاتنا الطيبات

أدري أن النظام يستغل تلك المناسبات مثل تكريم الأمهات المثاليات في تحسين صورته أمام الرأي العام واكتساب مزيد من الشعبية ومع ذلك سيظل تكريم الرئيس لأمي جميلا في عنقي لن أنساه أبدا ما حييت , وهو ما لن يغير شيئا من موقفي السياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط