الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلامَ الحنين؟!

ابتسام الحاج زكي

2016 / 4 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لطالما استهوتني فكرة الكتابة عن مفردة الحنين التي أراها مترعة بالأسى، لكنه هاجس الخوف من تداعياتها التي لا تحمد عقباها يحول بين التمني وترجمته واقعا، ليخيّل لنا ونحن الهائمون شوقا صعوبة ما نقدم عليه، أوليس الحنين في واحدة من معانيه: (الشَّوق وصوت الذي في فؤاده نزعة ألم)، هذا واحد من معان عديدة يضعها أرباب اللغة لمفردة (الحنين)، على الرغم من أننا لو تتبعنا معانيها جميعا نجدها تشير إلى مسحة الحزن التي تغلف مشاعر الحنين، فالحنين هو سلوك إنساني يعمد إليه الإنسان تخلصا من قسوة الراهن وكآبته ، وهو ما يتناغم مع ما تقول به نظريات علم النفس التي ترى في الحنين إلى الماضي علاجا للمشاكل التي افرزتها طبيعة الحياة المعاصرة ذات الإيقاع السريع، ومن ثم فهو أشبه بالعزوف عن الإنغماس بالحاضر المحاكة خيوطه وفقا لنوازع تتصدرها معاني الاستحواذ والهيمنة على إرادة يعمل بشتى الاتجاهات على تعطيلها.
فالحنين أشبه بنافذة يُطّلُّ من خلالها على الماضي بكل ما يحمل من ذكريات تتوق النفس إلى عبيرها والتفيء بظلالها، هذا ما يفترض الإيمان به لكن بين الفرضية والواقع مسافات تزداد اتساعا كلما توغلنا عمقا ولا سيما ما يتعلق منها هنا بتجربتنا العراقية المعاصرة التي تكاد تنفرد عن مثيلاتها من تجارب الحنين في بلدان أخرى.
السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة تطرحه فيروز فيأتينا متدفقا صوتها يتسائل: لمن الحنين؟! بعد اعتراف صريح بإن لديها حنينا، فيروز تشدو رائعتها التي تناهى إلى السمع مؤخرا أنها لشاعر عراقي يدعى شاكر العاشور ولا نعلم إلى أي مدى يمكننا الذهاب مع هذا الخبر الذي يتعارض مع أنباء تشير إلى أن مؤلفها الشاعر اللبناني جوزيف حرب وطبعا المقصودة هي أغنية (أنا عندي حنين)، ولا يعنينا لأي تؤول عائديتها يكفي أنها تبدو وكأنها فُصلت وفقا لمحنة الحنين العراقية ، فأي حنين فيروزي يعصف بخيالنا الذي عبثا يحاول الممسوسون خنقه! آه أيتها الفيروز المترنمّة دوما بآلامنا والمدغدغة لأحلامنا مذ أدركت حواسنا أن السباحة عكس التيار هو الخيار الذي لابد من التشبث به لئلا يطالها صدأ يوميات ممسوخة.
نقولها كأجيال عراقية متعاقبة لم تعرف لهدأة العيش سبيلا لها منذ تقاذفتنا نيران الحروب وويلاتها فلم يبقى للحديث عن الحنين أي معنى ، بل أن الكلام عنه يصبح ضربا من العبث، لكن إلى أي مدى يمكننا السير وهذه الحقيقة المؤلمة، التي سرعان ما تفند، إذ ما أن نخلو مع أنفسنا حتى تجدنا نأنّ حنينا إلى الماضي وإلى وجوه قاسمتنا قسوة الحياة وبطشها حنينا العراقي لا يشبهه أي حنين، لكنها علامة استفهام استفزازية تفرض نفسها وبقوة علينا نحن الذين التهم المزاج الدموي الحربي أعمارهم وذكرياتهم: تُرى إلامَ الحنين؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة جزئية للعمل بمستشفى الأمل في غزة بعد اقتحامه وإتلاف محت


.. دول أوروبية تدرس شراء أسلحة من أسواق خارجية لدعم أوكرانيا




.. البنتاغون: لن نتردد في الدفاع عن إسرائيل وسنعمل على حماية قو


.. شهداء بينهم أطفال بقصف إسرائيلي استهدف نازحين شرق مدينة رفح




.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال